شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

الخروج من منطقة الراحة

الافتتاحية

لأول مرة تواجه الحكومة أزمة حقيقية، بعد سنتين من السلم الاجتماعي والاحتماء في «مناطق الراحة»، وللأسف بدل أن يكون ملف إصلاح التعليم مصدرا قويا لإضفاء الشرعية على الحكومة، بدأ يتحول يوما بعد يوم إلى مصدر لسحب الشرعية عنها، فكلما تأخر التفاعل مع الأزمة، إلا وكبرت كرة الثلج منذرة بعواقب وخيمة على السلم الاجتماعي.

إننا أمام أزمة لم تواجه مثلها أي حكومة من قبل، على الأقل منذ حكومة عبد الرحمن اليوسفي، صحيح أن حكومات عباس الفاسي وعبد الإله بنكيران والعثماني واجهت معضلات اجتماعية، لكن ليس بهذا الحجم وليس بهذا الإصرار وليس بهذا التحدي الكبير.

وما يزيد الطين بلة أن خطورة هاته الأزمة الاجتماعية التي فجرها مجرد مرسوم، تأتي في سياق صعب اجتماعيا ومناخيا ودوليا، خصوصا مع المشاهد المؤلمة والعدوان الإسرائيلي الذي تعيشه غزة، مما أضفى عليها مزيدا من الحدة والخطورة. فالأزمات التي واجهتها الحكومات السابقة كانت تنفجر في ظل بيئة تساعد على امتصاص صدماتها وتجاوزها ولو بصعوبة، لكن أزمة اليوم وفي ظل تعنت وزير التعليم فلا أحد عاد يدري إلى أين تسير الأزمة؟ وكيف ستسير؟ وكيف سيتم إيقافها؟

وقد يكون مفهوما ومتوقعا أن يتحرك الخصوم لزرع الفتنة والبلبلة لضرب الاستقرار الاجتماعي، لكن أن يتم ذلك بسوء تقدير من بعض الوزراء، فذلك يعني أن «براقش تجني على نفسها». وفي هاته الحالة لا بد أن يتدخل رئيس الحكومة، باعتباره صاحب المسؤولية السياسية ليقول للوزير الذي يفشل في مهمته كفى، إنك تقود البلد نحو توتر نحن في غنى عنه.

فلا يعقل أن يقود الملك مشروعا ضخما للاستقرار الاجتماعي للأسر والاستراتيجي للوطن، سواء من خلال أوراش التغطية الاجتماعية أو الدعم المباشر والسكن الاجتماعي وإعادة الإعمار وكأس العالم، ثم يأتي وزير لزعزعة كل البيئة الحاضنة لهاته الأوراش، وخلق حالة من الامتعاض الاجتماعي. والمؤكد أنه ليس هناك أي مبرر يسمح لوزير أو حكومة بأن يغامر بالاستقرار، من أجل تمرير مشروع في قطاع استراتيجي لا يقبل الخطأ والمغامرة، دون تجويده ومراجعته وإصلاح أعطابه، والتوافق بشأن صيغته النهائية قبل اعتماده.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى