شوف تشوف

الرئيسيةحوارخاص

«الذكاء الاصطناعي سيؤدي إلى ظهور أشكال جديدة من الحروب»

فاطمة رومات لـ«الأخبار»:

يعتبر الذكاء الاصطناعي مجالا من مجالات علوم الكمبيوتر يهتم بإنشاء أنظمة وبرامج تظهر سلوكا يمكن اعتباره ذكاء إنسانيا، حيث يهدف إلى تطوير أنظمة تكون قادرة على التعلم من البيانات، واتخاذ القرارات، وحل المشكلات، بطريقة مستقلة، بشكل مماثل للطريقة التي يفعل بها البشر.

 

وتُستخدم تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجموعة واسعة من المجالات مثل الطب، والتصنيع، والتجارة، والترفيه وغيرها، حيث يمكن أن تساعد في تحسين العمليات واتخاذ القرارات بناء على التحليل الذكي للبيانات والسياقات المختلفة، بل إن الذكاء الاصطناعي بات يمتد إلى العديد من المجالات، ومنها ما يرتبط بالسياسة الدولية والتطوير العسكري، ما يشكل هاجسا لبلورة نظام عالمي جديد، تكون فيه للذكاء الاصطناعي اليد الطولى.

 

في هذا الحوار مع فاطمة رومات، تكشف الباحثة المتخصصة في الذكاء الاصطناعي، وصاحبة الكتاب الذي صنف من بين العشرين الأفضل في هذا المجال عالميا، خلفيات الانتشار الواسع والإقبال الكبير الذي يلقاه الذكاء الاصطناعي في مجالات الحياة، كما تقدم رومات بعين المتخصصة صورة عن واقع الذكاء الاصطناعي في المغرب، ومستقبل البحث العلمي في هذا المجال، مع استشراف مستقبلي لما يمكن أن يتمخض من تحول على المستوى المحلي والعالمي، بسبب الذكاء الاصطناعي.

 

 

حاورها: النعمان اليعلاوي

 

 

 ما أهمية الدراسة والبحث في مجال الذكاء الاصطناعي؟

تكمن أهمية الدراسة والبحث في مجال الذكاء الاصطناعي في كونهما البوابة الرئيسية للانخراط في السباق الدولي المحموم نحو الذكاء الاصطناعي، نظرا إلى الدور الذي تلعبه هذه التكنولوجيا في تشكيل موازين قوى جديدة في النظام العالمي الجديد، الذي يعتبر الانتشار الواسع للذكاء الاصطناعي من أبرز معالمه. الدراسة والبحث في هذا المجال يعدان الركيزة الأساسية التي ستمكن الدول من امتلاك السيادة التكنولوجية ويؤهلهما للمشاركة في حكم العالم، في عصر نظام التعددية القطبية الذي بدأ بالتشكل مع بدء الحرب الأوكرانية. كما تكمن أهمية الدراسة والبحث في مجال الذكاء الاصطناعي في الدور الذي يلعبانه، من أجل تأهيل الدولة للمشاركة في طرح الحلول المناسبة للاستفادة ما أمكن من الفرص التي تقدمها هذه التكنولوجيا والتقليل قدر الإمكان من مخاطرها، أو بمعنى آخر يمكنان من تعزيز مشاركة الدولة في حوكمة الذكاء الاصطناعي المسؤول، وذلك بتعزيز قدرة الدولة على الابتكار والإبداع في هذا المجال، وضمان تقدمها التكنولوجي والاقتصادي، وتعزيز مكانتها كقوة إقليمية ولم لا عالمية أيضا.

 

 

ما هي الصعوبات المرتبطة بهذا المجال؟

 

هناك العديد من التحديات والصعوبات التي يواجهها الباحثون في مجال الذكاء الاصطناعي، مرتبطة على سبيل المثال لا الحصر، بقلة البيانات المتوفرة سيما باللغة العربية، وهذا يجعل العثور على بيانات كافية، ومتنوعة، ودقيقة، صعبا، وبالتالي يؤثر على جودة نتائج الأبحاث، هذا بالإضافة إلى الصعوبات المتعلقة الآن باستخدام الذكاء الاصطناعي العام، وضعف الدقة في البيانات، ناهيك عن الصعوبات التفسيرية، وتلك المرتبطة بالشفافية، عندما لا يكون النظام قابلا للتفسير، والشفافية من قبل المستعملين. لهذا، يشكل البحث العلمي الموجه لتطوير نماذج قابلة للتفسير من المجالات التي تحظى باهتمام المتخصصين في مجالات عديدة، وليس فقط المتخصصين في علوم الحاسوب والرياضيات. من بين الصعوبات أيضا تلك المرتبطة بالأخلاقيات، والقيم الإنسانية، التي لوحظ افتقار العديد من الأنظمة لها، مما أدى إلى مجموعة من السلبيات والمخاطر، مثل التحيز والتمييز المبني على النوع، أو لون البشرة، أو أي شكل من أشكال التمييز وانتهاك الخصوصية.

من بين الصعوبات أيضا، غياب جسور بين المجتمعات المتعددة داخل المجتمع الواحد، وأقصد هنا غياب التنسيق، والتعاون أساسا بين المجتمع الأكاديمي، والمجتمع الاقتصادي، وهذا التعاون أساسي لكي يتمكن الباحث بمساعدة ودعم المؤسسات الاقتصادية من تطبيق وتنفيذ أفكاره واختراعاته وتحويلها من مجرد أفكار إلى منتوج يمكن أن يستفيد منه المجتمع.

 

ما هي الأسس التي تنبني عليها دراستكم لمجال الذكاء الاصطناعي؟

إن كنت تقصد الكتاب الجديد الذي سيصدر قريبا وسيتوفر في المكتبات والمنصات الدولية، مثل «أمازون» و«سبرينجر»، والذي يحمل عنوان «الذكاء الاصطناعي والنظام العالمي الجديد: أسلحة جديدة، حروب جديدة وموازين قوى جديدة»، فقد ركزت فيه على تأثير الذكاء الاصطناعي على العلاقات الدولية السياسية والاقتصادي في ظل نظام عالمي جديد، يرتكز على موازين قوى جديدة، يلعب الذكاء الاصطناعي دورا مهما في تشكلها، كما يؤثر على الحروب، بحيث أدى إلى ظهور أشكال جديدة من الحروب، وأشكال جديدة من الأسلحة، وارتقاء أنواع جديدة من القوة التي لم تعد فقط خشنة أو ناعمة، بل أصبحت أيضا قوة ذكية، مع الاستخدام الواسع للذكاء الاصطناعي في الأشكال الثلاثة للقوة. هذا إضافة إلى التغيرات التي أحدثها الذكاء الاصطناعي على مستوى المفاهيم، مثل الأمن الدولي، والسيادة التكنولوجية، ودبلوماسية الذكاء الاصطناعي، وغيرها من المفاهيم الجديدة، التي ستشكل ثورة في القانون الدولي العام بكل فروعه. فالذكاء الاصطناعي يطرح العديد من الفرص في مجال المفاوضات الدولية، ولتسوية النزاعات الدولية، لكن يطرح أيضا العديد من المخاطر المرتبطة إما بالاستعمالات الخبيثة للذكاء الاصطناعي، أو استخدامه من طرف الاجتماعات الإرهابية، ولتهديد السلم والأمن الدوليين، أو تغيير النظام السياسي داخل بلد ما من طرف دولة أو جهة ما، أو للتأثير على المسار الديمقراطي، أو على الانتخابات، وتوجيه الرأي العام داخل بلد ما، أو على المستوى الدولي لدعم قضية ما.

 

ما هو واقع دراسة الذكاء الاصطناعي في العالم العربي؟

يلاحظ أن هناك اهتماما متزايدا بالذكاء الاصطناعي في مجموعة من البلدان العربية، التي قامت بمجموعة من المبادرات، تتراوح بين الرفع من الاستثمار الداخلي في هذا المجال، وخلق المعاهد والجامعات، بل وحتى وزارات خاصة بالذكاء الاصطناعي. كما قامت بعض الدول مثل المغرب والإمارات العربية المتحدة والسعودية وقطر والكويت بمبادرات تهدف إلى تشجيع البحث العلمي والابتكار في هذا المجال، وخلق تخصصات جديدة مرتبطة بالذكاء الاصطناعي وأيضا تأثيراته على مجالات متعددة. ومن شأن هذه المبادرات التي تندرج في إطار سعي هذه الدول إلى وضع استراتيجية وطنية للذكاء الاصطناعيين، أن تساهم في مضاعفة نسبة النمو الاقتصادي لهذه الدول في أفق 2030.

 

 

وماذا عن مفهوم السيادة التكنولوجية؟

في الواقع ليس هناك اتفاق دولي على مفهوم السيادة التكنولوجية، ولا على تعريف محدد لها. هناك من يعتمد تسمية السيادة الرقمية، مثل الرئيس الفرنسي والمستشارة الألمانية السابقة، أنجيلا ميركل، وهناك من يعتمد السيادة السيبرانية مثل الرئيس الصيني، وهناك من يعتمد السيادة التكنولوجية مثل الرئيس الروسي، أو السيادة على البيانات، وتستخدم عامة من طرف الفاعلين الاقتصاديين. لكن تبقى السيادة التكنولوجية هي المفهوم الأشمل، والذي يبدأ في نظري من السيادة على البيانات إلى السيادة الرقمية والسيادة في الفضاء السيبراني. وتجدر الإشارة إلى أن السيادة في القانون الدولي العام تعني الاستقلال، وبالتالي فإن السيادة التكنولوجية أصبحت ترهن إلى حد كبير السيادة كما عرفها القانون الدولي، وتبدأ من الأقسام التعليمية الأولى، حيث ينتج الطفل المتعلم البيانات أثناء التعلم عن بعد، وتنتهي عند الجندي المرابط عند الحدود، والذي ينتج أيضا البيانات باستخدامه لشبكات التواصل الاجتماعي، أو حتى لأسلحة مضمنة بأنظمة ذكاء اصطناعي. السيادة التكنولوجية تعني قدرة الدولة على الاستثمار في الذكاء الاصطناعي وعلى الابتكار في هذا المجال، وعلى تمكين الأفراد من الاستفادة من الفرص التي يقدمها الذكاء الاصطناعي في كافة مناحي الحياة اليومية، وحمايتهم من مخاطر هذه التكنولوجيا الناشئة.

 

وما موقع المغرب في هذا الجانب؟

المغرب كغيره من الدول، يشارك في المجهود العالمي لتعزيز الاستفادة من الفرص التي يقدمها الذكاء الاصطناعي والتقليص من مخاطره. في هذا الإطار نلاحظ اهتماما متزايدا بهذا المجال، من خلال المبادرات التي اتخذتها الحكومة السابقة والحالية، وأيضا من خلال المؤتمرات والفعاليات التي نظمتها العديد من المؤسسات الحكومية والخاصة حول الذكاء الاصطناعي وتأثيراته، لكن تبقى العقبة الأساسية في قلة الاستثمارات في هذا المجال، وهي النقطة التي يجب أن تحظى باهتمام أكبر على مستوى الشراكات واتفاقيات التعاون الثنائية أو المتعددة بين المغرب وشركائه، مع تنويع الشركاء، إضافة إلى ضرورة الرفع من ميزانية البحث العلمي، لتشجيع البحث العلمي في الذكاء الاصطناعي في كافة التخصصات، مما يعني تجاوز المقاربة المحدودة، والضيقة والتي أصبحت متجاوزة والتي يعتمدها وزير التعليم العالي والبحث العلمي، والمتمثلة في جعل الذكاء الاصطناعي مجالا تقنيا يرتبط بتخصصات أبرزها علوم الحاسوب، والرياضيات، ذلك أن المقاربة المعتمدة الآن من طرف العديد من الدول المتقدمة في هذا المجال، وحتى من طرف مجموعة من المنظمات الدولية، وتضمنتها أيضا التوصية حول أخلاقيات الذكاء الاصطناعي لليونسكو، هي المقاربة التشاركية، بمعنى إشراك كافة الفاعلين في كافة القطاعات ومن كل التخصصات، مع اعتماد مقاربة النوع الاجتماعي بالمفهوم الواسع.

تمكن المغرب من التقدم في هذا المجال وضمان مرتبة مشرفة على المستويين الإقليمي والدولي يبقيان رهينين بوضع استراتيجية وطنية للذكاء الاصطناعي، مبنية على النوع الاجتماعي، والتنزيل الجيد للتوصية حول أخلاقيات الذكاء الاصطناعي لليونسكو.

 

هل نحن إزاء تغيرات جوهرية في النظام العالمي بسبب الذكاء الاصطناعي؟

العالم يعرف تغييرات جوهرية مع الاستخدام الواسع للذكاء الاصطناعي، والذي سرعت به جائحة كورونا سنة 2020، وبعد ذلك الاستخدام الواسع له في الحرب في أوكرانيا، إضافة إلى جعل استخدام «GPT» في متناول العموم، وهذا يقدم فرصا كبيرة من التعليم إلى الصحة والأمن الغذائي، لكن تطرح أيضا مخاطر وتهديدات مرتبطة بالأمن الدولي والأمن السيبراني والأمن النفسي الدولي ويساهم هذا الاستخدام الواسع للذكاء الاصطناعي بشكل كبير في تغيير موازين القوى، كما ساهم في الانتقال بالعالم من نظام الأحادية إلى نظام متعدد الأقطاب،

مع تعزيز دور الشركات التكنولوجية الكبرى في الحوكمة العالمية.

الذكاء الاصطناعي يساهم أيضا وبشكل كبير في إعادة ترتيب الدول من حيث القوة الاقتصادية والعسكرية، وأيضا من حيث المستوى في المسار الديمقراطي، حيث من المتوقع أن بعض الدول التي كانت ديمقراطية إلى عهد قريب، وتحديدا قبل ظهور وباء كورونا، ستقع في فخ الديكتاتورية التكنولوجية، مع الاستخدام الواسع لأنظمة المراقبة الذكية.

 

ما هو الخطر الذي يطرحه الذكاء الاصطناعي؟

الذكاء الاصطناعي يطرح العديد من المخاطر المحتملة مثل التحيز، والتمييز العنصري، والتمييز المبني على النوع، وانتهاك الخصوصية، وتقييد حرية التعبير والحرية الأكاديمية، وأيضا توجيه الرأي العام وتوجيه الأفراد إلى إيديولوجيات أو ديانات معينة، إضافة إلى الاستخدامات الخبيثة لهذه التكنولوجيا في العديد من الجرائم السيبرانية.

 

وما العلاقة التي تجمع التعليم العالي والبحث العلمي والذكاء الاصطناعي؟

؟ إن التعليم عن بعد الذي سرعت به الجائحة، والذي سيستمر في المستقبل أيضا، يجعل المتعلم في مواجهة مباشرة مع مخاطر الذكاء الاصطناعي، لأن معظم الوسائل التكنولوجية والمنصات التعليمية مزودة بأنظمة الذكاء الاصطناعي، وبالتالي تتجلى أبرز المخاطر في آثار التفاعل بين هذه الأنظمة من جهة، والمتعلمين من جهة أخرى، مع ما لذلك من آثار على الصحة النفسية والجسدية للمتعلم، ومن إدمان وعزلة اجتماعية وغيرها من الآثار المتوقعة وغير المتوقعة لهذه التفاعلات بين المتعلمين وأنظمة الذكاء الاصطناعي. تتضمن التوصية العديد من التدابير والإجراءات التي يتعين على الدول تطبيقها على مستوى التشريعات والسياسات العمومية، وكلها تصب في إطار جعل الذكاء الاصطناعي في خدمة التعليم، مع ضمان وصول جميع الأفراد إلى هذا الحق، باعتماد مقاربة النوع الاجتماعي والمساواة بين الجنسين، وعدم التمييز بين الأفراد، وبمقاربة تشاركية مع كافة الفاعلين على المستوى الوطني والدولي.

وقد حذرت التوصية حول أخلاقيات الذكاء الاصطناعي من احتمال استخدامه للتلاعب بأوجه التحيز المعرفي الموجودة لدى البشر، واستغلالها، ولهذا ركزت على ضرورة تعزيز أمان أنظمة الذكاء الاصطناعي، وتيسير استخدامها في مختلف الظروف. كما نصت على ضرورة ضمان حماية البيانات، بما فيها تلك التي ينتجها المتعلمون أثناء التعلم عن بعد، والمشاركة في الندوات عن بعد. فالأنظمة الذكية المضمنة في المنصات التعليمية قادرة على خلق بروفايلات عديدة للطالب، والتنبؤ بتوجهاته الفكرية والعقائدية في المستقبل، انطلاقا من تحليل البيانات التي ينتجها أثناء التعلم، بما في ذلك القدرة على قراءة وتحليل تعابير الوجه.

في عصر الذكاء الاصطناعي يجد المتعلم نفسه أمام خطر الإغراق بالمعلومة وخطر المعلومات المزيفة، لهذا يتعين عليه التأكد من صحة المعلومة وتقييمها باستخدام المنطق والبحث عن الأدلة والمقارنة للوصول إلى نتائج، وهذه الأدوات والمقاربات المنهجية تساعد على خلق الحس النقدي لدى المتعلم. في هذا الإطار، نصت التوصية على ضرورة تعزيز آليات التعلم الذاتي، لأن عصر الذكاء الاصطناعي يتميز بأشكال جديدة للتعلم بعضها يكون ذاتيا، أي بدون معلم، وحتى إن توفر المعلم فيقتصر دوره على التوجيه والتأطير والمساعدة على استخدام المعلومات، بدلا من نقل المعرفة. التربية على أخلاقيات الذكاء الاصطناعي تقتضي التربية على أخلاقيات البحث العلمي، لأننا نلاحظ تنامي ظاهرة السرقة الأدبية في الدول العربية عامة، وببلادنا أيضا، وهذه الظاهرة لها انعكاسات كبيرة على ضعف المحتوى الرقمي والدعامات الرقمية، التي يجب توفيرها لضمان التعليم عن بعد، في ظل الخرق المتنامي للقوانين الخاصة بحقوق المؤلف والناشر على حد سواء، وعدم التربية على الأمانة العلمية. وتزيد أنظمة الذكاء الاصطناعي من حدة هذه القضايا، لكونها تساعد على خلق المحتوى انطلاقا من نصوص موجودة في الفضاء الرقمي، ليصبح استخدام هذا النوع من الأنظمة دون ذكر المصدر من الاستعمالات الخبيثة للذكاء الاصطناعي، والتي يمكن ضبطها بأنظمة ذكية أخرى أضحت واسعة الانتشار في الغرب، وتستخدم بشكل كبير من طرف دور النشر والمجلات العلمية المحكمة، للتأكد من خلو الأبحاث العلمية من السرقة الأدبية. بالتالي يجب على وزارة التربية والرياضة ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي العمل على توفير الحماية القانونية والتقنية، لضمان إغناء المنصات الرقمية للجامعات والأكاديميات بالدعامات الرقمية.

هناك أيضا ظهور أنظمة ذكية تستخدم في التعليم بمختلف أسلاكه، وتسهل ضمان إشراك الجميع في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وذلك بتوجيه المتعلمين إلى هذه الأهداف بالاعتماد على البيانات التي ينتجونها، وأيضا على ما يسمى الذكاء الاستباقي الذي يمكن الحكومات من الوصول إلى كل البيانات، بما فيها تفاعلات البشر العاطفية عبر تقنية قراءة تعابير الوجه والتعرف عليه، والتي تمكن الدول من ضمان الأمن والاستقرار الداخلي بتوجيه الرأي العام أو التنبؤ بالاحتجاجات. في هذا السياق، نصت التوصية حول أخلاقيات الذكاء الاصطناعي على ضرورة احترام سيادة الدول على بياناتها، كما دعت الدول إلى ضرورة «إخضاع الذكاء الاصطناعي المستخدم في مجال التعلم لمتطلبات صارمة في ما يخص الرصد، أو تقييم القدرات أو التنبؤ بسلوك المتعلمين، والحرص على عدم انتزاع معلومات حساسة، وذلك وفقا للمعايير المتعلقة بحماية البيانات الشخصية.

ويجب عدم إساءة استخدام البيانات التي تُقدَّم من أجل اكتساب المعارف وتُجمع خلال تفاعل المتعلمين مع نظام الذكاء الاصطناعي، وعدم الاستحواذ عليها بطريقة غير مشروعة، وعدم استغلالها لأغراض إجرامية وأغراض تجارية».

 

هل يمكن الحديث عن استغلال الذكاء الاصطناعي في الرقي بالتعليم؟

أرى أن الذكاء الاصطناعي ارتقى بقطاع التعليم من مجرد قطاع يسهر على ضمان الحق في التعليم لكل الأفراد إلى مجال سيادي يرهن سيادة الدول، ونذكر هنا بأهمية المبادرات الفردية لبعض الأساتذة والأستاذات، داخل الجامعات المغربية (خاصة في كليات العلوم)، الذين يعملون على توجيه الطلبة للبحث العلمي في موضوع الذكاء الاصطناعي وتأطير بحوثهم الجامعية، في غياب تام لأي دعم مادي لهؤلاء الباحثين الشباب في سلك الدكتوراه، الذين اختاروا خوض هذه المغامرة، رغم صعوبة البحث في هذا المجال، من منطلق حبهم للوطن، في انتظار وضع استراتيجية تعليم معتمدة على الذكاء الاصطناعي، وخلق البنية التحتية التكنولوجية الضرورية باعتماد خريطة طريق واضحة كفيلة بجعل قطاع التعليم قطاعا سياديا، لأنه يرهن إلى حد كبير السيادة على البيانات، والسيادة التكنولوجية والتي تمتد من الفصول الدراسية إلى حماية الحدود المادية الجغرافية، مرورا بكل القطاعات السيادية الأخرى. في ما يلي أهم التدابير والإجراءات التي يجب أن تتضمنها خريطة الطريق هذه :

أولا: إعادة النظر في ميثاق الاستثمار، والذي يجب أن يتضمن تحفيزات مالية وضريبية، لتشجيع الاستثمار الداخلي والأجنبي في الذكاء الاصطناعي.

ثانيا: جعل الاستثمار في مجال الذكاء الاصطناعي أولوية في أي اتفاقية تعاون ثنائية أو متعددة الأطراف، وضرورة جعله أولوية على مستوى مهام الدبلوماسية المغربية.

ثالثا: البحث عن مصادر تمويل البنية التحتية التكنولوجية، وأيضا تخفيض الرسوم الجمركية على الأدوات التكنولوجية، لضمان وصول الجميع إلى التعليم عبر الإنترنت.

رابعا: ضرورة توفير الدعم المالي للقطاعين العام والخاص، والبحث عن مصادر جديدة للتمويل، بما في ذلك إعادة النظر في الضرائب.

خامسا: وضع إطار قانوني يضمن حقوق المؤلف الإلكتروني وحماية الملكية الفكرية في ظل التحديات التي يطرحها الذكاء الاصطناعي، أو على الأقل تعديل قانون حقوق المؤلف بما يتلاءم مع هذه التحديات.

سادسا: الاستثمار في الموارد البشرية، وتحفيز الباحثين في مجال الذكاء الاصطناعي لوقف هجرة الأدمغة، سيما مع الأشكال الجديدة للحروب التي تميز عصر الذكاء الاصطناعي، ومن بينها حرب الأدمغة وبراءات الاختراع.

سابعا: إدراج تعلم المهارات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي في كل السياسات العمومية وفي كافة القطاعات الوزارية، مع تبني مقاربة النوع الاجتماعي.

ثامنا: دمج تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في الفصول الدراسية كأداة للتعلم وكمادة لا تقتصر فقط على تخصصات العلوم والهندسة والرياضيات، بل يجب أن تمتد إلى باقي العلوم الاجتماعية والقانونية والاقتصادية والإنسانية، لدراسة وفهم وتحليل آثارها الحالية والمستقبلية على العلاقات داخل كل مجتمع وعلى المستوى الدولي. في هذا السياق، نصت التوصية على ضرورة إدراج التربية على أخلاقيات الذكاء الاصطناعي في البرامج التعليمية، للتقليل من الاستخدامات الخبيثة لهذه التكنولوجيا.

تاسعا: التوعية والتحسيس بأهمية الذكاء الاصطناعي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وللحد من مخاطر الاستعمالات الخبيثة لهذه التكنولوجيا، وإشراك الإعلام في هذه العملية.

 

أفضل الكتب حول الذكاء الاصطناعي

اختير الكتاب الأخير للباحثة المغربية فاطمة رومات، الخبيرة الدولية في الذكاء الاصطناعي، بعنوان «الذكاء الاصطناعي في التعليم العالي والبحث العلمي»، في مجال الكتب البحثية حول الذكاء الاصطناعي ضمن أفضل عشرين كتابا في العالم في كل الأوقات من طرف الموقع (BookAuthority) ، الرائد عالميا في تصنيف الكتب والمتخصص في تقديم توصيات وتقييمات حول أفضل الكتب المنشورة في كافة المجالات البحثية.

ويعتمد موقع (BookAuthority) العالمي في تصنيف أفضل الكتب على معايير علمية محددة، وأيضا باستخدام عشرات الإشارات المختلفة؛ بما في ذلك الإشارات العامة الصادرة عن وسائل التواصل الاجتماعي، وتوصيات قادة الفكر العالميين وتقييمات المستخدمين.

ويناقش الكتاب، الصادر باللغة الإنجليزية عن دار النشر العالمية (Springer)، «أسئلة من قبيل: كيف يعزز التعليم العالي والبحث العلمي تقدم التقنيات الذكاء الاصطناعي، استنادا إلى التحليل المنهجي؟». كما يقدم الكتاب وجهات نظر علمية حول الاستخدام المكثف للذكاء الاصطناعي في التعليم العالي والبحث العلمي منذ ظهور وباء ((COVID-19، بالإضافة إلى مقاربة أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، مع الأخذ بعين الاعتبار التوصيات الصادرة بشأن أخلاقيات الذكاء الاصطناعي التي اعتمدتها اليونسكو.

رومات في أسطر

 

فاطمة رومات، دكتورة في القانون الدولي. هي أستاذة جامعية في القانون الدولي بكلية الحقوق والعلوم الاقتصادية والاجتماعية بأكدال، جامعة محمد الخامس، الرباط، المغرب.

رئيسة مؤسسة المعهد الدولي للبحوث العلمية، مراكش منذ عام 2010، وعضو في مجموعة الخبراء المؤقتة للتوصية بشأن أخلاقيات الذكاء الاصطناعي في اليونسكو، المغرب.

عضو في مجموعة عمل أخلاقيات المعلوماتGroup IFAP UNESCO since منذ عام 2020، كما أنها عضو في الوفد الممثل للمغرب في المفاوضات الحكومية حول توصية بشأن أخلاقيات الذكاء الاصطناعي في اليونسكو.

عضو في مجموعة الاتحاد الدولي للاتصالات عن طريق التركيز على الذكاء الاصطناعي وكفاءة البيئة (FG-AI4EE).

عضو مؤسس في مبادرة الحوار عن الذكاء الاصطناعي Code Explorer، وعضو في شبكة الذكاء الاصطناعي العالمية للنفع الاجتماعي [GAIN4SG]  ومؤسسة للشبكة العالمية للذكاء الاصطناعي والجمعية الدولية.

خبيرة سابقة في مجال أمن المعلومات والتعاون الدولي، بمجلس أوروبا كجزء من مشروع الجرائم السيبرانية لمجلس أوروبا من عام 2014 إلى عام 2016.

هي محررة وضيفة للعدد الخاص من مجلة دراسات السياسة الاجتماعية المصنفة في SCOPUS والمُكرسة للذكاء الاصطناعي والسياسة الاجتماعية.

عضوة في عدة لجان علمية لمجالات مختلفة في المجلات المصنفة، مثل مجلة «Cátedra Villarreal Posgrado» والمجلة العلمية للاتصال الاجتماعي باوساتي، التي تنشرها جامعة خايمي باوساتي إي ميزا، ليما، بيرو.

لقد نشرت العديد من الكتب والمقالات المصنفة باللغة العربية والفرنسية والإنجليزية.

نظمت العديد من جلسات التدريب للمعلمين الشبان والنساء المنتخبات ورجال الأعمال، ونظمت العديد من المؤتمرات الدولية حول التعليم والعلوم والتكنولوجيا.

تلقت جائزة بعنوان «قادة أيقونيون يخلقون عالما أفضل للجميع» في منتدى المرأة الاقتصادي 2017، الذي نظمته الرابطة النسائية في لاهاي في هولندا.

متحدثة في العديد من المؤتمرات الدولية، منها مؤتمر أقيم في «دار الدولة» في فنلندا، كما تم ترشيحها من قبل وزارة الخارجية الأمريكية للمشاركة في برنامج الزائر الدولي للقادة الدوليين

««IVLP.

 

#image_title
#image_title
#image_title
#image_title
#image_title

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى