شوف تشوف

الرئيسيةتقاريرحواروطنية

«الزلازل تعبير عن حياة الأرض ومنطقتنا ليست مهددة بها بشكل كبير»

–   ما هي العوامل التي كانت وراء الهزة الأرضية التي شهدتها منطقة الحوز؟

 

تجب الإشارة أولا إلى أن الزلازل هي تعبير عن حيوية كوكب الأرض، وحيث إن الحياة تتعلق بالطاقة، فالخيط الناظم بين كل هذه الظواهر الطبيعية بما فيها الزلازل أنها أيضا تنتج عن طاقة داخل الأرض تبحث لها عن منفذ، وهذا المنفذ يكون خلال حركة الصفائح التكتونية للأرض التي تنتج عنها فوارق ترتبط بدورها بطبيعة الصخور الجيولوجية في المنطقة، وبالتالي فخروج هذه الطاقة، تنتج عنه قوة هائلة يتم قياسها وفق سلم «ريختر»، وتختلف تأثيرات خروج هذه الطاقة بحسب طبيعة المنطقة التي تكون فيها، فلو كان في البحر، فإنه ينتج موجات التسونامي، أما في اليابسة فهو ينتج موجات هزات أرضية، غير أن الملاحظ أن هذا الزلزال في منطقة الحوز سجلت نقطة انطلاقه في عمق 18 كيلمترا عن سطح الأرض، وهنا وجب أن أشير إلى أنه كلما كان الزلزال عميقا، كلما كانت قوة أشده تأثيرا في البؤرة وهي في جماعة إيغل، وهذا مع الإشارة إلى أن تأثير الزلزال يكون عبارة عن موجات، وبالتالي فإن أكثر منطقة تأثرا بالزلزال هي التي تكون فوق سطح نقطة انطلاقه، ثم يتمدد التأثير على شاكلة أمواج تقل حدتها تدريجيا مع البعد تدريجيا عن البؤرة، ومثال ذلك أن تلقي حجرا في بركة ماء، فما ينتج عن حركة المياه حلقات تتسع تدريجيا لينعدم تأثيرها في النقاط البعيدة، وحدوث هذا الزلزال في منطقة الحوز راجع إلى كون المنطقة جيولوجيا نشيطة، وهي بالمعيار الجيولوجي ما تزال فتية، لذلك فهي تتحرك ونجد فيها هذا النوع من النشاط الجيولوجي، بخلاف طبقات أخرى من الأرض التي يمكن وصفها جيولوجيا بكونها «ناضجة» ولا ينتج فيها أي نشاط، بالإضافة إلى كوننا ننتمي للصفيحة الأرضية الإفريقية، وهي الصفيحة التي تتحرك من الغرب باتجاه الشرق ميولا نحو الشمال، وهذه الحركة هي التي كانت وراء تكون جبال الأطلس الكبير، وهي حركة تعود لملايين السنين، في مقابل تواجد فيلق كبير على طول وعرض البحر الأبيض المتوسط، ثم الصفيحة الأوربية التي تتحرك بدورها في اتجاه الجنوب، وهذا ما يفسر النشاط الزلزالي خلال السنوات السابقة في منطقة الريف وبالتحديد في الحسيمة ونواحيها، وزلزال الجزائر وأيضا زلزال تركيا وسوريا، وبالتالي فعلى هذا الشريط كان هناك نشاط زلزالي، من هنا وخلال عدد من السنوات، لعلها ملايين أو عشرات الآلاف ستتم زحزحة إفريقيا باتجاه الشمال وأوروبا باتجاه الجنوب، وبالتالي إغلاق البحر الأبيض المتوسط حيث تقترب القارتين الأوروبية والأسيوية كما تتجه القارة الإفريقية للشمال كما ذكرت، وبالتالي فالبحر الأبيض المتوسط سينمحي أو يتحول لبحيرات.

 

إن حركة الصفائح الجيولوجية هي دليل على نشاط الأرض والبحث عن توازنات جيولوجية، والقارات ما هي إلى جزء من هذه الصفائح التي تمتد إلى آلاف الكيلومترات، كشأن الصفيحة الإفريقية التي تمتد في أعماق المحيط الأطلسي لتلتقي مع الصفيحة الأمريكية الجنوبية غربا، والصفيحة الأروسية شمالا، وهذه الحركة الصفيحية هي مثلا التي كانت وراء تشكل جبال الهيمالايا في القارة الأسيوية، وذلك بعد حركة شبه القارة الهندية من جنوب القارة الإفريقية في اتجاه الشرق منذ ملايين السنين حيث اصطدمت بالقارة الأسيوية وهناك تكونت تلك الجبال، وبالتالي فإن هذه الصفائح هي تكوين جيولوجي مهم لمعرفة وتفسير زحزحة القارات وأن الأرض كانت صفحة، وهي تفسر عددا من الظواهر من البراكين والزلازل.

 

 

 

–   ما الذي يفسر قوة الزلزال التي بلغت أزيد من سبع درجات؟

 

تفسير قوة الهزة الأرضية التي وقعت في الحوز يرجع لما أشرت إليه سابقا بكون هناك أنواع متعددة من الزلازل، منها الزلازل التي تنتج عن تحرك الصفيحة تحت صفيحة أخرى وهو ما ينتج عنه طاقة كبيرة تولد زلازل قوية، وهو الأمر الذي لا ينطبق على زلزال الحوز، حيث إن هذه الهزة الأرضية نتجت عن تصدع في الصفيحة الإفريقية وظهور فوالق جديدة ما نتج عنها حركة الأرض، وكون هذا الزلزال في عمق 18 كيلومتر فقد كانت قوته كبيرة بالمقارنة مع زلزالي الحسيمة وأكادير.

ولتحديد قوة الزلزال يجب العودة إلى مقياس «ريختر» الذي يحدد قوة الزلزال انطلاقا من قوة موجته الأولى في البؤرة ومن هذا القياس يمكن القول إن قوة الزلزال بلغت خمس أو ست أو سبع درجات في حدود تسع درجات، أما في المغرب، فأشير إلى أنه لم يسبق أن سجلنا هزة أرضية بهذه القوة التي كانت في زلزال الحوز، وحاليا حتى على المستوى العالمي فأشد واعتى الزلازل التي تم تسجيلها، بلغت تسع درجات، وبالتالي فإن زلزال الحوز لا تفصله عن أعتى الزلازل المسجلة سوى وحدتي قياس، مع الإشارة إلى الفارق بين كل وحدة والأخرى التي تعلوها هو الضعف عشر مرات لما تنتجه من الطاقة التدميرية، حيث إن الزلزال الذي يبلغ 9 درجات في سلم «ريختر» تكون قوته التفجيرية تعادل قوة انفجار قنبلة هيروشيما، في حين أن زلزال الحوز بمعدل 7 درجات، تبقى قوته التدميرية مهمة غير أنها لا تصل هذا الحد.

 

 

 

–   هل المغرب يوجد في منطقة مهددة بالزلازل؟

 

قبل الإجابة عن هذا السؤال، وجبت الإشارة إلى أن هناك غضب الطبيعة والذي يتجلى في ظواهر طبيعية من الجفاف إلى الحرائق وتسجيل براكين في مناطق لم تحدث فيها منذ آلاف السنين، وبالتالي فهذه الظواهر هي تعبير عن خلل في النظام البيئي الذي بات مهددا بسبب النشاط الإنساني على عدة أصعدة، ومن الطبيعي أن البيئة تبحث لنفسها عن التوازن والخروج من هذا الاضطراب.

وللجواب عن هذا السؤال فلا يمكننا أن نقارن أنفسنا مع دول شرق أسيا، وهي المناطق التي توصف بـ «حزام النار» من حيث انتشار الزلازل والبراكين، حيث إن الصفائح الجيولوجية تطمر تحت الأخرى مولدة سلسلة من الجزر، كما أن الحدود بين الصفيحتين هي المنطقة التي تعرف انتشار الزلازل بشكل كبير وهذه الحدود بين الصفيحة الإفريقية والأمريكية تتواجد في أعماق المحيط الأطلسي، وأيضا الحدود بين الصفيحة الإفريقية والصفيحة الأوروبية تتواجد بمنطقة الشمال وتحديدا في البحر الأبيض المتوسط وعلى امتداده، وهذا ما يفسر أن عددا من الزلازل التي تحدث، تكون على امتداد هذا الشريط، هذا دون إغفال العمر الجيولوجي للمنطقة، حيث إنه كلما زاد هذا العمر كلما كانت المنطقة الجيولوجية أقل نشاطا من حيث الزلازل والبراكين، وهذا ما ينطبق على الصفيحة الإفريقية التي تعد الأقدم والأكبر جيولوجيا، ويفسر أيضا قلة النشاط الجيولوجي على مستوى القارة، كما يفسر أن القارة هي خزان للمعادن واللقيا الأثرية .

 

 

 

*أستاذ شعبة الجيولوجيا بكلية العلوم والتقنيات – جامعة المولى إسماعيل

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى