شوف تشوف

الرئيسيةالملف السياسيسياسية

الزلزال يعيد ترتيب أولويات الحكومة

120 مليارا للإعمار ومراجعة قوانين التعمير وضوابط البناء لمواجهة مخاطر الهزات الأرضية

في بداية شهر غشت الماضي، أصدر رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، مذكرة توجيهية للوزراء حول إعداد مشروع قانون المالية لسنة 2024، حددت أربع أولويات للمشروع تعكس أسس البرنامج الحكومي، ويتعلق الأمر بتوطيد تدابير مواجهة التأثيرات الظرفية، ومواصلة إرساء أسس الدولة الاجتماعية ومواصلة تنزيل الإصلاحات الهيكلية وتعزيز استدامة المالية العمومية، لكن قبل أسبوعين وقعت كارثة طبيعية ضربت ستة أقاليم، خلفت خسائر مادية وبشرية جسيمة، هذه الكارثة أصبحت الآن تشكل أولوية الأولويات، حيث سيتم تخصيص إمكانيات مالية ضخمة تقدر ب 120 مليار درهم لتمويل برنامج إعادة إعمار وتأهيل المناطق المتضررة، يتمحور حول أربع مكونات أساسية تهم إعادة إيواء السكان المتضررين، وبناء المساكن وإعادة تأهيل البنيات التحتية، وفك العزلة وتأهيل المجالات الترابية، وتسريع امتصاص العجز الاجتماعي، كما أن هذه الكارثة تفرض على البرلمان باعتباره مؤسسة تشريعية بإعادة النظر في قوانين التعمير وضوابط البناء لمواجهة مخاطر الهزات الأرضية بالمناطق المهددة بالزلازل.

 

إعداد: محمد اليوبي – النعمان اليعلاوي

 

توجيهات ملكية لتخصيص 120 مليار درهم لإعادة إعمار المناطق المتضررة

 

 

 

ترأس الملك محمد السادس، يوم الأربعاء الماضي بالقصر الملكي بالرباط، جلسة عمل خصصت لبرنامج إعادة البناء والتأهيل العام للمناطق المتضررة من زلزال الحوز.

وتأتي جلسة العمل الجديدة هاته امتدادا للتوجيهات التي أعطاها الملك، خلال اجتماعي 9 و14 شتنبر الجاري، والتي وضعت لبنات برنامج مدروس، مندمج، وطموح يهدف إلى تقديم جواب قوي، منسجم، سريع، وإرادي، بميزانية توقعية إجمالية تقدر بـ120 مليار درهم، على مدى خمس سنوات، تغطي الصيغة الأولى من البرنامج المندمج ومتعدد القطاعات الذي قدم بين يدي الملك الستة أقاليم والعمالة المتأثرة بالزلزال (مراكش، الحوز، تارودانت، شيشاوة، أزيلال، وورزازات)، مستهدفة ساكنة تبلغ 4,2 ملايين نسمة.

ويضم هذا البرنامج، الذي تم إعداده حسب مقاربة التقائية، وعلى أساس تشخيص محدد للحاجيات وتحليل للمؤهلات الترابية والفاعلين المحليين، مشاريع تهدف من جهة إلى إعادة بناء المساكن وتأهيل البنيات التحتية المتضررة، طبقا للتدابير الاستعجالية المقررة خلال اجتماع 14 شتنبر الحالي، ومن جهة أخرى تعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية في المناطق المستهدفة.

ويتمحور البرنامج حول أربعة مكونات أساسية، وهي إعادة إيواء السكان المتضررين، إعادة بناء المساكن وإعادة تأهيل البنيات التحتية، وفك العزلة وتأهيل المجالات الترابية، وتسريع امتصاص العجز الاجتماعي، خاصة في المناطق الجبلية المتأثرة بالزلزال؛ وتشجيع الأنشطة الاقتصادية والشغل، وكذا تثمين المبادرات المحلية.

كما يتضمن البرنامج، وكما أمر بذلك الملك إحداث منصة كبرى للمخزون والاحتياطات الأولية (خيام، أغطية، أسرة، أدوية، مواد غذائية) بكل جهة، وذلك قصد التصدي بشكل فوري للكوارث الطبيعية.

وخلال جلسة العمل هذه، دعا الملك الحكومة إلى تنزيل الرؤية التي تم تقديمها على مستوى كل من الأقاليم والعمالة المتضررة. وشدد الملك، مجددا، على أهمية الإنصات الدائم للساكنة المحلية، قصد تقديم الحلول الملائمة لها، مع إيلاء الأهمية الضرورية للبعد البيئي والحرص على احترام التراث المتفرد وتقاليد وأنماط عيش كل منطقة.

كما شدد الملك على ضرورة اعتماد حكامة نموذجية مقوماتها السرعة والفعالية والدقة والنتائج المقنعة، حتى يصبح برنامج إعادة البناء والتأهيل العام للمناطق المتضررة نموذجا للتنمية الترابية المندمجة والمتوازنة.

وسيتم تأمين التمويل لهذا البرنامج الكبير انطلاقا من الاعتمادات المرصودة من الميزانية العامة للدولة، ومساهمات الجماعات الترابية والحساب الخاص للتضامن المخصص لتدبير الآثار المترتبة عن الزلزال، وكذا من خلال الدعم والتعاون الدولي.

وفي هذا الصدد، وفي إطار مهام صندوق الحسن الثاني في مجال دعم إنجاز البرامج والمشاريع ذات النتائج المهيكلة من أجل التنمية الاقتصادية والاجتماعية، أصدر الملك تعليماته السامية قصد مساهمة هذا الصندوق بمبلغ ملياري درهم لتمويل هذا البرنامج.

وكان الملك قد ترأس اجتماع عمل خصص لتفعيل البرنامج الاستعجالي لإعادة إيواء المتضررين والتكفل بالفئات الأكثر تضررا من زلزال الحوز، والذي كان موضوع تعليمات ملكية خلال جلسة العمل التي ترأسها الملك، يوم 9 شتنبر الجاري.

وأفاد بلاغ للديوان الملكي بأن هذا الاجتماع يأتي امتدادا للتدابير التي أمر بها الملك والهادفة إلى تعبئة كافة الوسائل بالسرعة والنجاعة اللازمتين، من أجل تقديم المساعدة للأسر والمواطنين المتضررين، خصوصا من أجل تنفيذ التدابير المتعلقة بإعادة التأهيل والبناء في المناطق المتضررة من هذه الكارثة الطبيعية ذات الآثار غير المسبوقة، في أقرب الآجال.

وتهم هذه النسخة الأولى من برنامج إعادة الإيواء التي تم تقديمها بين يدي الملك والتي تم إعدادها من قبل اللجنة الوزارية، التي تم تشكيلها بتعليمات ملكية سامية، نحو 50 ألف مسكن انهارت كليا أو جزئيا على مستوى الأقاليم الخمسة المتضررة.

ويشمل البرنامج من جهة، مبادرات استعجالية للإيواء المؤقت، وخصوصا من خلال صيغ إيواء ملائمة في عين المكان وفي بنيات مقاومة للبرد وللاضطرابات الجوية، أو في فضاءات استقبال مهيأة وتتوفر على كل المرافق الضرورية. من جهة أخرى ستمنح الدولة مساعدة استعجالية بقيمة 30 ألف درهم للأسر المعنية.

وفي هذا الصدد أثار الملك انتباه السلطات المختصة إلى أن عملية إعادة الإيواء تكتسي أولوية قصوى، ويجب أن تنجز في احترام للشروط الضرورية المتعلقة بالإنصاف والإنصات الدائم لحاجيات الساكنة المعنية.

ويتمثل البرنامج من جهة أخرى، في اتخاذ مبادرات فورية لإعادة الإعمار، تتم بعد عمليات قبلية للخبرة وأشغال التهيئة وتثبيت الأراضي. ومن المقرر لهذا الغرض، تقديم مساعدة مالية مباشرة بقيمة 140 ألف درهم للمساكن التي انهارت بشكل تام، و80 ألف درهم لتغطية أشغال إعادة تأهيل المساكن التي انهارت جزئيا.

كما شدد الملك على ضرورة أن يتم إجراء عملية إعادة الإعمار على أساس دفتر للتحملات، وبإشراف تقني وهندسي بانسجام مع تراث المنطقة والذي يحترم الخصائص المعمارية المتفردة.

من جهة أخرى، جدد الملك، خلال اجتماع العمل، التأكيد على تعليماته السامية حتى تكون الاستجابة قوية، سريعة، واستباقية مع احترام كرامة الساكنة، وعاداتها وأعرافها وتراثها. فالإجراءات لا يجب أن تعمل فقط على إصلاح الأضرار التي خلفها الزلزال، ولكن أيضا إطلاق برنامج مدروس، مندمج، وطموح من أجل إعادة بناء وتأهيل المناطق المتضررة بشكل عام، سواء على مستوى تعزيز البنيات التحتية أو الرفع من جودة الخدمات العمومية.

هذا البرنامج ذو الأبعاد المتعددة، سيعبئ أساسا الوسائل المالية الخاصة للدولة والمؤسسات العمومية، وسيكون أيضا مفتوحا للمساهمات الواردة من الفاعلين الخواص والجمعويين، وكذا الدول الشقيقة والصديقة، التي ترغب في ذلك والتي يجدد لها الملك بهذه المناسبة عبارات الشكر الصادقة للمملكة المغربية.

وخلال هذا الاجتماع، تطرق الملك أيضا إلى موضوع يحظى بالأولوية وبالأهمية، ويتعلق بالتكفل الفوري بالأطفال اليتامى الذين فقدوا أسرهم وأضحوا بدون موارد. كما أعطى الملك أوامره بإحصاء هؤلاء الأطفال ومنحهم صفة مكفولي الأمة.

وبهدف انتشالهم من هذه المحنة وحمايتهم من جميع المخاطر وجميع أشكال الهشاشة، التي قد يتعرضون لها للأسف بعد هذه الكارثة الطبيعية، أعطى الملك أوامره للحكومة من أجل اعتماد مسطرة المصادقة على مشروع القانون اللازم لهذا الغرض، وذلك في أقرب الآجال.

تدبير تداعيات زلزال الحوز ضمن أولوليات مشروع قانون المالية لسنة 2024

 

 

أكد مصطفى بايتاس، الناطق الرسمي باسم الحكومة، أن تدبير آثار زلزال الحوز سيكون حاضرا في توجهات قانون المالية لسنة 2024، مذكرا بأن التدبير المالي لتداعيات هذه الكارثة الطبيعية يندرج في إطار الصندوق الخاص بتدبير الآثار المترتبة على الزلزال.

وأوضح بايتاش في معرض رده على سؤال لجريدة «الأخبار» خلال لقاء صحفي عقب اجتماع مجلس الحكومة، أن المذكرة التوجيهية لرئيس الحكومة بخصوص الإعداد لمشروع قانون المالية للسنة المقبلة، قدد حددت الأولويات التي تعكس البرنامج الحكومي، لكن بعد وقوع كارثة الزلزال الذي ضرب عدة مناطق، فقد أصبح تدبير تداعيات الزلزال وإعادة إعمار المناطق المتضررة ضمن أولويات مشروع قانون المالية.

وأفادت مذكرة توجيهية تتعلق بمشروع قانون المالية برسم سنة 2024، وجهها رئيس الحكومة إلى باقي المصالح الوزارية، بأن مشروع هذا القانون، وتفعيلا للتوجيهات الملكية السامية المتضمنة في خطاب العرش، اعتمد أربع أولويات تعكس أسس البرنامج الحكومي، وأبرزت المذكرة أن الأمر يتعلق بتوطيد تدابير مواجهة التأثيرات الظرفية، ومواصلة إرساء أسس الدولة الاجتماعية ومواصلة تنزيل الإصلاحات الهيكلية وتعزيز استدامة المالية العمومية.

واعتبرت الوثيقة ذاتها أن «إعداد مشروع قانون المالية لسنة 2024 يأتي في سياق دولي يطبعه توالي الأزمات وتصاعد التوترات الجيوسياسية التي ألقت بتداعياتها على النمو الاقتصادي وعلى القدرة الشرائية في مختلف أنحاء العالم، نتيجة ارتفاع الضغوط التضخمية التي تفاقمت خلال السنوات الثلاث الأخيرة، لاسيما سنة 2022 التي بلغ معدل التضخم خلالها ما يعادل 8,7 في المئة على الصعيد العالمي و8,4 في المئة بمنطقة اليورو و8 في المئة بالولايات المتحدة الأمريكية».

على المستوى الوطني، نجحت الحكومة، تحت القيادة المتبصرة والحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس في مواجهة هذه الضغوط وفي تدبير هذه الأزمات المتلاحقة والحد من تداعياتها الاقتصادية والاجتماعية، عبر سياسة فعالة تقوم على بعدين متكاملين. أولهما استباقي ينبني على مواجهة الإكراهات الظرفية وتقليص آثارها المباشرة على الاقتصاد الوطني وعلى المستوى المعيشي للمواطنين، وثانيهما هيكلي طويل الأمد يقوم على المضي قدما في تنزيل الإصلاحات الضرورية لتحسن ظروف عيش المواطنين وتحقيق معدل نمو أكبر، لخلق المزيد من فرص الشغل، مع استعادة الهوامش المالية الكفيلة بتوفير التمويل الضروري لهذه الإصلاحات.

وذكرت المذكرة التوجيهية بأنه تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية، اتخذت الحكومة مجموعة من القرارات الاستباقية للحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين ودعم القطاعات المتضررة جراء توالي الأزمات، وهو ما كلف ميزانية الدولة نفقات إضافية بلغت 40 مليار درهم برسم سنة 2022 وما يزيد عن 10 مليار درهم خلال السنة الحالية.

وأكدت أن هذه الإجراءات مكنت من الحد من ارتفاع التضخم وحصره في معدل 6,6 في المئة عند نهاية سنة 2022، مضيفة أن التدابير التي تم اتخاذها بداية سنة 2023، سيما دعم المواد الأساسية، ودعم الأعلاف المخصصة للمواشي والدواجن، والمواد الأولية الفلاحية المستوردة، قد ساهمت في تراجع معدل التضخم من 10,1 في المئة خلال شهر فبراير إلى 5,5 في المئة نهاية شهر يونيو 2023، ومن المتوقع أن يتم حصر هذا المعدل في حدود 5,6 في المئة مع نهاية هذه السنة.

وإلى جانب الإكراهات المرتبطة بالسياق الدولي، تشكل ندرة المياه، التي تفاقمت نتيجة توالي سنوات الجفاف خلال الفترة الأخيرة، تحديا كبيرا بالنسبة للمغرب.

وفي هذا السياق، حرصت الحكومة على تسريع وتيرة تنزيل البرنامج الوطني للتزود بالماء الصالح للشرب ومياه السقي 2020-2027، مع الرفع من الاعتمادات المالية المخصصة لقطاع الماء بـ5 ملايير درهم برسم قانون المالية 2023، وفتح اعتمادات إضافية بـ1,5 مليار درهم خلال نفس السنة، وذلك تنفيذا للتوجيهات السامية لصاحب الجلالة.

وبالموازاة مع حرصها على مواجهة التداعيات الظرفية على القدرة الشرائية للمواطنين وعلى مجموعة من القطاعات الحيوية، واصلت الحكومة مجهوداتها الرامية لتنزيل مختلف الأوراش الإصلاحية التي التزمت بها، تفعيلا للتعليمات الملكية السامية ولتوصيات النموذج التنموي الجديد.

ويأتي على رأس هذه الإصلاحات تعميم الحماية الاجتماعية، وإصلاح المنظومتين الصحية والتعليمية، إلى جانب تنزيل ميثاق الاستثمار، وتنزيل الاستراتيجية السياحية والاستراتيجية الطاقية…

وأوردت المذكرة التوجيهية أنه «إذا كانت الحكومة قد تمكنت من تخصيص الاعتمادات الضرورية للحد من تبعات الظرفية الحالية، ولمواصلة تنزيل الإصلاحات الهيكلية والاستراتيجيات القطاعية، فإنها قد حرصت في الوقت نفسه على تعبئة الموارد الضرورية لتمويل هذه الاعتمادات، وذلك بالموازاة مع عملها على تقليص عجز الميزانية حفاظا على استدامة المالية العمومية».

وعليه، فقد تم تقليص عجز الميزانية من 7,1 في المئة سنة 2020 إلى 5,9 في المئة سنة 2021، ثم إلى 5,1 في المئة سنة 2022. كما عرف النصف الأول من سنة 2023 مواصلة الدينامية الإيجابية للموارد، حيث ارتفعت الموارد الضريبية بـ4 في المئة أي بما يعادل 5,3 مليارات درهم.

وعرف الاقتصاد الوطني الدينامية نفسها، منذ بداية سنة 2023، حيث أنه وبعد أن تم تسجيل معدل نمو بـ3,5 في المئة خلال الفصل الأول من هذه السنة، تشير التقديرات الأولية إلى تحقيق معدل نمو بـ3,2 في المئة خلال الفصل الثاني و3,4 في المئة خلال الفصل الثالث، مقابل 2 في المئة و1,9 في المئة المسجلين خلال هذين الفصلين على التوالي من سنة 2022.

لقجع يكشف تفاصيل برنامج إعادة البناء والتأهيل العام للمناطق المتضررة من الزلزال

 

 

أفاد فوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، يوم الجمعة الماضي، بمجلس النواب بأنه سيتم الشروع في صرف المساعدات الاستعجالية للأسر المتضررة من الزلزال متم الشهر الجاري.

وأبرز لقجع، في عرض قدمه يوم الجمعة خلال اجتماع مشترك للجنتي المالية بمجلسي النواب والمستشارين، استعرض من خلاله التدابير والإجراءات التي اتخذتها الحكومة لمواجهة آثار الزلزال الذي ضرب أخيرا عددا من مناطق المملكة، أنه تم التوقيع على اتفاقية بين القطاعات الوزارية المعنية وصندوق الإيداع والتدبير لإيصال هذه المساعدات إلى الساكنة المستهدفة، مذكرا بتخصيص مبلغ 30 ألف درهم لكل أسرة على مدى 12 شهرا.

وأوضح الوزير المنتدب، في هذا السياق، أن برنامج إعادة البناء والتأهيل العام للمناطق المتضررة من زلزال الحوز، الذي تبلغ ميزانيته 120 مليار درهم، والذي تم تقديمه خلال جلسة عمل ترأسها الملك محمد السادس، يوم الأربعاء الماضي، بالقصر الملكي بالرباط، يتمحور حول أربعة مكونات أساسية تهم إعادة إيواء السكان المتضررين وبناء المساكن وإعادة تأهيل البنيات التحتية، وفك العزلة وتأهيل المجالات الترابية، وتسريع امتصاص العجز الاجتماعي، خاصة في المناطق الجبلية المتضررة من الزلزال، وتشجيع الأنشطة الاقتصادية والشغل وتثمين المبادرات المحلية.

وأضاف لقجع أن البرنامج يرتكز على دعامتين أساسيتين، تهم الأولى إعادة بناء وتأهيل البنيات التحتية المتضررة من الزلزال، فيما تتعلق الدعامة الثانية بوضع مخطط طموح ومندمج لتنمية أقاليم الأطلس الكبير من خلال مشاريع مهيكلة.

وبخصوص الدعامة الأولى، أبرز الوزير المنتدب أنه سيتم تخصيص غلاف مالي قدره 22 مليار درهم، منها 8 ملايير درهم ستخصص لتقديم المساعدات الاستعجالية للأسر والمساعدات المالية لإعادة بناء وتأهيل المساكن التي انهارت كليا أو جزئيا، و14 مليار درهم لفك العزلة وضمان الولوجية للمناطق المتضررة، وإعادة تأهيل السدود ومحطات المياه المتضررة من الزلزال، والمراكز الصحية والمؤسسات التعليمية، وإنعاش النسيج الاقتصادي المحلي والحفاظ على الموروث الثقافي والمرافق الدينية.

أما الدعامة الثانية، التي ستبلغ كلفتها المالية 98 مليار درهم، فتهم تطوير البنيات التحتية وتعزيز الأنشطة الفلاحية والسياحية بهذه الأقاليم، ودعم بروز مراكز قروية مندمجة وإعادة التأهيل الحضري، وإعادة تأهيل وتثمين المدن العتيقة، وتعزيز جودة الخدمات العمومية، سيما الأسواق والمحطات الطرقية والمجازر.

وأفاد المسؤول الحكومي بأنه سيتم، في الجانب المتعلق بالحكامة، إنشاء وكالة مخصصة لضمان التنزيل الفعال لهذا البرنامج تشتغل لمدة زمنية محددة مرتبطة بمدة البرنامج، وتتمثل مهامها الرئيسية في تتبع صرف المساعدات المالية، وتنفيذ مشاريع إعادة البناء والتأهيل، وتنفيذ مشاريع التنمية السوسيو-اقتصادية، والتنسيق بين مختلف القطاعات والفاعلين المعنيين.

ووفقا للمعطيات التي تضمنها العرض، الذي تم تقديمه بحضور رئيسي مجلسي النواب والمستشارين والوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة، وممثلي مختلف الهيئات السياسية الممثلة في البرلمان، فقد بلغ عدد الجماعات المتضررة من الزلزال 163 جماعة، تمثل 68 في المائة من مجموع جماعات المناطق المتضررة، فيما بلغ عدد الدواوير المتضررة 2930 دوارا، بساكنة تبلغ 2,8 مليون نسمة. في حين بلغ عدد المباني المنهارة 59 ألفا و674 مبنى، 32 في المائة منها انهارت كليا.

وكان مجلس الحكومة صادق على مشروع المرسوم المتعلق بإحداث حساب مرصد لأمور خصوصية يحمل اسم «الصندوق الخاص بتدبير الآثار المترتبة على الزلزال الذي عرفته المملكة المغربية»، وذلك تفعيلا للتعليمات الملكية.

وسيمكن هذا الحساب من تلقي المساهمات التطوعية التضامنية للهيئات الخاصة والعمومية والمواطنين، سيخصص بشكل أساسي لتحمل العمليات المتمثلة في النفقات المتعلقة بالبرنامج الاستعجالي لإعادة تأهيل وتقديم الدعم لإعادة بناء المنازل المدمرة على مستوى المناطق المتضررة؛ والنفقات المتعلقة بالتكفل بالأشخاص في وضعية صعبة، خصوصا اليتامى والأشخاص في وضعية هشة.

وتشمل هذه العمليات، أيضا، النفقات المتعلقة بالتكفل الفوري بكافة الأشخاص بدون مأوى جراء الزلزال، سيما في ما يرتبط بالإيواء والتغذية وكافة الاحتياجات الأساسية؛ والنفقات المتعلقة بتشجيع الفاعلين الاقتصاديين بهدف الاستئناف الفوري للأنشطة على مستوى المناطق المعنية؛ والنفقات المتعلقة بتشكيل احتياطات ومخزون للحاجيات الأولية على مستوى كل جهة من المملكة من أجل مواجهة كل أشكال الكوارث؛ وجميع النفقات الأخرى المرتبطة بتدبير آثار هذا الزلزال. وأضاف الوزير المنتدب أن الحكومة تحيط علما كافة المواطنات والمواطنين المغاربة في الداخل والخارج والهيئات الخاصة والعمومية، بأن هذا الحساب مفتوح تحت رقم 126 (N° ABREGE 126).

وحسب نص المرسوم الذي عرضته الحكومة على أنظار لجنتي المالية بمجلسي النواب والمستشارين، فقد تم إحداث حساب مرصد لأمور خصوصية يحمل اسم «الصندوق الخاص بتدبير الآثار المترتبة على الزلزال الذي عرفته المملكة المغربية»، من أجل التمكن من ضبط حسابات العمليات المتعلقة بتدبير الآثار المترتبة على الزلزال، وستكون السلطة الحكومية المكلفة بالميزانية، لدى وزارة الاقتصاد والمالية، هي الآمرة بقبض موارده وصرف نفقاته.

ويتضمن هذا الحساب، في الجانب المتعلق بالموارد، المبالغ المدفوعة من الميزانية العامة، ومساهمات الجماعات الترابية، والمؤسسات والمقاولات العمومية، والقطاع الخاص، والمنظمات والهيئات الدولية، والمبالغ المرجعة من النفقات المقيدة في الحساب، والهبات والوصايا، إضافة إلى الموارد الأخرى المختلفة.

وفي الجانب المتعلق بصرف نفقات الصندوق، سيتم صرف المبالغ المرصودة للصندوق لتغطية النفقات المتعلقة بالبرنامج الاستعجالي لإعادة التأهيل وتقديم الدعم لإعادة بناء المنازل المدمرة على مستوى المناطق المتضررة، والنفقات المتعلقة بالتكفل بالأشخاص في وضعية صعبة، خصوصا اليتامى والأشخاص في وضعية هشة، والنفقات المتعلقة بالتكفل الفوري بكافة الأشخاص بدون مأوى جراء الزلزال، سيما في ما يرتبط بالإيواء والتغذية وكافة الاحتياجات الأساسية.

وستصرف موارد الصندوق، أيضا، لتمويل النفقات المتعلقة بتشجيع الفاعلين الاقتصاديين بهدف الاستئناف الفوري للأنشطة على مستوى المناطق المعنية، والنفقات المتعلقة بتشكيل احتياطات ومخزون للحاجيات الأولية على مستوى كل جهة من جهات المملكة من أجل مواجهة كل أشكال الكوارث، والمبالغ المدفوعة لفائدة المؤسسات العمومية أو الهيئات العمومية أو الخاصة، والمبالغ المدفوعة إلى الجماعات الترابية، وإلى الميزانية العامة، والمرجعة من الأموال المقيدة في الحساب بغير حق، بالإضافة إلى النفقات الأخرى المختلفة المرتبطة بتدبير آثار الزلزال.

 

تعديل قوانين التعمير وضوابط البناء لمواجهة مخاطر الهزات الأرضية

 

 

أفادت مصادر برلمانية بأن فرق الأغلبية والمعارضة ستتقدم، خلال الدورة البرلمانية المقبلة، بمقترحات تهدف إلى تعديل قوانين التعمير وتدقيق المقتضيات المتعلقة بضوابط البناء المضاد للزلازل بالمناطق المهددة بالهزات الأرضية.

وينص المرسوم رقم 2.12.682 الصادر في 17 ‏ من رجب 1434 (28 ماي 2013‏) على اعتماد ضابط البناء المضاد للزلزال المطبق على المباني المحددة فيه قواعد الوقاية من الزلازل، وعلى إحداث اللجنة الوطنية لهندسة الوقاية من الزلازل. وبناء على المادة الثانية من المرسوم يراعى في تطبيق ضابط البناء المضاد للزلازل، تقسيم التراب الوطني إلى مناطق زلزالية بحسب درجة توقع الزلزال فيها، وترتيب البنايات إلى أصناف باعتبار درجة الوقاية الواجب توفرها فيها.

وتتولى اللجنة الوطنية لهندسة الوقاية من الزلازل اقتراح وترتيب البنايات وخرائط توزيع الجماعات داخل المناطق الزلزالية وتغييرهما وإبداء الرأي في شأنهما، كما تتولى اللجنة دراسة التغييرات واقتراح التحسينات المراد إدخالها على ضابط البناء المضاد للزلزال باعتبار تطور معرفة الظواهر الزلزالية والجيوتقنية وما يتعلق منها بتقنيات هندسة الوقاية من الزلازل.

وينص المرسوم على اعتماد ضابط البناء المضاد للزلزال المطبق على المباني المنجزة بالطين وبإحداث اللجنة الوطنية للمباني المنجزة بالطين، ويطبق هذا الضابط على المباني التي تم تشييدها وفق التقنيات المحلية التقليدية والتي يستعمل في دعاماتها الأساسية الطين والقش والخشب وسعف النخيل والقصب أو مواد مشابهة أخرى، ولتطبيق الضابط موضوع هذا المرسوم، يتم تقسيم التراب الوطني إلى خمس مناطق زلزالية. وتحدد المناطق ذات التسارع الزلزالي الأقصى في الخريطة المضمنة في هذا الضابط.

ويمنع المرسوم إنجاز مبان بالطين في الأراضي الرخوة والقابلة للتمدد وتلك المتواجدة في مناطق المستنقعات والمعرضة لمخاطر الفيضانات والانزلاق أو تلك التي توجد فوق فرشات مائية سطحية أو على بعد مسافة تقل عن كيلومترين من تصدعات جيولوجية نشطة معروفة. ويروم هذا النص “تأمين سلامة العموم عند حدوث هزة أرضية، وتأمين استمرارية الخدمات الأساسية وتأمين حماية الممتلكات المادية”، ويقصد “تحسين فعالية البنايات المنجزة بالطين تجاه الزلازل”.

وكشفت فاطمة الزهراء المنصوري، وزيرة الإسكان والتعمير وسياسة المدينة، أن مصالح وزارتها تقوم بإعداد وتنزيل العديد من الإجراءات والتدابير التي من شأنها الحد من الآثار السلبية للهزات الأرضية التي تحدث من حين لآخر ببعض المناطق من تراب المملكة، خاصة تلك التي تعرف كثافة سكانية كبيرة.

وأوضحت المنصوري، في جواب عن سؤال كتابي بمجلس النواب، أن الوزارة أشرفت على إنجاز «دراسة خريطة المناطق المؤهلة للتعمير» بكامل تراب المناطق المهددة بالزلازل التي تعد آلية للوقاية من المخاطر الطبيعية في مجال البناء والتعمير تنفيذا للتعليمات الملكية السامية للحكومة، الواردة في الخطاب الذي ألقاه الملك محمد السادس بمدينة الحسيمة بتاريخ 25 مارس 2004 عقب الزلزال العنيف الذي ضرب المنطقة، يوم 24 فبراير من السنة نفسها.

وأشارت المنصوري إلى أنه تم إطلاق هذه الدراسة، التي تعد الأولى من نوعها في مستهل سنة 2008، بعد استشارات واسعة مع مؤسسات علمية وطنية ودولية متخصصة في الكوارث الطبيعية، واستمرت الأبحاث والتنقيبات الميدانية لمدة أربع سنوات، توجت بنتائج تحدد المناطق التي يمنع فيها البناء بصفة مطلقة والمناطق التي يسمح فيها البناء بشروط، وتلك التي لا تحتاج لأي تدبير خاص وذلك حسب طبيعة وحجم المخاطر التي تم تحديد مواقعها والوقوف عليها، سواء في ما يتعلق بالفوالق الزلزالية النشيطة أو انجراف التربة أو الفيضانات، وهذا اعتمادا على تقنيات ومعايير علمية معتمدة من قبل كبريات الهيئات المتخصصة في هذا الميدان.

واعتبارا للأهمية القصوى التي حظيت بها نتائج هذه الدراسة، تضيف المنصوري، عملت مصالح الوزارة بمعية مصالح الوكالة الحضرية للحسيمة على بلورة منهجية جديدة تروم إدماج توجهاتها في كافة وثائق التعمير التي تغطي تراب الإقليم بصفة تدريجية، ابتداء من المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية للحسيمة الكبرى الذي يغطي 90 بالمائة من التجمعات السكنية الحضرية بالإقليم وتصاميم تهيئة المدن والمراكز القروية الآهلة بالسكان، وصولا إلى تصاميم تنمية الكتل القروية التي تنظم التعمير بالمناطق النائية بالإقليم.

وفي هذا الصدد، أكدت الوزيرة أن جميع وثائق التخطيط الحضري بإقليم الحسيمة تم تغييرها أو تعديلها منذ أواخر سنة 2012 تاريخ الانتهاء من دراسة خريطة المخاطر المذكورة، وذلك وفقا لنتائجها وتوصياتها.

وأبرزت الوزيرة أنه، تعزيزا لهذه الآلية الفريدة التي تستهدف الوقاية من المخاطر الطبيعية في ميدان التعمير والبناء، باشرت الوزارة إطلاق دراسة جديدة في متم سنة 2018 تحت اسم «دراسة إعداد خريطة قابلية البناء للمناطق المهددة بالمخاطر الزلزالية وانجراف التربة بإقليم الحسيمة» التي تعد بمثابة تعميق للأبحاث والدراسات قصد تحديد دقيق لمحاور وحدود الفوالق الزلزالية النشيطة المتواجدة بتراب الإقليم، وكذا تصنيف المواقع المعنية حسب مقتضيات القانون المضاد للزلازل.

وتمتاز هذه الدراسة كذلك، حسب الوزيرة، بقدرتها على تحديد شروط ونوعية الأساسات والبنايات التي يجب إنجازها في كل عملية بناء حسب المواقع والمناطق المجاورة للمخاطر المذكورة، حيث بدأ العمل بها واعتماد نتائجها في كل عملية ترخيص بالتجزيء أو البناء، ابتداء من تاريخ المصادقة عليا في 26 أكتوبر 2021 كما عملت مصالح الوكالة الحضرية على إدماج نتائجها في كل وثائق التعمير التي خضعت مسبقا للتحيين أو التعديل وكذا في تلك التي سيتم إنجازها مستقبلا.

وأضافت المنصوري أنه، في إطار تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لتدبير المخاطر الطبيعية (2021-2031) المصادق عليها من قبل المجلس الحكومي بتاريخ 4 فبراير 2021، بادرت الوكالة الحضرية للحسيمة بالمشاركة في إعلان طلب مشاريع برسم سنة 2022 يتعلق بالمشروع الريادي الخاص بالدراسات الزلزالية والمتعلق «بالميكرو – تنطيق» الزلزالي لمدينة الحسيمة وضاحيتها، حيث تقرر قبول هذا المشروع ومنحه غلافا ماليا قدره 2.5 مليون درهم مساهمة من طرف صندوق محاربة آثار الكوارث الطبيعية، أي بنسبة تبلغ 50 بالمائة من المبلغ الإجمالي للمشروع الذي يقدر بـ 5 ملايين درهم.

أما على صعيد أكادير، أكدت الوزيرة أن هذه المدينة تضم مناطق زلزالية متعددة، ما يستوجب اتخاذ إجراءات احترازية للحد من الأضرار المادية والبشرية لحماية المواطنين والحفاظ على ممتلكاتهم. وأفادت المنصوري بأن الوزارة، بمعية الوكالة الحضرية لأكادير، تعمل على استحضار وتطبيق مجموعة من النصوص القانونية ذات الصلة بميدان التعمير.

أما على مستوى التخطيط العمراني، تضيف الوزيرة، وعند إعداد المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية لأكادير الكبير، باعتباره وثيقة تتوخى التنظيم العام للتنمية العمرانية، حرصت الوزارة، بمعية الوكالة الحضرية لأكادير، على تضمينه التخصيصات التعميرية لمختلف المناطق التي يغطيها وتحديد المجالات التي يحظر فيها البناء لاعتبارات أو موانع طبيعية متعددة، منها المناطق الزلزالية، كما تعمل هاته المؤسسة، عند إعداد تصاميم التهيئة كوثائق تنظيمية يتم من خلالها تنزيل تفاصيل مختلف توجهات المخطط المذكور، على التمييز بالمجالات المعنية بهذه الظاهرة بين تلك التي يحظر فيها البناء بشكل قطعي والمناطق التي تفتح للتعمير ويباح فيها البناء بشروط ومعايير مضبوطة تحدد بناء على دراسات تقنية ينجزها مختصون في الميدان.

 

#image_title

 لعبد الحفيظ أدمينو*:

 

«كل الملفات ذات أولوية والزلزال يتطلب من الحكومة تسريع وتيرة تنزيل المشاريع الاجتماعية»

 

 

هل من الممكن أن يعيد زلزال الحوز ترتيب أولويات الحكومة؟

 

من الطبيعي وكما جاء في مخرجات جلسات العمل الملكية فقد تم تحديد مبلغ 120 مليار درهم في ظرف 5 سنوات، والذي من المفروض أن يوجه من أجل تأهيل المناطق المتضررة من هذا الزلزال، بما فيها اتخاذ عدة تدابير، وبالتالي فبلاغ الديوان الملكي يشير أيضا إلى مصادر التمويل، وعلى رأسها الميزانية العامة للدولة، من خلال تحديد قدر مالي سنوي، وأيضا مساهمة الجماعات الترابية، بالإضافة إلى إحداث الصندوق رقم 126 وهو المخصص لتدبير آثار الزلزال، كما يتحدث البلاغ أيضا عن هبات الدول الصديقة والشقيقة، إضافة إلى مبلغ ملياري درهم الذي سيتم استخلاصه من صندوق الحسن الثاني. وبالتالي فأتصور أن الميزانية العامة للدولة من المفروض فيها أنها ستتضمن سنويا هذه المبالغ المرصودة لتأهيل المناطق المتضررة من الزلزال، وهذا ما يطرح سؤال إعادة النظر في الأولويات الحكومية كما جاءت في البرنامج الحكومي الذي يتم ترجمته في قانون المالية السنوي، فبطبيعة الحال سيكون من الضروري عند ترتيب الأوليات استحضار المشاريع الهيكلية الممتدة، وعلى رأسها مشروع الحماية الاجتماعية، والمفروض أنه مشروع هيكلي ولا يمكن التنازل عنه، وإلا فالحكومة مطالبة بالبحث عن مصادر تمويل أخرى من أجل تغطية التزامات الدولة في هذا البرنامج، أو أنها ستفكر في تأجيل بعض المشاريع غير ذات طبيعة أولوية، ولا أتصور هنا أن هناك مشاريع من هذا القبيل، فالحكومة منذ تسطير البرنامج الحكومي أدرجت عددا من المشاريع التي لا أتصور أنها قد تتخلى عنها، وبالتالي فالخيار الأقرب هو البحث عن تمويلات جديدة يمكن ترجمتها في مشاريع قوانين المالية للسنوات المقبلة.

 

ما هي الخيارات لدى الحكومة من أجل الحصول على تمويلات لبرنامج تأهيل المناطق المتضررة من الزلزال؟

 

الخيارات غير متاحة بالشكل الكافي أمام الحكومة من أجل تمويل هذا البرنامج، ولا أتصور أن يكون خيار الحكومة اليوم هو فرض المزيد من الضرائب، على اعتبار أن التوجه المعبر عنه في البرنامج الحكومي وأيضا القانون الإطار في الجبايات يتحدث عن ضرورة مراجعة العديد من الجبايات، وبالتالي تقليصها في العديد من المجالات. وبالتالي فخيار الرفع من الجبايات يبقى مستبعدا، والحل أمام الحكومة هو إنعاش القطاعات التي يمكن أن تقدم قيمة مضافة، مع التركيز بطبيعة الحال على الصناعات الموجهة إلى التصدير، وهنا جلب الاستثمارات ومصادر الاستثمارات بالإضافة إلى التركيز على جلب الاستثمارات الداخلية وتشجيع الاستثمار الداخلي والذي يشكل أهمية في خلق فرص الشغل وثروة مضافة، مع التركيز أيضا على بعض القطاعات التي لاحظنا أنا قد تطورت بشكل كبير خلال أزمة كورونا، خاصة قطاع السياحة وما يرتبط به من قطاعات أخرى كالصناعة التقليدية وغيرها. دون أن ننسى على أن الحكومة قد تتجه، وإن لم يتضح ذلك بعد، إلى رفع يدها عن المزيد من الدعم للسلع، وإن كان هذا الأمر مرتبطا بجانب ومشروع آخر وهو مشروع الحماية الاجتماعية والسجل الاجتماعي الموحد، والذي سيشكل أساس الدعم والخيار هو الرفع من وتيرة تفعيل البرامج المرتبطة بالاستهداف الاجتماعي، بمعنى أن منظومة برامج الاستهداف يجب أن تتطور بالشكل الذي من شأنه أن يخفف عن الحكومة ثقل الدعم المخصص لبعض المواد، سيما الدعم الذي يوجه إلى الفئات ذات الدخل المحدود، وبالتالي هذا تصوري لما يمكن أن يشكل خيارات يمكن للحكومة الاشتغال عليها.

أما بخصوص الاقتراض الخارجي، فهو قد يكون من بين الخيارات غير المرغوب فيها، ولكن في حال ما إذا وجدت الحكومة نفسها أمام هذا الخيار فقد تلجأ إليه، على اعتبار أننا ما زلنا مرهونين على المستوى الدولي بتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، وهذا ما أثر على أسواق التموين العالمية وأسواق الطاقة والسلع وهو ما يكلف أعباء كثيرة، وهي بالتالي مخاطر مالية حاضرة في ذهن الحكومة، ونرجو أن لا يكون لها التأثير الكبير، كما نرجو أن نكون أمام موسم فلاحي جيد بالمقارنة مع المواسم السابقة، وهو ما قد يخفف العبء عن الحكومة في العلاقة بموضوع أزمة الماء والعطش، علما أن هناك مشاريع وجب التقدم فيها بغض النظر عن طبيعة الموسم الفلاحي المقبل.

 

  • ما هي الملفات والمشاريع التي يمكن أن تتأثر بإعادة الحكومة ترتيب أولوياتها؟

 

أتصور أنه لن يكون هناك تأثير سلبي بقدر ما تكون تأثيرات إيجابية، أولها أن الحكومة ستكون ملزمة بالرفع من وتيرة تنزيل المشاريع التي التزمت بها في البرنامج الحكومي بالخصوص، وأيضا مشروع الحماية الاجتماعية ككل والذي لا يمكن التراجع عنه بصيغة مطلقة، كما أن هناك قطاعات ومشاريع على الحكومة بذل مجهود إضافي من أجل تطويرها، وعلى رأسها مشاريع الاستثمار، والتي تتطلب مجهودا كبيرا.

كما لا يجب أن ننسى أن تدبير الكارثة ليس مسؤولية حصرية على الحكومة، بل أيضا هناك مسؤولية الفاعلين الوطنيين والاقتصاديين، وهنا أشير إلى المقاولات التي يجب أن تكون مواطنة وتتحمل جزءا من الأعباء، سواء في المطالب التي دائما ترفعها إلى الحكومة في ما يتعلق بالضريبة والدعم وغيرهما. زيادة على أن الملف الاجتماعي يجب أن تكون له أولويته، وتحسين فعالية مرافق الدولة من الإدارات والمؤسسات، كما يجب مراجعة مشروع ميزانية الدولة بما يرتبط بالجانب القانوني والهيكلي والتنظيمي، لجعل بعض مؤسسات الدولة منتجة للثروة وليس مستهلكة لها، وأرى أنه إذا ما تم تفعيل هذه البرامج المهيكلة في هذه المناطق، فستساهم في الحركية الاقتصادية بها، كما أنها ستساهم في خلق بنية تحية تساهم في تشجيع الاستثمار، خصوصا في القطاع السياحي، وخلق فرص الشغل وخلق مداخيل بالنسبة إلى خزينة الدولة. ومن هذا المنطلق يمكن القول إن كل الملفات تحمل أولوية بالنسبة إلى الحكومة، ولا يمكن الحديث عن مشاريع ثانوية وأخرى ذات أولوية كبيرة.

*رئيس شعبة القانون العام بكلية الحقوق السويسي – الرباط

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى