شوف تشوف

الرئيسيةالملف السياسيسياسية

الشباب في السياسة الحكومية

البطالة تقفز إلى13,7 في المائة والحكومة تعد باسترجاع مناصب الشغل المفقودة

أثار الرأي الصادر عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي حول وضعية الشباب، انتقادات من طرف الحكومة، حيث عبر رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، عن استغرابه لصدور هذا التقرير تزامنا مع مناقشة حصيلة حكومته أمام مجلسي البرلمان، ووجه انتقادات لتقرير المجلس، وقال إنه يتضمن أرقاما قديمة وحلولا غير مقنعة لا يمكن تطبيقها من طرف الحكومة، كما تزامن التقرير مع إصدار المندوبية السامية للتخطيط لمذكرة إخبارية حول وضعية سوق الشغل، أفادت بأن معدل البطالة ارتفع إلى 13,7 في المائة خلال الفصل الأول من سنة 2024، وأكدت أن الحجم الإجمالي للشغل تراجع بـ 80.000 منصب بين الفصل الأول من سنة 2023 ونفس الفصل من سنة 2024، لكن رئيس الحكومة أرجع ارتفاع نسبة البطالة إلى توالي ثلاث سنوات من الجفاف، وقدم وعودا باسترجاع مناصب الشغل المفقودة.

 

 

إعداد: محمد اليوبي – النعمان اليعلاوي

 

أصدر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، في إطار إحالة ذاتية، تحت عنوان «شباب لا يشتغلون، ليسوا بالمدرسة، ولا يتابعون أي تكوين «NEET»: أي آفاق للإدماج الاقتصادي والاجتماعي؟»، ويرصد التقرير وضعية فئة شباب، تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة، يوجدون خارج نطاق منظومة التعليم والتكوين وسوق الشغل، وأوصى المجلس بعدد من مسالك العمل التي من شأنها الارتقاء بهذه الفئة من الهشاشة الاقتصادية والاجتماعية، وأثار هذا التقرير جدلا بين المجلس والحكومة.

 

 

أخنوش ينتقد الشامي

انتقد رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، يوم الخميس الماضي بمجلس المستشارين، مخرجات رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، حول «شباب لا يشتغلون، ليسوا بالمدرسة، ولا يتابعون أي تكوين: أي آفاق للإدماج الاقتصادي والاجتماعي؟»، مؤكدا أن الأمر يتعلق ب«هاجس نتقاسمه جميعا».

وكشف رئيس المجلس، أحمد رضا الشامي، أن 1.5 مليون شابة وشاب مغربي ما بين 15 و24 سنة لا ينتمون لفئة التلاميذ والطلبة أو المتدربين في التكوين المهني، ويوجدون في وضعية بطالة خارج الساكنة النشيطة أي لا يبحثون عن الشغل لسبب من الأسباب، وهذا الرقم يصل إلى 4.5 ملايين في الفئة العمرية ما بين 15 و34 سنة، وأشار إلى أن الفئة تتسم بالهشاشة وتواجه أشكالا عديدة من الإقصاء، لبقائها خارج منظومة الشغل والتعليم والتكوين المهني، إضافة إلى ما يترتب عن إقصاء هؤلاء الشباب من تداعيات خطيرة تهدد تماسك المجتمع والسلم الاجتماعي، من خلال تعميق مظاهر الفقر والهشاشة والفوارق الاجتماعية، وتغذية الشعور بالإحباط والأزمات النفسية، مما يؤدي إلى الانحراف والتطرف والهجرة السرية».

واستغرب رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، لإصدار هذا التقرير تزامنا مع تقديمه لحصيلة حكومته أمام مجلسي البرلمان، وقال «نتمنى أن تكون الظرفية عادية، وليست الظرفية التي تتزامن مع الحصيلة المرحلية لنصف الولاية، وإلا هذه إشكالية ستطرح في المؤسسات الدستورية»، مؤكدا أن تقرير المجلس لم يأت بالجديد، مشيرا إلى أن حزب التجمع الوطني للأحرار الذي يترأسه سبق له التطرق للأمر في برنامج «مسار الثقة»، وأوضح أنه «في الصفحة 38 عندما كنا نعد مسار الثقة، وتكلمنا على 5 ملايين، من بينها 4 ملايين عاطلين ولا يدرسون، وهم نتيجة لتراكم الـ250 ألف تلميذ الذين يغادرون المدارس سنويا».

وانتقد أخنوش في معرض تفاعله مع مداخلات الفرق البرلمانية خلال جلسة عقدها مجلس المستشارين لمناقشة الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة، مخرجات التقرير، وقال «الجديد ليس هو أن نتكلم عن هذا المشكل، بل الجديد يجب أن يكون هو تقديم الحلول»، وأضاف «أنا اطلعت على الحلول التي تقدم بها التقرير، وظهر لي أنها حلول غير مقنعة، ولا يمكن أن أثق فيها كحكومة وأشتغل من أجل تطبيقها»، وأوضح في هذا السياق، أن الحكومة لم تكتف بتشخيص الظاهرة، «بل قامت بمباشرة مجموعة من الإجراءات لمواجهتها، وعلى رأسها إصلاح قطاع التعليم، إلى جانب إجراءات أخرى على غرار محاربة الهدر المدرسي عن طريق الاهتمام بالنقل المدرسي، والاطعام المدرسي والداخليات، وهو ما سيمكننا من تقليص نسبة الهدر المدرسي بنسبة الثلث».

وأضاف رئيس الحكومة أنه تم خلق 16 مركزا جديدا بخصوص برنامج الفرصة الثانية، وهو ما سيمكن أزيد من 80 ألف شخص من الاستفادة من هذا البرنامج، فضلا عن إطلاق استراتيجية المغرب الرقمي، لتكوين أزيد من 100 ألف شاب في المجال الرقمي سنويا عوض 14 ألف التي كانت سنة 2020، وبرنامج «أوراش»، الذي مكن 50 ألف شاب من إيجاد منصب شغل قار، وبرنامج «فرصة»، الذي استفادت منه 21 ألف مقاولة وتعاونية من أصل 300 ألف وضعوا طلباتهم.

 

أرقام صادمة

دعا المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، إلى تبني مقاربة مندمجة من أجل تسريع الإدماج السوسيو-اقتصادي للشباب الذين لا يشتغلون، وليسوا بالمدرسة، ولا يتابعون أي تكوين، وقال رئيس المجلس، أحمد رضا الشامي، إن إشكاليات الإدماج الاجتماعي والاقتصادي للشباب تحظى باهتمام متزايد على مستوى التوجهات الكبرى للسياسة العامة للدولة، مسجلا أنه تم التأكيد على ضرورة معالجتها في عدد من الخطب الملكية، وضمن التوجهات الاستراتيجية للنموذج التنموي الجديد، كما تم التشديد عليها كهدف عرضاني في جملة من التدابير الواردة في البرنامج الحكومي (2026-2021).

وأوضح الشامي أن هذا الرأي يأتي في إطار مواصلة اشتغال المجلس على قضايا الشباب، من خلال تسليط الضوء بشكل خاص على فئة الشباب الذين لا يشتغلون، وليسوا بالمدرسة، ولا يتابعون أي تكوين، باعتبارها فئة تتسم بالهشاشة وتواجه أشكالا متعددة من الإقصاء ببقائها خارج منظومة الشغل والتعليم والتكوين المهني.

وأشار إلى أن الأمر يتعلق بحوالي 1.5 مليون من الشباب تتراوح أعمارهم ما بين 15 و24 سنة، لا ينتمون إلى فئة التلاميذ أو الطلبة أو المتدربين في التكوين المهني، ويوجدون في وضعية بطالة أو خارج الساكنة النشيطة، وأبرز أن هذه الفئة معرضة في حياتها لثلاثة انقطاعات حاسمة، ويتعلق الانقطاع الأول بالهدر المدرسي ما بين مرحلة التعليم الثانوي الإعدادي والتعليم الثانوي التأهيلي (أزيد من 331 ألف تلميذ وتلميذة كمعدل سنوي) لأسباب تتعلق أساسا بالرسوب المدرسي والصعوبات المرتبطة بالوصول إلى المؤسسات التعليمية، لاسيما في الوسط القروي، بالإضافة إلى العجز الهام المسجل على مستوى العرض المتعلق بالتكوين المهني، والتي تنضاف إليها حواجز أخرى سوسيو-اقتصادية تزيد من حدة الوضع (إكراهات اجتماعية، ثقافية وعائلية، الزواج المبكر للفتيات، تشغيل الأطفال، وضعية الإعاقة، وغيرها).

وأوضح الشامي أن الانقطاع الثاني يتعلق بالانتقال من الحياة المدرسية إلى سوق الشغل، حيث يصطدم الباحثون عن أول فرصة شغل (6 من كل 10 شباب عاطلين) بالعديد من الإكراهات، وفي مقدمتها عدم ملاءمة التكوين مع متطلبات سوق الشغل، والفعالية المحدودة لخدمات الوساطة في مجال التشغيل، وأضاف أنه بالنسبة للعنصر النسوي الذي يشكل حوالي 73 في المائة من شباب هذه الفئة، فتبرز عوامل أخرى مثل التمييز بين الجنسين في بعض الأحيان، وضغط الأعباء المنزلية.

وتابع أن الانقطاع الثالث في مسار الشباب يتعلق بالفترة التي يتطلبها الانتقال من وظيفة إلى أخرى، حيث يكون هذا الانقطاع إما نتيجة لفقدان الشغل بسبب تقلبات الظرفية وهشاشة النسيج المقاولاتي، أو نتيجة التخلي الاختياري لعدم احترام شروط الشغل اللائق أو تدني مستويات الأجور بالمقارنة مع الدبلومات والكفاءات.

 

توصيات وحلول

انطلاقا من هذا التشخيص، قال الشامي إن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي يوصي بتبني مقاربة دامجة ترتكز على خمسة محاور أساسية يهم أولها تعزيز قدرات هذه الفئة من خلال إنشاء نظام معلوماتي وطني له امتداد جهوي لرصد وتتبع مساراتها، ويضم هذا النظام معطيات متقاطعة من مصادر متعددة (السجل الاجتماعي الموحد، إحصائيات مستمدة من القطاعات المعنية، وغيرها).

 

وأبرز أن المحور الثاني يتجلى في إرساء منظومة موسعة لاستقبال وتوجيه شباب هذه الفئة إلى حلول ملائمة لوضعياتهم المختلفة، وذلك من خلال تطوير شبكة مكثفة من بنيات الاستقبال والاستماع والتوجيه في مختلف الجماعات الترابية، وتخضع لميثاق موحد يحدد أدوار وأنشطة ومسؤوليات مختلف الفاعلين المعنيين.

أما المحور الثالث، فيتمثل في تحسين خدمات وبرامج الإدماج الاقتصادي والاجتماعي للشباب من هذه الفئة من حيث الجودة والفعالية، وذلك من خلال إعادة إدماجهم في منظومة التعليم أو التكوين، والرفع من قدراتهم المهنيةوقابليتهم للتشغيل، ومساعدتهم على إيجاد فرص الشغل مع إرساء إطار تعاقدي يتلاءم مع القطاع الخاص أو القطاع الثالث، فضلا عن توفير المواكبة القبلية والبعدية لإنشاء المقاولات.

كما يوصي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بوضع تدابير وقائية تفاديا لوقوع فئات جديدة من الشباب في وضعية الشباب الذين لا يشتغلون، وليسوا بالمدرسة، ولا يتابعون أي تكوين، وذلك من خلال ضمان فعلية إلزامية التعليم حتى سن السادسة عشرة، وتوفير خدمات الدعم المدرسي، ومدارس وأقسام الفرصة الثانية الضرورية للتأهيل وإعادة الإدماج، مع دعم الأسر المعوزة، وتعميم التربية الدامجة للأطفال في وضعية إعاقة، وتعزيز أدوار الفاعلين العموميين والمجتمع المدني المعني على المستوى المحلي.

وتهم هذه التدابير أيضا تعميم المدارس الجماعاتية في العالم القروي لمحاربة الهدر المدرسي، مع تحسين مستوى تجهيزها بالمرافق الضرورية، وتوسيع نطاق خدمة الإطعام والنقل المدرسي، وتعزيز العرض العمومي في التكوين المهني بالمناطق القروية، مع ملائمة التخصصات مع الاحتياجات الخاصة بكل جهة وبكل مجال ترابي.

ويتعلق المحور الخامس والأخير بوضع إطار للحكامة يرتكز على تقوية التقائية وتكامل البرامج القطاعية الموجهة إلى هذه الفئة من الشباب، فضلا عن التنسيق المستمر بين مختلف الفاعلين المعنيين.

من جانب آخر، لفت الشامي إلى أن إعداد هذا الرأي تم باستثمار مخرجات الاستشارة المواطنة التي أطلقها المجلس عبر منصته الرقمية «أشارك» «ouchariko.ma « التي بلغ عدد التفاعلات معها 35.396 منها 1266 إجابة على الاستمارة على صفحات المجلس على شبكات التواصل الاجتماعي.

وأوضح من خلال تقاسم أهم الخلاصات المستمدة من هذه الاستشارة، أن 83 في المائة من المشاركات والمشاركين صرحوا أنهم يعرفون عددا من الشباب المنتمين إلى هذه الفئة في محيطهم الاجتماعي، وأن 61 في المائة اعتبروا أن وضعية الشباب الذين لا يشتغلون، وليسوا بالمدرسة، ولا يتابعون أي تكوين تمس بالأساس شباب الوسط الحضري، مضيفا أن 60 في المائة من الإجابات اعتبرت أنها تهم الشباب الذين لم يحصلوا على شهادات دراسية، فيما أرجع 75 في المائة منهم أسباب هذه الظاهرة إلى صعوبات الإدماج المهني وغياب فرص الشغل، كما أن 60 في المائة منهم يرون أن الهدر المدرسي يؤدي إلى هذه الوضعية. وأشار حوالي واحد من كل خمسة مشاركين إلى أن الزواج المبكر للفتيات يشكل أحد أسباب هذه الظاهرة، بينما لا يعلم 78 في المائة منهم بوجود برامج عمومية أو مبادرات من المجتمع المدني موجهة إلى دعم هذه الفئة من الشباب.

وفي ما يتعلق بالتدابير المقترحة لتسهيل عملية الإدماج الاجتماعي والمهني لهذه الفئة، اقترح 67 في المائة من المشاركات والمشاركين إعطاء الألولوية لوضع سياسة عمومية مندمجة تستهدف هذه الفئة، في حين اقترح 64 في المائة منهم دعم المقاولة والتشغيل الذاتي، بينما يرى حوالي 35 في المائة أنه من الأنسب تشجيع الإدماج من خلال مجالات الفنون والرياضة.

أخنوش يكشف أسباب ارتفاع البطالة ويعد باسترجاع مناصب الشغل المفقودة

 

 

في أول رد على تقرير المندوبية السامية للتخطيط، الذي كشف ارتفاع معدل البطالة إلى 13,7 في المائة خلال الفصل الأول من سنة 2024، أرجع عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، هذا الارتفاع إلى توالي سنوات الجفاف، ما أفقد القطاع الفلاحي آلاف مناصب الشغل.

وأكد أخنوش في تفاعله مع مداخلات الفرق البرلمانية، أثناء مناقشة الحصيلة المرحلية للحكومة بمجلس النواب، أن المغرب عرف ثلاث سنوات متتالية من الجفاف، وهذا أفقد القطاع الفلاحي 200 ألف منصب شغل سنويا، في مقابل ذلك خلقت الحكومة 600 ألف منصب شغل، حسب رئيس الحكومة، الذي أشار إلى انتعاش التشغيل في عدة قطاعات على غرار الصناعة والصناعة التقليدية والسياحة وقطاع الخدمات. وقدم أخنوش وعودا باسترجاع مناصب الشغل المفقودة في القطاع الفلاحي، مشيرا إلى تركيز الحكومة في النصف الثاني من عمر ولايتها بشكل أكبر على التشغيل، وأكد أن الحكومة ستسترجع مناصب الشغل التي تم فقدانها بسبب الجفاف.

وأفادت المندوبية السامية للتخطيط في مذكرة إخبارية حول وضعية سوق الشغل، بأن معدل البطالة ارتفع إلى 13,7 في المائة خلال الفصل الأول من سنة 2024، وأكدت أن الحجم الإجمالي للشغل تراجع بـ80.000 منصب بين الفصل الأول من سنة 2023 والفصل نفسه من سنة 2024.

وأوضحت المندوبية أن «معدل البطالة ارتفع، ما بين الفصل الأول من سنة 2023 والفصل ذاته من سنة 2024، بنسبة 0,8 نقطة، منتقلا من 12,9 في المائة إلى 13,7 في المائة، ومن 17,1 في المائة إلى 17,6 في المائة بالوسط الحضري (زائد 0,5 نقطة)، ومن 5,7 في المائة إلى 6,8 في المائة بالوسط القروي (زائد 1,1 نقطة). كما سجل ارتفاعا بنقطتين في صفوف النساء، منتقلا من 18,1 في المائة إلى 20,1 في المائة، وبـ0,5 نقطة في صفوف الرجال، من 11,5 في المائة إلى 12 في المائة».

وبحسب المصدر ذاته، فإن عدد العاطلين ارتفع بـ96 ألف شخص ما بين الفصل الأول من سنة 2023 والفصل نفسه من سنة 2024، حيث انتقل من 1.549.000 إلى 1.645.000 عاطل، وهو ما يعادل ارتفاعا بـ6 في المائة، مسجلا أن هذا الارتفاع جاء نتيجة زيادة عدد العاطلين بـ59 ألفا بالوسط الحضري وبـ38 ألفا بالوسط القروي.

وأوردت المندوبية أيضا أن معدل البطالة ارتفع بـ0,6 نقطة في صفوف الشباب البالغين ما بين 15 و24 سنة، حيث انتقل إلى 35,9 في المائة، وبـ1,1 نقطة في صفوف الأشخاص المتراوحة أعمارهم ما بين 25 و34 سنة إلى 22 في المائة، وبـ0,9 نقطة في صفوف المتراوحة أعمارهم ما بين 35 و44 سنة إلى 8 في المائة، وبـ0,7 نقطة في صفوف البالغين 45 سنة فما فوق إلى 4,5 في المائة.

من جهة أخرى، سجل معدل البطالة لدى الأشخاص الحاصلين على شهادة ارتفاعا يقدر بـ0,5 نقطة إلى 20,3 في المائة. وكان هذا الارتفاع أكثر حدة في صفوف الحاصلين على شهادات التأهيل والتخصص المهني (زائد 2,7 نقطة بمعدل 25,4 في المائة)، والحاصلين على شهادات الثانوي التأهيلي (زائد 1 نقطة بمعدل 23,6 في المائة).

وبخصوص حجم النشيطين المشتغلين في حالة شغل ناقص، ما بين الفصل الأول من سنة 2023 والفصل نفسه من سنة 2024، فقد انتقل من 1.075.000 إلى 1.069.000 شخص على المستوى الوطني (من 573 ألفا إلى 571 ألف شخص بالوسط الحضري، ومن 502 ألف إلى 499 ألف شخص بالوسط القروي).

وهكذا، استقر معدل الشغل الناقص على المستوى الوطني في 10,3 في المائة، وانتقل من 12,1 في المائة إلى 12,5 في المائة بالوسط القروي، ومن9,1 في المائة إلى 9 في المائة بالوسط الحضري.

وفي ما يخص الشغل الناقص المرتبط بعدد ساعات العمل، فقد انتقل حجمه من 513 ألفا إلى 576 ألف شخص على المستوى الوطني، بينما انتقل المعدل المرتبط به من 4,9 في المائة إلى 5,6 في المائة، كما انتقل عدد النشيطين المشتغلين في حالة الشغل الناقص المرتبط بالدخل غير الكافي، أو عدم ملاءمة الشغل مع المؤهلات من 562 ألفا إلى 493 ألف شخص على المستوى الوطني، في حين انتقل معدل هذا النوع من الشغل الناقص من 5,4 في المائة إلى 4,8 في المائة.

وأظهرت المذكرة نفسها أن القطاعات التي شهدت تراجعا في معدلات الشغل الناقص تتمثل في قطاع «البناء والأشغال العمومية» بـ1,4 نقطة إلى 19 في المائة، وقطاع «الصناعة بما فيها الصناعة التقليدية»

بـ0,8 نقطة إلى 6,3 في المائة، وفي المقابل سجل قطاع الفلاحة والغابات والصيد والخدمات ارتفاعا، على التوالي، بـ0,4 نقطة إلى 12,1 في المائة، وبـ0,5 نقطة إلى 8,3 في المائة.

وأكدت المندوبية أن وضعية سوق الشغل ما زالت تعاني من آثار الجفاف، وهكذا فقد تراجع الحجم الإجمالي للشغل بـ80.000 منصب، وذلك ما بين الفصل الأول من سنة 2023 والفصل نفسه من سنة 2024، نتيجة فقدان 159.000 منصب شغل بالوسط القروي، معظمها غير مؤدى عنها، وإحداث 78.000 منصب بالوسط الحضري.

وأبرز المصدر نفسه أنه، وحسب نوع الشغل، تم إحداث 75.000 منصب شغل مؤدى عنه على الصعيد الوطني، نتيجة إحداث 87.000 منصب بالوسط الحضري وفقدان 12.000 منصب بالوسط القروي، مضيفا أن الشغل غير المؤدى عنه، من جهته، عرف فقدان 154.000 منصب، نتيجة فقدان 8.000 منصب بالوسط الحضري و146.000 بالوسط القروي.

محمد جدري*:*خبير اقتصادي ومدير مرصد مراقبة العمل الحكومي

«فرص الشغل مرتبطة بنسبة النمو الاقتصادي»

 

قال محمد جدري، الخبير الاقتصادي ومدير مرصد مراقبة العمل الحكومي، إن «التقرير الجديد للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، الذي أشار إلى وجود حوالي مليون ونصف مليون شاب مغربي يعانون البطالة في الوقت الذي لا يتلقون أي تكوينات أو تداريب مهنية، هو رقم متوقع، فخلال السنوات الماضية كان هناك حديث عن حوالي 2.7 ملايين مغربي لا يتابعون دراستهم كما أنهم لا يشتغلون ولا يمارسون أي نشاط اقتصادي، وهم بين سن 15 و25 عاما، أما إذا تم رفع هذا السن إلى ما بين 15 و35 سنة فإننا سنكون إزاء 4.3 ملايين شاب مغربي. وهذا رقم مرعب يجب أن يدق جرس إنذار لدينا جميعا»، على حد تعبير جدري، موضحا أن «الطبيعة لا تقبل الفراغ، وهؤلاء الطلبة إن هم لم يتلقوا التكوينات الضرورية ولم يحصلوا على فرص شغل، فسيتجهون إما إلى التطرف أو استهلاك المخدرات، وفي كلتا الحالتين، فإننا سنكون إزاء هدر للطاقة البشرية، ولفئة نشيطة من شأنها أن تقدم الكثير للوطن».

وأكد جدري على أن هذه الأرقام «جرس إنذار آخر للحكومة على أنها يجب أن تتعامل مع الفئات الشابة، وأن تستثمرها وتساعدها على القيام بدورها في خلق التنمية في البلاد»، مضيفا أن «الطبيعة لا تقبل الفراغ؛ وبالتالي مجموعة من الأخطار محدقة بهؤلاء الشباب، سواء التطرف أو استهلاك المخدرات وما شابه ذلك»، مشددا أنه «اليوم تلزمنا سياسات عمومية موجهة إلى الشباب أساسية، خاصة أن مجموعة منهم لهم إشكالات مادية ولا يتابعون دراستهم لهذا السبب».

من جانب آخر، أشار جدري إلى أن «نسبة النمو الاقتصادي ضعيفة جدا وهي ما تجعل أن فرص الشغل ضئيلة، حيث يستقبل سوق الشغل كل عام حوالي 300 ألف إلى 400 ألف شاب، لكن لا يتم التوظيف إلا في حدود 140 ألفا فقط على أبعد تقدير، وبالتالي فهناك حوالي الثلثين خارج أي نشاط سواء اقتصادي أو تعليمي»، مبرزا أنه «أمام الوضع الحالي، يجب أن تكون هناك سياسة عمومية عرضانية موجهة للشباب بغاية الحفاض على كرامتهم وتحقيق الاستفادة من الثورة البشرية التي يتوفر عليه المغرب»، وأوضح أن قطب رحى هذه السياسة «هو مجال التعليم، والذي يجب على الحكومة أن تشتغل من أجل تحقيق ولوج سلس للخدمات التعليمية، في كل ما يتعلق بالنقل والإطعام والسكن، على اعتبار أن هناك فئات عريضة من الأسر تحجم عن تدريس أبنائها لأسباب مادية محضة».

وشدد جدري على أنه يجب العمل بقوة على إستراتيجية «الفرصة الثانية» وهي التي تصبو إلى منح تكوينات للشباب الذين انقطعوا باكرا عن سوق الشغل من أجل تطوير مهاراتهم المعرفية، والمهنية بغاية الحصول على فرص شغل، مؤكدا أنه «على الحكومة العمل على تدعيم المقاولات الصغير جدا والصغيرة ومنحها فرص الاستثمار من أجل تمكينها من خلق فرص الشغل واحتواء فئات الشباب ما بين 15 سنة و35 سنة»، وأضاف أنه من الواجب على الحكومة الاشتغال على إخراج قانون خاص بالتدريبات، من أجل فتح المجال أمام فئة عريضة من الشباب لغاية الحصول على تداريب تقوي مهاراتها المهنية وتساعد في إدماجها في سوق الشغل، مبرزا أنه «لا يعقل اليوم، ونحن في عصر التكنولوجيات الحديثة، ألا يتم تطوير هذه التكنولوجيات من أجل التكوين عن بعد لفئات عريضة من الشباب وتقوية المهارات اللغوية والحياتية لهم»، على حد تعبير جدري.

وأضاف جدري على أنه يجب تعزيز البرامج الثقافية والرياضية لصالح الشباب «وفتح المجالات لتأطير الشباب من هذا المدخل الثقافي، حتى يصبح مدخلا من مداخل التشغيل»، على حد تعبير الخبير الاقتصادي، الذي قال إن «السياسات العمومية المخصصة للشباب قاصرة ولا تلبي المنتظر منها، لذلك وجب الاشتغال على سياسية عمومية صلبة موجهة للشباب ومبنية عن دراسات واستقراء لهؤلاء الشباب وانتظاراتهم، تكتسي فعالية كبيرة وتتعزز بموارد مالية مهمة، في أفق النزول عن عتبة 1.5 مليون شاب لا يتعلمون ولا يشتغلون ولا يحصلون على أي تكوين سنة 2026 أو 2027 على أبعد تقدير».

عتيق السعيد *أستاذ القانون العام والعلوم السياسية بجامعة القاضي عياض مراكش- محلل سياسي

لعتيق السعيد*:

«تفعيل رؤية النموذج التنموي والتعجيل بإحداث المجلس الاستشاري للشباب أولويات لتمكين فعلي للشباب»

 

 

– كيف يُنظر بشكل عام إلى مكانة الشباب في التوجهات الكبرى للسياسة العامة للدولة؟

 

حظيت إشكالية تمكين الشباب في المجال السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي باهتمــام كبير في التوجهات الكبرى للدولة، بحيث شكلت الأولوية ضمن توصيات الخطب والرسائل الملكية السامية، الداعية إلى ضرورة الانعكاف على إيجاد حلول جادة تتسم بالفعالية والاستدامة بغية إعطاء فرص أكبر وتسهيل إشراك فئة الشباب باعتبارها المدخل الأساس والمحوري للارتقاء بالمسار التنموي وتحقيق الرخاء بالبلاد.

ويعد موضوع الشباب وسؤال فرص الاندماج الاقتصادي والاجتماعي من المواضيع التي سلط تقرير النموذج التنموي الجديد الضوء عليها في مقاربة متعددة الجوانب، بحيث شكلت توجها استراتيجيا للنموذج التنموي، بالإضافة إلى العديد من المبادرات القطاعية عملت بجهد جهيد على تقديم برامج وخطط تدعم سبل تحفيز هذه الفئة وخلق فرص لها من أجل الدفع بعجلة التنمية. لكن، رغم كل هذه المحاولات التدبيرية، ظلت فئة الشباب تفتقر لخارطة طريق واضحة ودقيقة مبنية على المدى القريب، فضلا عن أن القطاعات المعنية مطالبة بمواصلة برامجها الإصلاحية دون توقف أو انتظار تحقيقا لوتيرة أسرع لآليات الاندماج الاقتصادي والاجتماعي على نحو يغطي احتياجات الشباب ومتطلباتهم.

فئة الشباب تحتل بكل تأكيد مكانة بارزة في المجتمعات بشكل عام والمغرب بشكل خاص، وتعد القاعدة الأساسية في النسـيج الديمغرافي للساكنة، وهي ثروة حقيقية لرفع تحديات استكمال بناء المغرب الحديث، وبالتالي من الضروري استغلال هذه الطاقات البشرية بهدف تطوير سياسات تهم حاضر ومستقبل الشباب من خلال وضع استراتيجية مندمجة والتفكير في أنجع السبل للنهوض بوضعهم وتجويد نمط عيشهم، ولكي يستقيم هذا التوجه ينبغي أن تكون هناك رؤية استشرافية تضع في الاعتبار كل ما من شأنه توفير الظروف الملائمة لتمكينها في مختلف البرامج السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

تمكين الشباب يدفع إلى إتاحة آفاق واعدة للتنمية البشرية، وبالتالي بات من الضروري العمل على المزيد من الحلول الفعالة لأن هذا التوجه هو تكريس ميداني لمبادئ العدالة الاجتماعية والمجالية. هنا لابد من استحضار خطاب جلالة الملك، بمناسبة الذكرى الخامسة والستين لثورة الملك والشعب، الذي أكد فيه جلالته على أن تمكين الشباب من الانخراط في الحياة الاجتماعية والمهنية ليس امتيازا لأن من حق أي مواطن، كيفما كان الوسط الذي ينتمي إليه، أن يحظى بالفرص والحظوظ نفسها من تعليم جيد وشغل كريم.

 

وماذا عن الشباب من منظور تصورات تقرير النموذج التنموي ورأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي؟

 

رؤية النموذج التنموي الجديد واقعية تعكس نهج مرجعية جديدة للتنمية بالمغرب، وتفضي إلى إحداث توجه تنظيمي يكرس، في الوقت ذاتخ، التفاعل والتكامل بين دولة مؤسساتية مستثمرة ومجتمع حيوي متماسك، وبالتالي فإن تصورات النموذج التنموي تحفز على إطلاق دينامية جديدة للشباب وخلق الثروة تمكن من إدماج هذه الفئة في جميع المجالات التي تستلزم تعبئة إمكانات الدولة وتغتنم كافة الفرص المتاحة، باعتبارها دعامة لمغرب مزدهر قائم على رؤية اجتماعية شاملة بأبعاد متعددة ترتكز في المقام الأول على تنمية العنصر البشري وتحقيق الازدهار المجتمعي.

وبالرجوع إلى تصورات النموذج التنموي نجد أن التقرير أكد، في محوره المتعلق بتمكين الشباب، على أن المستوى الديمغرافي يتوقع أن يصاحب نمو الساكنة النشيطة تزايد مضطرد لعدد الشباب الباحثين عن عمل، ما يولد ضغوطا إضافية على سوق الشغل، وبالتالي العمل على خلق تحول اقتصادي حاضن لنمو أكبر وقادر على خلق مناصب متعددة في سوق الشغل ذات جودة، وذلك بغية تنويع مصادر خلق القيمة المضافة وضمان إدماج الساكنة النشيطة، وفي مقدمتها الشباب.

تصورات النموذج التنموي كانت صريحة وواضحة داعية إلى اندماج الشباب وتنميتهم من خلال مضاعفة فرص وقنوات المشاركة في كل ما من شأنه تسهيل آفاق اندماجهم في سوق الشغل، بالإضافة إلى خلق آليات تشجيع إدماج الشباب وتنمية شخصيتهم عبر الرفع من فرص وسبل المشاركة المتاحة لهم، كلها ستساهم في التنمية التي محورها الأساس شباب متحرر ومزدهر وكفء يتحلى بروح المواطنة والمبادرة وينمي ذاته ويحقق طاقاته ويساهم في تنمية مجتمعه.

إن تصور النموذج التنموي للشباب يقوم على اعتماده مقاربة تشاركية متعددة الأبعاد، فقد قدم النموذج التنموي الجديد تشخيصا وتقييما صريحا وشفافا للأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، كما أخذ تدارس التحديات والمتغيرات في الساحة الوطنية، وبالتالي نحن أمام تصور واقعي لتمكين الشباب، وبذلك يكون تصور لجنة النموذج التنموي مرآة عاكسة لهذه الفئة سواء تعلق الأمر باحتياجاتها الآنية أو ارتبط بتطلعاتها المستقبلية.

 

– ماذا بخصوص تنزيل المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي؟

 

بداية لا بد من الإشارة إلى أن دسترة المجلس الاستشاري للشباب تعد قيمة مضافة كبيرة لكل مكونات المجتمع بشكل عام وللشباب بشكل خاص، بالإضافة إلى أهمية السياق الوطني والإقليمي الذي جاء فيه، سيما والحركات الاحتجاجية التي رفع من خلالها الشباب شعار إسقاط الفساد والمطالبة بتمكينهم من صناعة القرار، وهو ما تحقق حيث تم إقرار مؤسسة دستورية تعنى بفئة الشباب والعمل الجمعوي تفعيلا للديمقراطية التشاركية.

لكن، في المقابل، يبقى السؤال الذي لازال يطرح نفسه هو ألم يحن الوقت لإخراج هذا المجلس إلى أرض الواقع والانتقال به من النص إلى التطبيق؟ على غرار مؤسسات دستورية قدمت بشكل مشهود به، الشيء الكثير تجويدا لأداء الحكومات والمؤسسات والقطاعات الحيوية بالدولة، زيادة على أن العمل بالمجلس الاستشاري، سيما في هذا السياق السياسي والاجتماعي، سيكون له دور هام مبدئيا في الرفع من طموحها الدستوري من جهة، ومن جهة ثانية في الدفع القوي بها في مختلف المجالات، بما يوازي حضورها وحركيتها وكفاءتها العلمية والعملية، ومنه لجعلها في صُلب اهتمام التدبير السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي.

إنّ الحاجة إلى إحداث المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي تبرز بشكل قوي في سياق تتسع الفوارق الاجتماعية والمجالية وتزداد البطالة في صفوف الشباب، وغيرها من المعيقات التي تحول دون التمكين الفعلي لهذه الشريحة المحورية من المجتمع في مختلف المجالات، ناهيك عن أن الوثيقة الدستورية تمضي نحو تجاوز عشريتها الأولى، التي فتحت المجال لجعل الشباب العمودَ الفقري للتنمية.

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى