شوف تشوف

الرئيسيةتقاريرخاص

الشركات الجهوية.. نهاية عقود التدبير المفوض

شركات فرنسية وإسبانية عمرت لعقود تستعد لمغادرة المغرب

إعداد: النعمان اليعلاوي

 

ستشهد المرحلة المقبلة في المغرب تسارعاً في تنفيذ الشركات الجهوية متعددة الخدمات في قطاع الماء والكهرباء (SRM)، ما سيضع حداً لتجربة التدبير المفوض التي استمرت لفترة طويلة في المملكة، والتي كانت بدأت في العقد التسعيني بحالة الدار البيضاء مع شركة ليديك الفرنسية، وعلى يد الوزير السابق للداخلية، إدريس البصري، ليتم توسيعها لتشمل مناطق الرباط- سلا مع ريضال، ومنطقة طنجة وتطوان مع شركة أمانديس.

يتوسط قطاع توزيع الماء والكهرباء والصرف الصحي الحاجة لتلبية احتياجات المواطنين المتزايدة وضرورة تحقيق الاستثمارات الهامة التي تضمن تقديم خدمة عامة عالية الجودة للمستخدمين، فيما تحاول الحكومة توجيه هذا القطاع نحو إدارة موحدة للخدمات العامة، خاصة مع التركيز المتزايد على القدرات الأساسية للمكتب الوطني للكهرباء والماء.

وأكد وزير الداخلية عدة مرات أن حقوق العمال المكتسبة ستُحفظ، حيث سيتم نقل الأطر العاملة من المؤسسات الحالية إلى الشركات الجديدة وفقًا لتعهد الدولة. وتتطلب هذه الخطة إقامة إطار إداري مستقل للحفاظ على كفاءة الاستثمارات العامة وتحقيق التنسيق والتكامل بين جميع الجهات المعنية. وتعبر هذه الخطة، أيضا، عن التحول الإيجابي نحو تحسين جودة الخدمات المحلية وتعزيز التنمية المستدامة في جميع أنحاء المملكة المغربية.

 

الشركات الجهوية.. تفاصيل المشروع

حسمت الحكومة في تمرير القانون المتعلق بإحداث شركات جهوية متعددة الخدمات، سيُعهد لها تدبير خدمات توزيع الماء الصالح للشرب والكهرباء والتطهير السائل، والإنارة العمومية عند الاقتضاء، وبموجب هذا النص، الذي من المرتقب أن يناقشه البرلمان بعد إحالته من طرف الحكومة، سيتم إحداث 12 شركة جهوية ستعمل على تدبير هذه الخدمات، ما يعني نهاية مرحلة التدبير المفوض لها لفائدة القطاع الخاص بشكل كامل.

وبحسب تفاصيل مشروع القانون رقم 83.12 الذي أعدته وزارة الداخلية، سيتم بشكل تدريجي على صعيد كل جهة، وبمبادرة من الدولة، إحداث شركة مساهمة تحمل اسم «الشركة الجهوية متعددة الخدمات»، تخضع لأحكام هذا القانون ولأحكام القانون رقم 17.95 المتعلقة بشركات المساهمة.

تتمثل أهداف هذه الشركات في تدبير مرفق توزيع الماء الصالح للشرب والكهرباء والتطهير السائل، والإنارة العمومية عند الاقتضاء، أو تتبع تدبير هذا المرفق، وذلك في حدود مجالها الترابي بناء على عقد التدبير المبرم مع الجماعات الترابية أو مؤسسات التعاون.

وتؤهل الشركة للقيام بجميع الأنشطة والعمليات الصناعية والتجارية والعقارية والمالية ذات الصلة بغرضها الرئيسي، كما يمكن أن تؤهل بموجب عقد التدبير لتحصيل الرسوم أو الأتاوى أو الأموال أو المساهمات أو الفواتير لحساب الجماعة أو الدولة أو لحسابها الخاص، حسب الحال.

وعلاوة على الدولة، يجوز للمؤسسات والمقاولات العمومية، وكذا الجماعات الترابية ومجموعاتها للتعاون، أن تساهم في رأسمال الشركة. ويفتح المجال أيضاً للقطاع الخاص، على ألا تقل مساهمة الدولة عن 10 في المائة، ولا تكون مقررات الجماعات الترابية ومجموعاتها ومؤسسات التعاون المتعلقة بالمساهمة في رأسمال الشركة قابلة للتنفيذ إلا بعد التأشير عليها من لدن وزارة الداخلية.

وتستفيد هذه الشركات، أيضاً، من جميع الحقوق والامتيازات الواردة في النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل لفائدة المستثمرين أو منعشي المشاريع الصناعية.

وتشير المقتضيات ذاتها إلى أن عقد التدبير بين الجماعة والشركة الجهوية يكون لمدة محددة قابلة للتجديد، وتراعى فيها طبيعة المهام المسندة للشركة ومداخيل الاستثمارات المزمع إنجازها. ويجب على الشركة أن تحدث تمثيليات للقرب على الأقل على مستوى كل عمالة أو إقليم يدخل ضمن مجالها الترابي، تتوفر على الوسائل والصلاحيات الضرورية لضمان جودة خدمات القرب الموكولة إلى الشركة بمقتضى عقد التدبير.

 

المكتب الوطني للكهرباء.. الانتقال السلس

بحسب مقتضيات النص الجديد، ستنقل إلى الجماعات المشمولة بعقد التدبير مع الشركة الجهوية العقارات والمنقولات التابعة للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، كما ستتولى الشركة الجهوية تدبير المرافق موضوع عقد التدبير، التي كان معهوداً بها إلى المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، وإلى الوكالات المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء، قبل دخول عقد التدبير حيز التنفيذ.

وابتداءً من دخول عقد التدبير الجديد حيز التنفيذ، تنتهي تلقائياً مهام المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب والوكالات الجهوية في تدبير المرافق، على أن تحل الشركة الجديدة محل المكتب والوكالات في الالتزامات والحقوق المترتبة على العقود السابقة.

وسينقل المستخدمون التابعون للمكتب والوكالات المستقلة في الجماعات الترابية المعنية إلى الشركة الجديدة، على ألا تكون وضعيتهم أقل من الوضعية السابقة، سيما في الأجور والتعويضات والتغطية الصحية والتقاعد. وعلى الشركة أن تتحمل، حسب نطاقها الترابي، العجز السنوي المحتمل في صناديق التقاعد الخاصة بمستخدمي قطاع التوزيع بالمكتب والوكالات.

المقتضيات سالفة الذكر تعني أن المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب لن يتدخل مستقبلاً في تدبير هذه المرافق على المستوى الترابي، بحيث سينحصر دوره في إنتاج ونقل وتوزيع الكهرباء والماء الصالح للشرب لفائدة المدبرين لهذه المرافق على الصعيد الترابي.

 

التدبير المفوض.. نهاية التجربة

تسريع تنفيذ شركات الجهات المتعددة الخدمات (SRM) سيضع حداً لتجربة طويلة من الإدارة المفوضة في المغرب، بعد ليديك في التسعينات بالدار البيضاء، أراد الوزير السابق للداخلية، إدريس البصري، توسيع هذا النمط الجديد للإدارة الذي كان يثمر في مناطق الرباط- سلا، مع ريضال، وفي طنجة وتطوان أمانديس.

اليوم، يجب على هذه الشركات أن تغادر عند انتهاء عقودها التي لن يتم تجديدها، بالنسبة لليديك، فإن ذلك سيكون في عام 2027، حيث إنه بعد الفيضانات التي ضربت الدار البيضاء في منتصف التسعينات والتي شلت الحركة في المدينة، كان يتعين القيام بشيء عاجل، وكان، في هذا السياق، تم منح الإدارة المفوضة للشركة الفرنسية ليديك، دون طرح مناقصة أو استشارة للمنتخبين في العاصمة الاقتصادية، كان ينبغي التصدي بأسرع ما يمكن للفيضانات التي أغلقت الشوارع والأحياء بأكملها والمناطق الصناعية. تلت ذلك الرباط- سلا ومنطقتها المسندة إلى ريضال، وهو تحالف إسباني- برتغالي.

وتواجه قطاعات توزيع الماء والكهرباء والصرف الصحي ضغطًا كبيرًا بين الحاجة لتلبية احتياجات المواطنين المتزايدة والحاجة إلى تحقيق الاستثمارات الضخمة التي تضمن خدمة عامة ذات جودة عالية للمستخدمين. وفي ما يتعلق بقطاع توزيع الماء والكهرباء والصرف الصحي، تمت خطوات لضمان تقديم خدمات ممتازة للمواطنين وتحقيق الاستثمارات الضرورية.

وفي ما يتعلق بوزارة الداخلية، سيتم توقيع عقد إدارة مع الشركة الإقليمية متعددة الخدمات لمدة معينة قابلة للتجديد، وسيأخذ هذا العقد في الاعتبار طبيعة المهام المكلفة للشركة وتسديد الاستثمارات التي يجب تحقيقها، وبموجب المادة 7 من القانون الخاص بإنشاء الشركات الإقليمية متعددة الخدمات، يجب عليها إنشاء تمثيليات محلية.

مع بدء سريان الشركات الإقليمية متعددة الخدمات، تشتتت خدمات توزيع الماء والكهرباء والصرف الصحي حاليًا بين عدة جهات، مثل شركات الإدارة المفوضة والمؤسسات العامة والبلديات. وترغب السلطات العامة في توحيد إدارة هذه الخدمات العامة، خاصة أن الشركة الوطنية لتوزيع الماء والكهرباء (ONEE) ستركز على نشاطها الأساسي.

بالإضافة إلى ذلك، أكد وزير الداخلية عدة مرات أن الحقوق المكتسبة للموظفين ستحفظ، مع وصول هذه الشركات الجديدة، غير أن هناك مخاوف بشأن مصير موظفي الشركة الوطنية لتوزيع الماء والكهرباء والصرف الصحي وشركات التدبير المفوضة والمؤسسات العامة، وإن كان من المعروف أن فروع هذه الجهات سيتم نقلها إلى الشركات الجديدة، وفقًا لتعهد حكومي صارم وسيتم تأكيد هذا التعهد في اتفاق تبرمه الحكومة مع نقابات الموظفين.

ويتطلب التعامل مع تهديدات الانقطاع عن هذه الخدمات إنشاء إطار إداري منفصل، يضمن فعالية الاستثمارات العامة، وتكامل دوائر التوزيع، بالإضافة إلى التنسيق والتكامل بين الجهات المعنية. هذا هو المنطق الذي استندت إليه وزارة الداخلية في تسجيل هذا المشروع الكبير.

 

 

 

مؤطر /   شركات التدبير المفوض ..

ليديك (الدار البيضاء والنواحي)

ليديك شركة مغربية تابعة لشركة سويز الفرنسية متعددة الجنسيات، حصلت على عقد لأكثر من 30 عاما في ظروف مثيرة للجدل من قبل إدريس البصري عام 1997. قدرت أرباحها، نهاية دجنبر 2015 ، بـ6934 مليون درهم وقوتها العاملة 3600 موظف. وتتضمن نشاطات الشركة الكهرباء، الماء والصرف الصحي بمدينة الدار البيضاء.

 

ريضال (الرباط- سلا والنواحي)

تم إطلاق شركة ريضال لتوزيع الكهرباء والماء، المعروفة باسم «ريضال الرباط»، سنة 2006، وهي فرع تابع للشركة الفرنسية العالمية «فيوليا». يمثل الحفاظ على التنمية الحضرية والسياحية والاقتصادية تحديًا كبيرًا لهذه الشركة، لأنها مسؤولة عن التدبير المفوض لثلاثة مجالات اجتماعية أساسية، هي الصرف الصحي، توزيع الماء والكَهرباء. لها بنيات تحتية وشبكات تطهير كبيرة بطول 2139 كلم، وشبكة خطوط لنقل الكهرباء للمنازل والشركات بطول 7250Km في مدينة الرباط وسلا وبعض المناطق الجهوية.

 

أمانديس (طنجة – تطوان والنواحي)

تعتبر شركة أمانديس من الشركات الأساسية لتوزيع الماء والكهرباء بمدينة طنجة، لأنها الشركة المكلفة بتدبير الصرف الصحي وتوزيع الكهرباء والماء، حيث إنها عبارة عن فرع تابع للشركة العالمية الفرنسية فيوليا – مغرب. أنشئت سنة 2002 وهي شركة خدمات عامة تنشط في ثلاثة مجالات: توزيع الكهرباء، الماء وجمع ومعالجة مياه الصرف الصحي لفائدة ما يقارب 1.8 مليون من سكان منطقة طنجة وتطوان كما توفر الشركة 2200 منصب عمل.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى