شوف تشوف

الرئيسيةالملف السياسيسياسية

العلاقات المغربية الخليجية.. آفاق واعدة لشراكة استثنائية

الزيارة الملكية للإمارات العربية المتحدة.. نفس جديد في العلاقات الثنائية

اكتسبت علاقات المغرب بدول مجلس التعاون الخليجي في عهد الملك محمد السادس، زخما كبيرا، ارتقى بها إلى مستوى شراكة شاملة، متجددة وذات بعد استراتيجي.

ولا شك أن المسار التاريخي والروابط الحضارية والثقافية، التي تستند إليها علاقات الجانبين، رغم بعدهما الجغرافي تشكل صمام أمان لرسوخ هذه العلاقات، وضمان مناعتها خدمة للمصالح المشتركة.

فعلى الرغم من الإكراهات الجغرافية، فإن نمو وتطور العلاقات المغربية الخليجية يغذيه وحدة التصور، التي تعكسها مواقف الدعم والتآزر المتبادل.

وبرأي الخبراء، تظل العلاقات المغربية الخليجية، والشراكة الاستراتيجية التي تجمع بينهما، نموذجا راقيا لما يجب أن تكون عليه العلاقات بين الأشقاء، معتبرين أن هذه الشراكة خاصة في جانبها الاقتصادي، لازالت في حاجة إلى مزيد من التطوير والتنويع تعزيزا للتكامل بين الطرفين اللذين يجمعهما مصير مشترك وتواجههما تحديات مختلفة. ويتطلع المغرب، الذي أنجز خلال العقدين الأخيرين، أوراشا ومشاريع مهيكلة ضخمة ومتنوعة، تنضاف إلى حضوره القوي على الصعيدين الإفريقي والأوروبي، إلى النهوض بشراكته مع دول الخليج على كافة المستويات.

 

إعداد: النعمان اليعلاوي

دعم خليجي للوحدة الترابية للمغرب

اكتسبت علاقات المغرب بدول مجلس التعاون الخليجي، في عهد صاحب الجلالة الملك محمد السادس، زخما كبيرا ارتقى بها إلى مستوى شراكة شاملة، متجددة وذات بعد استراتيجي.

ولا شك أن المسار التاريخي والروابط الحضارية والثقافية، التي تستند إليها علاقات الجانبين، رغم بعدهما الجغرافي، تشكل صمام أمان لرسوخ هذه العلاقات وضمان مناعتها خدمة للمصالح المشتركة.

فعلى الرغم من الإكراهات الجغرافية، فإن نمو وتطور العلاقات المغربية- الخليجية تغذيه وحدة التصور التي تعكسها مواقف الدعم والتآزر المتبادل.

وبرأي الخبراء، تظل العلاقات المغربية- الخليجية، والشراكة الاستراتيجية التي تجمع بينهما، نموذجا راقيا لما يجب أن تكون عليه العلاقات بين الأشقاء، معتبرين أن هذه الشراكة، خاصة في جانبها الاقتصادي، لازالت في حاجة إلى مزيد من التطوير والتنويع تعزيزا للتكامل بين الطرفين اللذين يجمعهما مصير مشترك وتواجههما تحديات مختلفة.

ويتطلع المغرب، الذي أنجز، خلال العقدين الأخيرين، أوراشا ومشاريع مهيكلة ضخمة ومتنوعة، تنضاف إلى حضوره القوي على الصعيدين الإفريقي والأوروبي، إلى النهوض بشراكته مع دول الخليج على كافة المستويات.

 

توجه ملكي نحو علاقة استثنائية

في خطاب أمام القمة المغربية – الخليجية المنعقدة بالرياض خلال العام 2016، أكد الملك محمد السادس، على ما اعتبره «روابط قوية بين المغرب والدول الخليجية، لا ترتكز فقط على اللغة والدين والحضارة، وإنما تستند، أيضا، على التشبث بنفس القيم والمبادئ، وبنفس التوجهات البناءة».

وأكد الملك محمد السادس، في الخطاب ذاته، على أن الشراكة الاستراتيجية المغربية- الخليجية، «هي نتاج مسار مثمر من التعاون»، مشيدا بـ«التعاون الأمني والاستخباراتي المتواصل»، على سبيل المثال، فيما أكدت القمة ذاتها على ضرورة «تشكيل تكتل استراتيجي موحد».

ويرتبط المغرب باتفاق للتعاون الاستراتيجي مع دول مجلس التعاون تم توقيعه في الرياض عام 2012، ويشمل مجالات التعاون السياسي والاقتصادي والاستثماري والتجاري والسياحي والأمني والثقافي والعلمي، وهي الاتفاقية التي شملها قرار التمديد إلى سنة 2024، وذلك عقب لقاء عقدته الخارجية المغربية، عن بعد، مع كبار الموظفين في وزارات الخارجية لدول مجلس التعاون الخليجي، خلال بداية شهر فبراير2021.

العلاقات المغربية- الخليجية القوية والمثمرة تجلت أكثر وبوضوح في إعلان الدول الخليجية دعمها الواضح لقضية الصحراء المغربية، وظل موقف دول الخليج ثابتا في الزمن، حتى أنه، في عز الخلاف بينها، تم الحفاظ على الموقف نفسه إزاء الصحراء المغربية، وجرى الحفاظ على المكانة المرموقة نفسها للملك محمد السادس لدى الدول الخليجية.

في شهر يناير 2021، أكد قادة دول الخليج، في بيان «قمة المصالحة» الخليجية، خاصة بين السعودية وقطر، على أهمية الشراكة الاستراتيجية بين دول مجلس التعاون الخليجي والمغرب. وجدد المجلس الأعلى لمجلس التعاون الخليجي تأكيده على مواقفه وقراراته الثابتة في دعم سيادة المغرب ووحدة أراضيه، معربا عن تأييده للإجراءات التي اتخذتها المملكة لإرساء حرية التنقل المدني والتجاري في المنطقة العازلة للكركرات في الصحراء المغربية، وهو الموقف الذي أكد عليه الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، نايف فلاح الحجرف، خلال مباحثات، عبر تقنية الاتصال المرئي، مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة.

 

 

دعم الوحدة الترابية للمملكة

جدد قادة دول مجلس التعاون الخليجي، بالدوحة، التأكيد على مواقفهم وقراراتهم الثابتة الداعمة لمغربية الصحراء والحفاظ على أمن واستقرار المملكة المغربية ووحدة أراضيها.

وأكد القادة المشاركون في أعمال القمة الرابعة والأربعين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، التي انعقدت في الدوحة برئاسة قطر، في البيان الختامي للقمة، على أهمية الشراكة الاستراتيجية الخاصة بين مجلس التعاون والمملكة المغربية وتنفيذ خطة العمل المشترك. مشيدين بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2703 الصادر بتاريخ 30 أكتوبر الماضي الصحراء المغربية.

ويعزز القرار الدولي الرؤية والخيار الاستراتيجيين للعاهل المغربي الملك محمد السادس، لفائدة التفاوض والتسوية السلمية للنزاعات ونهج سياسة اليد الممدودة، وفق ما أكده مندوب المغرب الدائم لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، في تصريح سابق.

ويعني الدعم الخليجي للقرار 2703 دعما لرؤية الملك محمد السادس لحل النزاع في الصحراء المغربية وفقا لمقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.

وليست هذه المرة الأولى التي يعلن فيها قادة دول مجلس التعاون الخليجي دعمهم لمغربية الصحراء، فمنذ سنوات تجمع القمم الخليجية، في بيانها الختامي أو في تصريحات قادتها، على تأييدهم للوحدة الترابية للمملكة المغربية وتأكيدهم على العلاقات الاستراتيجية مع المغرب.

واكتسبت العلاقات بين الطرفين زخما كبيرا منذ اعتلاء الملك محمد السادس العرش خلفا لوالده الراحل الملك الحسن الثاني وعمل على الارتقاء بها إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة.

وفي دجنبر من العام 2021، أكد المجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية على مواقفه وقراراته الثابتة الداعمة لمغربية الصحراء والحفاظ على أمن واستقرار المملكة المغربية ووحدة أراضيها.

وأثنى المجلس، حينها، على قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2602 الصادر بتاريخ 29 أكتوبر 2021 بشأن الصحراء المغربية.

وفي العام 2016 أيد قادة دول مجلس التعاون الخليجي المغرب في خلاف، حينها، مع الأمم المتحدة في عهد أمينها العام الراحل بان كيمون الذي أبدى، وقتها، انحيازا لطروحات جبهة البوليساريو الانفصالية وخرج عن مبدأ الحياد الذي تقتضيه المواثيق والأعراف الدولية وقوانين ومواثيق الأمم المتحدة.

وجاء التأييد الخليجي للمملكة المغربية، حينها، في ما وصفت بأسوأ أزمة دبلوماسية بشأن قضية الصحراء منذ اتفاق وقف إطلاق النار في العام 1990، وهو الاتفاق الذي خرقته بوليساريو في أكثر من مناسبة.

وقال العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، حين استقبل الملك محمد السادس في تلك الفترة، «أود أن أؤكد باسمي واسم إخواني حرصنا الشديد على أن تكون علاقتنا مع بلدكم الشقيق (المغرب) على أعلى مستوى في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والأمنية وغيرها، مؤكدين تضامننا جميعا ومساندتنا لكل القضايا السياسية والأمنية التي تهم بلدكم الشقيق وفي مقدمتها قضية الصحراء المغربية ورفضنا لأي مساس بالمصالح العليا للمغرب».

ويجدد قادة دول مجلس التعاون الخليجي، في كل مناسبة رسمية وفي قممهم، التأكيد على هذا الموقف الثابت والراسخ، والذي يعكس في مضمونه علاقة وثيقة مع المغرب لا تتأثر بالتغيرات الجيوسياسية.

وفي بيانه الختامي في قمة الدوحة، هنأ المجلس الأعلى للتعاون الخليجي، المملكة المغربية، بمناسبة اعتماد مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) لملف المغرب إلى جانب إسبانيا والبرتغال لتنظيم كأس العالم لكرة القدم 2030.

إعلان شراكة ثنائية استثنائية ومبتكرة بين المغرب والإمارات المتحدة

 

وقع الملك محمد السادس والشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، بأبو ظبي، إعلانا «نحو شراكة مبتكرة ومتجددة وراسخة بين المملكة المغربية ودولة الإمارات العربية المتحدة»، الذي يروم الارتقاء بالعلاقات والتعاون الثنائي إلى آفاق أوسع، عبر شراكات اقتصادية فاعلة، تخدم المصالح العليا المشتركة وتعود بالتنمية والرفاه على الشعبين الشقيقين.

وكان الملك محمد السادس قد قام بزيارة عمل وأخوة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، بدعوة كريمة من الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وهي الزيارة التي تأتي تثبيتا للروابط العميقة بين البلدين الشقيقين، التي أرسى قواعدها الملك الحسن الثاني والشيخ زايد بن سلطان آل نهيان. وخلال مباحثاتهما الثنائية، التي طبعتها ثقة تامة وانسجام كامل في الرؤى حول فرص وإمكانات التكامل والتعاون العملي بين البلدين في إطار تعاضد وتكاتف متبادل، جدد القائدان عزمهما الأكيد والملح على الارتقاء بالعلاقات بين البلدين والتعاون المشترك إلى آفاق أوسع، عبر شراكات اقتصادية فاعلة، تخدم المصالح العليا المشتركة وتعود بالتنمية والرفاه على الشعبين الشقيقين.

وأكد قائدا البلدين على طموح البلدين الشقيقين لإقامة شراكات اقتصادية استراتيجية مشتركة رائدة على مستوى الأسواق الإقليمية والدولية، سيما مع الفضاء الإفريقي. وبناء على رصيد العلاقات الثنائية ونجاح تجربة الاستثمارات الإماراتية في المغرب، ودعما لبرنامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية لسنوات 2024- 2029 ومواكبة لتطور البنية التشريعية والتنظيمية التي تضمن فرص استثمارية واعدة ومناخ أعمال جاذب، قرر قائدا البلدين، حفظهما الله، النية على أساس التوافقات المدونة في هذا الإعلان: العمل على إقامة شراكة مبتكرة ومتجددة وراسخة بين المملكة المغربية ودولة الإمارات العربية المتحدة.

وتهدف الشراكة إلى العمل على ترجمة التكامل بين البلدين إلى تعاضد نوعي واستثمار مستدام، للرقي بعلاقاتهما الثنائية الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والصناعية إلى مستوى روابطهما السياسية والشعبية العميقة، وذلك خدمة لأهداف التنمية والرفاه المشتركة، وإرساء نموذج تعاون اقتصادي واستثماري شامل ومتوازن، منفتح على القطاع الخاص ويعود بالفائدة والتنمية على الجميع، وتفعيل تعاون عملي وملموس، عبر مشاريع مهيكلة تستجيب لمصالح الطرفين، خاصة في القطاعات السوسيو اقتصادية ومجالات البنيات التحتية، والنقل، والماء الموجه للشرب وتنمية القطاع الفلاحي، والطاقة، والسياحة، والمشاريع العقارية، وفي مجالات التكوين والتشغيل.

ويرتكز الطرفان في تعاونهما على مبادئ إعطاء دفعة قوية ومتجددة للشراكة والتنمية الاقتصادية والاستثمارية للبلدين، طبقا لتشريعاتهما سارية المفعول، وكذا التزاماتهما وتعهداتهما الدولية، بالإضافة إلى استحضار المصالح العليا والاهتمامات المشتركة للطرفين، وتثمين الثقة المتبادلة لتحقيق تعاون ملموس يخدم التنمية والمصالح المتبادلة طبقا لمبدأ الربح المشترك، وتفعيل نماذج تعاون عملية ومبتكرة وفقا للتفاهم المشترك، لدعم وتنفيذ المشاريع النوعية وتوفير الدعم المالي لها من خلال تعبئة التمويلات والشراكات بين القطاع العام والقطاع الخاص، ورؤوس الأموال الاستثمارية.

سيعمل الطرفان وفقا لتفاهم مشترك على إعطاء الأولوية لمجالات بحث فرص الاستثمار في مشاريع في مجال البنيات التحتية، منها تمديد خطوط السكك الحديدية، بما في ذلك على وجه الخصوص والأولوية القطار فائق السرعة القنيطرة – مراكش، وتطوير المطارات، بما في ذلك مطارات الدار البيضاء، ومراكش، والداخلة (Dakhla Hub)، والناظور، وتهيئة الموانئ والاستثمار في تدبيرها، خاصة ميناء الناظور/ غرب المتوسط، وميناء الداخلة الأطلسي، وأيضا أي مشاريع ذات الصلة، يتفق الطرفان لاحقا على جدواها.

بالإضافة إلى استكشاف فرص الاستثمار في قطاعات الماء، والطاقة والتنمية المستدامة، من خلال مشاريع تحويل المياه وإنجاز السدود الموجهة للماء الصالح للشرب وللفلاحة، والسدود الكهرومائية الحالية والمستقبلية، والطاقات المتجددة وإنتاج الهيدروجين الأخضر ومشتقاته، ونقل الطاقة، سيما إنجاز واستغلال خطوط نقل الكهرباء، وأي مشاريع ذات الصلة، يتفق الطرفان لاحقا على جدواها.

كما ترتكز الشراكة الثنائية على بحث فرص التعاون الاستراتيجي في مجال الأمن الغذائي، عبر استكشاف إمكانيات الشراكة مع المكتب الشريف للفوسفاط في مجال الأسمدة، وبحث تطوير مشاريع مشتركة في المجالات السياحية والعقارية، خاصة على ساحل البحر الأبيض المتوسط وفي جهتي الداخلة وطرفاية، وبحث التعاون الإنمائي وإمكانيات إنجاز مشاريع سوسيو اقتصادية، تمثل في فرص المساهمة في إعادة إعمار وتهيئة المناطق المتضررة من زلزال الحوز؛ واستكشاف إنجاز وتمويل مشاريع في مجال إنشاء المؤسسات التعليمية والجامعية والصحية، ودراسة إنجاز وتمويل مشاريع في مجال الاتصالات والاقتصاد الرقمي؛ وبحث مشاريع أخرى ذات بعد اقتصادي والتعاون في إطار شراكة بين القطاعين العام والخاص.

وإلى جانب هذا، سطرت الشراكة الثنائية استطلاع إمكانيات التعاون في مجال الصناعة والفلاحة والصناعات الغذائية، وتشجيع مساهمة هذه القطاعات في الرقي بالعلاقات الاقتصادية والتجارية؛ بالإضافة إلى دراسة فرص وإمكانيات التعاون في المجال المالي وأسواق الرساميل، وبحث التعاون واستكشاف الآفاق في الشراكة بين الصناديق السيادية والاستثمارية لكلا البلدين، ودراسة إمكانيات التعاون في مجال الشراكة الاقتصادية وتطوير البنيات التحتية والطاقية مع الدول الإفريقية وفقا للنظم القانونية والتشريعية، خاصة في ما يخص مشروع أنبوب الغاز الإفريقي – الأطلسي؛ وتهيئة وتطوير المشروع المندمج للداخلة «Dakhla Gateway to Africa»، بالإضافة إلى إحداث وتدبير أسطول بحري تجاري، أي مشاريع ذات الصلة، يتفق الطرفان لاحقا على جدواها.

كما سيعمل الطرفان عبر المؤسسات المعنية على دراسة المشاريع الاستراتيجية في هذا الإعلان، وستكون المشاريع المشار إليها أعلاه وغيرها، موضوع مذكرات تفاهم خاصة بتفاهم مشترك يحقق رغبات وأهداف الطرفين، وتحدد مواصفات المشروع وأشكال تمويله والحيز الزمني اللازم لتنفيذه وكذا التزامات كافة الأطراف المساهمة فيه. وسيتم دراسة وإبرام هذه المذكرات في أجل لا يتعدى 3 أشهر من تاريخ هذا الإعلان.

وبخصوص تمويل الاستثمارات المنصوص عليها في الإعلان، سيعمل الطرفان على الاتفاق المشترك حول طرق تمويلات المشاريع وفقا للتصورات المحددة بين الطرفين، بمعية شركائهما المحتملين عند الاقتضاء، ويتفق الطرفان على أن هذه التمويلات الاستثمارية ستكون مزيجا بين رؤوس الأموال؛ وقروض تسهيلية؛ وقروض تجارية تنافسية؛ وأدوات تمويل مبتكرة؛ هبات.

وبخصوص آليات التنفيذ والمتابعة، يحدث الطرفان، عبر مذكرة تفاهم خاصة آلية لتنفيذ وتتبع المشاريع التي ستتم برمجتها وفقا لمقتضيات هذا الإعلان، تتكون هذه الآلية من ممثلين عن الطرفين، ويتم تحديد تشكيلتها من قبلهما، حسب الحاجة، تجتمع هذه الآلية في تشكيلة متفق عليها بين الطرفين، بصفة منتظمة، بالتناوب في المغرب والإمارات العربية المتحدة، وترفع تقاريرها إلى الجهات ذات الاختصاص.

  

#image_title

       العمراني بوخبزة*:

«هناك جيل جديد من العلاقات الثنائية المغربية الخليجية»

 

يرى العمراني بوخبزة، أستاذ القانون العام والعلاقات الدولية، أن «العلاقات المغربية- الخليجية علاقة راسخة ومتجددة، ومبنية على أساسات متعددة، منها العلاقات الإنسانية مع قيادات تلك البدان والملك محمد السادس»، موضحا أن «البعد الإنساني له دور كبير في العلاقة النوعية التي تجمع المغرب ببلدان الخليج العربي».

وفي هذا السياق، أوضح بوخبزة أن «مثال التميز هو العلاقة التي تجمع المغرب بدولة الإمارات العربية المتحدة، على اعتبار أن الدولتين لهما وضع خاص في محيطهما القاري، فالمغرب لديه وضعية خاصة في القارة الإفريقية، حيث يحظى بالريادة في مجموعة من الملفات من خلال السياسة التي يتبعها، وهو محط ثقة لدى الشركاء الأفارقة، وهي الوضعية نفسها لدى الإمارات على مستوى القارة الآسيوية، وهي التي تحتل موقعا مهما وتضطلع بأدوار متعددة في تلك القارة، وبالتالي يمكن اعتبار أن هناك رغبة في تقوية هذه الأدوار من خلال تقوية الشراكة بين البلدين»، حسب بوخبزة.

وأشار المتحدث ذاته إلى أن «التحول الذي وقع في نوعية العلاقة بين المغرب وبلدان الخليج العربي، يترجم أن هناك جيلا جديدا من العلاقات الثنائية خصوصا بين المغرب والإمارات، وهي العلاقات التي تتجاوز ما هو استراتيجي، في أفق اندماج بنوع ما، على اعتبار أن الاتفاقيات المبرمة تحمل نوعا من الإبداع والابتكار»، مشددا على أن «هذه العلاقة تحمل نوعا من التكامل بحيث إن الطرفين يحققان فوائد كثيرة من هذه الاتفاقيات، من خلال تقوية المغرب لبنيته التحتية وتحقيق قفزة نوعية في مجموعة من القطاعات، فيما ستحقق الإمارات أرباحا من خلال صناديقها السيادية، على اعتبار أنها تراهن على الاستثمار في مناطق متعددة بالعالم، والمغرب من الدول العشر الأولى التي تحظى بأولية الاستثمارات الخارجية للإمارات».

وأبرز أستاذ العلاقات الدولية أن «هذه الشراكة والاتفاقيات ترتكز على منطق رابح- رابح، على اعتبار أن البلدين يحملان رؤية استراتيجية، فالمغرب يشتغل وفق رؤية استراتيجية من خلال النموذج التنموي في أفق 2035، وكذلك الإمارات لها رؤية في أفق 2031، وهذه الخطوات تصب في هذه الرؤى الاستراتيجية للمستقبل».

وبين بوخبزة أن «هناك العديد من الأسس والأهداف التي تنبني عليها الشراكة المغربية- الإماراتية، منها على الجانب الاقتصادي، حيث يطمح المغرب إلى تحقيق السيادة الغذائية والطاقية والدوائية، وكلها مشاريع تحتاج إلى تمويل، وهذه المجالات تم إطلاق مشاريعها، من قبيل القطار السريع ومشاريع تحلية مياه البحر والموانئ، وكلها تشكل آلية لتحقيق التنمية المنشودة، ناهيك عن أن الصناديق السيادية الإمارتية هي أذرع للاستثمار، والمغرب نموذج لاستقطاب هذه الاستثمارات، كما أنها ستلج القارة الإفريقية من بوابة المغرب، هذا دون إغفال أن إفريقيا أصبحت محط أنظار الدول والاقتصادات الكبرى عبر العالم»، حسب بوخبزة.

وفي الشق السياسي، أشار الباحث الجامعي إلى أن «المغرب لديه رهانات سياسية مرتبطة بقضية الوحدة الترابية للمملكة، وفي هذا الجانب، كانت الإمارات ومازالت أكبر الداعمين للمغرب، حيث كانت من الدول السباقة التي افتتحت قنصلية لها في الأقاليم الجنوبية، كما أن رئيس الدولة، الشيخ محمد بن زايد، كان قد شارك في صغره في المسيرة الخضراء، وهو حدث يحمل العديد من الدلالات. هذا دون إغفال أن المغرب يقف دائما إلى جانب الإمارات في مطالبها الأساسية، خاصة في ما يتعلق بنزاعها مع إيران حول الجزر، والمغرب يدعم الموقف الإماراتي»، مؤكدا على أن «هناك تحولات جيواستراتيجية تحتاج إلى قراءة متأنية والحوار والنقاش الهادئ الذي يتم بين قيادة البلدين ويساهم في بلورة تصورات مشتركة لهذه الملفات أيضا».

#image_title

ثلاثة أسئلة لتاج الدين الحسيني* :

«العلاقات المغربية الخليجية دخلت مرحلة جديدة والتعاون بين الطرفين استثنائي»

 

  • ماهي دلالة الزيارة الأخيرة للملك محمد السادس إلى الإمارات العربية؟

تجب الإشارة إلى أن هذه الزيارة الملكية إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، هي زيارة استثنائية، تشكل منعطفا حقيقا في العلاقات الثنائية بين البلدين، علما أن ما ميز هذه الزيارة هو أن قائدي البلدين وقعا على اتفاقيات استراتيجية للدفع بالعلاقات نحو شراكة استراتيجية مبتكرة ومعمقة، إذ أن كلمة مبتكرة هذه لأول مرة ترد في اتفاقيات ثنائية بين دولتين أو عدة دول، فالابتكار يرتبط هنا في أنها مبتكرة ومبتكرة، فهي نموذج جديد لكن في نفس الوقت تطمح إلى المزيد من الابتكار، وذلك عندما تم الحديث عن كيفية التمويل، فقد تم الحديث عن قروض بفوائد ميسرة، وعلى وسائل جديدة في التمويل، وهذا يظهر أن هناك رغبة صادقة لدى الطرفين في المرور إلى الدرجة العليا في هذه العلاقات في أقرب وقت ممكن، كما نلاحظ أن هذه الاتفاقيات قد شملت ميادين متعددة وكادت تغطي كل الميادين والأوراش التي يعرفها المغرب، بدءا بالقطار السريع الذي يربط بين القنيطرة ومراكش وأيضا إمكانية التمويل لإعادة البناء في منطقة الحوز التي شهدت زلزالا في شتنبر الماضي، وقد لاحظنا أن الإمارات كانت حاضرة في عملية الإنقاذ، وهي اليوم ستكون حاضرة بقوة في إعادة البناء، بالإضافة إلى الاتفاقيات الكبرى الموقعة والتي تصل إلى 12 اتفاقية والتي تهم الشق المتعلق بالبنى التحتية من مطارات وموانئ الكبرى كمناء الناظور وميناء الداخلة الذي يشكل عنصرا وسيطا بين غرب إفريقيا وشمال إفريقيا، وكذلك في ميدان الاتصالات وأيضا في ميدان الطاقة النظيفة وخاصة الهيدروجين الأخضر الذي ستشارك الإمارات في تمويل المشاريع المرتبطة به، ولكن الأكثر من هذا أن هذه الاتفاقيات والمشاريع المعنية تجاوز الإطار الثنائي المغربي الإماراتي، كما هو الشأن بمشروع أنبوب الغاز من المغرب ونيجيريا وصولا إلى أوروبا، نلاحظ أن الإمارات دخلت على الخط واعتبرت أنها ستساهم في هذا المشروع، وهو المشروع الذي ليس بالسهل، لكونه يتطلب ما يفوق 25 مليار دولار في عملية التمويل، وحضور الإمارات سيسهل عملية التمويل، وأيضا سيلقي ثقلا كبيرا من الثقة في المشروع لدعم استقطاب ممولين آخرين من الأسواق الدولية، وبالتالي نلاحظ هذه الصبغة الشمولية من الاتفاقيات لا يمكن إغفال قيمة هذه الاتفاقيات، رغم علاقة التعاون التاريخية التي تجمع البلدين في عهد الراحلين الملك الحسن الثاني والشيخ زايد، لكن اليوم يظهر واضحا أن عملية التعاون لن تكون ظرفية وعابرة، ولن تقتصر على ميادين معينة دون أخرى، بل بصبغة تطبعها الديمومة والاستمرارية والتركيز على البنيات الأساسية التي هي عمق التعاون الثنائي بين الطرفين، وهذا الوجود الإمارتي بهذه الطريقة، يشكل مصدر ثقة كبيرة في الاقتصاد المغربي من شأنها أن تجلب المزيد من الاستثمار، والاقتصاد المغربي لما يتوفر عليه من مؤهلات، هو أهل لهذه الثقة، بسبب الوضعية التي يتميز بها من الاستقرار بالإضافة إلى توفر البنية التحتية والعمالة المؤهلة والتي هي بدورها محط ثقة لدى المستثمرين الكبار في مجالات منها صناعة السيارات، وأيضا في مجال الرقائق الإلكترونية، هذا دون إغفال الامتيازات الجغرافية التي تتوفر للمغرب بحكم تواجده على مقربة من أوروبا وفي أبواب إفريقيا، لذا فهو حلقة الربط بين هذين الطرفين، دون أن ننسى أن المغرب أيضا منفتح على الأسواق من خلال اتفاقيات التبادل الحر التي تجمعه مع الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا وأيضا توفره على الوضعية المتقدمة مع الاتحاد الأوروبي. واعتقد أن المغرب يتوفر فعلا على كل الوسائل القليلة لتحقيق الأهداف الاستثمارية الكبيرة.

 

هل دخلت العلاقات المغربية الخليجية مرحلة جديدة؟

بطبيعة الحال، فالزيارة الملكية الأخيرة للإمارات العربية المتحدة ستشكل قاطرة تدفع بالعلاقات المغربية الخليجية إلى مستقبل أفضل، وقد سبق للمغرب منذ مدة تفوق العشر سنوات، لاحظنا كيف أن بلدان الخليج طلبت رسميا من المغرب الانضمام إلى هذه المنظمة الخليجية، وقد لا حظا أن المغرب اعتبر أن خيار الاتحاد المغاربي هو خيار استراتيجي، وأن التعاون ينبغي أن يستمر مع دول الخليج، لكن ليس في إطار الانضمام إلى المنظمة مباشرة، واعتقد أن الرغبة الخليجية في انضمام المغرب سبق أيضا أن تم التعبير عنها خلال حضور الملك محمد السادس القمة الخليجية سنة 2016، وقد لاحظنا تأييد الدول الخليجية قاطبة لرغبتها في انضمام المغرب للمنظمة، واعتقد أن ما فعلته الإمارات العربية اليوم سيدفع بباقي الدول الخليجية، خاصة قطر والمملكة العربية السعودية، إلى تأكيد التوجه نحو تعاون استراتيجي مع المغرب، هذا دون أن نغفل على المستوى السياسي أن جل البيانات المتوالية للاجتماعات الأخيرة لدول التعاون الخليجي أو أيضا السابقة، قد عبرت عن دعمها لملف الوحدة الترابية للمغرب، كما أن عددا من الدول الخليجية قامت بفتح قنصليات لها في الأقاليم الجنوبية، وبالتالي لا يمكن إغفال أن هذا التعاون مهم بالنسبة للمغرب وأيضا بالنسبة لدول التعاون الخليجي، ناهيك عن كل أوجه التعاون التي تتم مباشرة بين مجلس التعاون الخليجي كمنظمة إقليمية والمغرب.

 

  • ما هي الأبعاد الاستراتيجية لهذه الشراكة المغربية الخليجية؟

إن ما يمكن ملاحظته أن هذا النموذج الجديد من التعاون، سيمنح المغرب جرعات أوكسجين قوية لتدعيم الاستثمار، وهو ما يمكن أن يسهم في القضاء على البطالة التي وصلت مستويات قياسية بالإضافة إلى تمكين المجتمع المغربي من نوع من السلم الاجتماعي والاستقرار، هذا المستوى الداخلي، أما على المستوى الدولي فهذا النوع من التعاون سيجعل المغرب موقعا للالتقاء بالنسبة للبدان الأخرى، بما فيها البدان أو الشركات العابرة للقوميات والتي ترغب في الاستثمار في جميع بقاع العالم، كلما كانت الامتيازات المقارنة متاحة، والمغرب اليوم سيصبح له رصيد قوي عن طريق هذه المرافق الكبرى التي ستنتعش، خاصة المطارات الكبرى والموانئ والقطار السريع، وهي التي ستجعل المستثمرين وهم يبحثون عن هذه البنى التحتية، بل إن المغرب من شأنه أن يأخذ موقعه الاستراتيجي ويعززه في الربط بين إفريقيا وأوروبا، هذا دون أن ننسى أن المغرب مقبل على تنظيم كأس العالم بالشراكة مع البرتغال وإسبانيا، والإمارات تقترح أيضا أن تدخل في هذا المجال، ونحن نعلم أن هذه التظاهرة وكل الدول التي نظمتها في السابق استفادت بشكل كبير سواء من الجانب المتعلق بالسياح وأيضا في تأهيل التنمية والبنى التحتية وجلب الاستثمار، وأيضا بالازدهار الداخلي، وسيكون وضع المغرب وامتداداته التي ستظهر من خلال مرور طريق الحرير، الذي ستمده الصين نحو إفريقيا، حيث إن المغرب هو البوابة نحو القارة، وهذا ما عبر عنه الملك في خطاب المسيرة الأخير الذي أشار فيه إلى أن التعاون مع بلدان الأطلسي في إطار منظمة البلدان الإفريقية الأطلسية لن يقتصر فقط على هذه البلدان، بل سيمتد إلى بلدان الساحل التي تواجه الفقر ومحاربة الإرهاب وإكراهات اقتصادية.

 

*أستاذ متخصص في العلاقات الدولية – جامعة محمد الخامس بالرباط  

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى