الرئيسيةصحةن- النسوة

القلق.. آفـة المجتمع المعاصر

يقترح هذا الملحق الجديد ترجمة لمقالات متنوعة مأخوذة عن مجلات عالمية متخصصة في علم النفس. في كل يوم جمعة سنخصص موضوعا لإحدى المشاكل النفسية، وسنقدم مقالات تتعلق بها، مما سيغني رصيد القارئ المعرفي حول المشاكل التي يمكن أن تواجهه في حياته وداخل محيطه الأسري والاجتماعي، فضلا عن التعرف على عدد من الاضطرابات الشخصية بشكل أعمق. كما أن المقالات التي يحررها أخصائيون في علم النفس تقترح حلولا ممكنة للمواضيع المفتوحة بهذا الملحق الأسبوعي.

مقالات ذات صلة

ما هو القلق؟
القلق حالة نفسية وفسيولوجية تتركب من تضافر عناصر إدراكية وجسدية وسلوكية. لخلق شعور غير سار يرتبط عادة بعدم الارتياح والخوف أو التردد. غالبا ما يكون القلق مصحوبا بسلوكيات تعكس حالة من التوتر وعدم الارتياح مثل الحركة بخطوات ثابتة ذهابا وإيابا، أو أعراض جسدية، أو الاجترار.
القلق هو الشعور غير السار المصحوب بالخوف والجزع من أحداث متوقعة، مثل الخوف من الموت، حيث يشعر الشخص بالخوف والهلع عندما يفكر في موته.
والقلق هو حالة مزاجية عامة تحدث من دون التعرف على آثار تحفيزها. على هذا النحو، يختلف القلق عن الخوف، الذي يحدث في وجود تهديد ملحوظ. وبالإضافة إلى ذلك، يتصل الخوف بسلوكيات محددة من الهرب والتجنب، في حين أن القلق هو نتيجة لتهديدات لا يمكن السيطرة عليها أو لا يمكن تجنبها، حيث يكون الشعور بالخوف والقلق وعدم الارتياح معمما في حالة القلق تظهر على شكل مبالغة في رد الفعل اتجاه موقف يراه الشخص مهددا بشكل غير موضوعي. قد يصحب القلق تشنج عضلي، الأرق، التعب والإرهاق ومشاكل في التركيز.
يقول علماء النفس إن القلق هو «حالة مزاجية موجهة نحو المستقبل وفيه يكون الشخص على استعداد لمحاولة التعامل مع الأحداث السلبية القادمة» مما يوحي بأن ذلك هو التمييز بين الأخطار المستقبلية مقابل الأخطار الحالية الذي يفرق بين القلق والخوف.
و القلق رد فعل طبيعي للضغط. وهو قد يساعد أي شخص للتعامل مع الأوضاع الصعبة، على سبيل المثال في العمل أو في المدرسة، بدفع الشخص لمواجهة هذا الأمر. وعندما يصبح القلق مفرطا، فإنه قد يندرج تحت تصنيف اضطرابات القلق.
يتجنب الأشخاص الذين يعانون من القلق جميع المواقف التي أثارت حالة من القلق في الماضي.
يظهر على عدة أنواع: القلق الوجودي مثلا يظهر في الحالات التي يواجه فيها الشخص مشاعر القلق، الشك في أسباب الحياة ومعناها، والعدمية. وهناك أشخاص ممكن أن يعانوا من توتر الامتحان والقلق الرياضي ورهبة المسرح. وهناك نوع آخر هو القلق من الغريب والقلق الاجتماعي حيث يشعر الشخص بالتوتر وعدم الارتياح عند الاختلاط بالغرباء أو الناس بشكل عام. قد يكون القلق الذي يعانيه الشخص «حالة « تستمر لفترة قصيرة من الزمن، أو «صفة « تلازم الشخص لفترة زمنية طويلة.
اضطرابات القلق هي مجموعة من الاضطرابات العقلية التي تتميز بالشعور بالخوف والقلق. بينما تظهر صفة القلق على شكل قلق دائم من أحداث مستقبلية في مفهوم يشابه مفهوم الشخصية العصابية.
اضطرابات القلق مرتبطة إلى حد ما بالجينات وقد ترتبط أيضا باستخدام الأدوية، الكحول والمخدرات. وقد ترتبط اضطرابات القلق أيضا بالأعراض الانسحابية لبعض الأدوية. في معظم الأحيان تظهر اضطرابات القلق مصحوبة بأنواع أخرى من الاضطرابات العقلية من مثل الاكتئاب أحادي القطب وكذلك الاكتئاب ثنائي القطب، بعض أنواع اضطرابات الشخصية واضطرابات الأكل. من أبرز طرق العلاج للقلق تغيير نمط الحياة، العلاج النفسي والأدوية.

الأعراض
تشمل العلامات والأعراض الشائعة للقلق ما يلي:
• الشعور بالعصبية أو القلق أو التوتر
• الشعور بالخطر الوشيك أو الذعر أو التشاؤم
• الإصابة بزيادة معدل ضربات القلب
• زيادة معدل التنفس (فرط التهوية)
• التعرق
• الارتجاف
• الشعور بالضعف أو التعب
• التركيز على الصعوبات أو التفكير في أي أمر بِخلاف القلق الحالي.
• الصعوبة في النوم
• التعرض لمشكلات معدية مَعوية
• مواجهة صعوبة في السيطرة على القلق
• وجود الحافز للتخلص من الأشياء التي تتسبب في القلق
أنواع القلق
توجد عدة أنواع من اضطرابات القلق وهي:
• رهاب الميادين وهو نوع من اضطرابات القلق التي يشعر فيها الشخص بالخوف ويتجنب غالبا التواجد في أماكن أو مواقف قد تسبب في وجود الهلع وتجعله يشعر بالاحتباس أو العجز أو الإحراج.
• يشمل اضطراب القلق بسبب مشكلة طبية وجود أعراض القلق أو الذعر المفرط والذي ينتج مباشرة عن مشكلة صحية جسدية.
• يشمل اضطراب القلق العام القلق المستمر والمفرط والقلق من الأنشطة أو الأحداث وحتى المشكلات العادية والروتينية. ومن الصعب السيطرة على القلق غير المتناسب مع الموقف الفعلي ويؤثر على كيفية الشعور جسديا. وكثيرا ما يحدث ذلك بالتزامن مع الاكتئاب أو اضطرابات القلق الأخرى.
• يشمل اضطراب الهلع نوبات متكررة من الشعور المفاجئ بالقلق والخوف الشديدين أو الذعر الذي يصل ذروته في غضون دقائق (نوبات الهلع). قد يشعر المصاب بهلاك محدق أو ضيق في النفس أو ألم في الصدر أو سرعة أو خفقان القلب. ربما تؤدي نوبات الهلع هذه إلى وجود القلق بشأن حدوث هذه الأمور مرة أخرى أو تجنب المواقف التي حدثت فيها.
• الخرس الانتقائي هو عدم قُدرة الأطفال على التحدث بصورة متسقة في مواقف معينة، مثل وجودِهم في المدرسة، حتى وإن كان بإمكانهم التحدث في مواقف أُخرى أثناء وجودهم بالمنزِل مع أفراد الأسرة المُقربين. يمكن أن يتعارَض ذلك مع القيام بالمهام في المدرسة والعمل والتفاعل الاجتماعي.
• اضطراب قلق الانفصال هو اضطراب في الطفولة يتميز بوجود قلق مفرط لمستوى نمو الطفل ويتعلق بالانفصال عن الوالِدَين أو الآخَرين ممن يتمتعون بأدوار أبوية.
• اضطراب القلق الاجتماعي (الرهاب الاجتماعي) ويشمل مستويات عالية من القلق والخوف وتجنب المواقف الاجتماعية بسبب الشعور بالإحراج والوعي الذاتي والقلق من أن يصدر الآخرون حكما على الشخص أو ينظروا إليه بشكل سلبي.
الرهاب المحدد يتميز بوجود قلقٍ شديد عند التعرض لجسم أو موقف محدد والرغبة في تجنبه. يتسبب الخوف المرضي في حدوث نوبات هلع لدى بعض الأشخاص.
• اضطراب القلق الناتج عن المواد يتميز بوجود أعراض القلق أو الذعر الشديد والذي ينتج مباشرة عن إساءة استعمال المخدرات أو تناول الأدوية أو التعرض لمادة سامة أو التوقف عن تناول الأدوية.
• اضطراب القلق المحدد واضطراب القلب غير المحدد؛ هما مُصطلَحان للقلق أو الرهاب اللذين لا يستوفيان معايير محددة لأية اضطرابات قلق أخرى، ولكنهما شديدان بقدر كاف تجعل الشخص يشعر بالانزعاج والضيق.
علاج القلق
يتكون علاج القلق من علاجين رئيسيين هما العلاج الدوائي والعلاج النفسي، ويمكن القيام بهما معا أو كل واحد على حدة.
وقد تكون هنالك حاجة إلى فترات تجربة وخطأ من أجل تحديد العلاج العيني الأكثر ملاءمة ونجاعة لمريض معين تحديدا والعلاج الذي يشعر معه المريض بالراحة والاطمئنان.
• العلاج الدوائي
تتوفر أنواع شتى من علاج القلق الدوائي التي تهدف إلى التخفيف من أعراض القلق الجانبية التي ترافق اضطراب القلق المتعمم، ومن بينها:
-أدوية مضادة للقلق: البنزوديازيبينات وهي مواد مهدئة تتمتع بأفضلية تتمثل في كونها تخفف من حدة الشعور بالقلق في غضون 30 – 90 دقيقة. أما عيبها فيتمثل في كونها قد تسبب الإدمان في حال تناولها لفترة تزيد عن بضعة أسابيع.
-أدوية مضادة للاكتئاب: هذه الأدوية تؤثر على عمل الناقلات العصبية التي من المعروف أن لها دور هام في نشوء وتطور اضطرابات القلق. وتشمل قائمة الأدوية المستخدمة لمعالجة اضطراب القلق المتعمم، من بين ما تشمله: (بروزاك -فلوكسيتين وغيره)
• العلاج النفسي
يشمل العلاج النفسي للقلق تلقي المساعدة والدعم من جانب المختصين في مجال الصحة النفسية، من خلال التحدث والإصغاء.
عن موقع ويب طب (بتصرف)

عايشت نوبات الهلع وأود أن أعطيكم الأمل
القلق هو حالة من الذعر الداخلي وله تجليات مختلفة من قبيل الأرق والخفقان والارتجاف وشعور عميق بعدم الارتياح النفسي. خلال نوبات الهلع، تبدو الحياة مرهقة وصعبة المنال. يبدو الأمر كما لو أننا نفقد السيطرة على أنفسنا، وبالتالي على حياتنا. ولكن يمكننا أن نمر من هذه الأزمة بسلام، صدقوني!
بعد أن عشت في هذه الحالة من القلق لسنوات، يمكنني أن أسمح لنفسي بإعطائك الأمل في أن تجد السلام في داخلك. أول شيء يجب عليك فعله هو أن تجد الهدوء عن طريق التنفس بانتظام. أعلم جيدا أن تنفسك سريع وقلبك ينبض بقوة. لكن حاول الاسترخاء. هناك بعض الكتب الرائعة عن الاسترخاء التي ستساعدك في تحقيق ذلك.
ربما إنك لا تقوى على القيام بذلك، وتشعر بأن داخلك يغلي. لقد حدث واتصلت بصديق في منتصف الليل لكي أهدئ من روعي وبالفعل نجح ذلك. وعندما كان من الصعب الاتصال بأحدهم، كنت آخذ ورقة وقلم الرصاص وأكتب كل أفكاري والله وحده يعلم كيف يكون هناك حوار داخلي كبير خلال هذه النوبات. كنت أمسك برأسي وأضعه على طاولة السرير فقط لكي أتوقف عن التفكير وأجد الراحة.
لا تيأس خصوصا، لأن هذا القلق يريد أن يجعلك تفهم شيئا. إذ يخاطبك جسدك بكل بجدية لذا توقف عن البحث عن أسباب قلقك خارجك لأنها نابعة من داخلك. من أجل علاج آثار القلق الذي يجتاحك، فإنه يجب عليك أن تعثر على السبب أو الأسباب. لهذا، من المهم أن تتحدث عن الحالة التي تمر بها. عليك الخروج من قوقعتك ولا تحكم على نفسك بعد الآن. لا يوجد شيء يدعو للخجل أو يعتبر عيبا، بل على العكس: إنها الطبيعة البشرية. اسمح لنفسك بأن تكون على طبيعتك البشرية مع نقاط القوة والضعف في شخصيتك أم تعتقد ربما بأنك «سوبرمان» أو «المرأة المعجزة»؟
أقترح عليك بشدة أن تأخذ ورقة وقلم وأن تدون مخاوفك الداخلية. اسمح لنفسك بأن تكون صريحا مع ذاتك. قم بإسقاط الأقنعة. وسوف تكتشف لا محالة مخاوف كبيرة تعيش بداخلك وهي المسؤولة عن هذا القلق الذي يجتاحك، بما أن القلق هو مرادف للخوف.
لا يوجد دائما «طبيب نفسي» إلى جانبنا للاستماع إلينا، ولذلك فإنه من المهم أن نكتسب أدوات تكون في متناول أيدينا لمساعدتنا في اجتياز هذه النوبات. الاسترخاء والكتابة والتحدث والاستشارة هي أدوات سوف تساعدك في العثور على أسباب قلقك وبالتالي فلن تعاني مرة أخرى من آثاره. لذا فبدلا من أن تعيش في خوف، سوف تعيش بالإيمان والثقة. لأنه إذا كان القلق مرادفا للخوف، فإن الخوف هو ضد الإيمان والثقة.
شهادة إيف، 34 سنة

لنـواجـه قلقنا
غصة في الحلق، وارتجاف في الساقين، وعقدة في المعدة، جميعنا اختبر هذه الأعراض. غالبا ما تنشأ علامات القلق هذه، والمتكررة من لا شيء: مكالمة هاتفية لا تأتي، والتحضير لمقابلة، وحلول الليل… ثم، تنهال علينا وسائل الإعلام كل يوم بالعديد من التهديدات – الهجمات أو الأمراض الفتاكة – التي تثقل كاهلنا. كيف نعيش دون التفكير في كل هذا؟ وقال الكاتب مارك توين، الذي يتحدث بفكاهة قلق مزمن إلى الكثير منا: «لقد نجوت من الغرق في العديد المرات … غرق لم يحدث أبدا». في المقالات التالية، سوف نكتشف أن مخاوفنا، غير المريحة، هي أيضا دليل على قدرتنا على التفكير والتخيل والمحبة. يمكن أن تصبح محركات الابداع. ماذا لو تعلق الأمر بتحويلهم بدل الفرار منهم؟
عصرنا يولد عدم الارتياح!
الخوف من البطالة والفشل والإقصاء والهجمات الإرهابية وداء السيدا، وحتى الخوف من الشعور بالخوف … أصبح لقلقنا اليوم وجوه كثيرة، مفارقة مجتمع لم يهتم أبدا بالرفاه. يشارك عالم الاجتماع فنسنت دي جولياك يشاركنا أفكاره.
أكثر قلقا من أي مكان آخر
بكل موضوعية، يعد عصرنا أقل فظاعة بكثير من العصور السابقة، الحديثة نسبيا، لا سيما في الثلاثينات والأربعينات، حيث وقع العالم بين براثن النازية والستالينية. لم يهتم أي عصر من العصور السابقة برفاهية وسعادة الأفراد بهذا القدر. ففي مواجهة خطر البطالة والمرض، نتوفر في المقابل على صناديق الضمان الاجتماعي. من المؤكد أن السيدا تعتم أفق الحياة الجنسية، لكنها لا تشبه بأي حال الطاعون! ومع ذلك، بوجه عام، في فرنسا، نحن أكثر قلقا من الشعوب الأخرى التي لا يتاح لها الولوج بسهولة إلى الرعاية الطبية ومؤسسات الإغاثة …
هل يجب أن نستنتج أن مخاوفنا غير مشروعة؟ في رأيي، القلق دائما ما يكون شرعيا. إن مخاوفنا هي نتاج عدد من الظواهر المعاصرة التي، جنبا إلى جنب، تنتج مناخا من عدم الأمان الشخصي والجماعي. تطور الفردية بالدرجة الأولى، عامل العزلة، يدفع أيضا إلى اعتبار الأنا كممتلك يجب أن يعطي ثماره، كرأسمال يتحمل الفرد مسؤوليته لوحده. ومن هنا كان الالتزام الدائم أن تكون «أنت»، أن تحقق ذاتك، على جميع المستويات – المهنية والشخصية والعاطفية. أصبحت «الأنا» عبئا على كل واحد منا.
في مواجهة هذا الموقف، ينطوي بعض الناس على أنفسهم – العاطل عن العمل، الشاب الذي يبحث عن عمل على سبيل المثال، الذين يعتقدون أنهم يتحملون كافة المسؤولية عن إقصائهم، بعد أن فشلوا في اتخاذ الخطوات اللازمة للاندماج. في حين، يجد آخرون ملاذهم في فرط النشاط والاضطراب الدائم. القلق ليس عاطفة جديدة. رهين رغباته، غير المحدودة، والإحباطات التي يفرضها التعايش مع أبناء جنسه، فإن الفرد لا يتعرض فقط للقلق، بل يصبح محكوما به. إنه جزء من الطبيعة الإنسانية. ولكن لكي يمكن تحمله للعيش، يجب أن نملك القدرة على إخراجه والتعبير عنه بطريقة مقبولة اجتماعيا. على سبيل المثال، من خلال الاستثمار في مثل جماعية عظيمة تجلب الأمل، تعد بمستقبل أفضل. ومع ذلك، فإن عصرنا لم يعد يقدم لنا أي شيء، باستثناء مثال النجاح القائم على الإثراء والوظيفي المهني الذي يخضع تحقيق الذات لمعايير اقتصادية بحتة.
بالإضافة إلى ذلك، تختفي جميع الطقوس التقليدية، والنشاطات الجماعية (الكرنفال، إلخ) التي كانت تسمح للمشاعر السلبية والعنيفة بالتعبير عن نفسها. وأيضا، يبقى الفرد وحيدا مع قلقه! القلق ينتشر، ولكن يشد تركيزه على أسباب الخوف التي يظهرها لنا المجتمع. وبالتالي، فإن الهجمات الارهابية، لا سيما منذ 11 شتنبر، تعد من بين الأسباب الأولى للخوف. ومع ذلك، هناك خطر أكبر في أن نموت في حادث سيارة. والحقيقة هي أنه منذ سنوات قليلة فإن دوريات الحراسة المسماة «خطة فيجيبيرات»، لم تعد حالة طوارئ: نحن في حالة تأهب دائم، مما يجلب الشعور المؤلم بأن التهديد موجود في كل مكان …
يمكن أيضا تفسير حالة القلق في مجتمعنا بالفجوة بين توقعاتنا الخيالية والواقع. لقد دفعتنا التطورات العلمية والتقنية والقانونية إلى الاعتقاد بأننا نتحرك نحو مجتمع متناغم بشكل أكبر، دون صراعات، وأنه سيكون من الممكن التحكم في مصائرنا. إن الكلمات البارزة مثل «يجب أن تكون إيجابيا ومنفتحا وترحيبيا» جعلت التعاسة والمعاناة غير مقبولة. في الواقع، لقد عشنا في وهم عالم عقيم ومخدر. وها قد حطمت السيدا الصورة الجميلة للعلاقات الجنسية، مكان الحرية، تحقيق الذات، التي تم تشكيلها في الستينيات والسبعينيات. اليوم، يجب القيام بعلاقات جنسية محمية لأنه من المحتمل أن تقتل. فضائح أخرى: يمكننا أن نصاب بأمراض خطيرة في المستشفيات تهدف إلى علاجنا؛ أصبحت المدرسة، المكان التقليدي للاندماج، أصبحت فضاء للعنف والابتزاز وانعدام الأمن. المؤسسات لا تلعب دورها الوقائي، على الأقل على نحو ذاتي.
يا لها من الحماقة أن نتخيل أنه يمكن القضاء على المعاناة والمرض والعنف!. فالمحنة، والدمار، والموت هي جزء لا يتجزأ من الحياة. إنهم يعيشون في الجزء الأكثر حميمية في كياننا، مع هذه الدوافع التي يطلق عليها المحللون النفسيون الفرويديون (نسبة إلى فرويد) دافع الموت. وكلما حاولنا إنكار السلبية، كلما عادت وبقوة، بل وبشكل لا يحتمل. وأخيرا، فإن الدولة لم تعد تقدم لنا سبلا لنعيش في رفاه معا، بل أصبحت تولد «عدم ارتياح جماعي» يشكل مسبارا لاختبار «قلقنا الفردي».
استطلاع عن مخاوفنا
مخاوفنا لا تشبه في شيء الرعب المجرد والباروك في عام 1000. وفقا لاستطلاع أجراه لويس هاريس مؤخرا لصحيفة «ليبيراسيون» اليومية (بتاريخ 19 نونبر 2002)، 78 ٪ من الشعب الفرنسي يتوقعون صراعا عسكريا كبيرا ؛ 76 ٪، لكارثة إيكولوجية أو طبيعية واسعة النطاق وكساد اقتصادي قوي، و75 ٪ يعتقدون أنه في الأشهر المقبلة، يمكن أن يجدوا أنفسهم أو أحد أفراد أسرتهم أنفسهم عاطلين عن العمل.
بالنسبة للعديد من علماء النفس وعلماء الاجتماع، تتزايد مخاوفنا الداخلية بسبب الأسلوب الدراماتيكي لأخبار التلفزيون التي تجلب لنا، بلا هوادة، مآسي متوالية. هذا التراكم يمكن أن يقودنا فقط إلى الاعتقاد بأن القوى الشيطانية التي لا يمكن كبتها مصممة على تدمير الكوكب دون أن نتمكن من الرد.

معنى الكلمات: خوف أم قلق
«أنا خائف»، «يبدو قلقا»: في الاستعمال اليومي، يتم استخدام المصطلح الأول أو الثاني اعتباطيا. ومع ذلك، فإنها تغطي حقائق مختلفة جدا. مشكلة دقيقة ولكن شديدة من ناحية، وأكثر انتشارا ولكن ثابتة من ناحية أخرى، فالمعاناة ليست هي نفسها. تعاريف وتوضيحات مع كريستوف أندريه، طبيب نفساني.
هاتان الظاهرتان لديهما نقاط مشتركة
أولا، الجذر الايتيمولوجي نفسه، الكلمة اللاتينية angere، وهو ما يعني الضغط والذي يشير إلى العواقب الجسدية لهذه الحالات الذهنية. ينتمون إلى نفس الأسرة العاطفية أي الخوف: الخوف والقلق ويعني الترقب (نخشى خطر قبل حدوثه) أو يمكن أن تكون نتيجة (نتيجة لصدمة نفسية سابقة على سبيل المثال). لكن هناك عددا من الاختلافات التي تفصل بينها أيضا.
بشكل عام، نتحدث عن القلق للإشارة إلى تجربة نفسية دقيقة ومزعزعة للاستقرار ومكثفة، تتكون من شعور بفقدان السيطرة وخطر جسيم وشيك. غالبا ما يكون القلق مصحوبا بعلامات جسدية مؤلمة: ضيق الصدر وانزعاج في الجهاز التنفسي وتسارع ضربات القلب والشعور بألم في الحلق والمعدة… في ذروة القلق، ليس من النادر أن يشعر الشخص بشعور من «تبدد الواقع»، وانطباع عن الخروج من نفسه، وعدم وجوده بالكامل في الواقع. في الطب النفسي، تمثل نوبات الهلع، التي يشعر بها الناس على وجه الخصوص، مثالا حيا إلى حد ما: فجأة، يشعر الشخص باجتياح مشاعر من عدم الراحة الجسدية التي لا يمكن السيطرة عليها، ولديه شعور بأنه سيموت على الفور أو أن يصاب بالجنون.
يتم استخدام مصطلح القلق بسهولة أكبر للإحالة على حالة مزعزعة للاستقرار ولكنها مزمنة، وتتألف من قلق يصعب السيطرة عليه. توجد الجوانب النفسية (القلق، التشاؤم) في المقدمة، حتى لو كانت الآثار الجسدية للقلق معروفة جيدا (توتر العضلات وألمها، الميل إلى فرط التنفس، أي أن تتنفس بسرعة عالية وسريعة وسطحية). في حين أن الخوف يجعل من المستحيل بشكل عام مواصلة الأنشطة، إلا أن القلق لا يزال متوافقا مع الحياة اليومية. من الشائع حتى أن الشخص القلق لا يدرك بوضوح قلقه الذي لا يمكن أن يعبر عن نفسه بشكل غير مباشر: التهيج، التعب، التوتر العضلي، ردود الفعل المفاجئة … في الطب النفسي، يمثل اضطراب القلق العام حقيقة القلق عندما يصل إلى ذروته: مخاوف مستمرة لا يمكن السيطرة عليها بشأن جميع تفاصيل الحياة اليومية (الأسرة، العمل، الصحة، المال…)
لذلك يمكن التمييز بين الخوف والقلق، ولكن يمكن أن يرتبط بينهما أيضا: يمكن أن تحدث نوبات الهلع على خلفية من القلق (ما يطلق عليه فرويد «عصاب القلق»)، يمكن للشخص أن يشعر بالقلق من وجود نوبات هلع جديدة (إنها «الخوف من الشعور بالخوف»)، إلخ. أخيرا، وعلى عكس ما يشاع، لا الخوف ولا القلق هما «خوف بدون موضوع»: يمكن للشخص أن يشعر بالقلق من خلال التفكير في وفاته أو وفاة الأشخاص الذين يحبهم، كما يمكن أن نشعر بالقلق وينشغل بالنا بخصوص الصعوبات الحقيقية مثل المرض أو المشاكل المالية. إنها ببساطة مصدر قلق للمستقبل، (القلق) الحاد أو المزمن (القلق النفسي)، وتشهد دائما على شعور واع ومبرر لهشاشة الشخص.

أربعة حلول طبيعية لتهدئة القلق
عندما يغمرنا القلق، سواء كان ذلك شعورا عابرا أم كان مزمنا، فهناك طرق طبيعية للتهدئة من روعك. نفكر أولا في النباتات المهدئة بالطبع، ولكن أيضا في التنفس.التعب، الانزعاج، الإجهاد … لا يستغرق الأمر أكثر من ذلك لتشعر بالإرهاق من عواطفك. ماذا تفعل عندما تطفو الهموم الصغيرة على سطح الحياة اليومية؟

زيت أساسي للتدليك.. للاسترخاء السريع
«عندما يزداد التوتر، فإن الزيوت الأساسية للمردقوش بالقشرة، التي توازن بين الجهاز العصبي، هي الأكثر فاعلية»، كما تلاحظ كورين لوناي، عالمة في العلاج بالاسترخاء.
للرفع من تأثيره، يتم تطبيقه على الضفيرة، وهي عبارة عن أجوف تقع فوق المعدة: هذه النقطة من الوخز بالإبر هي مركز العواطف، وكثيرا ما نشعر بالضغط في هذا المكان عندما نكون قلقين.
كيفية استخدامها؟ صب 5 قطرات من الزيت الأساسي للمردقوش المقشر في ملعقة صغيرة من الزيت النباتي (آذريون، لوز حلو …). إذا لم تعجبك رائحته، فإنك قد تجدها ممزوجة بزيوت أساسية أخرى (الخزامى، حبوب النارنج الصغيرة).
قم بتدليك الضفيرة لمدة دقيقتين على الأقل، على شكل القيام بدوائر بأطراف أصابعك أو لفافة، مع التنفس جيدا.
يقول الدكتور إريك لورين، المعالج بالأعشاب: «من الأفضل القيام بالتدليك في الاتجاه المعاكس لعقارب الساعة».

تمرين التنفس لخفض الضغط
التنفس بعمق هو أسلوب استرخاء سريع، يتم استخدامه في كل مكان بمجرد أن تشعر بالإجهاد المتزايد (في المكتب، في السيارة…)
«بمجرد أن تتنفس بعمق، مع الزفير لفترة أطول من الشهيق، يرتاح الشخص فيزيولوجيا، في حين أن التنفس القصير جدا يعزز الشعور بالقلق. من خلال التركيز على التنفس، ننسى أيضا الأفكار الطفيلية « تشرح كورين لوناي».
هذا يريح الحجاب الحاجز ويرخي كل سلاسل العضلات الخلفية المرتبطة به: الظهر، والعضلة شبه المنحرفة… ، تضيف الدكتورة لورين.
كيف أقوم بذلك؟ عليك أن تتنفس من خلال معدتك، وليس فقط صدرك. تتنفس من خلال أنفك وحاول أن تنفخ بطنك مثل البالون ثم ترفع الهواء إلى كتفيك.
ثم نخرج الهواء ببطء شديد عبر الفم، كما لو أننا ننفخ في القش، لتفريغ الهواء ولكن دون أن ينفد كل الهواء. عملية التنفس يجب أن تبقى مريحة. يجب القيام بهذا التمرين 3 مرات على الأقل.

الزعرور.. لتهدئة القلق العابر
«عندما يستجيب القلق لحدث معين ويسبب أعراضا مثل الخفقان وارتجاف اليدين وفرط النشاط… فإن الزعرور هو النبات الذي يجب اختياره لأنه يعمل بسرعة. وتوضح الدكتورة لورين أنه ينظم ويهدئ الجهاز العصبي الودي، مع مفعول مسكن خفيف «.
كيفية استخدامها؟ تفضل المستخلصات النباتية الموحدة، في شكل سائل أو كبسولات، التي يمكن اقتناؤها في الصيدليات. يمكن أخذ 1 إلى 3 كبسولات بجرعة إجمالية قدرها 400 ملغ من المستخلص الجاف أو ملعقة صغيرة من المستخلصات النباتية الموحدة، 2-3 مرات في اليوم، لبضعة أيام للتعامل مع الحدث الذي يسبب الألم والقلق (مقابلة عمل…)
لدى الزعرور عمل سريع فعال في حالة القلق العرضي، كما يمكن استخدامه كعلاج، لمدة أسبوعين إلى 4 أسابيع إذا استمر الانتفاخ في البطن. للاحتياط فقط: اطلب المشورة الطبية في حالة اضطرابات القلب لأنه يؤثر على إيقاع القلب.

جريفونيا.. لتهدئة المزاج المتوتر
إذا كان لديك سبب للقلق وأن الحدث الأقل إرهاقا (تغيير مهني أو تغيير عائلي) يؤدي إلى ظهور مخاوف من جديد، «فهذا يشير إلى وجود مشكلة عامة في التكيف مع الإجهاد ومن المهم العناية به جيدا لتجنب تراكمه تقول الدكتورة لورين.
تحتوي بذور جريفونيا على 5 HTP، وهو سليف لهرمون المزاج السيروتونين. يساعد هذا النبات بالتالي على التغلب على التوتر بشكل أفضل، إنه مهمة جدا في حالة القلق مع اضطرابات المزاج أو التهيج.
كيف يتم استخدامها؟
في شكل مستخلصات نباتية موحدة أو كبسولات من استخراج موحد (التغذية.
والأمثل، ابدأ بعلاج مدته 3 أشهر. الآثار غير المرغوب فيها: نادرة ولكنها ممكنة: النعاس والغثيان …
لا يجب استهلاكه من قبل النساء الحوامل أو المرضعات، والأشخاص الذين يعانون من مشاكل في القلب أو تصلب الجلد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى