محمد اليوبي
علمت «الأخبار»، من مصادرها، أن الوكالة الوطنية للمياه والغابات أطلقت من جديد صفقة لاقتناء أفرنة للتدفئة بالمواصفات نفسها للصفقة التي تم إلغاؤها سابقا، بعد الجدل الذي أثارته، حيث تقدمت شركة واحدة للمشاركة في طلب العروض، وهي الشركة ذاتها التي تم تداول اسمها قبل الإعلان عن الصفقة، للفوز بها، لكونها الوحيدة التي تتوفر فيها الشروط المنصوص عليها في دفتر التحملات، وهي الشركة نفسها التي نالت صفقة تفاوضية تزامنا مع زلزال الحوز.
وأعلنت الوكالة عن إطلاق طلب العروض رقم 09/ANEF/2025، حيث سيتم فتح الأظرفة المتعلقة به بتاريخ 23 أبريل المقبل، وستخصص الصفقة لاقتناء 7510 من الأفرنة المحسنة بقيمة تقدر بـ20.277.000,00 درهم.
وأفادت المصادر بأن إدارة الوكالة الوطنية للمياه والغابات تصر على خرق القانون، إذ إن هذا الطلب هو إعادة بنفس الشروط والمواصفات لطلب العروض رقم 08/ANEF/2024 بتاريخ 31 دجنبر 2024، والذي لم يسفر عن أي نتيجة.
وأضافت المصادر أنه بعدما كشفت جريدة «الأخبار» اختلالات الصفقة المفصلة على مقاس شركة معروفة يوجد مقرها بالرباط، تم إدخال تعديل شكلي على الملف التقني الخاص بطلب العروض، هم فقط طريقة تقديم الشهادات المرجعية على بوابة الصفقات العمومية، ليستمر مسلسل إقصاء المقاولات الصغرى والمتوسطة، لصالح المقاولة المحظوظة التي يتم تداول اسمها داخل كواليس الوكالة على أنها ستفوز بالصفقة، على غرار سنة 2023، عندما نالت صفقة الأفرنة بطريقة تفاوضية، وبدون مسطرة طلب العروض.
وكشف مصدر من الوكالة تفاصيل مثيرة حول صفقات الأفرنة، وكيف تم تفويتها للشركة المحظوظة نفسها، موضحا أن المديرية الجهوية للوكالة الوطنية للمياه والغابات لجهة سوس ماسة، كانت قد أطلقت طلب عروض رقم 22/2023، بتاريخ 08 دجنبر2023، لاقتناء 2000 وحدة من الأفرنة المحسنة بمبلغ يقدر
بـ4.800.000,00 درهم، وتقدمت لطلب العروض المذكور آنفا ثلاث شركات، وبعد ذلك، أسفرت عملية مراقبة الوثائق الإدارية والتقنية عن إقصاء متنافسين من المرور إلى المرحلة الموالية، وتمكنت شركة واحدة من المرور إلى هذه المرحلة، بعد ذلك أسفرت نتائج عمل لجنة فتح الأظرفة عن إعلان الشركة الفائزة بطلب العروض بمبلغ 5.628.000,00 درهم.
وأوضح المصدر أنه إلى غاية هاته المرحلة كل شيء تم باحترام للقانون، إلا أنه بعد ذلك رفضت الإدارة المركزية المصادقة على هذه الصفقة، وأصدرت قرارا بإلغائها، دون أن تنشر القرار على بوابة الصفقات، واعتبارا من هذه اللحظة أصبحت الأمور تأخذ منحا آخر غريبا وغير مفهوم، إذ إنه بقدرة قادر نالت الشركة المحظوظة صفقة تفاوضية على المستوى المركزي بقيمة 14 مليون درهم، في خرق سافر لمقتضيات مرسوم الصفقات العمومية، والمثير للاستغراب ويستدعي فتح تحقيق من طرف الجهات المختصة، هو أن الشركة المذكورة سبق أن أقصيت في المرحلة الأولى لطلب العروض المعلن عنه من طرف المديرية الجهوية لجهة سوس ماسة، وهو ما يعني أن ملفيها الإداري والتقني لم يستوفيا الشروط المطلوبة، وبالرغم من ذلك استفادت من الصفقة.
وأضاف المصدر المطلع على كواليس وتفاصيل صفقات الوكالة أنه بعد ذلك في سنة 2024، أعلنت الوكالة عن طلب عروض على المستوى المركزي رقم 08/2024، بتاريخ 31 دجنبر 2024، لاقتناء أفرنة محسنة بقيمة تقديرية تقدر بـ20.277.000,00 درهم، وتم إعداد هذا الطلب على مقاس الشركة المحظوظة نفسها، حيث إن الشروط المنصوص عليها في نظام الاستشارة لا تسمح إلا لهذه الشركة بالمشاركة، في ضرب واضح لمبدأ المنافسة الشريفة، وهو ما تأكد فعليا من خلال تفحص موجز لمحضر فتح الأظرفة، ببوابة الصفقات العمومية، حيث تقدمت هذه الشركة وحيدة للمشاركة في طلب العروض، لكن تم التصريح بعدم قبول ملف هذا المتنافس الوحيد، بسبب ارتكاب أخطاء في الملف التقني، ولم يستبعد المصدر أن تكون هذه الأخطاء مفتعلة لتبرير إلغاء الصفقة، وهي صيغة معمول بها في العديد من الصفقات، خاصة تلك التي تثير ضجة، وذلك لحفظ ماء وجه المسؤولين عنها.
ورغم الجدل الذي أثارته الصفقة، قررت إدارة الوكالة إعادة الإعلان عن طلب العروض نفسه بالشروط ذاتها المفصلة على مقاس الشركة المحظوظة نفسها، وبالمبلغ التقديري ذاته، ليبقى السؤال المطروح لماذا تصر الوكالة على تمرير هذه الصفقة لهذه الشركة بالذات؟ وهو ما يستدعي فتح تحقيق من الجهات المسؤولة عن حماية المال العام، وعدم الاقتصار على محاسبة صغار المسؤولين فقط، كما هو حال فارس المنطقة الغابوية «بولعوان»، الذي يتابع من أجل تبديد أموال عمومية في أشجار لا تتعدى قيمتها السوقية 10 آلاف درهم.
