
منذ سنة 2005، تغيرت البنية البشرية لمدرجات الملاعب، فقد ظهرت فصائل “الألتراس” كحركة مناصرة بجرعة جرأة زائدة، استبدلت الفرجة الهادئة وحولت المناصر المستهلك من مشجع إلى صانع للفرجة على غرار اللاعبين. منذ ذلك الحين لم يعد الاهتمام بالكرة مقتصرا على كبار السن، بل تقلص معدل سن مرتادي الملاعب التي أصبحت تمارس جاذبيتها على اليافعين.
حسن البصري:
اختارت فصائل المشجعين رقعة في جغرافية الملعب، كما اختارت ملابس الفرجة وأهازيجها، وانتدبت قائدا للأوركسترا، وعينت شعراء وكتابا لتبليغ رسائل مشفرة لا يفهمها إلا الراسخون في علم حركة “الألتراس”.
في ظل هذه المتغيرات، أصبح للمدرجات نجوم لا يقلون شهرة عن نجوم الكرة، وأضحى وجود الأمن فرض عين، بسبب الحمولة الفكرية لمشجعين من الجيل الجديد.
بين الأمس واليوم، حصلت تحولات عديدة في بنية التشجيع وعقلية المشجعين، لكن يوجد إجماع على أن المتفرج أصبح مع مرور الأيام كيانا قابلا للإبداع ومؤثرا مباشرا على الناشئة.
فالألتراس اليوم ليست مجرد حركة رياضية أو اجتماعية عابرة، بل هي تنظيم محكم، صار يضم نخب المجتمع من أساتذة ودكاترة وأطباء ومثقفين، اختاروا الألتراس عوض الأحزاب السياسية والمجتمع المدني، مراهنين على قوة الأولى، ووحدتها التي تتجسد في حب الفريق وفي حب الوطن، والرغبة الجامحة في الرقي بالمجتمع إلى الأفضل.
وغالبا ما تضم غرفة قيادة فصائل “الألتراس” نواة صلبة يتراوح عدد أفرادها ما بين 12 و20 فردا، هم من خيرة الكفاءات التي تخطط لراهن ومستقبل الفصائل، وتبدع اللوحات الفنية وترسم المبادرات وتقرر تشاركيا في أكبر القرارات وتوافق على الصياغة النهائية للبلاغات وتتابع نبض الحركة ومساراتها بأدق التفاصيل.
في الملف الأسبوعي لـ”الأخبار”، نبش في ذاكرة فصائل “الألتراس” والوقوف على أبرز نجوم المدرجات بالأمس، وتفاصيل صغيرة لشخصيات لم تكتمل “الفرجة” إلا بوجودها. مع إبراز الوجه الآخر للحركة بعيدا عن مدرجات الملاعب.
ديزي دروس.. الرابور الودادي خريج “فيراج دونور”
ولد عمر السهيلي في حي “بين المدن” بالدار البيضاء، في وسط بسيط، وعرف بين أقرانه بعشقه لكرة القدم ومناصرته اللامشروطة للوداد الرياضي، ما جر عليه غضب الرجاويين. كان والده عاشقا للوداد ولأغاني الظاهرة الغيوانية، متابعا للشأن الكروي بالبلاد بكثير من الحكمة والتبصر، فيما اختار الفتى عمر التوجه كل يوم إلى حديقة العواصم العربية بعين الشق لممارسة هوايته في فن الراب، إذ كان شابا يافعا لكن عشقه للموسيقى الغربية فاق كل التصورات.
لفت إليه الأنظار في الوسط الرياضي، حين قَررت الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم “كاف”، دعوة عمر السهيلي، مغني “الراب”، لحضور مباراة إياب الدور النهائي لكأس عصبة الأبطال الإفريقية، التي جمعت فريق الوداد الرياضي بالأهلي المصري، على أرضية مركب محمد الخامس في الدار البيضاء، والتي عاد فيها اللقب للمغاربة، وسط استياء مصري من هذا التعيين.
ما أن أعلن عمر المعروف عن تشجيعه لفريق الوداد، عبر صفحته الرسمية على “الفايسبوك” و”انستغرام”، وعن تلقيه دعوة من “كاف” من أجل الحضور إلى المباراة النهائية، حتى بادر عشاقه لمتابعة التغطية الإعلامية لكواليس اللقاء، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ومن خلال ما ينقله من خلال هاتفه المحمول، قبل المباراة، بين الشوطين وبعد المباراة، ومشاركة جمهوره عبر حسابيه الشخصيين على “سنابشات” و”انستغرام”.
لا يكتمل عشق الوداد إلا بتعليقات وتدوينات يوسف السهيلي الصحفي الذي يشتغل بقنوات “بين سبورتس”، وكان صحافيا في القناة الثانية مصرا على الكشف عن هويته البصرية وحبه للوداد. من قطر، يعلن ولاءه للوداد ولفصيلها ويقصف المدرب موكوينا والعابثين بها.
لكن أبرز معركة خاضها شقيقه ديزي هي التي تمت بعد أغنية “دون بيغ” التي شن فيها هجوما لاذعا على الجيل الجديد لنجوم هذا النوع الغنائي، وسانده زميله “كومي”، بعد تقديمهما لـ”روميكس” أغنية أطلقا عليها اسم “رد البال”، علما أن ديزي دروس حقق في الفترة الأخيرة نجاحا مهما بفضل أغانيه في مجال الراب. كما أن النجاح الذي حققاه سويا في عملهما القديم “فوق الشواية”، كان كافيا لتجديد التحالف ضد طلعات البيغ.
فليح.. “كابو” فصيل “وينيرز” السابق كاتب ملحمة “لمغاربة سبوعا ورجالا”
لم يخطر ببال الفتى عبد الله فليح أن عشقه المبكر للوداد الرياضي سيحوله إلى قائد أوركسترا المدرجات لفصيل “ألتراس وينيرز”، أو بتعبير قاموس الحركة “كابو” المجموعة الجماهيرية.
ولد عبد الله في درب الشرفاء، أحد أشهر أحياء درب السلطان معقل الرجاويين، لكنه خرج عن القاعدة وأصبح من أشد الأوفياء للوداد، حيث يقضي ساعات من الجدل مع أقرانه الرجاويين في المدرسة وفي الأزقة وخلال مباريات كرة القدم.
قاده حب الوداد إلى ملعب مركب محمد الخامس، هناك نسج علاقة مع المدرجات الجانبية وأصبح حاضرا بقوة في “الفيراج” يردد أهازيج حركة الألتراس وفصيل “وينيرز” ويتمايل مع أغاني “كابو” المجموعة مع السقندح وحمادة ثم الذهبي، وحين يعود إلى بيته يردد الموشحات الودادية ويعمل على تطويرها حتى أضحى قريبا من قادة التنظيم. سيرفع الفتى سقف أحلامه وسيرافق الوداد في خرجاته وسيخبر تدريجيا مدرجات الملاعب المنتشرة في ربوع المملكة، بدءا من الخميسات التي تابع منها أول مباراة خارج القواعد، قبل أن يقرر مناصرة الوداد خارج المغرب في تجربة زادته تقربا من النواة الصلبة للتنظيم.
كان عبد الله ممارسا لكرة القدم حريصا على أن يصبح لاعبا، وحين عجز عن تحقيق هذه الأمنية أضحى واحدا من صناع الفرجة. كان يقضي ساعات طويلة في قاعات الأنترنيت يسمع للأغاني الرائجة في المدرج الشمالي ويستمتع بأهازيج “فرميجة”.
في سنة 2009، سينخرط عبد الله رسميا في مجموعة “وينيرز”، وحين استقال السقندح من التنظيم الجماهيري، تلاه كل من حمادة والذهبي، قبل أن يسلم هذا الأخير المشعل لابن درب الشرفاء الذي نال صفة “كابو” الوداد.
في سنة 2022، سافر فليح إلى قطر لمساندة المنتخب المغربي، وهو يخوض مباريات كأس العالم، ولاحظ خلال وجوده في الملعب أثناء مباراة بلجيكا أن الجمهور المغربي يفتقد لقائد أوركسترا، فقرر اتخاذ المبادرة وتقمص دور “الكابو”.
في مباراة المنتخب المغربي ضد نظيره الإسباني.. تشبع الجمهور تدريجيا بفكرة “الكابو” وقرر الالتفاف حول عبد الله، وترديد أغاني تشجع كتيبة الركراكي.
كتب عبد الله كلمات أغنية “هالا هالا هالا” أو ما بات يعرف بأغنية “ديرو النية”، وقام الموسيقي العالمي “ريدوان” بتلحينها فوجدت استجابة فورية من ملايين المغاربة في قطر وخارجها. وكان الاتحاد الدولي لكرة القدم قد عين ريدوان المغربي مديرا تنفيذيا للترفيه الإبداعي.
“كابو” الوينرز السابق “فليح” الذي كتب كلمات أغنية المنتخب الوطني المغربي في قطر، أضحى أول “كابو” ألتراس مساند للمنتخب الوطني، وبهذه الصفة حضر حفل قرعة كأس إفريقيا المغرب 2025.
جمالي.. الطبيب الذي أسس فصيل “ألتراس إيغلز”
محمد جمالي، المعروف في أوساط الرجاء باسم “الطبيب”، هو مؤسس “ألتراس إيغلز” المساند لفريق الرجاء الرياضي لكرة القدم، قبل أن يعلن استقالته ويتفرغ لمهنته كطبيب أطفال، سيما بعد أن اختار مدينة مراكش مقرا لعمله.
لكن محمد جمالي ظل مرتبطا وجدانيا بالرجاء متابعا لهموم حركة “الألتراس” المغربية، حتى أصبح من موقعه كطبيب أكثر قربا من نبض الرجاء الرياضي. ويرى جمالي أن معظم قادة الفصائل المشجعة لمختلف الفرق المغربية يمثلون مجالات فكرية راقية أبرزها القضاء والمحاماة والهندسة والطب والإعلام.
في حوار صحفي سابق، أوضح جمالي أن تاريخ تأسيس الحركة يعود إلى ما بين سنة 2005 و2006، خلال تأسيس أول ألتراس بالمغرب ويتعلق الأمر بـ”غرين بويز”، موضحا أن كل حركة تشجيعية تتمتع بفكر وفلسفة مستقلين عن منافسيها، ويشترك كل فصيل في هدف واحد هو مساندة الفريق الأم في مختلف المنافسات والتظاهرات الرياضية.
وأشار مؤسس “إيغلز”، في خرجاته الإعلامية المتفرقة إلى الفرق الكبير بين “الهوليغنز” و”الهولز” و”التورسيدا”، مشيرا إلى أن “المجموعات المغربية قطعت أشواطا كبيرة للتخلص من فكر المافيات، والبحث عن اختلاق المشاكل وإحداث العنف بعد نهاية كل مباراة مع رجال الأمن، الشيء الذي يميز ألتراس أمريكا الجنوبية وإنجلترا وإيطاليا والبوسنة”.
جمالي تمكن من التوفيق بين الدراسة وحب الرجاء، وكان يتابع مباريات فريقه المحبوب وفي رحلاته يتأبط كتبه ويخصص جزءا من وقته للدراسة. هو خريج كلية الطب في الدار البيضاء سنة 2006، وهي السنة التي أسست فيها الإيغلز، ويشتغل طبيبا بالقطاع العام لوزارة الصحة.
يقول في حوار صحفي: “أنا رجاوي قبل أن أكون طبيبا، كنت عاشقا لفريق الرجاء البيضاوي، بحكم انتمائي لحي غالبية سكانه رجاويون، وبحكم إعجابي بأداء الفريق الفرجوي. أنا موجود في الفيراج منذ صغري، ومع ظهور عالم الألتراس، التحقت بإخواني للعمل لما فيه مصلحة الفيراج والرجاء. كانت التجربة الأولى مع “غرين بويز” قبل الانتقال وتأسيس “إيغلز”.
التحق بـ”ألتراس غرين بويز” شهرين بعد تأسيس الفصيل، لكن ما أن ظهرت خلافات مع بعض الأعضاء، نظرا لاختلاف الأفكار والنوايا، قرر رفقة بعض الإخوان تأسيس مجموعة “إيغلز” سنة 2006 بهدف إعطاء إضافة للفيراج.
الدكتور حمزة الكندي.. خبير سيكولوجية الجماهير خريج “الفيراج” العسكري
اختار الباحث حمزة الكندي ظاهرة “الألتراس” مجالا لأبحاثه الأكاديمية ومحاضراته، مستمدا معارفه من تجربته المبكرة التي راكمها في “فيراج” مشجعي الجيش الملكي وتنقلاته مع الفريق في مختلف الملاعب مساندا وملاحظا.
ينفي حمزة انتماءه لأي مجموعة، لكنه يؤكد حبه لفصائل الألتراس العسكرية ويرى نفسه جزءا “من مجموعة ضمن المجموعات التي تبني متخيلاتها عن نفسها وعن كرة القدم وعن العالم من خلال الرمز والصورة والخطاب، وتقدمها عبر الأداء كنوع من الفرجة القادمة من المدرجات، والتي تتحول مع مرور الوقت إلى انخراط شامل في الطقوس والشعائر والمراسم المترجمة عبر رموز “الألتراس” اللفظية والحركية والبصرية، ومن خلال السلوكات السياسية التي تفرزها هذه الجماعات التي تجسد وحدة التشجيع، وتحويل عملية المناصرة إلى طقوس مناهضة لقيم الفردانية ومناهضة لتجزئة الجماهير والتعامل معها كزبون مستهلك لكرة القدم كفرجة”.
يجمع حمزة عصارة تجاربه الميدانية في كتب تعزز المكتبة الرياضية، ولعل كتابه “الأبعاد السياسية لحركة الألتراس بالمغرب بين هاجس التقنين والصيرورة الاحتجاجية” يجمع بين دفتيه تفاصيل هذه الحركة التي تقابل عادة بمقاربات أمنية.
لم يكتف حمزة بأطروحته، بل أضحى محاورا منظرا خبيرا وعارفا بأدق تفاصيل الحركة الجماهيرية وقدرتها على التأثير في المشهد الكروي، وفتح نقاشا أكاديميا حول الظاهرة؛ “انطلقت من الفكرة التي تقضي بأن كل شيء تقريبا، هو سياسي بالكامل، يجعل من الرياضة في شق منها أحد المواضيع المهمة، التي يمكن أن تحظى باهتمامات علم السياسية وأن إرساء أسس المعرفة العلمية من زاوية العلم السياسي لفهم الإشكالات العلمية تطرحها الرياضة والثقافات الفرعية المرتبطة بها والمنبثقة عنها في علاقتها بالسياسة، قد يجد منطلقاته في ضرورة التحسيس بأهمية المشاركة الأكاديمية للنقاش العمومي مؤطر علمي، والنقاشات تطرحها الصحافة الرياضية والرياضيين والمشجعين وممثلي الأجهزة الأمنية ورؤساء الأندية والمسؤولين الحكوميين بطريقة قد تخرج من الإنتاج العلمي وفق قانون الطلب والعرض من جهة، ومن جهة أخرى قصد الخروج من نقاشات تقليدية للعلوم الاجتماعية بصفة عامة وعلم السياسة بصفة خاصة، ومواكبة التطورات ومعالجة الإشكالات ذات الراهنية بالمجتمع”.
لم يكتف الباحث في العلوم القانونية والسياسية حمزة الكندي، بأطروحته ومحاضراته القيمة الموغلة في أحشاء الفكر الجماعي للألتراس، بل انكب على إصدارات علمية أبرزها: “الألتراس بالمغرب: العنف والسلطة والسياسة”.
حصل حمزة على شهادة الدكتوراه من جامعة محمد الخامس تخصص العلوم القانونية والسياسية، ووقف على وقع كلمات الأغاني والرسائل ترفعها مجموعات الألتراس تعبر عن تصورات وقيم الجماعة وعن الرمز والمكان عبر تمجيد النادي وألوان النادي ونجومه وتمجيد تاريخ النادي وجمهور النادي والمجموعة.
معاذ بلغوات (الحاقد).. رجاوي لاجئ تخرج من المدرجات الجنوبية
في ظل ارتفاع الأخبار المتعددة حول طلب مغاربة اللجوء السياسي في دول أوروبية ومنها ألمانيا، وأغلبهم لأسباب اجتماعية، تقدم مغني الراب معاذ بلغوات، المعروف باسم الحاقد، بطلب اللجوء السياسي في بلجيكا، فحصل عليه.
في بروكسيل، تقدم مغني الراب المغربي معاذ بلغوات المعروف بلقب “الحاقد” بطلب اللجوء السياسي. أكد بلغوات أن الشرطة المغربية جاءت تبحث عنه في منزله في الدار البيضاء مجددا للقبض عليه وفضل البقاء في هذا البلد الأوروبي، متقدما بطلب اللجوء السياسي، بعدما جرى اعتقاله ثلاث مرات بتهم تم تكييفها على أنها تهم للحق العام.
ونظراً لتعرض مغني الراب الحاقد لاعتقالات متواصلة، يقول إنها بسبب المواقف السياسية لمضمون أغانيه، رغم أنه اعتقل مرة في بوابة الملعب وهو يتاجر في السوق السوداء بتذاكر مباراة، حسب محضر الإدانة، لكنه اعتقل مرتين بسبب مضمون أغانيه.
يقول محام حقوقي: “من ضمن العوامل التي ستجعل معاذ بلغوات قد يحصل على اللجوء السياسي هو تقديمه في بلد مثل بلجيكا يأخذ الطلب بعين الاعتبار دون اعتبارات سياسية، عكس ما يقع في إسبانيا وفرنسا في حالة تقديم مغاربة للجوء، حيث ترفض باريس ومدريد منح المغاربة اللجوء إلا نادراً حتى تبقى على علاقات طيبة مع الرباط. واعتاد مسؤولو إسبانيا وفرنسا مطالبة المغاربة الذين لهم أسباب سياسية بتقديم اللجوء في دول أوروبية أخرى لتكون حظوظهم أكثر”.
حليوة.. ابن رجل التعليم الذي جره “الراب” من النادي البلدي
اسمه الحقيقي إيهاب إقبال، لكنه معروف في أوساط عشاق “الراب” بلقب “حليوة”، وهو اللقب الذي طارده منذ طفولته. ولد في الدار البيضاء وتحديدا في درب بن جدية، ووالده كان رجل تعليم من أصول سوسية. بدأ مشوراه منذ سنة 2013 بأغان خلقت الحدث أبرزها “الضحك تقادا”، “بطل العالم”، “موسيقى الشيطان” و”ولد فاطمة”، نسبة إلى والدته فاطمة التي كانت راعيه الرسمي. لكن طريق الشهرة ستعبد له سنة 2016.
أثار حليوة إعجاب وانتقاد الكثير من الشباب وعشاق “الراب” المغربي، بسبب أسلوبه الغنائي السريع وجرأته اللاذعة من جهة و”العنيفة” وكلماته النابية من جهة أخرى، ما جعله عرضة لوابل من الانتقادات وللهجوم من بعض مغني الراب المغاربة.
ظل حليوة يمارس شغبه وعشقه للرجاء، فقد كشف مجموعة من أصدقاء الرابور أن المصالح الأمنية اعتقلته بالدار البيضاء، ما دفع معجبيه لإطلاق حملة “الحرية لحليوة”.
عرف مغني الراب إيهاب إقبال بترويجه لـ”الفيراج” الأخضر وانتقاداته اللاذعة في حق زملائه كالفنان محمد الهادي المزوري المعروف بـ”مسلم”، معبرا عن عدم قبوله لتصريحات أدلى بها هذا الأخير ضده، مضيفا أن مسلم وصل درجة كبيرة من النجاح قد يسقط منها إذا ما استمر في غناء “الراب”، على حد قول إيهاب إقبال.
اقتحم مغني الراب، حليوة، قائمة الفيديوهات الأكثر رواجا على موقع “يوتيوب” في فرنسا، بفضل أغنية بعنوان 57 كلغ، واحتفل عبر حسابه في موقع التواصل الاجتماعي “أنستغرام”، باحتلاله المرتبة 13 في “طوندونس يوتيوب” في فرنسا، فيما يحتل المرتبة الثالثة في القائمة نفسها الخاصة بالمغرب.
السقندح.. “كابو” الوداد الذي أعلن توبته من المدرجات
في دار الحديث بحي الألفة، يقدم لحسن أمزال دروسا في التوعية الدينية، ويحرص على تقديم شروحات في فقه السنة وفقه الأسماء الحسنى والرد على استفسارات الناس استنادا إلى القرآن الكريم.
قائد فصائل ألتراس الوداد البيضاوي “الفائزون” سيعلن توبة لا رجعة فيها، حين أعلن اعتزاله المدرجات بعدما قضى عشر سنوات في قيادة الفصيل المساند للوداد الرياضي. وجاء إعلان الاعتزال بشكل نهائي عبر شريط فيديو ظهر فيه لحسن، الشهير في الأوساط الرياضية بلقب “السقندح”، بملامح مختلفة تماما عما عرف عنه، حيث عفا عن لحيته وغير كثيرا من شكله، باعتباره داعية للدين الإسلامي الحنيف، مقدما تفاصيل عميقة في فهم أصوله.
ظهر أمزال في شريط فيديو وهو ينهي علاقته مع المدرجات ومع الكرة ومع فصيل المشجعين الذي ارتبط به طويلا، وقال في شريط التوبة: “أنا لحسن أمزال كنت قائدا لألتراس الوداد ومؤلفا للأشعار التي يرددها مشجعو النادي، أعلن توبتي وبراءتي من كل ما يرتبط بالكرة”، قبل أن يثير الانتباه إلى وجود بعض الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي الفايس بوك التي تحمل اسمه دون أن تكون له علاقة بمواقع التواصل الاجتماعي، مشيرا إلى وجود أشخاص ينتحلون صفته.
وحدد الداعية لحسن السبب الرئيسي في تغيير موقفه بشكل راديكالي، إلى “لجوئه إلى الله وتمسكه بتعاليم الدين الحنيف”، مشيرا إلى رغبته في طي صفحة الماضي التي اعتبرها جزءا من الجاهلية، داعيا في الوقت نفسه الجمهور الودادي والمغربي عامة إلى التمسك بالدين والابتعاد عن كل ما من شأنه أن “يثير الفتن”، مقترحا على أصدقائه حذو حدوه واتباع نصائح السلف الصالح، مشيرا إلى الشيخ صالح بن العثيمين وصالح الفوزان وغيرهما من علماء الدين الإسلامي الذين يتبعون المنهج السني.
وتعددت الروايات حول سر “التوبة” المفاجئة لقائد الألتراس، الذي ظل يشكل خصما حقيقيا للسلطات الأمنية في الدار البيضاء وخارجها، وقال بعض المقربين منه إن اعتزاله ساهم في ابتعاد عدد من أصدقائه عن فصيل الألتراس، لكن السر الحقيقي ظل في علم الغيب، وإن كان وداديون يرجحون تشبعه بالفكر الديني خلال تواجده في السجن حيث التقى ببعض السلفيين، أثناء العقوبة الحبسية التي قضاها في سجن عكاشة بالدار البيضاء، وهناك من ذهب إلى أبعد من ذلك حين ربط التوبة بوفاة والده رحمة الله عليه.
الوجه الإنساني لفصائل “ألتراس” المدرجات
ليست حركة “الألتراس” مجرد فيلق يقف في خنادق المواجهات، بل إنها لا تتردد في فعل الخير، إذ لا يخلو سجل كل فصيل من مبادرات إنسانية تسجل في دفتر حسناتها.
رغم الانتقادات التي ظلت تلتصق بها، إلا أن زلزال الحوز كشف عن الوجه الإنساني لهذه الفصائل التي انخرطت في مبادرات الخير والإحسان وعملت إلى تقديم مساعدات لضحايا زلزال الحوز.
انخرطت جل الفصائل في حملة تضامن واسعة مع ضحايا الزلزال المدمر الذي ضرب عددا من مناطق المغرب، وخلف خسائر مادية وبشرية كثيرة، لتتضح جليا القيمة الإنسانية لهذه المجموعات، بالإضافة إلى تأثيثها لمدرجات الملاعب المغربية، وتقديمها للمساعدات الإنسانية دون انتظارها لحوادث وكوارث طبيعية من أجل القيام بذلك، كما حولت الملاعب إلى فضاء للمطالبة بدعم ضحايا الكارثة الطبيعية.
من جهتها، ساهمت الفصائل المساندة للرجاء الرياضي في الحملة التي أطلقها منخرطو الفريق، التي كانت تروم جمع تبرعات من أجل توفير مبلغ كراء طائرة خاصة للتنقل خارج المغرب.
كما قامت فصائل الألتراس الرجاوية بحملة دعم القراءة من خلال قافلة “اقرأ”، واختارت منطقة نائية لتنزيل المبادرة، وتحديدا في ضواحي أمزميز، حيث تم توزيع العتاد المدرسي وطلاء مؤسسة تعليمية.
وعلاقة بالموضوع ذاته، خلد فصيل “لوس ماتادوريس”، الموالي لفريق المغرب التطواني، يوم المعلم ووقف إجلالا له، مكرسا مقولة: “كاد المعلم أن يكون رسولا”، بل إن جماهير الملاعب اختارت تكريم مربي الأجيال في التفاتة إنسانية تمسح صورة المشجع المشاغب، الذي لا يتقن إلا لغة الاحتجاج.
من جهته، تفاعل ألتراس “إيمازيغن”، المساند لفريق حسنية أكادير، مع وفاة الفنان أحمد بادوج، أحد أعمدة الفن السابع الأمازيغي، الذي وافته المنية نتيجة إصابته بجائحة كورونا. واستحضر أعضاء الفصيل في مبادرة مؤثرة القيمة الرمزية لهذا الفنان.
وجند الفصيل الودادي “الوينرز” كافة خلاياه للانخراط الكلي في حملة “جميعا ضد قساوة البرد”، من خلال عملية التبرع وتجميع الملابس الشتوية، سواء المستعملة أو الجديدة، وكذا الأغطية والأحذية وكل ما يلزم لإدخال الدفء إلى بيوت المحتاجين. ومست هذه المبادرة الإنسانية فئة واسعة من المتضررين من البرد، سيما في المناطق النائية، كما قامت بحملات للتبرع بالدم في مناسبات عديدة.
وسجل جمهور فريق الجيش الملكي موقفا يحسب له، حين تبرع وبشكل مكثف بالدم، ودعا الخلايا التابعة للفصائل المساندة للنادي العسكري إلى الانخراط في هذا العمل الإنساني، الذي خلف صدى طيبا في المشهد الرياضي المغربي. واستهدفت المبادرة ضحايا حادث انقلاب القطار ببوقنادل.
وفي فاس كما في الجديدة ومراكش وبني ملال ووادي زم وخريبكة ومكناس وطنجة ووجدة وبركان مئات المبادرات على امتداد السنة، تعطي للتشجيع بعده الإنساني، فلكل فصيل مشجع عبر التراب المغربي وجهه الإنساني، والذي يضيق المجال لرصده، لكن النضال في الخندق الإنساني يؤكد أن هؤلاء المشجعين ليسوا “صعاليك” كما ينظر إليهم البعض.
مؤطر
من “الألتراس” إلى غرفة قيادة الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم
ولد عمرو فهمي في حي الزمالك بمحافظة الجيزة المصرية في عام 1983، من أسرة مصرية كروية من الطراز الرفيع، وهو ما دفعه لحب كرة القدم منذ نعومة أظفاره. درس إدارة الأعمال في الجامعة العربية للعلوم والتكنولوجيا، وحصل على ماستير في الإدارة والقانون وعلوم الرياضة من جامعة مونتفزونت البريطانية، كما حصل على دبلوم من جامعة نيوشاتل السويسرية وبوكوني الإيطالية، وشهادات عليا في إدارة وتسويق كرة القدم من الاتحاد الدولي لكرة القدم.
كان الظهور الأول لعمرو مصطفى فهمي على الساحة الرياضية، من بوابة الجماهير، فهو أحد مؤسسي رابطة مشجعي الأهلي “ألتراس أهلاوي”، والتي رأت النور بعد رفع العلم الشهير في مباراة ريال مدريد في عام 2001.
ينتمي عمرو لعائلة رياضية، جده مراد فهمي لعب للأهلي في فترة شبابه، ثم تقلد منصب مدير الكرة للفريق الأحمر بعد الاعتزال، وتدرج وأصبح أحد أعضاء مجلس إدارة القلعة الحمراء، ثم بدأ رحلة جديدة مع منتخب مصر كمدرب، ومن ثم أصبح السكرتير العام للاتحاد الإفريقي لكرة القدم.
والد عمرو تقلد بدوره منصب سكرتير “الكاف” واستمر في المنصب لمدة 28 عاما بدأت من عام 1982، وأبى إلا أن يمنح مصر منصبا لم يشغله أحد أبنائها من قبل، فشغل منصب مدير قطاع المسابقات في “الفيفا” كأول مصري يصل لهذه المكانة، ثم ترك مصطفى فهمي المنصب وعاد ليخدم النادي الأهلي الذي تربى بين جدرانه.
أما شقيق جده عزيز فهي فقد كان حارسا لمرمى منتخب مصر في مشاركته الأولى في كأس العالم عام 1934، ويعد واحدا من المصريين الذين احترفوا في أوروبا، حيث لعب لفريق مونبلييه الفرنسي. في يوم الأحد 23 فبراير 2020، انتقل عمرو فهمي إلى عفو الله، عن سن يناهز 37 عاما، بعد أن أصيب بمرض السرطان الذي لم يمهله طويلا.