شوف تشوف

الرئيسيةسري للغايةسياسيةملف التاريخ

الوطنيون كانوا يعدون بتطبيق الشريعة الإسلامية إذا وصلوا إلى السلطة بعد استقلال المغرب

يونس جنوحي

رغم كل هذه التحديات، يواصل حزب الاستقلال المطالبة بحرية الممارسة للعمل النقابي. ويعتقد الاستقلاليون أنهم يستطيعون الهيمنة على النقابات، تماما كما فعل الوطنيون في تونس، واستعمالها كقوة «بروباغاندا» دعائية. إذا استطاع الاستقلاليون تأسيس فروع للنقابات في المناطق النائية، فهذا من شأنه أن يمنح الحزب فرصة للتقدم في الأماكن التي يُعتبر فيها نفوذه ضعيف التأثير.

في البلدان المتخلفة نسبيا، غالبا ما تميل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية إلى التشابك مع تطلعات الحركة الوطنية. يمكن أن يتم تمثيل السلطة الحاكمة في شخص حاكم إمبريالي، ويمكن تمثيلها، أيضا، في شخص حاكم مستغل للاقتصاد. وحزب الاستقلال في المغرب استغل النهجين معا.

بلغ إلى علمي وجود إدانة مستمرة للظهير البربري، الذي قُدم للرأي العام على أنه محاربة للإسلام أو على أساس أنه محاولة مُتعمدة لتقسيم العرب والأمازيغ.

قيل لي، أيضا، إنه إذا وصل حزب الاستقلال إلى السلطة، فإن قوانين الشريعة الإسلامية ستطبق على القبائل الأمازيغية، وهذا من شأنه، بكل تأكيد، أن يتسبب في المشاكل وسيُشكل خطوة إلى الوراء.

يُعجب قادة حزب الاستقلال الاقتباس من بنود ميثاق الأمم المتحدة. إن الفحص الدقيق لهذه البنود سيكشف عن وجود نقطة تفرض احترام عادات السكان المحليين. الناس يكونون أكثر سعادة عندما يعيشون في ظل قوانينهم التقليدية من أن يخضعوا لنظام بيروقراطي مركزي.

في الرباط كانت المطالب، مرة أخرى، هي الحصول على الاستقلال. وقيل لي هناك:

-«لقد ظللنا نطرح على الفرنسيين باستمرار أفكارا معتدلة منذ سنوات. لقد تم تجاهل هذه الأفكار واعتُقل قادتنا أو تم نفيهم. هل يمكنك أن تتساءل إن كنا فقدنا الأمل؟ لا لم نفقده. ليست لدينا أي أفكار عن استعمال العنف، ونحن الآن نُناشد ضمير العالم.

وحتى في هذا الوقت المتأخر، لو استطاعت فرنسا إقناعنا بأنها غيرت سياستها تجاهنا وستعاملنا بحُسن نية، وإذا تغير موقفنا، فسنكون على استعداد للنظر في نهج تعامل آخر. نحنُ مستعدون للتفاوض حول موعد لاستقلال البلاد عن فرنسا، ما لم يكن الموعد بعيدا جدا. ووقتها نتحمل المسؤولية مرحلة بعد مرحلة. لكن إذا كان الفرنسيون جديين فعلا يتعين عليهم التحرك بشكل سريع جدا».

دائما عندما ألح في طلب التفاصيل، يتوقف هؤلاء القادة عند نقطة حصول البلاد على الاستقلال وأيضا عند نقطة الملكية الدستورية. وعندما تظهر أفكار أخرى يعارضونها بشدة. كان من واجبي أن أجمع المعلومات بدل أن أعطيها. كما أنه ليس من واجبي أن ألقي محاضرات على الوطنيين حول حالات مشابهة للدول التي تكون في طور النشأة من جديد، والتي سبقت لي زيارتها. لو أتيح لي هذا الأمر سأبدأ بمثال من دولة بولندا. عندما حصلت هذه البلاد على استقلالها سنة 1918، كان المطلب الطاغي على المطالب الشعبية هو الديموقراطية. في نسخة البرلمان الأولى، كان ممثلو الشعب ينتمون إلى 27 حزبا سياسيا مختلفا، تم انتخابهم. البلاد التي تحتاج إلى خطوات فعلية لم يكن لديها أي شيء سوى الكلمات، والنتيجة كانت أن الشعب حصل على «بيلسودسكي»، وكانت بولندا، بذلك، واحدة من الدول الأكثر حظا.

هناك مؤشرات كثيرة على أن أمرا مُشابها قد يحدث في المغرب. لا أرى أي مُعطى على وجود شخص مثل «بيلسودسكي» بين قادة الحركة الوطنية في المغرب، لكن سبق لي أن توقعتُ أنه من المحتمل أن يتم تجاهلهم في لحظة المرور إلى اتخاذ خطوات فعلية، رغم أن بعض الأفكار، التي عبروا عنها على عجل، قد يتم تبنيها من طرف الآخرين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى