شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

بيننا وبينهم القضاء

الافتتاحية

لا شك أن النقاش الدائر اليوم حول توزيع المجلس الوطني للصحافة للبطائق على الصحافيين أمر صحي، في بعض جوانبه، بل ومطلوب لحماية مهنة المتاعب من أشكال التجريف والاعتداء التي حولت هذا الميدان إلى مرتع لغير المتخصصين، تقتحمه وجوه غريبة عن هذه المهنة تعتمد على شعبويتها في مواقع «فايسبوك» و«إنستغرام» و«اليوتيوب» و«التيكتوك» للسطو على مهنة الصحافي على حساب الصحافيين المهنيين خريجي معاهد الصحافة والإجازات الجامعية المتخصصة في المهنة.

والحقيقة أن الجهود المبذولة من أجل إصلاح هذا القطاع منذ 2016 لم تثمر النتائج المتوخاة في تنظيف هذا البيت من المتطاولين والطفيليين، لأن هناك من يريد عن قصد إغراق هذه المهنة المنظمة بقانون في الفوضى وجعلها مهنة من لا مهنة له يتطاول عليها ضحايا الهدر المدرسي وخريجو السجون.

وبكل صراحة فالمؤسسات الإعلامية والقضائية تتحمل جزءا من المسؤولية بسبب صمتها وعدم تدخلها بالصرامة الكافية في وجه من يترامى على القطاع ويتحول في غفلة من الجميع إلى صحافي «بلا خبار المخزن».

وأدهى من ذلك أن هناك من يستغل هذه المهنة ويحصل على البطاقة بطرق غير مفهومة، فقط ليقدم محتوى تحريضي ومضامين تافهة ومبتذلة تحظى بنسب متابعة عالية.

إن التجريف الذي يعرفه حقل مهنة الصحافة جعل هذه الأخيرة تعيش لحظة احتضار وموت كلينيكي، وهي اليوم في أشد الحاجة للتنظيم والضبط والتمييز بين من هو الصحافي المهني والمؤثر التواصلي والمحلل والسياسي والمعارض، لقد اختلط الحابل والنابل حتى أصبحنا لا نميز بين الصحافيين وأشباههم.

في المحصلة، فنحن نعيش اليوم بثقافة أن الصحافة فهلوة وبيع كلام أو موهبة خلقت مع الإنسان، بل إن هناك من يعتبر أن تدريس الصحافة مضيعة للوقت وأن الحل هو قناة على «اليوتوب» لخلق شهرة والتحول إلى صحافي مفوه لا يشق له غبار، وللأسف هذا هو ما آل إليه واقعنا الصحافي.

ولعل القضاء مدعو اليوم أكثر من أي وقت مضى للعب دوره في ضبط هذا المجال الذي يدخل ضمن السلاح الناعم. ومثلما لا يتساهل القضاء مع من يلبسون بذلة المحامي أو الطبيب، وينتحلون صفتهم دون وجه حق، يجب أن لا يتساهل كذلك مع كل من يحمل مايكروفون وكاميرا تصوير ويسجل في الشوارع حوارات مع عباد الله دون توفره على بطاقة الصحافة.

يجب أن تكون بطاقة الصحافة هي الفيصل بين الصحافي المهني وبين من ينتحلون صفته ويشوهون مهنته ومعها صورة البلد.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى