الداخلة: محمد سليماني
خرج الصراع القائم بين أقطاب العمل الحزبي بجهة الداخلة وادي الذهب إلى العلن أخيرا، بعدما كان منذ مدة طي الكتمان، وحبيس جدران الصالونات السياسية بالجهة، وأضحت معالم الصراعات السياسية تنذر بفصول جديدة في قادم الأيام.
واستنادا إلى المعطيات، فإن محمد لامين حرمة الله، المنسق الجهوي لحزب التجمع الوطني للأحرار، صب الزيت على نار الخلافات القائمة بين عدد من الفرقاء السياسيين بالجهة، إذ أكد خلال كلمة له في الجلسة الافتتاحية لمنتدى المنتخبين التجمعيين، نهاية الأسبوع الماضي، أمام رئيس الحزب، أن التحالفات القائمة حاليا على مستوى عدد من المجالس المنتخبة، وعلى رأسها مجلس الجهة، تعيش خلافات عميقة. وأضاف حرمة الله الذي يتولى شقيقه رئاسة مجلس جماعة الداخلة، «أن الحليف الوحيد بالجهة، وصاحب الكلمة هو الجماني» (الحركة الشعبية)، ما يعني أن التحالف الذي كان قد نشأ على عجل، بعيد انتخابات 2021، ما بين حزب الاستقلال والتجمع الوطني للأحرار أصبح عقده ينفرط، وأضحت الخلافات عميقة ما بين الخطاط ينجا، رئيس مجلس الجهة والمفتش الجهوي لحزب الاستقلال، ومحمد لامين حرمة الله، عضو المجلس البرلماني، وعضو المكتب السياسي للتجمع الوطني للأحرار، وهو ما دفع هذا الأخير إلى العودة إلى حلفاء آخرين، تمهيدا لبناء تحالفات في الاستحقاقات المقبلة، وتضييق الخناق على الاستقلالي الخطاط ينجا.
ويبدو أن المستفيد الأكبر من هذه الحرب الطاحنة على مستوى جهة الداخلة وادي الذهب هو حمدي ولد الرشيد، عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال ومنسق الجهات الجنوبية الثلاث بالحزب، الذي لم تعد علاقته برئيس مجلس الجهة على ما يرام، بل إن حربا طاحنة بين الرجلين تدور رحاها بالجهة وداخل حزب «الميزان» منذ مدة، مع العلم أن البرلماني حرمة الله تربطه علاقة قوية مع حمدي ولد الرشيد، حيث إنه استقبله في بيته بالداخلة استقبالا حاشدا، قبل أسابيع، عندما حل بالمدينة، كما أن حرمة الله كذلك كان في مقدمة الوفد الذي حضر زفاف ابنة رئيس مجلس المستشارين بالعيون (صهر ولد الرشيد)، وكان في استقبال أفراد الوفد ولد الرشيد. ولا يستبعد كثيرون أن انتقادات حرمة الله للخطاط قد تكون بإيعاز من ولد الرشيد، الذي يسعى إلى الإطاحة بالخطاط ينجا من رئاسة مجلس الجهة.
واستنادا إلى المعطيات، فإن التحالفات بين أقطاب الأحزاب بالداخلة لم تكن تحالفات قوية وقائمة على مرجعيات متينة، بل إنها تحالفات لحظية أملتها ظروف معينة، وتدخلت فيها أيادي الأغلبية الحكومية، ذلك أن تفاهمات ما بين عدد من المنسقين الجهويين للأحزاب بجهة الداخلة- وادي الذهب أدت إلى الحسم في تشكيلة المجلسين الجماعي والجهوي عشية الانتخابات، إذ تم الاتفاق أن تؤول رئاسة مجلس جماعة الداخلة إلى محمد بوبكر، المنسق الجهوي لحزب التقدم والاشتراكية، ورئاسة مجلس جهة الداخلة- وادي الذهب إلى محمد لامين حرمة الله، المنسق الجهوي لحزب التجمع الوطني للأحرار، وإبعاد حزب الاستقلال، إلا أنه بعد تعيين أخنوش رئيسا للحكومة، ومباشرته مشاورات مع حزبي الأصالة والمعاصرة والاستقلال لتشكيل الحكومة والاتفاق على رئاسة مجالس الجهات من الأحزاب الثلاثة، تم نسف الاتفاق الأول على مستوى جهة الداخلة وادي الذهب، إذ قام المنسق الجهوي لحزب الاستقلال بالتنازل عن منصب رئيس مجلس الجهة لصالح حزب التقدم والاشتراكية، مقابل أن ينال حزب الاستقلال رئاسة مجلس الجماعة الترابية، والمشاركة أيضا في أغلبية تسيير مجلس الجهة، الأمر الذي وافق عليه المنسق الجهوي لحزب التقدم والاشتراكية بسرعة ووقع اتفاقا بشأنه.
وقبل أن ينتشي حزب التقدم والاشتراكية باتفاق منحه رئاسة مجلس الجهة، عُقد اتفاق جديد ما بين أحزاب التجمع الوطني للأحرار، والاستقلال والاتحاد الدستوري وحزب الأمل والمجتمع الديمقراطي، يقضي بإبعاد التقدم والاشتراكية عن المجلسين الجهوي والجماعي، على أن تؤول رئاسة مجلس الجهة إلى الاستقلالي الخطاط ينجا، وتؤول رئاسة مجلس الجماعة إلى التجمعي الراغب حرمة الله.