شوف تشوف

الرئيسيةتقاريرخاص

تفكيك كرونولوجيا الأحداث يقود إلى أهداف الحملة ضد المغرب ويكشف أن وراءها أجهزة مخابراتية لا قضائية

المغرب وماكينة الوحل الإعلامي والسياسي الأوروبي..مكاشفة لابد منها (5)

ونحن نراقب تفاعلات قضية «قطر غيت» كانت مسألة طرح الأسئلة أهم بكثير من محاولة الإجابة عليها… خاصة وأننا وصلنا إلى الخلاصات وقادنا تفكيك كرونولوجيا الأحداث إلى أهداف هذه الحملة المنظمة من طرف أجهزة مخابراتية لا قضائية… وتستعمل فيها ماكينة إعلامية متنوعة ومنتشرة… لا مؤسسات تحقيق وتدقيق معايير الشفافية… على أن الهدف هو مصالح المغرب وخاصة الصحراء المغربية واتفاقيات الفلاحة والصيد البحري… أما الجهة الممولة لكل هذه الماكينة من المؤثرات الخاصة Les effets spéciaux.. (إعلام ومنظمات وأجهزة استخباراتية ومجموعات ضغط…) فهي أجهزة النظام العسكري الجزائري وخزينة «سونطراك»…

 

رقعة الزيت.. ومتلازمة «بانزيري»

 

كيف توصلنا إلى هذه الخلاصات…؟

أولا، الطريقة التي تم توظيفها في تفجير القضية إعلاميا مع توقيتها… تحمل أكثر من علامة استفهام.. ثانيا، المغرب لم يكن طرفا في الملف… بدليل أن الملف يحمل اسم «قطر غيت»… وكيف غاب عن أعين أهم المؤثرين العرب في كل منصات التواصل الاجتماعي ك «الفيسبوك» و «اليوتوب» و «التويتر» و «انستغرام»…؟ هل طريقة تفجير الملف لم تثير الرأي العام العربي..؟ وهل تألق قطر في تنظيمها للمونديال قد حجب كل تلك العاصفة الرملية…؟ أم أن الرأي العام العربي لا يثق في تلك المؤسسات الإعلامية الغربية التي تكلفت بالتغطية نيابة عن أجهزة استخباراتية…؟

لقد تطرقنا في مناسبات سابقة إلى خلفية تلك المنابر الإعلامية خاصة الإيطالية وعلاقتها باليمين ومصالح عائلات تحتكر المجال الإعلامي انطلاقا من التحكم في معاهد تكوين الصحافة إلى امتلاك جرائد ومواقع وقنوات تلفزية وراديو ودور النشر… وعلى رأسها عائلة Agnelli وعلاقتها بالنظام الجزائري من خلال شركة FIAT بمدينة وهران وإنتاج 90 ألف سيارة سنويا بالجزائر…

كما رصدنا التغطية الإعلامية الإيطالية الغزيرة حتى درجة «الإسهال» وتكليف أكثر من 4 مراسلين من بروكسيل… ورصدنا تعمد كل تلك التحقيقات الإعلامية سواء «لاريبوبليكا» أو «إلفاتو» كوتديانو» و«لاسطامبا» و«إلجورنالي» المملوك لبرلوسكوني إلى غاية 31 دجنبر 2022. أقول، لقد تعمدت تحقيقاتهم منذ اليوم الأول رسم خطوط القضية على مقاس المغرب ورموزه ورجاله… هذا مع أن أحداث القضية وأسباب نزولها وحتى اعترافات أحد المتهمين لا تتناول المغرب… لكن تلك المنابر تصر بكل الطرق الصريحة والضمنية على إقحام المغرب ولو بإرفاق المقالات بصور لمسؤولين مغاربة جمعتهم علاقات العمل مع السيد النائب الأوروبي بانزيري بصفته رئيسا للجنة البرلمانية المختلطة الأوروبية المغربية…

لكن الإصرار استمر بنشر صور شخصيات مغربية أو التلميح ونبش بعض أحداث الماضي حتى لو كلف الأمر تبني بروباغندا النظام الجزائري وإعادة نشر بعض خزعبلات Chis Coleman العميل داخل المخابرات الجزائرية… كأن الهدف الأول من الإسهال الإعلامي الإيطالي والبلجيكي هو إغراق صفحات الويب بأخبار زائفة عن المغرب. وثانيا، هو تشويه صورة المغرب لدى الرأي العام الأوروبي… !

 

إعادة ترتيب بيت المشرعين الأوروبيين

 

لكن قبل كل استسهال لهذه القراءة النقدية… فيجب طرح أسئلة أخرى بعيدة عن «قضية قطرغيت» أو إقحام المغرب فيها عنوة…

فهل الأمر يتعلق بسابقة داخل القصر الزجاجي الأوروبي ببروكسيل…؟ وكيف يعرف الجميع ببروكسيل موطن الداء ولا يستطيع أحد إلى الإشارة إليه… وكيف يقف قضاة التحقيق الفيدرالي البلجيكي موقف المتفرج أمام بيئة حاضنة لكل بؤر الفساد والتهرب الضريبي…؟

لكن هل الهدف من التفجير الإعلامي الهائل.. هو ضرب اليسار في رأسماله الأيديولوجي أي الأخلاق والأخلاقيات…؟ وهل هي حملة انتخابية سابقة لأوانها لليمين الأوروبي… لسحق تيار اليسار والاستحواذ على القصر الزجاجي للتشريع الأوروبي لمدة أطول بعد الانتخابات القادمة…؟

أم هو زلزال يمهد لإعادة ترتيب بيت المشرعين الأوروبيين بطريقة جديدة تتماشى مع معطيات جيواستراتيجية النظام العالمي الجديد خاصة بعد كوفيد 19 والحرب الأوكرانية وتداعياتها…؟

لكن قبل هذا وذاك فقد كان لابد أيضا من إبداء بعض الملاحظات حول المتهمين أولا… فاليونانية «إيفا كايلي» Eva Kaili هي حديثة التعيين… إذ تم تعيينها كنائبة رئيسة البرلمان الأوروبي فقط في يناير 2022… في حين تفضل التحقيقات الإعلامية الإيطالية بداية الحكاية منذ 2011…!

وإذ علمنا أن استهداف قطر من طرف قادة التيار الليبرالي اليميني الغربي قد انطلق مع إعلان فوزها بتنظيم المونديال منذ دجنبر 2010… قد يظهر أن خطاب «إيفا كايلي» : ليس بتلك القوة أو الأهمية التي يحاول الغرب ترسيخها من خلال ماكينة إعلامه… لكن حجز أموال ببيتها اعتبر حالة تلبس فقدت بموجبها الحصانة… في حين أن رفيقها الإيطالي  Francesco Giorgi وأبو ابنتها ذات 22 شهرا، هو صديق ومترجم ومساعد سابق للبرلماني السابق الإيطالي بانزيري Panzeri.. كما أصبح بعد انتخابات سنة 2019 مساعدا للإيطالي Cozzolino Andrea… ولأن الإيطالي الآخر Niccolo Talamanca وهو الكاتب العام لمنظمة حقوقية No peace without justice يقتسم نفس المكتب مع منظمة Fight Impunity لصاحبها Antonio Panazeri… بالإضافة إلى الأصل الإيطالي لكل من النائب البرلماني البلجيكي اليساري Marc Tarabella والوزيرة البلجيكية السابقة والنائبة الحالية Maria Arena… فقد حاولت منابر إعلامية يمينية إيطالية توظيف هذه العلاقة وتوصيفها ب Italian job  أو Italian connection… بل هناك من ذكر بملحمة قاضي التحقيق الإيطالي «ذي بييترو» ودوره في قضية «الأيادي النظيفة» سنة 1992، وهناك من حاول ضرب اليسار الإيطالي، خاصة وأن الحزب الديمقراطي الإيطالي يعرف إعادة هيكلته واستعدادات لانتخابات داخلية في الشهور القليلة القادمة…

أكثر من هذا فقد سارعت أحزاب يمينية إيطالية إلى إجراء استقصاءات الرأي على ضوء قضية «قطرغيت».. في دجنبر 2022، فكانت النتيجة ترسيخ زعامة اليمين المتطرف بزعامة رئيسة الحكومة «جورجيا ميلوني» وفقدان الحزب الديمقراطي ومعه تيار اليسار العديد من النقط… وهو مكسب كبير في أفق الانتخابات البلدية بإيطاليا وانتخابات البرلمان الأوروبي…

 

Antonio Panzeri ليس استثناء

 

لكن المناسبة تدفعنا للتعرف أكثر على شخصية المتهم الرئيسي في القضية Antonio Panzeri… إذ لا يجادل أحد في ماضيه النضالي سواء مع الهيئة النقابية CGIL بميلانو الأكثر تمثيلا في إيطاليا حتى أنه كان من أكبر مرشحي قيادتها في إيطاليا وصراعه مع Sergio cofferati من أجل خلافة Guglielmo Epifani وهي أسماء قوية في إيطاليا بل هذا الأخير كان قد أرسله لمثل نقابة CGIL بالبرلمان الأوروبي حتى قبل انتخابات 2004…

فشخصية بانزيري المشاكسة والنشيطة داخل الهيئة النقابية ذات الميولات اليسارية حيث فاق عدد المنخرطين في مجال اختصاصه 220 ألف منخرط، وهو ما يعني أنه بإمكانه توقيف النشاط في جهتي لومبارديا وبيومونتي، حيث تتصارع أحزاب اليمين، واليمين المتطرف، واليسار، واليسار الراديكالي ومصالح عائلات ثرية أبرزها عائلة بيرلوسكوني بميلانو و Agnelli بطورينو وغيرهم…

وربما كان هذا من بين أسباب التخلص منه وترشيحه بعيدا عن إيطاليا للبرلمان الأوروبي… مع حزب «ديمقراطيو اليسار» في لائحة «برودي» سنة 2004 حيث فاز بأكثر من 80 ألف صوت… ثم انخرط مع الحزب الديمقراطي ومع حزب «أرتيكولو أونو» بعد انشقاقه عن الحزب الديمقراطي الإيطالي…

البرلماني بانزيري معروف بنشاطه الكبير وعمله الدؤوب داخل أروقة البرلمان الأوروبي، إذ استطاع أن يكون عضوا فاعلا في العديد من الملفات أو ما يطلق عليها Dossiers législatives… فبين سنوات 2014 و 2019 استطاع إنجاز 19 «ملفا تشريعيا» متنوع الانشغالات والمواضيع وأيضا البلدان المعنية بها… حيث نجد كندا والجزائر وموريتانيا والمغرب وكوسوفو والسعودية واليمن وليبيا وتونس.. وهو إنتاج ضخم بالمقارنة مع انتخابات برلمانيين آخرين وهو ما يعني في نفس الوقت أن بانزيري كان ملما بملفات كثيرة… ستغير العديد من المعطيات على المستوى الحزبي بإيطاليا مما سيؤدي به إلى خسارة مقعده بالبرلمان الأوروبي سنة 2019… لكنه بقي في بروكسيل لكن بصفة الحقوقي في إطار منظمة دولية تعنى بحقوق الإنسان وعدم الإفلات من العقاب…

على أن الأسئلة المهمة الأخرى، تتعلق بشخصيات سياسية ومنتخبين أوروبيين اتهموا بنفس تهم الفساد والرشوة… لكن تلك القضايا لم تأخذ كل هذه المساحة الإعلامية ذات النوايا السياسية… ومنها مثلا قضية تلقي الفرنسية «مارين لوبان» أموالا من روسيا وكذلك «ماثيو سالفيني» واليساري الآخر «ماثيو رزيني» زعيم الحزب الديمقراطي سابقا ورئيس الحكومة الإيطالية ورئيس حزب «إيطاليا فيفا» حاليا وسيناتور بمجلس الشيوخ الإيطالي وعلاقاته مع أمير السعودية «محمد بنسلمان» وأمير البحرين وسفرياته إلى دول خليجية وإفريقية كالسنغال مثلا، وتخصيصه طائرة خاصة لحملته الانتخابية الأخيرة… وغيرهم كثير كالبرلماني الأوروبي المعروف بدفاعه عن النظام الإيراني من داخل البرلمان الأوروبي… أو رئيس الحكومة الإيطالية السابق Massimo D’Alema واشتغاله كمستشار مالي لجهات خليجية، أو تلقي الرئيس الهنغاري «اوربان» لأموال روسية، أو فضائح الفرنسي «ساركوزي» المالية أو اشتغال الرئيس الألماني السابق «جيرهارد شرودر» كرئيس مجلس إدارة شركة نفط روسية، أو استشارات البريطاني «طوني بلير» واللائحة طويلة…

ورغم ذلك لم يخرج لا رئيس البرلمان الأوروبي ولا اللجنة الأوروبية ليقول إن «الديمقراطية تحت التهديد وأوروبا تحت التهديد…» كما فعلت المالطية «روبيرتا ميتسولا»…

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى