شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

جماعات بدون صلاحيات

الافتتاحية

وضعت الدراسة التي قام بها حزب التجمع الوطني للأحرار أصبعها على بعض مكامن الخلل، التي جعلت جماعاتنا الترابية لا تساير الطموحات الدستورية، التي حاولت أن تجعل من الجماعات مصدرا لنشر الفكر الديمقراطي المحلي وتوسيع دائرة المشاركة السياسية والديمقراطية التشاركية وتجسيد دعائم دولة الحق والقانون ومؤسسات القرب.

والحقيقة أنه، بعد مرور حوالي تسع سنوات على إصدار القوانين التنظيمية، المتعلقة بالجماعات الترابية، فإن دار لقمان بقيت على حالها ولا شيء تغير بشكل جوهري عما كان قائما قبل دستور 2011 رغم الفرص التي تضمنتها قوانين الجماعات باستثناء أطنان من الخطابات الوردية التي ينتجها الفاعل السياسي حول التدبير الجماعي واستغلاله في معاركه الانتخابية.

إن قيمة الدراسة التي أعلن عنها حزب التجمع لا تكمن في مضامينها، التي تبقى مهمة، بل في أنها اختارت الزمن الهادئ لوضع الأصبع على بعض مواطن الخلل الذي جعل جماعاتنا بدون أي قيمة مضافة خلال الأزمات (كوفيد 19، زلزال الحوز..) حيث ظلت المجالس تتفرج على ما يقع وتنتظر الإشارات لتتحرك وكيف تتحرك ومتى تتحرك، والسبب أن الجماعات مكبلة بثقل أمية مسيريها وضعف الإرادة السياسية والقيود القانونية التي تجعل المجالس الجماعية لا تستطيع القيام بأي شيء دون تأشير من سلطة الرقابة.

إن وضعية المنتخب المهترئة قانونا وواقعا تزيد من تدهور جماعاتنا، لذلك كان من اللازم إعادة هذا الملف إلى واجهة النقاش، سيما في ما يتعلق بصندوق التجهيز الجماعي الذي يغلق الباب محكما أمام خيارات اقتراضية أخرى، بالإضافة إلى تداخل الاختصاصات، سواء بين الجماعات أو في علاقتها بالمصالح الخارجية لقطاعات حكومية، أو ما يرتبط بحضور الوالي لاجتماعات الجماعات الترابية، وغيرها من المعيقات القانونية والواقعية.

إن التحديات التي تنتظر بلدنا في مجال التنمية والديمقراطية تتطلب مقاربة جديدة للجماعات الترابية تنبني على منظور شمولي تشاركي يتجاوز سوء الفهم الضمني في العلاقة بين رجل السياسة ورجل السلطة التي أصبحت تتجسد فقط في النزاعات أمام القضاء الإداري أو المجلس الأعلى للحسابات أو المفتشية العامة للإدارة الترابية.

فلا يمكن لجماعاتنا أن تحقق ولو نصيبا يسيرا من أهداف التنمية والديمقراطية المحلية والتشاركية والقوانين غير واضحة والمنتخب يحاول أن يختبئ وراء رجل السلطة لتجنب المساءلة وصندوق التجهيز الجماعي يتعامل بمكيالين والمنتخب لا قدرة له على استيعاب أدواره والدفاع عنها، وإذا لم يستطع فعل ذلك فعليه أن يتوارى إلى الخلف ويترك مكانه للرجل المناسب في المكان المناسب وهذه مسؤولية حصرية للأحزاب.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى