شوف تشوف

الرئيسيةسياسية

رسالة شديدة اللهجة لحكام الجزائر من سيناتور أمريكي كان أسيرا في الفيتنام عجلت بفك الأسر 

مانسيناكش عبد الله لماني (معتقل سابق في سجون البوليساريو):

حسن البصري:

هل تتذكر التفتيش الأخير قبل العودة إلى الوطن..

نعم، لكن مع تصوير شريط فيديو للتفتيش الدقيق وهذه المرة من طرف حراس صحراويين بإشراف من الجزائريين. أنا آخر من خضع لعملية التفتيش بطريقة جد دقيقة وأنا حافي القدمين، بعدها سيأخذوننا إلى ما يسمى وزارة الدفاع، وجيء بالصحافة الجزائرية لكن غالبية الأسرى رفضوا تقديم تصريحات للإعلام الجزائري. هنا شاهدت زعيم البوليساريو، إذا جاز هذا الوصف، لأن الزعيم الحقيقي هو الرئيس الجزائري ومخابراته. شاهدته وهو يتابع عملية إطلاق سراح الأسرى وهو في حالة غضب.

ستلتحق بباقي الأسرى الذين كانوا يستعدون للعودة إلى المغرب..

لا أخفيك أنني كنت أخشى بقائي في سجون البوليساريو، وراودتني أفكار تبقيني في الرابوني، على اعتبار ما سببه كتابي لحكام الجبهة والأوصياء عليهم الجزائريين من حرج مع الهيئات التي صدقت ادعاءاتهم قبل أن تقف على الحقيقة، وأخص بالذكر الصليب الأحمر الدولي ومبعوثاته المتفاعلات مع قضيتنا إلى درجة البكاء المبرح، وجمعية «فرنسا/الحريات» بقيادة مدام ميتران التي أعدت تقريرا أشبه بزلزال ضرب البوليساريو وأزاح عنه الأقنعة. لهذا انتابني شعور بالخوف من البقاء، لكن، بالمقابل، كنت أقول في قرارة نفسي: ما خوف الغريق من البلل. أتذكر حواري مع «دوروتي»، ممثلة الصليب الأحمر حين سألتني: لماذا لست سعيدا بالإفراج؟ فأجبتها بسؤال: «هل توجد حرية بعد قضاء 23 سنة في السجن؟»، قلت لها إن المستقبل مظلم فانخرطت في البكاء. لقد تفاعلت مع قضيتنا بروح إنسانية نادرة، لهذا كتب لي أن أزورها في سويسرا حيث خصصت لي يوما كاملا وكانت سعيدة بزيارتي وقدمتني لأصدقائها وصديقاتها وهي تشرح لهم حكايتي.

هل هناك جهات أخرى ساهمت في الإفراج عن المعتقلين؟

تبين أن عملية الإفراج سنة 2003 جاءت تحت ضغط مجموعة من الهيئات والأشخاص، أبرزها «فرنسا/الحريات» بقيادة مدام ميتران، والصليب الأحمر الدولي ولجنته الجهوية في تونس، لكن، أيضا، من السيناتور الأمريكي جون ماكين الذي كان يخاطب الجزائريين مباشرة وليس البوليساريو، فقد بعث برسالة لحكام الجزائر يأمرهم بإطلاق سراح المغاربة وأسرى كل الجنسيات المعتقلين في الصحراء والجزائر. ومن المفارقات العجيبة أن السيناتور الأمريكي، الذي توفي قبل خمس سنوات، كان بدوره معتقلا في قبضة الفيتنام سنة 1967 وقضى خمس سنوات تحت التعذيب. كان طيارا قبل اعتقاله وبعد الإفراج عنه سيعتزل الوظيفة العسكرية ويتحول إلى سياسي، بل إنه ترشح للرئاسيات الأمريكية مرتين. لا ننسى، أيضا، الجهود التي بذلت من قبل العديد من الأطراف لإنهاء مأساة الأسر إلى جانب اللجنة الدولية للصليب الأحمر وجمعية «فرنسا/ الحريات» والسيناتور الأمريكي ومنظمة الأمم المتحدة التي نجحت في وقف إطلاق النار بين الطرفين، والولايات المتحدة الأمريكية ورسل السلام.

كيف تم تنظيم عملية إطلاق سراح الأسرى؟

كان العدد محددا في 243 أسيرا على ما أذكر، المجموعة الأولى من الأسرى المفرج عنهم تضمنت المرضى والمصابين وما أكثرهم، وهؤلاء ركبوا الطائرة الأولى التي استأجرتها هيئة الصليب الأحمر الدولي من شركة أوكرانية، وكانت تحمل شعار المنظمة الإنسانية، وبعد ساعتين سنلتحق نحن أيضا بمطار تيندوف، حيث انتظرنا عودة الطائرة التي أقلت في جوفها الدفعة الأولى من الأسرى. لاحظت، ونحن في طريقنا إلى مطار تيندوف، أن هذه المدينة خالية من السكان، وفهمت أن الجزائر، التي تحكم هذه المدينة، أصدرت أوامرها لحكام المدينة بمنع السكان من الخروج من بيوتهم إلى حين إجلاء الأسرى. وفي طريقي إلى المطار رفقة زملائي كنت أسألهم عن التفتيش الأخير، فتبين لي أنني الوحيد الذي خضع لعملية تفتيش دقيق، وكنت أنتظر هذا الأمر، فوزعت بعض أغراضي، من قبيل الصور والرسائل والأوراق والقلم، على رفاق كنت أعلم أن التفتيش لن يكون دقيقا معهم.

ستتنفس الصعداء بعد ركوب الطائرة، أليس كذلك؟

تنفست الصعداء بعد أن أعلن الطيار عن استعدادنا للإقلاع صوب أكادير، قال إن درجة الحرارة خارج الطائرة تبلغ 40 درجة، وكان الضباط الجزائريون متواجدين في المطار فيما اختفى حكام البوليساريو. الفوج الأول ضم 122 أسيرا، أغلبهم كانوا عبارة عن حالات صحية حرجة. وبعد نصف ساعة وصلت حافلتانا من الرابوني تتقدمهما «دوروتي كريميتساس» منسّقة اللجنة الدولية للأنشطة المتصلة بالاحتجاز، الإنسانة الخدومة التي لعبت دورا كبيرا في إطلاق سراحنا. وكان ضمن الرحلة إلى جانبها طبيبان من اللجنة الدولية هما «ماريو أومبيلي» و«آلان فويلوميي». كان السؤال المسيطر على جميع الأسرى: كيف سيتم استقبالنا في وطننا من عائلاتنا من المسؤولين من الأصدقاء من الشعب؟ لقد وقع أقدمنا في الأسر في يناير 1975 لم ير أسرته أو بلده منذ 28 عاما. بعد خمس عشرة دقيقة من الطيران، سيعلن هارالد أن الطائرة دخلت الأجواء المغربية، حينها بدأ الأسرى يتبادلون التهاني، وبعد ثلاثين دقيقة أخرى ستهبط الطائرة في مطار أكادير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى