شوف تشوف

اقتصادالرئيسيةتقارير

رغم الإكراهات.. توقعات بانتعاش الاقتصاد المغربي في 2023

الوضع بالمملكة اصطدم سنة 2022 بتداعيات كورونا والتضخم وارتفاع الأسعار

شهد الاقتصاد المغربي سنة 2022 استمرار تداعيات الأزمة الوبائية العالمية الناتجة عن فيروس «كورونا»، إضافة إلى توالي الانتكاسات الاقتصادية العالمية، أبرزها التضخم وارتفاع أسعار المواد الأولية.

 

انخفاض الناتج الإجمالي المحلي

حسب تقرير للبنك الدولي، فقد حقق الاقتصاد المغربي معدل نمو بلغ 7.9 بالمائة في عام 2021، مستعيدا بذلك خسائر الإنتاج التي شهدها خلال السنة الأولى من الجائحة. ومع ذلك، أدت سلسلة من الصدمات المتداخلة إلى تباطؤ مفاجئ في النشاط الاقتصادي، وانخفض نمو إجمالي الناتج المحلي إلى 0.3 بالمائة فقط في الربع الأول من عام 2022.

ويرجع ذلك إلى تأثير موجة أخرى من موجات الجفاف، هي الثالثة خلال السنوات الأربع الماضية، مما سيؤدي إلى انكماش حاد في إجمالي الناتج المحلي الزراعي. بالإضافة إلى ذلك، فقد تأثر المغرب، بوصفه من البلدان المستوردة للطاقة والغذاء، تأثرا شديدا بصدمات أسعار السلع الأولية التي أثارتها الحرب في أوكرانيا. وارتفع التضخم في الأشهر الأخيرة ليصل إلى 8 بالمائة في شهر غشت.

واعتمدت الحكومة عددا من التدابير للتخفيف من آثار ضغوط الأسعار على الأسر وقطاعات محددة من الاقتصاد، بما في ذلك زيادة كبيرة في حجم الموارد العامة المخصصة للدعم الموجود مسبقا على غاز البوتان والدقيق والسكر. ويضع اللجوء إلى مثل هذه التدابير ضغوطا إضافية على الإنفاق العام، على الرغم من أن انتعاش الإيرادات الضريبية يسمح للحكومة بخفض عجز الموازنة. واستجابة للطفرة التضخمية، رفع بنك المغرب سعر الفائدة الأساسي بمقدار 50 نقطة أساس إلى 2 بالمائة، وهو أول تشديد للسياسة النقدية منذ بداية تفشي الجائحة.

وأكد فوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، أن التوازنات الاقتصادية التي حققها المغرب خلال 2022 تفتح أمامه آفاقا إيجابية في علاقاته مع خط ائتمان صندوق النقد الدولي. وقال لقجع، خلال ندوة صحفية مشتركة مع مصطفى بايتاس، الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، الناطق الرسمي باسم الحكومة، عقب اجتماع مجلس الحكومة، إن «الوضعية المالية ببلادنا خلال سنة 2022 رغم كل الإشكالات والتقلبات التي تعرفها الساحة الدولية، وفرت الظروف لمواجهة كل النفقات الطارئة»، مؤكدا «استطعنا المحافظة على التوازنات الاقتصادية واحتياطي العملة ببلادنا، وهو ما يفتح أمامنا آفاقا إيجابية في علاقاتنا مع خط ائتمان صندوق النقد الدولي».

وأوضح الوزير ذاته أن «الحكومة قامت بمجموعة من الإجراءات للسيطرة على التضخم عند مستويات أقل من 6 بالمائة، وهو ما توفقنا فيه إلى حد كبير، كما أن الوضع اليوم في منحى تنازلي وهذا شيء إيجابي سيؤثر إيجابا على هذه المعدلات».
وأضاف أن نموذج التوقع الذي اشتغلت من خلاله الوزارة، خلص إلى أن المغرب سيحقق نموا بنسبة 1,5 بالمائة، مرجعا ذلك إلى «التحسن سواء في المجال السياحي، أو عودة الأمل في موسم فلاحي نتمناه جميعا أن يكون جيدا».

 

إصلاحات ضرورية لتعافي الاقتصاد

وفقا لتقرير «المرصد الاقتصادي للمغرب»، الصادر عن البنك الدولي لشهر يناير عام 2022 تحت عنوان «من التعافي إلى تسريع النمو»، سيكون التنفيذ المستدام لأجندة إصلاحات طموحة ومتعددة الأوجه أمرا ضروريا، من أجل تحقيق نمو واسع النطاق وإحداث فرص الشغل بالبلاد.

ويقدم هذا التقرير تحليلا لأداء نمو الاقتصاد المغربي خلال العقود الماضية ويبين أنه حتى الآن، كان تراكم رأس المال الثابت هو المحرك الرئيسي لذلك النمو، مع مكاسب إنتاجية محدودة ومساهمة غير كافية من العمالة، على الرغم من الوضع الديموغرافي المواتي.

ويعرض التقرير لعمليات محاكاة لتأثير خيارات السياسات المختلفة على النمو الاقتصادي في المغرب. ووفقا لهذه المحاكاة، فإن التنفيذ المستدام لأجندة إصلاحات واسعة النطاق ترفع من مستويات رأس المال البشري والمشاركة الاقتصادية وإنتاجية الشركات، سيكون أمرا حاسما لتحقيق أهداف النمو الطموحة التي حددها النموذج التنموي الجديد. ومن شأن مثل هذه الأجندة أن تعزز إطلاق العنان للقدرات الإنتاجية للمغرب، وتمكين شبابه ونسائه من الوصول إلى سوق الشغل، والارتقاء بالمؤهلات التعليمية للعمال.

ويتناول التقرير بالتحليل أيضا أداء الاقتصاد المغربي في عام 2021، الذي أظهر معدل نمو متوقع بنسبة 5.3 بالمائة في عام 2021. ويخلص إلى أن الأداء القوي غير العادي للقطاع الفلاحي، والتباطؤ المؤقت في تفشي جائحة كورونا، وانتعاش الطلب الخارجي على الصادرات الصناعية والزراعية، وما صاحب كل ذلك من سياسات الاقتصاد الكلي الداعمة، تعد جميعها الدوافع الرئيسية لتحقيق المغرب لتعاف ملحوظ من الأزمة الناجمة عن جائحة فيروس كورونا، وإن كان هذا التعافي غير متكافئ. لقد بدأ الاستمرار في التعافي في عكس مسار الآثار الاجتماعية المترتبة على الجائحة، حيث أدى انتعاش الإنتاج الفلاحي إلى انخفاض سريع في معدلات البطالة في المناطق القروية، أما المناطق الحضرية فقد بدأت مؤشرات سوق الشغل في التحسن فقط في الربع الثالث من عام 2021.

وبعدما بلغت معدلات الفقر ذروتها عند 6.4 بالمائة في عام 2020، فقد لا تعود إلى مستوياتها المسجلة في عام 2019 وحتى عام 2023، وذلك على الرغم من أن برامج التحويلات النقدية التي لجأت إليها الحكومة المغربية، خلال فترة الإغلاق، خففت من تأثيرات الأزمة. وعلى الرغم من أن السياسة النقدية التوسعية ودعم السيولة الذي أتاحه البنك المركزي قد سمحا للقطاع المالي بالتغلب على الأزمة العاصفة، إلا أن معدل القروض المتعثرة لا يزال مرتفعا، بل ويمكن أن يرتفع بصورة أكبر.

ووفقا للتقرير ذاته، ستكون الإدارة الناجعة لمواطن الضعف المالي على مستوى الاقتصاد الكلي ضرورية لدعم التعافي المستدام في البلاد. واستشرافا للمستقبل، وبعد الحصاد الوفير في عام 2021، يتوقع التقرير أن يتراجع الإنتاج الفلاحي ليكون من مسببات تباطؤ النمو في إجمالي الناتج المحلي للبلاد عند 3.2 بالمائة في عام 2022، إلا إنه يتوقع أيضا حدوث تسارع تدريجي بعد ذلك.

 

انتعاش الاقتصاد سنة 2023

أعلنت نادية فتاح العلوي، وزيرة الاقتصاد والمالية، أن اقتصاد البلاد «على الرغم من الظروف الدولية المضطربة جدا»، يتوقع أن يسجل خلال عام 2023 انتعاشا بمعدل يزيد على 4.5 بالمائة. وصرحت العلوي أمام لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب بأنه «من المتوقع أن يسجل نمو الاقتصاد الوطني خلال سنة 2023 انتعاشا بمعدل يناهز 4.5 بالمائة، عوض 1.5 في المائة المرتقبة خلال سنة 2022، على الرغم من الظرفية الدولية جد المضطربة».

وأوضحت وزيرة الاقتصاد والمالية أن هذا التوقع مبني «على فرضيات ترتكز على أساس محصول متوسط للحبوب بـ75 مليون قنطار، وسعر غاز البوتان في حدود 700 دولار للطن، واستقرار سعر البترول في 93 دولارا للبرميل، واستقرار سعر صرف الدولار مقابل الدرهم في 9.8». كما توقعت العلوي أن تبلغ نسبة التضخم 2 بالمائة، بدلا من 5.3 بالمائة المسجلة حاليا، لافتة أيضا إلى أن «توقعات النمو الاقتصادي يمكن تخفيضها في حال استمرار تدهور آفاق انتعاش الاقتصاد العالمي لسنة 2023 وخفض توقعات النمو، وخاصة بالاتحاد الأوروبي، بسبب تداعيات الصراع الروسي الأوكراني على أسعار المواد الأولية وسلاسل الإنتاج والتوريد العالمية، بالموازاة مع تشديد السياسات النقدية من أجل التحكم في الضغوط التضخمية». وبشأن التضخم، أكدت وزيرة الاقتصاد والمالية أن معدله في المغرب بلغ مستويات غير مسبوقة خلال سنة 2022، مشيرة إلى أن «ارتفاع معدل التضخم الذي عرفه المغرب خلال هذه السنة لم يسجل مثله منذ 28 سنة، حيث وصل إلى 5.1 بالمائة كمتوسط خلال الأشهر الستة الأولى من سنة 2022، عوض 0.9 في المائة خلال الفترة نفسها من سنة 2021، نتيجة ارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة 7.8 بالمائة عوض 0.1 في المائة السنة الماضية، في حين ارتفعت أسعار المواد غير الغذائية بنسبة 3.4 في المائة مقابل 1.5 في المائة سنة 2021».

وذكرت العلوي أن معدل التضخم من المتوقع أن يتجاوز 5.3 بالمائة خلال عام 2022، مقابل 1.4 بالمائة كان سُجل في عام 2021. وبالنسبة إلى البطالة، أشارت إلى أن المغرب فقد «58 ألف منصب شغل ما بين الفصل الأول من سنة 2021 والفصل الأول من سنة 2022، كما فقد قطاع الفلاحة والغابة والصيد البحري 180 ألف منصب شغل». وأفادت الوزيرة بأنه بالمقابل «تم إحداث 85 ألف منصب شغل على مستوى قطاع الخدمات، و29 ألف منصب شغل على مستوى قطاع البناء والأشغال العمومية، و13 ألفا على مستوى قطاع الصناعة». كما شهدت الصادرات، بحسب العلوي، تطورا إيجابيا بنسبة 41 بالمائة، مقابل تسارع الواردات بـ39 في المائة، ما أدى إلى ارتفاع عجز الميزان التجاري بنسبة 37 في المائة.

إلى ذلك، فقد ذكرت الوزيرة أن تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج سجلت «ارتفاعا بنسبة 5 في المائة، كما عرفت عائدات السياحة انتعاشا ملموسا بـ173 في المائة، وتجاوزت خلال شهر ماي الماضي مستواها المسجل سنة 2019».

لمياء جباري

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى