شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

سراب حل الدولتين

 

مقالات ذات صلة

هاني لبيب

من أهم الإشكاليات المعلقة التي ستظل العقبة الرئيسية في أي مفاوضات للوصول إلى السلام، حسم قضية الحدود والأراضي، وقضية حق عودة اللاجئين الفلسطينيين من الشتات، ووضع مدينة القدس، وقضية بناء المستوطنات الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية.

في سنة 1947، أصدرت الأمم المتحدة القرار رقم 181 بالتوصية بحل الدولتين الفلسطينية واليهودية بعد إنهاء الانتداب البريطاني، والحفاظ على الوضع الخاص بالقدس كمنطقة دولية. وهي التوصية التي رفضها العرب، وبدأ الصراع العربي الإسرائيلي بالحرب من شهر ماي 1947 إلى شهر مارس 1948. وخلال السنة نفسها، تم تغيير هوية الفلسطينيين إلى الهوية الإسرائيلية، والمعروف إعلاميا باسم «عرب 48». وجاء بعدها العدوان الثلاثي سنة 1956، ثم نكسة 67، التي احتلت فيها إسرائيل سيناء والجولان والضفة، وصدور قرار مجلس الأمن رقم 242 لسنة 1967 بانسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة واحترام سيادة الدول. ثم جاء انتصار 6 أكتوبر 1973 وما ترتب عليه من توقيع اتفاقيتي كامب ديفيد سنة 1978، والوصول إلى معاهدة كامب ديفيد للسلام سنة 1979.

ومن أهم محطات المفاوضات: «مؤتمر مدريد للسلام سنة 1991، والذي شجع الدول العربية على توقيع اتفاقيات سلام مع إسرائيل. واتفاقية أوسلو للسلام سنة 1993، والتي مثلت فيها منظمة التحرير الفلسطينية، وتم الاعتراف المتبادل بينها وبين إسرائيل. وكامب ديفيد سنة 2000، والتي بدأت فيها جهود إقامة سلطة الحكم الذاتي الفلسطيني». ومرورا بأحداث ولقاءات كثيرة، وصلنا الآن بعد موقف حركة حماس الأخيرة في 7 أكتوبر 2023 إلى الحديث مرة أخرى عن حل الدولتين، الذي نادت به الأمم المتحدة سنة 1947.

يتناسى مَن يطالب بحل الدولتين الآن أن سقف المطالب الفلسطينية قد انخفض مع مرور السنوات ومع كل اتفاقية للسلام، أو مفاوضات لتقريب وجهات النظر بشكل تدريجي. وأصبحت إسرائيل هي الطرف الأقوى في المفاوضات، وما يترتب على تلك القوة من فرض الشروط، ورفض ما لا يكون في مصلحتها المباشرة. استغلت في ذلك الانقسام العربي لبعض الدول ذات الأجندة الخاصة، التي ربما تتعارض مع مصلحة الشعب الفلسطيني، مثلما حدث مع دعوات مقاطعة مصر عندما تبنت اختيار السلام منذ ما يقرب من 50 سنة، كما وظفت إسرائيل حالة انقسام الداخل الفلسطيني، بعد ظهور حركة حماس في مواجهة السلطة الوطنية الشرعية الفلسطينية.. أفضل توظيف لتحميل الطرف الفلسطيني عدم اتفاق فصائله، وفشل المفاوضات.

انخفض سقف الطموحات الفلسطينية، في مقابل تصاعد الغطرسة الإسرائيلية، التي وصلت إلى حد تكريس العنف والقتل والتشريد.. كمنهج في التعامل مع الشعب الفلسطيني، وتحميله مغامرات غير محسوبة إنسانيا ودوليا من أحد فصائله.

في اعتقادي أن مسار السلام الفلسطيني الإسرائيلي.. يحتاج إلى الوصول لفكرة جديدة لضمان حق الشعب الفلسطيني في أرضه، التي تم احتلالها تدريجيا في غفلة من الزمن العربي المرتقب. كما أظن أن حل الدولتين الآن هو دعوة غير مجدية في ظل تقسيم فلسطين بين الضفة الغربية وقطاع غزة، دون ربط جغرافي بينهما. وهو الأمر الذي ساعد قبل ذلك على تكريس ازدواجية المؤسسات الحكومية والأمنية بالضفة ومثيلاتها بغزة.

لا تحتاج القضية الفلسطينية الآن إلى انتصارات وهمية، ودعاية مغرضة لتمجيد حماس وغيرها.. بقدر ما تحتاج إلى الوصول لحل سياسي عملي شامل، يضمن بقاء الشعب الفلسطيني على أرضه.. دون السعي إلى سراب حل الدولتين، الذي ترفضه إسرائيل، ولا تستوعبه السياسة الدولية (الأمريكية والأوروبية)، بعد مرور أكثر من 75 سنة على توصية الأمم المتحدة به.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى