شركات فرنسية كانت تمتلك أراضي مغربية وتستغل إنتاجها في الصناعة

يونس جنوحي
المساحة الصغيرة من الأرض الزراعية كانت تُستغل لإنتاج ما يصل إلى ستة قناطر في كل هكتار، وأحيانا يكون الإنتاج منعدما على الإطلاق. أما الآن يبلغ المحصول ما معدله 10 إلى 20 قنطارا في المساحة الأرضية نفسها.
قال رجل بنبرة لا تخلو من انشراح:
-«يمكنني الحصول على الآلات من المزرعة المركزية وأجلس دون أن أقوم بأي عمل، وأدفع مقابل استغلال الآلات حصة من المحصول، وأجني أكثر مما كنت أجنيه من قبل!».
هذا نموذج من المخطط الذي حقق نتائج إيجابية. الأراضي الواقعة في المناطق القبلية، والتي تعتبر مُتخلى عنها منذ زمن بعيد، يتم اعتبارها الآن «قطاعات التحديث القروي». وتبلغ المساحة المتوقعة لها 440 ألف هكتار سيتم استصلاحها على مدى ثماني سنوات.
بعض المزارع التي تم الاشتغال عليها تعمل على شكل تعاونيات، ولكن عندما يتعلق الأمر بممتلكات الفلاحين، فإن الملكية الفردية للأراضي لا تزال طاغية.
لاحظتُ أن مساحة بعض الضيعات المملوكة للأوروبيين كانت واسعة جدا. اكتشفتُ أنها ليست تابعة لأراضي المُعمرين، ولكن لشركات فرنسية. أصحاب مصنع التعليب يمتلكون أيضا آلاف الهكتارات من الأراضي التي تُنتج ما يتم تعليبه.
من الناحية الاقتصادية، تُعتبر هذه الطريقة فعالة تماما مثل تلك التي تنهجها المزارع الجماعية، لكن عندما يكون المُلاك حاملين الجنسية نفسها بينما العمال من جنسية أخرى، فإن التعارض يكون واضحا. لم يكن المالك، الذي كان غائبا، يحظى بأية شعبية على الإطلاق.
قال لي أحد العمال:
-«إن الأمر هنا لا يشبه العمل في مُستعمرة. إن المُشرف على العمل هنا رجل طيب، لكنه هو الآخر لديه مُشرف. الأمر ليس سيان».
قبل أشهر، في قريتي الأم، تحدثت مع صديق مُتحمس يشتغل في قطاع المناجم، عن آثار تأميم الأراضي والممتلكات.
قال لي بنبرة اعتراف:
-«هناك عقبة خفية واحدة. في الأيام الخوالي، عندما تكون لدينا شكوى -وكثيرا ما كنا نشتكي!- فإن الرئيس يكون موجودا دائما، ويمكننا أن نبلغه شكوانا مباشرة، وغالبا ما يتم حل المشكل. الآن يتعين علينا مراسلة موظف حكومي، وهنا يختلف الأمر تماما!».
المغزى هنا قد يكون بدون أهمية، لكن الفرنسيين لديهم الحكمة لينتبهوا إليه. وجهة نظر الاقتصاديين وحدهم ليست كافية. مهما كانت الظروف المحلية جيدة، فإنه لا يكون صعبا أبدا إقناع الناس بأنه يتم استغلالهم على يد رجال لا يعرفونهم، ولا يمكنهم الوثوق في حسن نيتهم.
الفصل السادس عشر:
المنطقة الإسبانية
بينما كان الفرنسيون، في مطلع القرن الماضي، يتسللون إلى موانئ المغرب الواقعة على المحيط الأطلسي، كان الإسبان مشغولين، بالقدر نفسه، بالتسلل إلى المغرب على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط.
الأكثر من هذا أن الفرنسيين عمدوا إلى تأسيس محميتهم، وأبرموا صفقة خاصة مع الإسبان، وتعهدوا بأن يسمحوا لهم باستغلال المنطقة الشمالية. لا يتعدى طولها حوالي 220 ميلا فقط ومتوسط عرضها يصل إلى 25 ميلا.
كلفة احتلالها كانت غالية جدا، إذ كلفت الكثير من الدماء والمال. لكن إسبانيا لم تجن الكثير عندما تعلق الأمر بهيبتها في المنطقة.
قمت بجولة قصيرة في المنطقة، إذ سبقت لي زيارتها من قبل. في المنطقة الأطلسية هناك مدن مثل العرائش، التي كانت سابقا مستعمرة برتغالية، وفي البحر المتوسط توجد سبتة، وهي ميناء ممتد إلى إسبانيا.