شوف تشوف

الرأيالرئيسية

ضيوف المغرب الشرقي المنسيون

منذ مدة لم نعد نسمع عن تجارب المحاكاة للهبوط في المريخ، في المغرب الشرقي. إذ إن عدة مؤسسات للأبحاث الفضائية والبعثات العلمية وبرامج اكتشاف الفضاء، اتخذت من منطقة المغرب الشرقي، خصوصا الرشيدية والنواحي، قصر السوق سابقا، مكانا مفضلا لإجراء هذه التجارب.

مقالات ذات صلة

بعض المسؤولين السابقين كانوا يرون في الأمر تشريفا للمغرب، فيما كان الأمر في الحقيقة مدعاة إلى مُساءلتهم لماذا بقيت تلك المنطقة ونواحيها شبيهة بالمريخ، رغم أن الإنسان عمّر الأرض منذ ملايين السنين؟

إن أهالي المنطقة يعيشون على إيقاع البرد في الشتاء، ويعانون مع العطش في فصل الصيف.

أهل المغرب الشرقي معروفون بالصبر والجلد، وكل الذين زاروا المنطقة يُجمعون على أن الناس هناك لا يزالون على سجيتهم، وتعلموا من الطبيعة والصبر وأن يحافظوا على أعصابهم.

مسألة تراجع زيارات مجموعات الأبحاث إلى المنطقة، وصائدي النيازك تدعو فعلا إلى التساؤل. إذ إن المنطقة في السنوات العشر الأخيرة كانت وجهة مفضلة لعدد من الباحثين والشبان من هواة جمع الصخور النادرة وصيد النيازك وفحص العينات. وحتى أغلب النيازك التي تخترق الغلاف الجوي بين الفينة والأخرى، تختار منطقة الجنوب الشرقي لتسقط فيها دون غيرها من مناطق العالم.

بل إن تقارير الخارجية الأمريكية التي رفعت عنها السرية والتي تعود إلى فترة ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، توجد بها صفحات تتحدث عن اهتمام الأقمار الصناعية الأمريكية بما يحدث في منطقة الجنوب الشرقي، خصوصا خلال الفترة التي نشطت فيها مجلات الخيال العلمي التي نشرت آلاف القصص عن رؤية الناس، خصوصا في الصحراء الأمريكية الجنوبية، لأجسام غريبة تحلق فوق الأرض، وشهادات تتحدث عن نزول كائنات فضائية فوق الأرض!

عندما تطورت إمكانيات الأقمار الصناعية حول العالم، وصار بإمكان أي واحد منا أن يطالع الكرة الأرضية كلها على ارتفاع منخفض انطلاقا من هاتفه النقال، لم يعد أحد يتحدث عن الرسومات الغريبة في الحقول الأمريكية.

ورغم أننا صرنا جميعا نتوفر على الهواتف النقالة ونسجل بها ملايين المقاطع يوميا حول العالم، إلا أنه لا يوجد مواطن واحد حول العالم سجل بهاتفه مقطعا لنزول الكائنات الفضائية المزعومة. رغم أن واقعة من هذا النوع كانت تتكرر سنويا، قبل اختراع الهواتف النقالة، وكانت بعض القنوات التلفزية والمجلات العلمية تخصص حيزا مهما وصفحات كاملة لنشر قصص هؤلاء الذين يقولون إنهم رأوا كائنات فضائية.

في الرشيدية، لم يكن هناك أي حديث عن رؤية الكائنات الفضائية أو نزول الصحون الطائرة، بل كان هناك نوع من «السياحة العلمية» لم تجد من يشجعها، رغم أن هواتها يعدون بالملايين حول العالم.

بل إن المتحف الوحيد المشرف في المغرب الشرقي، والذي يوجد نواحي منطقة «الريصاني» ليس ملكا حكوميا، وإنما هو مجهود شخصي لأحد أبناء المنطقة الغيورين، صرف من ماله الخاص لجمع عظام الديناصورات التي عاشت في المنطقة قبل ملايين السنين، وخصص مساحة كبيرة من متحفه، الذي يزوره السياح بانتظام، لعرض الصخور النادرة التي تتوفر على آثار للحياة في المغرب قبل عشرات آلاف السنين. كان يفترض أن يكون هذا المتحف ملكا للدولة، وأن تخصص له إمكانيات لجعله قِبلة عالمية لهذا النوع من السياح.

لا بد وأن لهذا التراجع ما يفسره. لأن اكتشافات كوكب المريخ ما زالت على أشدها، وصخور المغرب الشرقي، عندما يمر المسافرون بقربها، ما زالت فعلا تشبه مشهدا من المشاهد التي ترسلها كاميرات العربات الفضائية إلى وكالة الفضاء الدولية، وهي تتحرك بعجلاتها الكبيرة فوق صخور المريخ لتجمع العينات.

يونس جنوحي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى