شوف تشوف

الرئيسيةثقافة وفن

  عن كتّاب الأعمال الأدبية الوحيدة

 

 

إعداد وتقديم: سعيد الباز

 

التوقّف عن الكتابة والانقطاع عنها يعتبر تهديدا دائما لأيّ كاتب أو كاتبة، فهو ذلك السيف المسلّط على رقبته، لا يدري تماما متى يهوي، وتحت أيّ ظرف أو مناسبة سيستسلم لإرادته. هذا الصراع، الذي يعيشه معظم الكتّاب، كثيرا ما يسمّيه المشتغلون بالكتابة الأدبية بشقاء الورقة البيضاء، أو كما قال الكاتب المكسيكي خوان رولفو: «الكتابة تنتج معاناة هائلة. ورقة فارغة شيء فظيع». إنّ التوقف عن الكتابة أو الاكتفاء بعمل وحيد قد يعتبره البعض دليلا على نضوب قريحة الإبداع، أو استنفاد للرؤية الإبداعية وانسداد أفق جديد للكتابة. فيما يراه البعض الآخر تهيّبا لفعل الكتابة وحرصا على تقديرها التقدير الكافي ومنحها الشروط الذاتية والموضوعية لنجاحها سعيا نحو نوع من الكمال الأدبي.

 

 

صادق هدايت.. أصل النّهار بالليل

يعتبر صادق هدايت أوّل كاتب قصة ورواية في الأدب الإيراني الحديث، اشتهر، بالخصوص، بروايته الوحيدة «البومة العمياء» التي أشاد بها السورياليون في باريس لمّا ترجمت إلى الفرنسية. ترجم صادق إلى الفارسية رواياتي فرانز كافكا (المحاكمة / المسخ) كما ولع بكتابات إدغار آلان بو ولم يكن تأثير عمر الخيام ورباعياته غائبا في كلّ ما كتب. رواية صادق هدايت، بالغة التشاؤم والحيرة من عبثية العالم، لا تخلو من نظرة ساخرة من وجوده الخاص، فقد غادر طهران للدراسة إلى بلجيكا ثمّ فرنسا بعد أن فشل تماما في ترويض نفسه بالقيام بأيّ عمل إداري أو الانضباط إلى شيء يسمّى المهنة. يقول عن نفسه: «مهما يكن فليس في تاريخ حياتي ما يلفت النّظر، لم يحدث فيها ما هو جدير بالانتباه، ليس لي منصب هام، ولا أنا من حملة الشهادات العظيمة، ولم أكن أبدا طالبا بارزا، على العكس من ذلك كان نصيبي دائما هو عدم التوفيق. ومهما كنتُ أعمل كنت أبقى خاملا ورؤسائي غير راضين عنّي، ربّما لو استقلت من العمل لرضوا عنّي».

رغم الأجواء الحزينة لروايته الوحيدة وغرائبيتها، فإنّ الشاعرية المرهفة لصادق هدايت تملك لبّ القارئ الذي تعرّف عليها من خلال العديد من الترجمات التي حظيت بها، حيث تعتبر علامة مميزة للأدب الفارسي الحديث. حمل صادق هدايت بداخله فشله العظيم، تاه في شوارع باريس متسكعا وشبه متشرّد، يعاني من كوابيسه الداخلية أو كما وصفه معاصروه بالمتشائم غير قابل للشفاء، لينتهي أخيرا منتحرا بالغاز في غرفة باريسية بائسة. يصف وضعه لأصدقائه في طهران في إحدى رسائله: «أمّا الخلاصة فهي أنّني صدمت من كلّ شيء وتعبت ولا مناص من أن تتحطّم أعصابي، إنّني أصل النهار بالليل كأنّي محكوم بالإعدام أو أسوأ، وقد نفضت يدي من حصيلة كلّ شيء، لا أستطيع أن أشتاق ثانية لشيء، ولا أعلّق قلبي بشيء، ولا أن أخدع نفسي، ولا أجد الجرأة على الانتحار». عدمية صادق هدايت، وإن كانت طافحة بالألم، لكن عندما نقرأ «البومة العمياء» نستشعر مدى الصدق والبوح الجارح من خلال مقاطع آسرة مثل: «عثرت على حقيقة هي أنّ ورطة هائلة توجد بيني وبين الآخرين، وفهمت أنّه ينبغي عليّ أن أخلد إلى الصمت إلى أقصى حدّ ممكن، وإلى أقصى حدّ ممكن يجب أن أحتفظ بأفكاري لنفسي، وإذا كنت الآن قد قرّرت أن أكتب فهذا راجع إلى أنّه يجب أن أعرف نفسي لظلّي… الظلّ المنحني على الحائط وكأنّه يتجرّع كلّ ما أكتب باشتهاء بالغ». أو في هذا المقطع: «إنّ ما كان يبعث فيّ العزاء هو الأمل في العدم بعد الموت. كانت فكرة الحياة بعد الموت تخيفني وتصيبني بالملل. أنا حتّى الآن لم أكن قد آنست إلى هذه الدنيا التي كنت أحيا فيها، فبماذا تفيدني الحياة الأخرى؟»، أو حين يحلم بنوم النسيان: «كنت أريد وآمل من كلّ قلبي أن أسلّم نفسي إلى نوم النسيان، ولو صار هذا النسيان ممكنا لو استطاع أن يدوم، لو أنّ عينيّ المغمضتين في ما وراء النوم انصرفتا رويدا رويدا إلى العدم التامّ، ولا أعود أحسّ بوجودي بعد، ولو كان ممكنا أن يمتزج كلّ وجودي في بقعة حبر أو في لحن موسيقي أو في شعاع ملوّن، ثمّ تنمحي كلّ هذه الأمواج  والأشكال بكلّ توسّعها وكبرها، لكنتُ بلغت أملي».

#image_title

سيلفيا بلاث.. أسوأ شيء في الوجود

عاشت الشاعرة الأمريكية سيلفيا بلاث (1932-1963)  Sylvia Plath حياة مأساوية تخللتها الكثير من الصعاب، إذ إنّ زواجها من الشاعر الإنجليزي تيد هيوز كان وبالا عليها. فبسبب خياناته المتكررة أصيبت باكتئاب حاد أدى بها إلى مفارقته والعناية لوحدها بطفليها، فكابدت الفقر والحاجة، وحاولت جهدها أن تواصل نشر قصائدها التي تعدّ من أجمل ما كتب في الشعر الأمريكي الحديث. كتبت روايتها الوحيدة «الناقوس الزجاجي» باسم مستعار، كانت بمثابة تسجيل لحياتها انطلاقا من حياة موازية لامرأة أخرى تريد أن تحقق لنفسها مكانا في الوسط الأدبي. أخيرا استسلمت سيلفيا بلاث لمصيرها المحتوم فانتحرت في مطبخ منزلها بعدما حشرت رأسها في الفرن وماتت مختنقة بغاز أول أكسيد الكربون، ووضعت سيلفيا مناشف مبللة تحت الأبواب الخشبية حتى لا يتسرب الغاز إلى غرف أطفالها.

إذا كانت سيلفيا بلاث من أهمّ الشعراء الأمريكيين وأكثرهم ارتباطا بالحياة، فإنّ روايتها الوحيدة «الناقوس الزجاجي» كانت التجسيد الحيّ لحياتها ولمسار معقّد مفعم بالقلق والسوداوية انتهى في النهاية إلى الانهيار التام. في أجواء روايتها الوحيدة نلمح بقوة أصداء حياتها المضطربة المفعمة بالكثير من المشاعر والأحاسيس المتأثرة بهاجس الموت، تتناول فيها حياة فتاة أمريكية في مقتبل العمر وهي تعاني من انهيار عصبي، غارقة في المأساة ومقبلة على السقوط في هذا المصير المأساوي، حين تقولّ: «كان صيفا غريبا وقائظا، ذلك الصيف الذي أعدموا فيه آل روزنبرغ صعقا بالكهرباء. لم أعرف ما الذي كنت أفعله في نيويورك، أشعر كالبلهاء إزاء حوادث الإعدام. ففكرة الموت صعقا بالكهرباء تثير في نفسي الغثيان، وذلك هو كلّ ما يمكن للمرء مطالعته في الصحف، عناوين رئيسة جاحظة تحدّق فيّ عند كلّ زاوية شارع، وفي مدخل كلّ مترو تفوح منه رائحة الفول السوداني العفنة. لم تكن لي علاقة بالحادث، غير أنّي لم أكفّ عن التساؤل حول احتراق المرء حتّى آخر أعصابه.

ظننت أنّ ذلك، لا ريب، هو أسوأ شيء في الوجود.

كانت نيويورك كريهة بما يكفي. فبحلول التاسعة صباحا، تتلاشى العذوبة المترعة برطوبة الريف، والتي تكون قد تسللت على نحو ما خلال الليل، مثل نهاية حلم سعيد. أمّا الشوارع الملتهبة، والتي تراءت رمادية كسراب في قاع وديانها، فقد تمايلت في الشمس. أزّت أسقف السيارات ثم التمعت، تطاير الغبار الرماديّ الجافّ إلى عينيّ وتسرّبت ذرّاته إلى حلقي.

واصلت الاستماع إلى أخبار آل روزنبيرغ عبر المذياع، وفي المكتب حتّى باتت لا تبرح مخيّلتي. كان ذلك شبيها بالمرة الأولى التي شاهدت فيها جثة ما. لأسابيع لاحقة، كان رأس الجثة، أو ما تبقى منه، يطفو فوق طبق البيض ولحم الخنزير المقدد… ثم شعرت كما لو أنّي أحمل رأس تلك الجثة معي، هنا وهناك، مربوطا بخيط، مثل بالون أسود مجدوع الأنف تنبعث منه رائحة الخل.

أدركت أنّني على غير ما يرام، في ذلك الصيف، لأنّ أخبار آل روزنبيرغ كانت تستحوذ عليّ، وكيف أنّني كنت غبية حين اشتريت كل تلك الثياب غير المريحة وباهظة الثمن، والتي تترنّح الآن مثل أسماك في خزانتي، وكيف أنّ كلّ النجاحات الصغيرة، التي حصدتها بسعادة بالغة في الجامعة، قد استحالت عدما، خارج الرخام الصقيل والواجهات الزجاجية على طول جادة ماديسن.

كان حريّا بي أن أكون في غمرة أزهى فترات حياتي».

(في صيف 1953، تمّ إعدام آل روزنبيرغ صعقا بالكهرباء، وذلك بعد إدانتهما بتهمة تسريب سرّ القنبلة الذرية إلى الاتحاد السوفياتي)

#image_title

صبري موسى.. فخاخ ينصبها البشر لأنفسهم

يختطّ الكاتب المصري صبري موسى، في «فساد الأمكنة»، للرواية العربية مسارا غريبا، رواية غارقة في التأمّل واستحضار الأسطورة وعلاقتها بالمكان إضافة إلى استنطاق التاريخ. صبري موسى، كاتب سيناريو العديد من الأفلام المصرية المتميزة والصحافي اللامع الشهير برحلاته، لم يترك وراءه، إضافة إلى روايته سالفة الذكر والوحيدة، سوى عملين «حادثة نصف متر» و«السيد من حقل السبانخ» اللذين يعتبران روايتين قصيرتين وبضع مجموعات قصصية بعد معاناة مع المرض وتجاهل النقد الروائي له، ربّما لحياديته وبعده عن السلطة كما صرح بذلك مرّة: «لم أقترب من السلطة مثل غيري، وبالتالي لم أستفد منها، أنا منحاز للناس أكثر، وأنا لا أبحث عن مغنم شخصي، ولا أعرف كيف يتمّ ذلك وأغلب من اقترب من السلطة فشل في مشروعه الأدبي، فأعظم الكتاب العالميين هم الذين اقتربوا من أنفسهم وانحازوا للناس أكثر من السلطة، بل وقفوا ضدّها في أحيان». لكن رائعته «فساد الأمكنة»، الوحيدة التي كانت ثمرة تحقيقاته الصحفية ورحلاته في صحراء مصر، عبارة عن ملحمة في إطار روائي ينفذ فيها الكاتب إلى عمق العلاقة بين الإنسان وروح الطبيعة ليقرأ الواقع وتجلياته، وليس غريبا أنّها من بين الروايات العربية الأكثر ترجمة إلى لغات أجنبية. من أجوائها نقرأ: «إن مئات الخطايا الصغيرة التي نرتكبها بسهولة ويسر في المدينة ضد أنفسنا وضد الآخرين تتراكم على قلوبنا وعقولنا ثمّ تتكثف ضبابا يغشى عيوننا وأقدامنا فنتخبط في الحياة كالوحوش العمياء. فالمدينة زحام، والزحام فوضى وتنافس وهمجية. ولكنهم في الصحراء قلّة، والخطايا الصغيرة تصبح واضحة تطارد من يرتكبها، ويصبح ضبابها على النفس أشدّ كثافة وثقلا، بينما تحتاج دروب الحياة في الصحراء إلى بصيرة صافية نفاذة لتجنب أخطارها. إنّ الفضائل تمنحهم قدرة على الصفاء، فيمتلكون حسّا غريزيا مشبعا بالطمأنينة، يضيء في عقل البدوي حين يضيع منه الطريق في رمال الصحراء الساخنة الناعمة فيهتدي في طريقه، وتجعل قلبه يدق له إنذارا بالخطر وهو نائم في ليل الصحراء السحري حينما يقترب من جسده عقرب أو ثعبان». ثم هذا المقطع من الرواية الذي يبرز مدى قدرة الرواية على استكشاف الحقائق الوجودية بلغة محايدة وشفافة: «الأمل والرغبة هي الفخاخ التي ينصبها البشر لأنفسهم ويلهثون جريا وراءها ليسقطوا فيها».

#image_title

«الحارس في حقل الشوفان».. رواية الحلم وإدانة الزيف

«الحارس في حقل الشوفان» هي الرواية الوحيدة للأمريكي جيروم دافيد سالنجر(1919-2010)، التي حققت نجاحا منقطع النظير، واعتبرت رواية الشباب والمراهقين على الخصوص، وهي الرواية التي أخلصت لروح التمرد والقلق المستديم لدى الكثير من الأوساط تجاه معايير النجاح الأمريكية التي تخفي واقع البؤس الروحي والمادي. النجاح الكبير للرواية صاحبه كذلك احتجاج الأوساط المحافظة التي نددت بلغتها الجارحة والمباشرة القريبة جدّا إلى العامية، إضافة إلى عنايتها بتفاصيل الحياة الأمريكية دون رتوش أو تجميل اعتاد القارئ الأمريكي عليها. هذه الرواية الوحيدة جعلت جيروم دافيد سالنجر أعظم روائي أمريكي حدّ مقارنة البعض له بجيمس جويس، وخاصّة رواية «يوليسيس».

تحكي لنا رواية «الحارس في حقل الشوفان»، وبطلها هولدن كولفيلد، حكاية الأيّام الثلاثة التي قضاها المراهق هولدن، ذو السابعة عشرة من عمره، مغادرا مدرسته الداخلية «بنسي» بعد رسوبه قبيل عيد الميلاد متجنبا العودة إلى البيت قبل وصول رسالة المدرسة الحاملة لقرار الطرد، معتقدا أنّ التأخر في العودة إلى ما بعد وصول تلك الرسالة اللعينة ليومين أو ثلاثة سيخفّف من غضب والديه وتعنيفهما له. يقول مبرّرا فعلته تلك: «… لم أرغب في الذهاب إلى البيت قبل أن تكون قد وصلتهما تلك الرسالة وقد هضماها واستوعباها. لا أحبّ أن أكون موجودا ساعة تسلّمها لأنّ أمّي ستصاب بحالة هستيرية، ولكنّها لن تكون في حالة سيّئة جدّا بعد أن تستوعب هذا النبأ…» طيلة الأيّام الثلاثة، سيواصل هولدن كولفيلد الحلم بأن يكون حارسا في حقل للشوفان يلعب فيه الأطفال وهو يقف بينهم وبين المنحدر يحرسهم ويحمي براءتهم من عالم الكبار، ومن المجتمع المنافق والزائف، بأنّ كلّ ما يريده هو الهرب من هذه الحياة الأمريكية المليئة بالخداع، والعيش في منعزل في الريف. وكم كان همنغواي محقّا في وصف كاتبها بهذا التعبير الصاعق: «يا إلهي، إنّه يمتلك موهبة جهنميّة». أمّا الكاتب والشاعر الأمريكي شارل بوكوفسكي فقال: «أعظم كاتب في أمريكا لم يعد يكتب، كما لو أنّه تبخّر في الطبيعة، اسمه جيروم دافيد سالنجر. لم يسمع أحد شيئا عنه، هذا الشخص كان جيّدا إلى درجة كبيرة، ثمّ فجأة توقّف عن الكتابة، غموض تام يحيط بسالنجر. روايته «الحارس في حقل الشوفان» هي بحقّ كتاب عظيم».

يصف لنا بطل الرواية، هولدن كولفيلد، مدرسته قائلا: «في «بنسي» حيث أعيش، أنزل في جناح (أوسنبرغر) التذكاري للمراقد الجديدة. كان مخصّصا حصرا للمستجدين والمتقدمين. أنا كنت مستجدا، شريكي في الغرفة كان متقدّما. كان يحمل اسم ذلك الشخص الذي يدعى أوسنبرغر ودخل مدرسة بنسي. وبعد أن غادر بنسي كوّن ثروة صغيرة من دفن الموتى، وما فعله أنّه باشر بافتتاح صالونات دفن الموتى في كلّ أرجاء البلد، بحيث أصبح في إمكانك أن تدفن أفراد عائلتك مقابل خمسة دولارات للرأس. يجب أن ترى العجوز أوسنبرغر لعله فقط كان يحشرهم في كيس ويغرقهم في النّهر. على أيّ حال، منح مدرسة بنسي كمية كبيرة من الدولارات، وأطلقوا على الجناح اسمه…

في صباح اليوم التالي، في الكنيسة ألقى خطبة دامت عشر ساعات. بدأ بخمسين من النكات المبتذلة، لمجرّد أن يرينا أنّه أليف… ثم بدأ يحكي لنا كيف أنّه لا يخجل أبدا، حين يكون في مأزق أو ما شابه ذلك، من أن يركع ويصلّي للّه. وقال إنّ علينا دائما أن نصلّي للّه… قال إنّه يفكّر في يسوع طوال الوقت، حتّى وهو يقود سيارته. هذا الكلام قتلني. لا يتراءى لي ابن الحرام الضخم الزّائف ذاك إلّا وهو ينتقل إلى السرعة الأولى طالبا من يسوع أن يرسل إليه المزيد من الجثث…

إنّ أشدّ ما يعجبني هو أن أقرأ كتابا مضحكا بين حين وآخر. وقد قرأت الكثير من الكتب الكلاسيكية… وقرأت الكثير من كتب الحرب والألغاز وما إلى ذلك، لكنّها لا تعجبني كثيرا. إنّ ما يعجبني هو الكتاب الذي، بعد أن تفرغ من قراءته، تتمنى لو أنّ المؤلّف الذي كتبه هو صديق رائع لك وتستطيع أن تتصل به هاتفيا كلما رغبت في ذلك.

لكن هذا الأمر لا يحدث كثيرا».

#image_title

ليلى بعلبكي.. هكذا أنا عالم مستقل

ليلى بعلبكي كاتبة ذات مسار غريب في تاريخ الرواية العربية، هذه الفتاة اللبنانية كان لصدور روايتها الوحيدة وقع المفاجأة وصدى كبير لم تنله رواية من قبل. ففي سنة 1958 ستزفّ مجلة «شعر»، المعنية أصلا بالشعر، إلى القراء خبر صدور رواية «أنا أحيا» لكاتبة شابة لبنانية، واصفة عملها الروائي بأنّه «سيكون له أثر بعيد في مستقبل الرواية العربية»، وكم كانت محقّة في ذلك.

رواية «أنا أحيا» تقدّم لنا تجربة فتاة من الجنوب اللبناني، هي لينا فياض المتمردة على المجتمع التقليدي من الأسرة إلى الجامعة، مندّدة بالقيم المحافظة بجرأة وقسوة أحيانا، ترتبط عاطفيا بشاب غير لبناني ذي جنسية عراقية، لكنّها لا تلبث أن تضيق بسلوكاته الذكورية لتواصل رفضها اليائس من كلّ شيء. كانت رواية «أنا أحيا» كما يقول محمد برادة: «رواية شخّصت بشكل حداثي مجدد في التعبير، الوعي المغلوط للرجل والمرأة العربيين في الخمسينيات، نتيجة فصلهما بين حرية الفرد والجسد من جهة، وبين الالتزام السياسي الذي أسقط من حسابه حرية المرأة وكينونتها المختلفة من جهة أخرى».

بعد مجموعتها القصصية «سفينة حنان إلى القمر» 1964 التي تعرّضت لمحاكمة شهيرة، وروايتها الأخيرة «الآلهة الممسوخة»، توارت ليلى بعلبكي عن الأنظار منذ ذلك التاريخ. من أجواء الرواية ما تصرّح به البطلة: «هكذا أنا، عالم مستقل لا يمكن أن يتأثر مجرى الحياة فيه بأيّ حدث خارجي لا ينطلق من ذاتي، من مشكلة الإنسان في ذاتي، وصحيح أنّني أسكن مع أمي وأبي وأختي، السمراء والشقراء، وأخي…، لكنني لا أحسّهم، إنّهم تماماً خارج السور في عالمي».

#image_title

إبراهيم أصلان.. مالك الحزين

الكاتب المصري إبراهيم أصلان (1935-2012)، رغم مجموعاته القصصية المتوالية، كانت روايته «مالك الحزين»، شبه الوحيدة، مفتاحه إلى النجاح وأصبحت وحدها علامة أساسية وخاصة لإبداعه الأدبي، وساهمت السينما، من خلال فيلم «الكيت كات»، في تعزيز هذه الصورة وتكريسها كما لو كانت عملا أدبيا وحيدا يغطّي على كلّ مساره الأدبي. ولعل شخصية الأعمى، الشيخ حسني، هي الأكثر تأثيرا على القارئ من خلال طريقة وصفه لها: «كان عبد الله القهوجي قد وافق، من باب توسيع الرزق والانبساط، أن يعمل (ناضورجيا) لحساب الشيخ حسني. لم يكن عليه، عندما يرى أحد العميان، إلّا أن يخبر الشيخ بما رأى، ومع الوقت، صار عبد الله يعرف عمله جيّدا ويجيب وحده على بعض الأسئلة الضرورية مثل سنّ الزبون وثيابه، أو ما قد يكون هناك من علامات بارزة. كان يفعل ذلك ثمّ يبتعد إلى حين تاركا كلّ شيء للشيخ حسني الذي يتّجه إلى الأعمى ويضع نفسه في طريقه، يسأله عن مقصده أو يأخذ بيده ويعاونه على نزول الرصيف، ويتركه أثناء ذلك يعتقد أنّه بصحبة رجل يرى. وفي كلّ المرّات تقريبا، لم تكن تمرّ إلّا بضع لحظات وتكون العلاقة قد بدأت بينهما، ويكون الشيخ قد سحبه إلى المقهى. ومهما كانت الظروف المادية لهذا الصديق فإنّ القرش كان يجري في يد الشيخ حسني ويعاود التعامل مع الهرم بائع الحشيش، لأنّ أمّ الأولاد كانت، في هذه الأيام، تأخذ المرتب أوّل كلّ شهر من يد عارف أفندي سكرتير مدرسة إمبابة الإسماعيلية الابتدائية حيث يعمل الشيخ مدرّسا للموسيقى، ولا تترك له إلّا ما يفي بحقّ الدخان. وما أكثر العميان الذين ساعدهم الشيخ وألحقهم بما يناسبهم من أعمال. وما أكثر الذين جمع باسمهم التبرّعات من هنا وهناك. ما أكثر هؤلاء جميعا بالنسبة لهذه القلّة التي كشفت العملية من البداية ولاذت بالفرار. أو هؤلاء الأفراد الذين أخذهم الشكّ أو فهموا ومع ذلك استمرّوا لكي يعرفوا ما يقصده الشيخ من ذلك ثمّ هربوا عند أوّل بادرة من بوادر الخطر الحقيقي. أمّا الذين لم ينتبهوا إلّا بعد أن يبدأ الشيخ يزوغ منهم بعد أن ضاعت فلوسهم كلّها فقد كان نصفهم لا يلوم إلّا نفسه لأنّه لم يكن يصحّ من الأوّل أن يسلم الأعمى منهم حياته كلّها لرجل مبصر يصادفه هكذا في عرض الطريق. أمّا النصف الباقي، فقد كان الواحد يسأل عن طريق البيت ويعرفه ويظلّ يتردّد بينه وبين المقهى في إصرار وطول بال حتّى يعرف فجأة أنّ الشيخ حسني كان طول الوقت رجلا أعمى هو الآخر. حينئذ كان ينصرف ولا يقرب إمبابة بعد ذلك أبدا. وفي كلّ الحالات لم يكن الشيخ ينسى عبد الله القهوجيّ: المزاج. الدخان. العشاء أحيانا من عند حسين السمّاك. البرتقال. البقشيش الكبير عند الحساب، وما هناك من فوائد أخرى. لأن عبد الله والحقّ يقال، لم يكن يحفظ السرّ فقط، بل كان عليه بعد ذلك أن يأخذ بيانا بمواعد الشيخ مع هذا الصديق أو ذاك. وعندما يحين الوقت يراقب الطريق جيدا. وما أن يرى الضرير قادما حتّى ينبّه الشيخ بوسيلة ما، لكي ينهض من مكانه ويتقدّم إلى مدخل المقهى كأنّه رجل مبصر رأى صديقه الضرير قادما وقام بنفسه لكي يستقبله عند الباب، يرحّب به ويسحبه بين الناس ويجلسه إلى جواره على المقعد. ولا بدّ أن يتم ذلك تحت الرعاية الجانبية من عبد الله حتّى لا يخطئ الشيخ ويستقبل أيّ رجل يصادفه: «وتبقى مشكلة». ولقد مرّت عليهما أيام طيّبة. كما مرّت عليهما أيّام كساد طويلة. سنوات بدت فيها الدّنيا وكأنّها خلت من العميان إلّا الشيخ حسني نفسه. وكاد عبد الله ينسى ذلك كلّه، حتّى جاء يوم خرج فيه إلى مدخل المقهى، ولمح شيخا ضريرا يأتي بقدميه عبر الميدان فتراجع دون وعي منه وأخبر الشيخ حسني بما رأى. وما أن توقّف الضرير تحت شجرة الكافور الكبيرة العالية، حتّى تلقّاه الشيخ مفتوح الذراعين وقد أدرك عماه. وسرعان ما أحضره إلى المقهى، وأوهمه بأنّه يرى».

#image_title

خوان رولفو.. بيدرو بارامو

استطاع الكاتب خوان رولفو (1917-1986) أن يصنع لنفسه اسما أدبيا في بلاده المكسيك وأمريكا اللاتينية قاطبة بفضل رواية واحدة «بيدرو بارامو» ومجموعة قصصية واحدة «السهل يحترق». يذكر غابريال غارسيا ماركيز مناسبة اكتشافه لرواية «بيدرو بارامو» ومدى تأثيرها عليه: «صعد الشاعر والكاتب الكولومبي ألبارو مويتس بخطوات واسعة الستة أدوار للوصول إلى منزلي ومعه الكثير من الكتب. وقد قام بفصل الأصغر والأقصر من ذلك الكم الهائل، وقال لي وهو يكاد يموت من الضحك: فلتقرأ تلك اللعنة، لكي تتعلم! كانت تلك اللعنة هي رواية بيدرو بارامو، وفي تلك الليلة لم أستطع النوم حتّى انتهيت من قراءتي الثانية لها». ويضيف كذلك: «إن خوان رولفو استطاع بأقل من 150 صفحة أدبية فقط، أن يجلس إلى جانب سوفوكليس على عرش الأدب». أما بورخيس فيصف الرواية بكونها «واحدة من أهم مئة عمل أدبي أنتجته البشرية في تاريخها». يفتتح خوان رولفو روايته بهذا المطلع: «لقد أتيت إلى كومالا، لأني علمت أنّ أبي المدعو بيدرو بارامو يعيش هنا، ذلك ما قالته لي أمي، حينذاك كنت وعدتها بأني سأذهب لرؤيته حال وفاتها. أذكر أنّي ضغطت على يديها، وكان ذلك بمثابة وعد منّي، إذ كانت على حافة أن تفارق الحياة، وكنت مستعدا لأعدها بأي شيء لحظة احتضارها. أوصتني بقولها: «لا تتقاعس في ترحالك للعثور عليه، إنّه يُدْعى كذا وكذا، وإنّي لمتأكدة أنه سيكون مفعما بالغبطة بأن يتعرّف عليك». لم يكن بإمكاني، والحالة هاته، إلّا أن أقول لها إنّي سأذهب، ولقد أعدت على مسامعها الوعد بذلك، مكررا إياه مرارا بعدما تمكنت من سحب يدي من بين يديها الهامدتين. ومن بين الأشياء أيضا التي رددتها على مسامعي من قبل: «لا تتسوّل منه شيئا على الإطلاق، عليك فقط أن تطالبه بحقنا، وبما كان من واجبه أن يقدمه لي ولم يف به أبدا، وعليك أن تجعله يؤدي الثمن غاليا يا بني على كل النسيان الذي تركنا فيه…».

 

#image_title

 

كتاب مغاربة والأعمال الأدبية الوحيدة

 

«فروسية» أحمد المجاطي

يعدّ أحمد المجاطي أحد أهم مؤسسي القصيدة الحديثة في المغرب، ولا يمكننا البتة أن نقدّم الشعر المغربي الحديث بدون أحمد المجاطي أو باسمه الحقيقي أحمد المعداوي (1936-1995)، وهل بالإمكان، أيضا، إذا أردنا أن نختار قصيدة ممثلة للشعر المغربي الحديث دون أن نذكر قصيدة «السقوط» التي تكاد أن تتلبس لبوس الأيقونة. هذا هو أحمد المجاطي، بديوان واحد «الفروسية»، يفتح باب الحداثة أمام القصيدة المغربية ويؤسس لها أفقا مفتوحا. كان تأثيره كبيرا على الأجيال اللاحقة ببصمته الواضحة التي تنحو إلى خلق قصيدة بلمحة مغربية خالصة، واستطاع بكتاب شعري وحيد وفريد أن يضع لنفسه مكانة أساسية في الشعر المغربي. كما كانت لقصيدته «السقوط» الشهرة الواسعة وما زال البعض من المحبين للشعر يرددون مع أنفسهم ذلك المقطع الشهير (تسعفني الكأس/ ولا تسعفني العباره) أو قوله: (أصالح الكائن والممكن والمحال/ أخرج من دائرة الرفض ومن دائرة السؤال) لكن القصيدة بأكملها عبرت عن تجربة الشاعر ربّما لاكتمالها الفني والجمالي وكونها أكثر تعبيرا عن رؤاه الشعرية وموقفه من الوجود والحياة، يقول فيها:

تلبسني الأشياء حين
يقبل النهار
تلبسني شوارع المدينه

 

أسكن في قرارة الكأس،
أحيل شبحي مرايا

أرقص في مملكة العرايا

أعشق كل هاجس غفل
وكل نزوة أميره

أبحر في الهنيهة الفقيره

أصالح الكائن

والممكن

والمحال
أخرج من دائرة الرفض ومن دائرة السؤال

 

أراقب الأمطار
تجفّ في الطوية الأماره

تسعفني الكأس
ولا تسعفني العباره

 

لكنني أقول:
شربت كأسي فاشربي أيتها البحار
لم تبق إلا ساعة وتخلع المدينة أثوابها،
ويقبل النهار

قبل أن أغمس في الضوء
سراب الشك واليقين
أقيم من قهقهة السكارى
عرسا
وراء اللحظة الشمطاء
والدقائق العذارى

أقول يا أرض ابلعي ماءك أو فلتغرفي
في الدم والأشلاء والأنين .

 

في اللحظة الأخيرة
إذا تلاشى الليل في سعلته الضريرة
يرفض أن يغسلني الفجر
وأن تشربني الغمامه
أبقى وراء السيف والعمامه
ملقى
على ظهر الثرى،
ملقى
بلا قبر ولا قيامه.

 

 

رفيقة الطبيعة.. «مربع مضيء في رأس امرأة»

هذا عنوان لقصة من قصص رفيقة الطبيعة، قد يختصر مسارا مثيرا لكاتبة مغربية، وفي الوقت نفسه يشي بالكثير من الدلالات، من أهمّها أنّ هذا المربع المضيء في رأس امرأة سرعان ما خبا. عندما نبحث عن رفيقة الطبيعة لا نجد سوى هذه المعلومات القليلة التالية: رفيقة الطبيعة (زينب فهمي) ولدت سنة 1941 بالدار البيضاء. اشتغلت مدرسة بالتعليم الابتدائي ثم عينت مديرة لإحدى مدارس الدار البيضاء. هذه المعلومات على قلّتها تخفي عنّا اسما رائدا في الكتابة القصصية المغربية والنسائية على الخصوص رفقة أمينة اللوه وخناثة بنونة وفاطمة الراوي… اتّخذت اسما أدبيا مستعارا (رفيقة الطبيعة) استطاعت بتفرّدها أن تصبح من الرائدات -بعد الاستقلال- في مجالات المقالة والقصة في المغرب خلال تلك الفترة. اشتهرت، في بداية أمرها، على صفحات المجلات المتخصصة وأعمدة الصحف المهتمة بالمجال الأدبي. ولكن، للأسف، فإن هذا الصوت اختفى من الساحة الثقافية لأسباب مجهولة قد لا يعلمها إلاّ المحيط القريب منها.

لقد شكّلت نصوص رفيقة الطبيعة، في تلك المرحلة من تاريخ الأدب المغربي الحديث، حدثا ثقافيا وأدبيا لافتا واستثنائيا أظهر إقبال المرأة على كتابة القصّة بجرأة وقوة، في تحدّ للوعي السائد والإكراهات الاجتماعية المهيمنة آنذاك. لذلك جاءت قصص رفيقة الطبيعة ذات طابع واقعي ومنشغلة بالأساس بقضايا الحرية والتحرّر، ومنها على الخصوص الأسئلة المتعلقة بوضعية المرأة في مجتمع تهيمن فيه القيم الذكورية. إنّ القوة والنضج اللذين ميّزا مجاميعها القصصية جعلا من توقفها الغامض عن الكتابة إحدى العلامات البارزة والمثيرة للكثير من الأسئلة في تاريخ أدبنا المغربي الحديث.

#image_title

اشتباكات الأمين الخمليشي

تحظى التجربة القصصية للكاتب المغربي الأمين الخمليشي باهتمام كبير باعتبارها إحدى التجارب القصصية المغربية الأكثر طليعية وتجريبية، وتمتلك في الآن نفسه خصوصيتها الجمالية والفنية من مجموعة قصصية واحدة «اشتباكات» ظلت صامدة في يُتمها لأكثر من عقدين من الزمن حتّى قُيض لها أن تُفكّ من عزلتها بفضل مجموعة ثانية هي «عربة مدام بوفاري». من المعروف عن الكاتب الأمين الخمليشي أنّه مقل في كتاباته حريص على التأنّي والتهيب من فعل الكتابة ذاته، ومخلص لعالمه القصصي بشخصيته الرمزية «خيرون» الأشبه بحنظلة في رسومات ناجي العلي أو ثعلب زفزاف الذي يظهر ويختفي، وفضاءاته الخاصة المستمدة من الذاكرة وعالم البادية، مكسرا نمطية السرد التقليدي واجتراح لغة قصصية جديدة. في اشتباكاته نقرأ: «كان شبه نائم، شبه حالم (متأثرا بكلام وموسيقى ما)، عندما ساعدته على الركوب على ظهرها. نصحته، بالقبض جيدا على الشكيمة وهي تعرف الطريق أحسن منك، قالت، وهاهو الكاغيط والفلوس، وقل لمول الطاحونة أن يشدّ الشكارة مزيان، وهاهي القنبة، ولا تتعطل.

نخس خيرون الحمارة فتحركت. أنتم تعرفون الحمير، غالبا ما تبحث عن الطرق الضيقة والهاوية لمن يركبها. وهكذا تعثرت على حافة الباب الخارجي، إنما بفضل استوائه على عرش بردعتها وتشبثه الحازم بطرف الشكيمة حافظ على توازنه فوقها، وأغلقت الباب باسمة وتمت الحمارة ماشية، هازة أذنيها وشوالها (في محاولة لطرد الذباب المواكب لها أم لاستباقه؟)، كأنّها، بدورها، كانت تسمع وتفهم مقال الأم.

وكان يكفيه أن يقول لها «أررا» ويهز ساقيه حول ضلوعها وكرشها المنتفخة، لتردّ «واخاا» وتسير به مستقيمة رغم الصراط المعوج، نحو الطاحونة. وهكذا، من عبور حفرة شجرة اللوز التي نصفها حامض ونصفها حلو، فالزقاق، إلى دار «الفرصاوي»، فالمقبرة، فالجامع، فالبئر الجديد، عادية كانت تمشي… كان خيرون في طريقه إلى الطاحونة، متربعا عرش الحمارة المنتفخة الكرش (مثله في ذلك مثل السلطان الذي لم يتفرج عليه إلا بعد سنوات عديدة من تلك الظهيرة في ظهر المهراز)، وُزراؤه: الذباب الأزرق، أشجار اللوز، رؤوس الهندية وخضرتها الضاحكة وأشواكها الخفية والظاهرة، صخور ما بدا منها أقل مما ظهر…».

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى