شوف تشوف

الرئيسيةتقاريرثقافة وفن

   في أزمة اتحاد كتاب المغرب.. بين التنظيمي والشخصي

 نخصص هذا العدد لاتحاد كتاب المغرب نظراً للجمود الذي جعل المنظمة تعيش موتاً سريرياً، والفشل في تنظيم المؤتمر التاسع عشر، ما دفع بعض الكتاب والمثقفين، أعضاء الاتحاد، إلى تشكيل لجنة أطلقوا عليها «لجنة المساعي الحميدة»، خصوصاً بعد فشل أشغال مؤتمر الاتحاد الذي انعقد يومي 22 و23 من شهر يونيو 2018. لكن الفشل أيضاً كان مآل اللجنة التي أعلنت عن نيتها في «حماية الأفق الديموقراطي داخل اتحاد كتاب المغرب وصيانة ميثاق شرفه وخطه الوطني وخياراته الأساسية».

وبعد فشل المؤتمر، ساد جو من الهدوء وعاد كل كاتب إلى مدينته تاركاً جثة الاتحاد معلقة في الهواء، دون خفقة قلب. فتشكلت لجنة تحضيرية للمؤتمر الوطني الاستثنائي التاسع عشر (المكتب التنفيذي واللجنة المنتدبة من مؤتمر طنجة)، وأعلن رئيس الاتحاد عبد الرحيم العلام، بعد أشواط من التهييء والتنظيم، من خلال المكتب التنفيذي، في بلاغ، عن عقد المؤتمر الوطني الاستثنائي التاسع عشر بالعيون، وهو اختيار رمزي لهذه المدينة الهادئة في جنوب المغرب. وكان الغرض من تلك الإجراءات والخطوات التنظيمية الحفاظ على استمرارية هذه المنظمة الشامخة. رئيس الاتحاد، عبد الرحيم العلام وعضو الاتحاد، الشاعر عبد الدين حمروش، يوضحان ويعرضان لـ«الأخبار» كثيرا من التفاصيل حول الخلافات القائمة منذ سنوات داخل الاتحاد.

 

الشاعر عبد الدين حمروش- شاعر وعضو اتحاد كتاب المغرب

حوار مع الشاعر عبد الدين حمروش- شاعر وعضو اتحاد كتاب المغرب:

الاتحاد حصانٌ تُرك وحيداً

 حاوره:محمود عبد الغني

– يعيش اتحاد كتاب المغرب اليوم أزمة خانقة، ما أوجه هذه الأزمة بصفتك عضواً وفاعلاً في هذه المنظمة العتيدة؟

+ هناك وجهان للأزمة: الأول وظيفي والثاني تنظيمي. بالنسبة إلى الوظيفي، لا يخفى أن اتحاد الكتاب شهد تحولا في مهامه وأدواره نتيجة لارتباطه بتحول طيف مهم من المعارضة إلى الموالاة، في مرحلة ما كان يسمى وهما «الانتقال السياسي». في صعوبة الانتقال من المعارضة السياسية، التي كان منشؤها حزبيا، إلى المعارضة الثقافية، التي سعت إلى أن تكون معارضة نقدية بالمعنى العقلاني- الحداثي، كان ضياع الاتحاد في بحثه عن وظيفته، أو بالأحرى وظائفه الجديدة. فجأة وجدت المنظمة نفسها وحيدة، في طريقها إلى الدولة الحداثية والديمقراطية، بدون تلك الأحزاب (المسماة وطنية) التي كان يفترض أن تشكل معها بديلا عن دولة المخزن التقليدية المحافظة.

هكذا ترك «الحصان» وحيدا بعد أن ظلت الأحزاب، التي كانت تسعى إلى تولي تدبير الشأن العام، تدمن ركوبه. منذُ أن تغير الخطاب السياسي بتنا نتابع معه تغير طبيعة الخطاب الثقافي، أو على الأقل خطاب النخبة التي تولت تدبير شؤون الكتاب. بخلاف هذا كانت الفرصة مواتية لإعادة هيكلة الاتحاد على أسس وخلفيات جديدة، لولا أن التنظيمي ذا البعد الشخصي أضحى هو الطاغي. الإطار الحزبي، (وهو مجموعة أحزاب هنا)، الذي كان ينتظم ضمنه الاتحاد، صار شخصيا. وفي هذا السياق، وبعد تجربتي رئيسين من رؤساء الاتحاد، بما لهما وما عليهما، ستبرز شخصية عبد الرحيم العلام المتحررة من كل التزام سياسي (حزبي)، بعد أن راكمت تجربة تنظيمية واسعة في ظل الرؤساء السابقين. وبدل أن يتجه العلام إلى الاستفادة من تواري الأحزاب، أي تراخي تحكمها في الاتحاد، أخذنا نلاحظ تلك «الأنا» التنظيمية المتضخمة، وهي تستفرد بقرار منظمة الكتاب لوحدها، دون باقي أعضاء المكتب. المفاضلة التنظيمية بين اختيار الرئيس من خلال قاعة المؤتمر، باعتبار الأخير سيد نفسه، أم من خلال اختياره من قبل المكتب التنفيذي، كانت رسالة أحد الأطراف الرئيسية في سجالات المؤتمر السابع عشر: التحذير من مغبة هيمنة الرئيس على المكتب التنفيذي، وبالتالي على الاتحاد ككل. وتفاديا للتجربة المتعثرة للأستاذ/ الرئيس السابق، عبد الحميد عقار في الاتحاد، نتيجة للانقلاب الذي حيك ضده، بفعل وقوعه تحت سلطة المكتب التنفيذي، كانت كفة المؤتمرين راجحة باتجاه انتخاب الرئيس من القاعة. هكذا تمت معالجة مشكلة تنظيمية حاصلة، ولكن على أساس خلق مشكلة تنظيمية منتظرة. ذلك أنه بدلا من أن نعيد تجربة الرئيس الضعيف، خلال مؤتمر الرباط السابع عشر، تحولنا إلى تجربة الرئيس القوي المهيمن (المستبد والمستفرد). ولعل من المفارقات العجيبة الغريبة أن الذي استفاد من هيمنة أعضاء المكتب على رئيسه، عبر الانقلاب على رئاسة الأستاذ عبد الحميد عقار، في الصيغة التنظيمية الأولى، هو الذي سيستفيد من هيمنة الرئيس على أعضاء المكتب في الصيغة الثانية (المقررة في المؤتمر السابع عشر)، في فرض شخصه مقررا أوحد لشؤون الاتحاد (أي السيد عبد الرحيم العلام في الصيغتين).

– وماذا عن مؤتمر طنجة في 22-23 يوليوز 2018؟

+ لم يكن مؤتمر طنجة، في الواقع، إلا ثمرة فاسدة للتدبير الشخصي الانفرادي لدواليب الاتحاد. لم يصل أعضاء الاتحاد من الكتاب إلى مؤتمر طنجة إلا بعد أن عاينوا استمرار الأزمة، بل تفاقمها واستفحالها بصورة أخطر. والحال أن بعضهم كان يتوهم نهايتها، في أعقاب اختتام مؤتمر الرباط السابع عشر، بصعود السيد العلام إلى الرئاسة. أكثر تجسيد للأزمة المعنية هو التماطل في عقد المؤتمر، أي إلى أن انقضت الولاية الشرعية بثلاث سنوات. فبدل أن يكون انعقاده في 2015، انتظر الكتاب حتى 2018 ليعاينوا انعقادا لمؤتمرهم. هكذا ضم السيد العلام، إلى ولايته القانونية المقررة، ولاية ثانية، دون نسيان تلك الولاية التي تحصل عليها عبر إزاحة الأستاذ عقار عن الرئاسة.

ثلاث ولايات في ولاية واحدة، كما أرادها العلام عبر المماطلة والمناورة، وعبر قراءة تنظيمية شخصية متطرفة له. في الأخير، ماذا كانت النتيجة المفترضة لتلك القراءة؟ الرئيس لم يقض إلا ولاية واحدة، وبالتالي من حقه الترشح لولاية جديدة (بعد 2018).

– إذن، لماذا فشل مؤتمر طنجة؟

+ بالنسبة إلي، وإلى كل متابع عن كثب، يرجع السبب إلى السؤالين الاستنكاريين التاليين، وهما: هل مؤتمر طنجة عادي؟ كيف يكون عاديا وقد تأخر عن موعده بثلاث سنوات وترتبت على ذلك قرارات تنظيمية، ثقافية ومالية؟

وعلى الرغم من كل ما رافق مؤتمر طنجة، من نقاش تنظيمي وقانوني، تم التوافق على قرار عقد مؤتمر استثنائي، في غضون ستة أشهر، تجنيبا للاتحاد من مصير ما حصل لمنظمات سابقة، مثل الاتحاد الوطني لطلبة المغرب. تقاعس العلام عن عقد هذا المؤتمر الاستثنائي في تاريخه المضروب موعده، أو فشله في ذلك، ومن بعد استقالته من مهامه، مهد الطريق لظهور لجنة تحضيرية، تضم، إضافة إلى أعضاء لجنة طنجة، أعضاء آخرين، من رؤساء الاتحاد السابقين وحكمائهم. غير أن عودة العلام عن استقالته، وقد كان انعقاد المؤتمر قاب قوسين أو أدنى، جعلت الاتحاد يتحرك برأسين، أقصد بلجنتين تحضيريتين.

 – إلى من يعود فشل مؤتمر طنجة إذن؟

+ بالطبع يعود إلى الرئيس الذي يصر على أن تظل ولايته مفتوحة، بخلاف الرؤساء السابقين عليه. الفشل يعود إلى:

– من أضاف إلى ولايته القانونية ولاية أخرى من ثلاث سنوات؛

– من أخلف عقد المؤتمر الاستثنائي في خلال الأشهر الستة المقررة من قبل مؤتمري طنجة؛

– من قدم استقالته بعد الفشل في تنظيم المؤتمر الاستثنائي، ثم عاد عنها في تاريخ لاحق؛

– من رفض مسعى وزير الثقافة، في إطار مبادرة شخصية منه، من أجل الجلوس إلى طاولة الحوار، ثم التوافق على قرار المشاركة الجماعية في عقد المؤتمر.

– بعد كل هذا المسار من الشدّ والجذب، ما الخلاصات؟

+ في خلاصة أخيرة، ليس هناك من حل إلا عقد المؤتمر، على أن يتولى المسؤولية فيه مكتب جديد، برئيس جديد أيضا. الأمر يتعلق بمنظمة ثقافية، حيث الأساس فيها التداول على التدبير وليس الهيمنة، التدافع في الآراء والأفكار وليس الأخذ بالرأي الواحد، والإنصات إلى الأجيال الجديدة، والسماح لها بالبروز ثقافيا وتنظيميا، وليس إقصاءها وتهميشها. الاتحاد، بصفته رابطة ثقافية لمجموعة من الكتاب، هو صيغة تقليدية في مجتمع ثقافي متطور، غدت تحكمه العولمة، وتسيطر عليه وسائل الرقمنة، بارتباط مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي والرقمنة. أن يتم الحفاظ عليه، باعتباره أخوية ثقافية، أو نقابة مصالحية للكتاب أو مؤسسة رديفة ذات نفع عام، مثل باقي الجمعيات من النمط نفسه، القرار منوط بالكتاب، والجدد منهم بشكل خاص.

عبد الرحيم العلام- رئيس اتحاد كتاب المغرب

 

حوار مع عبد الرحيم العلام- رئيس اتحاد كتاب المغرب:

 

كانت «كبوات» الاتحاد بالأمس فكرية ومبدئية أما اليوم فكبواته شخصية وانفعالية ونرجسية

 

حاوره: محمود عبد الغني

 

 

– اتحاد كتاب المغرب يعيش أزمة منذ مدة ليست باليسيرة، منذ متى بدأت الأزمة؟

+ الحديث عن موضوع «أزمة» اتحاد كتاب المغرب يبقى ذا شجون لكونه يطرح أحيانا، من قبل البعض، بطريقة مغلوطة وخارج المفهوم المناسب، هنا، لمعنى الأزمة، وإن كنت أتحاشى، في حالة اتحاد كتاب المغرب، أن أتحدث عن «الأزمة»، لكون هذا المفهوم يبقى أكبر من سياقه الضيق، كما هي الحال بالنسبة لاتحاد كتاب المغرب. لذا أفضل أن نتحدث عن «الكبوة» و«العثرة»، بدل الأزمة التي يبقى لها مجالها الخاص والمؤثر، كأن تكون أزمة سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية، أو صحية أو حتى ثقافية، وبالتالي لا علاقة لها بمشاكل العمل الجمعوي، الذي لازال الاشتغال داخله، في بلادنا، يتم بمنطق التطوع…

ومع ذلك، يمكن القول إن مشاكل الاتحاد وكبواته ليست وليدة اليوم، ولا يمكن إلصاقها بتجربة دون أخرى في مسيرة الاتحاد التاريخية، بقدر ما أنها كبوات تاريخية ممتدة رافقت اتحاد كتاب المغرب، منذ تأسيسه، وستظل ترافقه مادام أن «الصراع» ظل أحد ميكانيزمات العمل داخل هذه المنظمة. وكلنا يتذكر، في هذا السياق، كبوات الاتحاد السابقة، منذ أول ولاية للمفكر المغربي الراحل محمد عزيز الحبابي، بما عرفته من ردود الفعل ومن شد وجذب، سياسي وإيديولوجي وشخصي، مرورا بسلسلة العثرات المتتالية كما عرفها الاتحاد، على مستوى بعض التجارب المتعاقبة، والتي تمكنت هذه المنظمة، في كل مرة، بفضل تضافر إرادة أعضائها، من أن تتجاوزها، لتعبر نحو مرحلة تنظيمية جديدة. هنا لابد من الإشارة إلى أن المشاكل والكبوات والعثرات لا تلتصق باتحاد كتاب المغرب لوحده، بل هي عثرات بنيوية تمس كل الإطارات والهيئات الوطنية، ثقافية كانت أو حزبية أو حكومية، وعادة ما تطفو بحدة أكبر في مؤتمراتها وقبيل اجتماعاتها العامة، نتيجة بروز عوامل ومستجدات دخيلة… غير أن ما يجب التشديد عليه، هنا، هو أن كبوات الاتحاد وعثراته، بالأمس، كانت منتجة وناجمة عن صراع أفكار وأسئلة وانتماء ومبادئ، في حين أن كبواته اليوم بدت، للأسف الشديد، غير منتجة وغير مؤثرة، لكونها تتخذ طابع صراع شخصي ونرجسي وانفعالي، تتداخل فيها أحاسيس ذاتية ووهمية لأشخاص غير مؤثرين، لا ثقافيا ولا مجتمعيا ولا جمعويا، ولا علاقة لتلك الكبوات المفتعلة بواقع الحال…

 

– قلت إنها «كبوات» نتيجة عوامل شخصية ونرجسية، أليست هناك أسباب أخرى؟

+ ما يعيشه اتحاد كتاب المغرب، اليوم، نتيجة للمتغيرات المتسارعة التي يعرفها واقعنا الثقافي الراهن، بالنظر لما يعيشه من اهتزاز في القيم وتبدل في المفاهيم والمرجعيات، وفي مفهوم الثقافة نفسه ودور المثقف، وهو وضع سائد فرضته المتغيرات، كان من بين انعكاساته المباشرة تخلي نوع من المثقفين عن دورهم المؤثر في التغيير المجتمعي، فاستبدلوه بتبني قيم جديدة منحطة، كان من بين نتائجها، على سبيل المثال، لجوؤهم إلى أسلوب الهدم والتخريب وخلق صراعات وهمية و«مصلحية» ضيقة وغير منتجة، وهم معروفون، على مستوى اتحاد كتاب المغرب، بالاسم والقيمة والسلوك، بعد أن فضحتهم عدسات الكاميرا والهواتف النقالة أمام العالم، من بينهم مخمورون و«هتيفة» و«كومبارس»، وهو سلوك اعتبره الجميع، داخل المغرب وخارجه، وضيعا ومتخلفا وغير ديموقراطي. إذ كان من بين نتائجه اختيار هذا النوع من «المثقفين القطيع» اللجوء إلى إفشال مؤتمر الاتحاد بطنجة، في يونيو 2018، مغلبين سلوكهم النرجسي والعدواني الضيق على مصلحة الاتحاد وتاريخه ونضالاته، والذي بدا أنه أكبر منهم جميعا، فالاتحاد سيبقى وهم لا محالة زائلون، شأنهم في ذلك شأن غيرهم ممن عملوا على إجهاض مؤتمر الاتحاد بمدينة العيون، حاضرة أقاليمنا الصحراوية الجنوبية، في يناير 2023، حتى قبل أن يعقد، وقد أصيبوا بلوثة الابتزاز والمصالح الضيقة، في وقت كان من المفروض أن يتفرغوا للشأن الوطني، في تنوع قضاياه وتعددها، شريطة أن يكون تفرغا مؤسسا على المصداقية والبناء وليس على الفراغ والهدم…

 

– البعض يلصق «تأزيم» الاتحاد بك شخصيا، هل هذا صحيح؟

+ هذا البعض، كما تفضلت، هم ممن ينتمون إلى تلك الشريحة التي أشرت إليها، من العدميين والنرجسيين، ممن يعلقون فشل ذرائعهم ومكائدهم ورغباتهم الوصولية على مجهودات غيرهم، دون أي مبررات تبرر نزواتهم المرضية، لكونهم عاجزين عن إعلانها. فهل أنا -ومن معي من الإخوة في المكتب التنفيذي- من يسعى إلى حياكة خطط إفشال مؤتمرات الاتحاد، ومنذ ما قبل مؤتمر الرباط، في شتنبر 2012، أي وقت لجوء أحد مخربي مؤتمر طنجة إلى طلب اجتماع على مستوى المكتب السياسي للحزب الذي كان ينتمي إليه، قبل أن تطوله لعنته، ليس للتداول في مصير المؤتمر ومستقبل الاتحاد، لكن للحديث عن الحياة الشخصية لعضو في الاتحاد، الذي هو أنا، لم يتم انتخابه رئيسا للاتحاد بعد، وهو ما سرع بفشل الاجتماع، الذي شهد انسحاب دهاقنة المكتب السياسي منه، وقتئذ، تبعهم بعض أعضاء الاتحاد، ممن تم توريطهم في ذلك الاجتماع الفاشل وغير ذي موضوع، مرورا بإفشال مؤتمر طنجة، في يونيو 2018، وإجهاض مؤتمر العيون، في يناير 2023، وغيرها من المحطات التخريبية… ربما خان التعبير من يدعي ذلك، فكانوا يقصدون تهمة إنقاذ الاتحاد من السقوط والتلاشي، وإنقاذه من معاول المخربين وأطماعهم، وهو ما أجج لدى هؤلاء نار الحقد والضغينة، وإلا فقد كان مؤتمر طنجة مناسبة أخرى سانحة للمحاسبة والمكاشفة، لكنهم آثروا، بدل ذلك، الفوضى والتخريب، وتلك قناعة بعض الذوات والعقليات المتحجرة، التي بقيت وفية لشعاراتها التخريبية إلى اليوم، ولهم أن يتحملوا، أمام التاريخ، جميع التهم المتصلة بعمليات التخريب والإجهاض والإفشال…

وبما أن العبرة بالخواتم كما يقال، فلنا أن نستحضر، في هذا الإطار، جانبا من حصيلة الولاية الحالية التي أواصل الإشراف على تدبير شؤونها، بمعية صديقات وأصدقاء، ممن يواصلون تحمل مسؤولياتهم، بكل حرص وتفان، في المكتب التنفيذي وفي مكاتب الفروع، وذلك حتى نتبين، عن قرب، هل الموضوع يتعلق بعثرة مفتعلة، أم فقط بحدوث صدمة لدى البعض، جراء النقلة النوعية والتراكمية، على مستوى المنجزات المشرفة لاتحاد كتاب المغرب، مكتبا تنفيذيا وفروعا، ولنا في التقرير الأدبي الذي وزع في مؤتمر طنجة، خير دليل وخير جواب على مختلف تلك الادعاءات والضغائن والتهم المغرضة، والتي تبين أن أصحابها لا يتقنون سوى السباحة في مستنقع العدمية، وهي ادعاءات لن تسيء، في نهاية الأمر، سوى لمقترفيها.

 

– هل يمكن تقديم هذه المكتسبات للقارئ المغربي والعربي؟

+ يكفي، هنا، أن أسوق بعض تلك المكتسبات المشرفة وغير المسبوقة، والتي تحققت لأول مرة في تاريخ الاتحاد، دون غيرها من الأنشطة النوعية الأخرى، التي نظمها المكتب التنفيذي ومكاتب الفروع، أذكر من بينها، على سبيل المثال:

-المكسب الكبير الذي حققه المكتب التنفيذي الحالي، والمتمثل في حصول الاتحاد على مقر جديد، يليق بتاريخه وحضوره، يتعلق الأمر بـ«المركب الثقافي والرياضي (دار الفكر) لاتحاد كتاب المغرب»، الذي تم تشييده بأرقى حي بالرباط، بتعليمات ملكية سامية، في استجابة من جلالته لملتمس المكتب التنفيذي، وهو المركب الذي اكتمل تجهيزه كليا، فأصبح جاهزا للاستعمال.

-تنظيم المكتب التنفيذي، في تجربة ثقافية وطنية كبرى وغير مسبوقة، لـ«المناظرة الوطنية حول الثقافة المغربية» عام 2015 بطنجة، وهي المناظرة الثالثة من نوعها في تاريخ الثقافة المغربية، بعد مناظرتي «تارودانت» و«فاس» اللتين نظمتهما وزارة الثقافة، وعرفت المناظرة مشاركة أزيد من 200 كاتب وباحث وإعلامي وفاعل جمعوي، من المغرب ومن كتاب مغاربة العالم، عدا مشاركة ممثلي بعض المؤسسات الدستورية والثقافية الوطنية، والتي أسفرت عن توصيات ومقررات نوعية، حرصنا على رفعها، في مجلد منشور، إلى الجهات المعنية بالشأن الثقافي ببلادنا.

-عمل اتحاد كتاب المغرب على إحياء «اتحاد الكتاب المغاربيين» بطنجة، بمناسبة تنظيم فعاليات المناظرة نفسها، بحضور رؤساء اتحادات الكتاب المغاربية.

-استضافة اتحاد كتاب المغرب، ولأول مرة في تاريخه، لعديد من التظاهرات العربية والدولية، نشير، هنا، إلى «اجتماع المكتب الدائم للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب»، بطنجة عام 2015، وإلى «مؤتمر اتحاد كتاب إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية»، بالرباط عام 2019، وانتخب فيه نائبا أول للأمين العام، فضلا عن عديد من الفعاليات الثقافية والفكرية والإبداعية الموازية لهذه التظاهرات.

-توسيع خارطة فروع الاتحاد، بتأسيس أربعة فروع جديدة، من بينها فرعان، لأول مرة في تاريخ الاتحاد، بأقاليمنا الصحراوية الجنوبية، بكل من العيون وكلميم.

-نهوض المكتب التنفيذي ومكاتب الفروع بسياسة النشر لفائدة أعضاء الاتحاد، بشكل مشرف وغير مسبوق. إذ ناهز عدد المنشورات المائتي إصدار، بين كتاب ومجلة.

-تطوير المكتب التنفيذي لمجلة «آفاق»، شكلا ومضمونا، فضلا عن إقدامه على خطوة غير مسبوقة، هي أيضا، بإصداره لـ«كتاب العدد»، الذي يوزع مجانا مع كل عدد من مجلة «آفاق»، ما مكن المجلة من أن تخلق، من حولها، تراكما موازيا لأعدادها، في الكتب المرفقة.

-مساهمة اتحاد كتاب المغرب في عقلنة المجتمع وتحديثه وتنويره، وفي «النقاش العمومي البناء والمثمر، فكان حضور الاتحاد مضيئا ومؤثرا، عبر ما قام برفعه من مذكرات ومقترحات قوانين إلى الجهات المعنية، تشريعية وحكومية ومؤسساتية: رئاسة الحكومة، والبرلمان، ووزارة الثقافة، ووزارة التربية الوطنية، ووزارة الشباب والرياضة، والمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، واللجنة المكلفة بالنموذج التنموي الجديد، وغيرها، وهي مذكرات حول قضايا وطنية مختلفة، ثقافية وتربوية وتنموية وقانونية وإصلاحية.. فضلا عن حضور الاتحاد، ولأول مرة، باعتباره فاعلا مؤثرا ومشاركا في أنشطة المؤسسة التشريعية.

-إعلان اتحاد كتاب المغرب عن العديد من مواقفه، وإطلاقه لمجموعة من البيانات والنداءات، حول قضايا وطنية وعربية ودولية، وبشكل تراكمي كبير ومنتج وغير مسبوق، وهي المواقف والبيانات والنداءات التي عمل المكتب التنفيذي على توثيقها ونشرها في كتاب خاص، بما يضمن لها مرجعيتها وامتدادها.

– حضور الاتحاد الثقافي الدبلوماسي الموازي، في عديد من أقطار العالم، بشكل جعل صوت بلدنا واتحادنا يصل إلى عديد من جغرافيات العالم وهيئاته الثقافية ونخبه المحلية.

-النهوض بالأوضاع الاعتبارية والصحية لكتابنا، وهي مناسبة، نجدد فيها الشكر والامتنان والعرفان لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، حفظه الله، على ما يوليه من عناية مولوية كريمة ومتواصلة بالظروف الاجتماعية والأوضاع الصحية لكتابنا ومثقفينا…

هذا فقط غيض من فيض، مما تضمنه التقرير الأدبي للمكتب التنفيذي، الذي وزع سِفره الكاشف على المؤتمرين في طنجة، لكن العماء، أحيانا، قد لا يسعف البعض على إدراك الأمور في شفافيتها ووضوحها وواقعيتها وحقيقتها، والتاريخ سيظل أقوى من أية مزاعم ستذهب جفاء لا محالة.

 

– لنعد إلى مؤتمر طنجة، وبعده مؤتمر العيون قبل أن ينعقد، لماذا فشلا؟ علما أن جميع مؤتمرات الاتحاد عبر تاريخه عرفت صراعات وفترات توقف للأشغال.

+ كان حريا أن يوجه هذا السؤال إلى من سعوا إلى إفشال مؤتمر طنجة، وكذلك مؤتمر العيون، ضدا على قوانين الاتحاد وعلى مبادئه وقيمه التي آمن بها وظل يدافع عنها، وأيضا ضدا على تقاليد أجهزته وأساليبها في العمل الديموقراطي، والتي سعى الاتحاد إلى تبنيها وترسيخها على مدى تاريخه الطويل، فظل وفيا لها، إلى أن ظهر «جيل جديد» من أعضاء الاتحاد، فاندست بينهم فئة معطوبة من المخربين، ممن تستهويهم نزعاتهم التحكمية، من منطلقات مرضية مزمنة، بشكل يدعو للشفقة. صحيح أن بعض مؤتمرات الاتحاد السابقة عرفت بدورها صراعات كادت أن تعصف بها، يأتي على رأسها «مؤتمر مدارس محمد الخامس»، قديما، و«مؤتمر الرباط» حديثا، لكن، وكما أشرت في السابق، شتان بين صراعات الأمس وصراعات اليوم. فعلى الأقل، لم يسبق لمؤتمرات الاتحاد السابقة أن شارك فيها أعضاء مخمورون ومخربون، ممن لا رسالة أو غيرة لهم على منظمتهم، سوى العرقلة والتخريب والمصالح الضيقة، وعلى مرآى العالم ومسمعه، وهاهم بعض مخربي مؤتمر طنجة أمس، بعد أن تبخر أثر خمرتهم، وصحوا من غفوتهم، يطالبون بالتعجيل بتنظيم المؤتمر الاستثنائي، متناسين أن المؤتمر الاستثنائي رتبنا وجهزنا أموره التنظيمية، فتم إجهاضه، هو أيضا، والمؤتمرون في طريقهم إلى مدينة العيون…

وهؤلاء المخربون، اليوم، ينخرطون في عملية تخريب أخرى، وعبر طرق غير شرعية وغير قانونية، وخارج قوانين الاتحاد وقرار مؤتمر طنجة، ربما شعورا منهم بالمرارة وهي تعتصر أكبادهم، وبأزمة الضمير تسكنهم تجاه منظمتهم، وهي الأزمة التي طالتهم وستظل تطاردهم، في يقظتهم وسباتهم. ومن شأن هذا السلوك الجديد والمتهور لهؤلاء أن يعرض المؤتمر الاستثنائي المقبل، الذي نباشر في اللجنة التحضيرية تنظيمه مرة أخرى، لهزات هو في غنى عنها. فالخواء أحيانا يولد اللا معنى والعماء والتشنج والاصطدام…

فمن الواضح جدا أن ما أثار غيظ من لجأوا إلى تعطيل مؤتمر طنجة هو حصيلة الإنجازات والمكتسبات المشرفة التي حققها المكتب التنفيذي الحالي وفروع الاتحاد، وإلا فمن منعهم من الكلام والنقد والمحاسبة، ومن أن يترشحوا ويتحملوا المسؤولية، متى استطاعوا إلى ذلك سبيلا، ومتى شكل لهم ذلك أفقا نضاليا وجمعويا صادقا، لكن طبعا وفق قوانين الاتحاد وقواعد اللعبة الديموقراطية، وداخل فضاء المؤتمر ووفق جدول أشغاله. فالمعروف، عالميا، أن المؤتمرات تكون هي الفضاء القانوني الأنسب للحوار والمحاسبة والمكاشفة، وللنقد البناء والصراع الديموقراطي المنتج، وليس للدنس والافتراء والادعاء، وإلا فهم يهابون الديموقراطية فقط…

 

– بهذا المعنى، هل هناك جهة ما تريد الهيمنة على الاتحاد؟

+ ظل الاتحاد، على مدى مراحل زمنية ومحطات تنظيمية سابقة، تتجاذبه، للأسف، أطماع صغيرة، منها أطماع شخصية وأخرى حزبية، غير أنها أطماع كانت تحسم، عادة، قبيل مؤتمرات الاتحاد، سواء في إطار التوافقات القبلية أو خارجها.

لكن، وموازاة مع ما يشهده واقعنا الثقافي والسياسي والاجتماعي من تحولات ومتغيرات، ظل الاتحاد مدركا أنه مفروض عليه أن يتفاعل مع تلك التحولات والمتغيرات، بما تستحق من يقظة وأسئلة ومتابعة واهتمام، خدمة لراهنه ولمستقبله، كما ظل واعيا بأننا جزء متفاعل مع تحولات السياق العام، بما فيها تحولات القيم، وتحولات الثقافة والتحولات التي تشمل منظمات المجتمع المدني بشكل عام، وهو ما يحتم على الاتحاد ضرورة أن يتفاعل مع هذه المتغيرات الوطنية والقومية والإقليمية والدولية، وخصوصا أمام التراجع الملحوظ الذي طال المجال الثقافي ببلادنا، بما في ذلك تراجع المكون الحزبي نفسه، على مستوى إسناد الثقافة الوطنية وممارسيها وهيئاتها، فحصل أن طال التغيير اتحاد كتاب المغرب نفسه، متخذا منحى إيجابيا، بانحياز الاتحاد لثقافة التغيير في بنياته وفي طريقة تفكيره، فجاء هذا الانحياز، منذ مؤتمر الرباط سنة 2012، مستقلا وصادرا عن إرادة واعية حرة، وترتبت على هذا الأمر جملة من النتائج المحددة اليوم لكيفيات عمل الاتحاد، ولكيفيات انخراطه السياسي والثقافي في معركة التحديث. وما كان لذلك أن يتم لولا تمسك الاتحاد بذلك المكسب التاريخي الذي ظل يراوده، والمتمثل أساسا في استقلاليته عن كل أشكال السلطة، حزبية كانت أو حكومية أو غيرهما. وهو المكسب الذي استقبله الاتحاد بترحيب كبير واحتفى به، رمزيا، في مؤتمره العام بالرباط.

وأعلن حزب الاتحاد الاشتراكي رسميا، وقتئذ، عن حياده التام تجاه اتحاد كتاب المغرب، معلنا بذلك رفع يده عن هذه المنظمة، وبصفة نهائية، في جريدته الحزبية، وداخل ردهاته، ليلة مؤتمر الرباط، وهو ما أكده لي شخصيا، الكاتب الأول للحزب، الفقيد الأستاذ عبد الواحد الراضي رحمه الله، في لقاء معه بعيد مؤتمر الرباط، بمقر حزبه بالعاصمة، فقدم لي، بصفتي رئيسا للاتحاد، اعتذارا، باسم حزبه، عما واكب مؤتمر الرباط من فوضى مدبرة وصلته أصداؤها، كما هي الحال، بالنسبة لفوضى مؤتمر طنجة عام 2018، التي وصلت مسامع المسؤولين الجدد دون أن يحركوا ساكنا…

ووفاء لمبدأ الاستقلالية، الذي نعتبره في اتحاد كتاب المغرب مبدأ مقدسا، مؤطرا لقوانين الاتحاد ولعلاقاته الداخلية والخارجية، كان لا بد للاتحاد من أن يؤدي ضريبة هذه الاستقلالية، وعلى مستويات مختلفة، دون أن يمنعه ذلك من مواصلة مسيره المؤثر وأداء رسالته النبيلة، بما يحققه من إنجازات ومكتسبات ومواقف مشرفة، بعيدا عن أي تحكم أو وصاية.

لذا، فما هو مطلوب اليوم من اتحاد كتاب المغرب، بعيدا عن تلك الصراعات والوصايات والتجاذبات المفتعلة وغير المجدية، هو مواصلة التفكير في كيفيات تفعيل أدوات العمل الثقافي، بالصورة التي تمنح اتحادنا حضوراً يناسب نوعية التحول الذي يعرفه الفضاء الثقافي، ومجال المعرفة والفن في إطار مغرب جديد، يريده الجميع أرضاً للتوافقات والتعاقدات والمواثيق.

من هنا، كان لا بد من الإشارة إلى أن اتحاد كتاب المغرب اليوم ليس هو اتحاد كتاب الأمس، بالنظر لتفاقم تحديات جديدة، وتضاعف الرهانات المطروحة أمامه اليوم، ما يستلزم صياغة منظورات جديدة لتدبير شؤون هذه المنظمة، إداريا وثقافيا وتنظيميا ومؤسساتيا وأخلاقيا..

 

– ما مقترحاتك للخروج من الأزمة؟

+ أمام ما أضحى يواجه اتحاد كتاب المغرب من عثرات متتالية، من مؤتمر إلى آخر، وتزايد المتدخلين السلبيين في تعميق عثراته، من داخل الاتحاد ومن خارجه، وحتى لا تتكرر مثل هذه العثرات التنظيمية، بما لها من آثار سلبية مؤثرة على زمن الاتحاد، وعلى طبيعة حضوره النوعي وتعليق مشاريعه، أشير إلى أنه سبق للاتحاد أن تعرض، في مناسبة سابقة، إلى عثرة تنظيمية، بُعيْد مؤتمره السابع عشر، إثر إقالة رئيسه وقتئذ، فلجأ المكتب التنفيذي إلى اقتراح عقد اجتماع موسع، ضم أعضاء أجهزة الاتحاد، من رؤساء سابقين وأعضاء المجلس الإداري وكتاب الفروع وبعض حكماء الاتحاد، ممن حضروا الاجتماع وشاركوا فيه بكل جدية ومسؤولية، فكان من نتائجه أن تم وضع خارطة طريق أمام المكتب التنفيذي، بمن تبقى فيه من أعضاء، شأن وضعه اليوم، فواصلوا مهامهم، بكل مسؤولية وإسناد، في ضوء مخرجات ذلك الاجتماع الموسع. وبذلك، تمكن المكتب التنفيذي وقتئذ من تجاوز تلك العثرة التي أرادها البعض حجر عثرة أمام عمل المكتب التنفيذي.

 

– من أجل التسوية وعدم التضحية بهذه المنظمة العتيدة، هل قمتم ببعض المبادرات، على شكل خارطة طريق مثلاً؟

+ عملا بمبدأ توسيع التشاور مع مختلف أجهزة الاتحاد المنتخبة وغير المنتخبة، بادر المكتب التنفيذي الحالي إلى إطلاق نداء إلى أعضاء مختلف الأجهزة، عمم نشره، ويتضمن الاقتراح السابق نفسه، إشراكا منه لمختلف المعنيين بالوضع التنظيمي للاتحاد، وتوسيعا منه لعمليات الاستشارة كما دأب على ذلك، وتمت مراسلة السيد وزير الثقافة، منذ مدة، في موضوع طلب دعم تنظيم هذه المبادرة التنظيمية، والتي من شأنها أن تضع جميع أجهزة الاتحاد أمام مسؤولياتهم تجاه منظمتهم. وللأسف الشديد، فإلى حد الآن، لم نتوصل من القطاع الوصي بأي تفاعل في الموضوع، رغم أن الجميع، بمن فيهم الوزير نفسه، ينادي بضرورة التعجيل بإيجاد مخرج لهذه العثرة المفتعلة، بعقد المؤتمر الاستثنائي المقبل، وكأننا لم نعقد مؤتمرين قبله، فتعرضا للإجهاض، وهو ما جعل المكتب التنفيذي يقتنع بأن عبور الاتحاد بسلام نحو محطته التنظيمية المقبلة، لن يتم بدون ضمانات لعدم تعرضه مرة ثالثة للإفشال والإجهاض.

ورغم ذلك، وأمام موقف القطاع المعني، غير المبرر لحد الساعة، فإن المكتب التنفيذي لم يبق مكتوف الأيدي، فبادر، استدراكا منه لزمن الاتحاد التنظيمي، وصونا له من أي ضياع زائد، جراء ما تعرض له من عراقيل تنظيمية مفتعلة، واضعا بذلك مصلحة الاتحاد فوق كل اعتبار وأطماع، إلى عقد اجتماع، برئاسة رئيس الاتحاد، تم خلاله اقتراح الدعوة إلى عقد اجتماع للجنة التحضيرية (المكتب التنفيذي واللجنة المنتدبة من مؤتمر طنجة)، تنزيلا منه لقرار مؤتمر طنجة، وذلك قصد مباشرتها إجراءات التحضير لعقد المؤتمر الوطني التاسع عشر، الاستثنائي، لاتحاد كتاب المغرب، للمرة الثانية، بعد تعرضه لمناورات دخيلة، استهدفت إجهاض عقده بمدينة العيون بأقاليمنا الصحراوية الجنوبية، لغايات مكشوفة، وذلك بعد كل الجهود الجبارة التي بذلتها اللجنة التحضيرية، على مستوى توفير جميع شروط تنظيم المؤتمر وإنجاحه، بدعم من وزارة الشباب والثقافة والتواصل وولاية جهة العيون الساقية الحمراء.

وعليه، فالمكتب التنفيذي يضع الجميع، أعضاء وغيرهم، أمام مسؤولياتهم التاريخية تجاه هذه المنظمة الثقافية الوطنية، ويدعو أعضاء الاتحاد إلى تكثيف الجهود، والتكتل حول منظمتهم، حتى لا تنفلت الأمور مرة أخرى، فكل الاحتمالات واردة، ومن ثم حمايتها من الأطماع المحدقة بها، والحفاظ على استقلاليتها ومكتسباتها، من أية نزعات تخريبية تتقصدها وتتربص بها، حتى من خارج البلد، وتحديدا من لدن قيادة الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، وهي تجرؤ، عن غير وجه حق، على التدخل في الشؤون الداخلية لاتحادنا، بل وتزكية النعرات الانفصالية داخل منظمتنا، وعلى تلك القيادة الخارجية نفسها أن تتحمل، هي أيضا، مسؤوليتها التاريخية وعواقب تدخلاتها السافرة في شؤوننا المحلية، لا يهمها أمرها لا من قريب ولا من بعيد، ولنا في المكتب التنفيذي عودة إلى فضح هذا التواطؤ، في مستوييه الداخلي والخارجي، ضد منظمتنا ومؤتمرها، مع ما سيترتب على ذلك من تبعات قانونية، وغيرها، ما دام أنه تواطؤ يتم، للأسف الشديد، بتنسيق مع بعض أعضاء الاتحاد أنفسهم، من المخربين الجدد، وبرعاية مكشوفة من مؤسسة حزبية وطنية، للأسف الشديد…

 

– هل يمكن القول، تبعا لكلامك، إن الاتحاد دخل في مرحلة أخرى من التجاذبات والتواطؤات؟

+ فعلا، هذا ما يستنتج من بعض التحركات المشبوهة، برعاية، للأسف الشديد، من جهات داخل الوطن وخارجه، عبر تدخلها في الشؤون الداخلية لاتحادنا، ضدا على مبدأ استقلاليته.

ومن بين ما يؤسف له أن بعض الأعضاء، ممن كانوا أمس في صلب هذه التجربة، أضحوا اليوم ضمن زمرة القطيع، من التابعين والخانعين لجهات أخرى محلية وخارجية، تتحكم في حركاتهم وأصواتهم، ضدا على قناعاتهم الذاتية ودروسهم التربوية ورسائلهم الإبداعية، كما يتوهمونها، وأيضا ضدا على مبادئ الاتحاد التاريخية، لنجدهم، اليوم، في حالة انبطاح ورضوخ تام لما يملى عليهم، ولو باللجوء إلى عملية التزوير واقتراف المغالطات، بما في ذلك تزوير الإمضاءات وفبركة البلاغات والاجتماعات، وخرق قوانين الاتحاد، لتجدهم، وبإيعاز ممن يقودهم، في حالة هرع متواصل نحو عقد اجتماعات مشبوهة وغير شرعية ولا أساس قانوني لها.

وتلك سلوكات لن تؤدي بالاتحاد سوى نحو أفق آخر أكثر انسدادا وتعقيدا، بمثل ما نجدهم في حالة تواطؤ مخز مع بعض أعداء الاتحاد من خارج البلد، ممن يتربصون، هم أيضا، بمنظمتنا ويريدون بها وبأجهزتها ومؤتمراتها شرا. وقد بدأت هذه النوايا الشريرة تتفشى، بشكل متجدد، في عهد الأمين الحالي للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، الذي كان عليه أن يتفرغ لمشاكل اتحاده القطري وللدعاوى المرفوعة عليه أمام محاكم بلده، بدل أن يحشر أنفه في الوضع التنظيمي لمنظمتنا، مع أنه لا يلام على تصرفاته وسلوكه الانتقامي ذاك، مادام أنه يحظى بخدمات وضيعة، من لدن شكل جديد من «المخبرين» المحليين، من أعضاء الاتحاد، وهم قلة قليلة جدا، أغلبهم جمدوا نشاطهم ومهامهم منذ فترة طويلة، ولم يكونوا في مستوى المسؤولية الملقاة على عاتقهم من قبل المؤتمرين في مؤتمر الرباط، عام 2012، هؤلاء هم من يزودون هذا الأمين العام بما يتسلى به من أخبار اتحادنا ومشاكله. بل إن الوقاحة دفعت بهؤلاء إلى مراسلة هذا الأمين العام، ضدا على قوانين الاتحاد، من بينها القانون الأساس، الذي ينص في فصله 11، على أن رئيس الاتحاد هو«الممثل القانوني لاتحاد كتاب المغرب لدى السلطات الإدارية والقضائية، وهو الذي يحق له توقيع المراسلات والاتفاقيات، وترؤس اجتماعات الهيئة، وتنسيق العمل داخل المكتب التنفيذي»، وبالتالي ليس من حق أي جهة أخرى، عدا الرئيس، أن تراسل الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، أو غيره، وأن تتحدث باسم اتحاد كتاب المغرب.

هذا، علاوة عما يقترفه هؤلاء من خروقات قانونية، تتفاقم يوما بعد يوم، يتحملون وحدهم تبعاتها القانونية والأخلاقية والتنظيمية. وسنعود إلى هذا الموضوع بما يلزم من إجراءات قانونية، ومن توضيحات لن تبقى حبيسة بياناتنا واجتماعاتنا ومنابرنا الإعلامية، بل إنها ستتجاوز حتما مجالها المحلي.

رؤساء اتحاد كتاب المغرب السابقون:

#image_title

محمد عزيز الحبابي (فيلسوف، 1922-1993):

استقر رأي نخبة من المغاربة سنة 1960 على دعوة زملائهم المغاربيين إلى الالتفاف حول هيئة ثقافية مستقلة تدافع عن حقوقهم وتشخص طموحهم إلى ترشيد الممارسة الثقافية الملتزمة بآفاق قومية وطنية. وفي سنة 1961 انتخب الفيلسوف محمد عزيز الحبابي رئيساً للاتحاد إلى سنة 1968. وكان للاتحاد مقر ثابت هو «دار الفكر»، وأخذ على عاتقه مهمة تأسيس مجلة ثقافية أطلق عليها اسم «آفاق».

#image_title

 عبد الكريم غلاب (روائي، 1919- 2017):

في حقبة السبعينات انتخب الروائي والصحافي عبد الكريم غلاب رئيسا لاتحاد كتاب المغرب بين 1968     و1976. وكان غلاب اسما بارزا في الحركة الثقافية المغربية. وسيكون عليه، كرئيس جديد لاتحاد كتاب المغرب، أن يقدم الترجمة الملموسة لتوصيات المؤتمر الثاني الذي شهدت وقائعه قاعة مدارس محمد الخامس بالرباط.

#image_title

محمد برادة (ناقد وروائي، 1938-…)

في أواسط السبعينات، نضجت الشروط لتحويل اتجاه الاتحاد نحو ممارسة أكثر راديكالية والتزاما، فكان الناقد والروائي محمد برادة الرجل المناسب للمرحلة، وهو أحد أبرز الوجوه الثقافية الاشتراكية بالمغرب. كانت مرحلة رئاسته بين 1976 و1983 من أهم المحطات في حياة الاتحاد، وتقوت تلك المرحلة بأن أصبح المغرب، رغم الاستقلال المالي والمبدئي للمنظمة،  قبلة للكتاب العرب، خصوصاً في ندوة الرواية العربية التي سهر برادة على تنظيمها وإنجاحها بفاس.

#image_title

أحمد اليابوري (ناقد أدبي، 1935-…)

انتخب أحمد اليابوري عضواً  في المكتب المركزي لاتحاد كتاب المغرب في المؤتمر الخامس في ماي 1976، ثم رئيساً للاتحاد في المؤتمرين الثامن سنة 1983 والتاسع سنة 1986. رفض اليابوري، عكس محمد برادة، انتخابه لولاية ثالثة، فاقترح، قبل نهاية ولايته، فسح المجال أمام الوجوه الجديدة.

#image_title

محمد الأشعري (شاعر، 1951/…. )

عكس أحد اليابوري، انتخب محمد الأشعري ثلاث دورات 1989-1991-1994. حاول الأشعري الحفاظ على ثوابت الاتحاد، مثل الاستمرار في إصدار مجلة «آفاق» وتنظيم الندوات، وسعى إلى استقبال المغرب للمؤتمر العام لاتحاد كتاب العرب سنة 1995.

#image_title

عبد الرفيع الجواهري (شاعر، 1943/…)

انتخب عبد الرفيع الجواهري رئيساً لاتحاد كتاب المغرب في المؤتمر الثالث عشر، وهو وجه سياسي بارز في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.

#image_title

حسن نجمي (شاعر 1960/…)

 انتخب الشاعر حسن نجمي رئيساً لاتحاد كتاب المغرب سنة 1998 واستمر حتى 2005. وهو وجه بارز في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. علق الجميع على هذه المرحلة آمالاً كبيرة بعد الجمود الذي عاشته المنظمة في عهد عبد الرفيع الجواهري، خصوصاً وأن القيادة الجديدة تتمتع بروح الشباب والطموح في تطوير تجربة هذه المنظمة العتيدة.

#image_title

عبد الحميد عقار (ناقد أدبي 1946/…)

كانت مرحلة عبد الحميد عقار واعدة، خصوصاً وأن الرئيس، الذي انتخب في المؤتمر السادس عشر سنة 2005، من الوجوه الجامعية والثقافية والسياسية في المغرب الحديث. لكن، بعد صراع قصير، أعلن المكتب التنفيذي، في اجتماعه بتاريخ 24 أكتوبر 2009، بأغلبية أعضائه، إقالة الرئيس من مهمته. وهو الحدث الذي فاجأ الوسط الثقافي المغربي، فعبد الحميد عقار وجه ثقافي مستقل ومستقيم، لكن المطبخ الداخلي كان أعلم به أهل الدار.

#image_title

عبد الرحيم العلام (ناقد أدبي، 1963/…)

بعد أزمة الاتحاد في عهد عبد الحميد عقار، تقدم ناقد شاب، ونائب الرئيس عقار، هو عبد الرحيم العلام فانتخب في المؤتمر الثامن عشر للاتحاد. كانت الدورة متوترة جدا وموطنا للخلافات التي تعمقت على مدى سنوات بين المكتب التنفيذي والرئيس السابق. ومن النقاط التي أثيرت أثناء المؤتمر علاقة الثقافي بالسياسي. فاز العلام بالرئاسة بفضل المشروع التفصيلي الذي قدمه في جلسات المؤتمر.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى