شوف تشوف

الرئيسيةسري للغايةملف التاريخ

في قلب مدرسة للبنات المغربيات زمن الحماية

يونس جنوحي

لقد زُرت مدارس في مدن وقرى عديدة على طول الطريق.

بعد لقائي مع طلبة القرويين، توجب علي اكتشاف فاس بشكل أعمق مع تدقيق في التفاصيل.

مررتُ من المدارس الابتدائية، إلى مؤسسة تعليمية للبنات، كانت الفتيات الأكبر سنا داخلها ترتدين الحجاب خلال تنقلهن من منازلهن إلى المدرسة.

كانت البنايات تجتمع مع بعضها حول حديقة رائعة، وكانت الفتيات ترتدين أفضل فساتينهن. فقد كان ذلك اليوم يصادف يوم التقاط الصورة السنوية. معظم المُدرسات كن سيدات فرنسيات. باستثناء اللغة العربية، لأن المغاربة يُعينون الرجال لتدريس هذه المادة بما أن السيدات المُدرسات لسن متوفرات بعدُ.

النساء المغربيات لا «تتحررن» إلا بشكل تدريجي جدا. والسؤال الذي لا يُرحب به أي زعيم سياسي، يتعلق بوضعهن.

لقد سبق لي أن رأيتُ فتاة مغربية تقود سيارة. كانت تضع حجابها، لكن عينيها بطبيعة الحال كانتا غير محجبتين.

المدرسة الثانوية في فاس كانت كبيرة. كان هناك 1200 تلميذ، مختلطون. لا نقصد بالاختلاط هنا مجرد فتيات وأولاد. لكن فرنسيين، يهود، ومغاربة.

الأطفال يختلطون بسهولة، وبشكل طبيعي.

تحدثتُ مع بعض التلاميذ المغاربة الثلاثمئة. لم يكن هناك أي شك بخصوص شعورهم بالسعادة أو بخصوص قدرتهم. لأنهم كانوا يحتلون مراكز جيدة في أقسامهم.

سألتُ فتاتين ماذا تُردن أن تصرن. وقد ردتا بالقول:

-»دكتورات».

قال مدير المدرسة، موافقا، عندما ذكرتُ هذه الواقعة:

-»ممتاز! لكني أتمنى لو أن المزيد منهم يتجهون للتدريب لكي يصبحوا مدرسين. نحن نستورد أعدادا كبيرة جدا من المُدرسين من فرنسا. المغرب يحتاج إلى مُعلمين مغاربة».

بعد ذلك جاء دور زيارة «كوليج» إسلامي. كان يشتغل بمعايير مدرسة ثانوية، مع إضافة القرآن إلى اللائحة الأوروبية لمواد الدراسة.

ثم جاء دور «كوليج» تقني. وقد كانت الدراسة فيه عملية جدا.

المغرب يحتاج إلى المزيد من هذه التجارب بما في ذلك مدرسة أكثر تقدما أو اثنتين.

الحملة الدعائية للوطنيين، تنتقد كثيرا التطور التعليمي. إنها ترسم صورة وردية جدا عن وضعية التعليم قبل سنة 1912، عندما كان المغرب في الحقيقة يتفاخر فقط بالمدارس التابعة للمساجد. وفيها كان قلة ضئيلة فقط من الأولاد يتعلمون قراءة وكتابة اللغة العربية. ويحفظون عن ظهر قلب سورا طوالا من القرآن.

عدد من هذه المدارس لا تزال موجودة، ويتشكل طاقم التدريس فيها من خريجي القرويين، أو من يشبههم. لكن الزعماء الوطنيين أنفسهم اعترفوا بعدم كفايتهم.

بعض الرجال، معتمدين على ثروتهم الخاصة، أسسوا مدارس «نموذجية جديدة» بمعايير عصرية. لقد رأيتُ بعضها، وأحببتها فعلا.

في الحقيقة، تساءلتُ لماذا لم يبذل الوطنيون، الذين كانوا مدعومين جيدا من طرف الطبقة الثرية، المزيد من الجهد الشخصي في هذا الاتجاه.

إن حملتهم الدعائية المعادية لفرنسا منحازة ومُبالغ فيها. لكن صحيح جدا أن التعليم متأخر. حتى أنه اليوم لا توجد أماكن إلا لحوالي 10 بالمئة من الأطفال المغاربة.  تتنوع الظروف بشكل كبير. في أغلب المدن، تبقى ظروف الدراسة أحسن. لكن العديد من القرى لا توجد بها مدارس نهائيا.

الوضع أسوأ بكثير مما هو عليه إذا ما قورن مع الأقاليم البريطانية المماثلة.

لكن التعليم ليس مجرد مسألة بناء مدارس وتزويدها بالمعلمين. إن التعليم يحتاج أيضا إلى توفر إرادة التعلم.

وفي هذه النقطة، هناك أدلة كثيرة ومؤشرات على التأخر المغربي.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى