شوف تشوف

الرئيسيةتقاريرخاص

قطاع السياحة.. أزمة غير معلنة وتضارب المعطيات

أرقام رسمية وردية وتراجع لعدد السياح الأجانب

فنادق تعيش أزمات مالية وتطبيق كراء المنازل يستحوذ على نصف السياح الوافدين للمغرب

 

النعمان اليعلاوي

 

أنهى المغرب سنة 2023 بحوالي 14,2 مليون سائح، وهو ما يشكل من الناحية النظرية أداء جيدا، فمع نهاية الأشهر الـ11 الأولى من العام الماضي، سجل المغرب 13.2 مليون زائر، أي نمو بأكثر من 11 في المائة، مقارنة بنفس الفترة في 2019 حيث وصل العدد إلى 11.9 مليونا.

وحسب المعطيات الرسمية لوزارة السياحة، فقد كانت سنة 2023 سنة استثنائية، لأن الوجهة حققت أزيد من 14 مليون وافد ومليارات الدراهم من الإيرادات، كما أنها كانت غير استثنائية لأنه على الرغم من جهود الدولة، وائتمانات الاسترداد، وتأجيل المواعد النهائية، وتخصيص ميزانيات إضافية من قبل المكتب الوطني للساحة، إلا أن عددا من الأرقام تعطي مؤشرات على أن الوضعية الاقتصادية للقطاع السياحي ليست على ما يرام.

 

 

 

الأرقام الواردة من الوزارة والمكتب الوطني للسياحة لا تمكن من تقديم تشخيص دقيق على اعتبار أن هناك تحسنا، لكنه لا يقتصر على المغرب، وأن التقدم هو اتجاه عالمي، لأنه بعد عامين من كورونا والحجر الصحي، انخفض الطلب، قبل أن يعاود المؤشر الارتفاع في منحى إيجابي سجلته جل الأسواق السياحية، بنسب متفاوتة.

 

أرقام رسمية لواقع مغاير

استفادت السوق السياحية المغربية بشكل أساسي بفضل قربها من أسواق المصدر الرئيسية للسياح، فحسب معطيات المكتب الوطني للسياحة، فالسوق الأوربية تبقى المصدر الأول للسياح الأجانب القادمين للمغرب، وهو الأمر الذي شكل عنصرا إيجابيا للسياحة الوطنية، والتي استفادت أيضا من انتعاش الوجهات السياحية والطلب الاستثنائي لعالم متعاف من كورونا في عام 2023، فقد شكل المغرب عنصر جذب للسياح انطلاقا من عناصر متعددة على رأسها مؤشر الاستقرار، والمناخ المعتدل على مدار السنة، بالإضافة إلى تداعيات كأس العالم 2022، أو حتى الإعلان عن تنظيم كأس 2030، وهي كلها كانت عوامل أثارت اهتماما غير مسبوق بالوجهة المغربية.

وتشير المؤشرات إلى أداء جيد لقطاع السياحة في عام 2023، ولكن بالنظر عن كثب كما يقوم متخصصو الفنادق، فالحقيقة غير ما تقدمه الأرقام، فبمقارنة أداء السياح الأجانب مقارنة بعدد ليالي المبيت، فقد سجل القطاع بالتأكيد عدداً أكبر من الوافدين، ولكن مع عدد أقل من الإيرادات في خزائن المؤسسات المصنفة، وهو الأمر الراجع إلى انتشار القطاع غير الرسمي والمنصات الإلكترونية للحجز والإيجار بين الأفراد، حيث يشير متخصصون في القطاع السياحي إلى أن «هذا الاتجاه الجذاب القوي يحظى بشعبية كبيرة لدى المغاربة في جميع أنحاء العالم الذين يحجزون ويرتبون إقامتهم من البلد المضيف لهم»، حيث تشير معطيات غير رسمية وفقا لدراسة حديثة، أن 50 في المائة من 7 إلى 8 ملايين مغربي حول العالم والذين قدموا للمغرب خلال 2023، أقاموا في سكنهم الشخصي أو العائلي، أما النصف الآخر فيختار الشقق المفروشة، عبر منصات الحجز عبر الإنترنت، والتي تتوافق مع معايير الراحة المرغوبة من قبل العائلات.

وبحسب الباحث والخبير السياحي زبير بوحوت، فرغم هذه التطورات الإيجابية، فإن الأرقام الرسمية توفر معلومات واضحة عن الرغبة الواضحة في تبديد المؤشرات الرئيسية والتراجعات التي يشهدها القطاع، خاصة في ما يتعلق بالمبيت من قبل عدة جنسيات. في الواقع، إذا نظرنا عن كثب إلى الإحصائيات من نهاية نونبر 2023، نرى أن الزيادة البالغة 1.31 مليون وافد بين الأشهر الـ 11 الأولى من عام 2019 وفي نفس الفترة من سنة 2023، تعزى بشكل أساسي إلى ارتفع عدد المغاربة من جميع أنحاء العالم الذين يزورون بلدهم الأصلي من 5.47 ملايين سنة 2019 إلى 6.73 ملايين سنة 2023، أي بزيادة كبيرة بنسبة +23 في المائة.

 

Airbnb.. فنادق غير الرسمية‏

إن إقامة الأجانب لها فضل التوضيح، لأنها تضع في الاعتبار جهود الجذب والتسويق والترويج، ولهذا «يجب إعادة النظر في استراتيجية التسويق للترويج والتوزيع متعدد القنوات»، يؤكد متخصصون في القطاع السياحي، فيما تبين المعطيات الميدانية أن قطاع الفنادق المصنفة يواجه منافسة شرسة من التطبيقات المخصصة للحجز عبر الأنترنت وعلى الخصوص التطبيق العالمي «ايبربينب»، حيث، يختلف متوسط ​​الميزانية لحجز الشقق المفروشة حسب المكان والموسم ويبلغ في المتوسط ما بين 500 و 700 درهم. ووفقًا لدراسة في المجال، يختار الوافدون من السياح الأجانب الإقامة لمدة 3 إلى 4 ليالٍ، ويمثل هذا إجمالي حجم 12 مليون ليلة سنويًا، والتي تذهب بشكل أساسي إلى منصة التأجير Airbnb!، وهو ما يمثل حوالي 840 مليون يورو أو حتى أكثر من ذلك، يكون في أغلبه خارج مرقاب السلطات الضريبية.

ويضاف إلى ذلك المصاريف اليومية الأخرى في المنتجعات الصحية، والمطاعم، والمصاريف في المحلات التجارية، علماً أنه في نهاية عام 2023، بلغت الليالي في الفنادق المصنفة 24 مليون وحدة، بمعنى آخر، فإن 50 في المائة من السوق الليلية (12 مليونًا) تذهب إلى Airbnb،‏ هذا في الوقت الذي يسعى المغرب إلى فرض ضرائب على أنشطة موقع «إيربنب» الخاص باستئجار المنازل وموقع بوكينغ لحجز الفنادق ابتداءً من السنة المقبلة، بهدف حماية الصناعة السياحية.

وحسب متخصصين فإن الإيجارات المعروضة على بوابة «إيربنيب» ستخضع للضريبة، معتبرين أن هذا الأمر سيؤدي إلى سد الفراغ القانوني الذي يضر بأكثر 3800 فندق ومئات وكالات الأسفار العاملة في المغرب، وحسب نفس المعطيات فإن مسؤولي الضرائب في المملكة المغربية سيستعينون بمفتشي الفنادق السريين ومخبري وزارة الداخلية لضمان تنفيذ هذا الأمر، كما أن السلطات المغربية ستتجه إلى دعم منصات السفر المحلية عبر الإنترنيت من أجل تقديم عروض جذابة لمواجهة كبار المواقع المتخصصة في هذا الصدد من قبيل موقع بوكينغ.

 

فنادق مصنفة في أزمة

واقع القطاع السياحي عكس ما تصوره الأرقام الرسمية لوزارة السياحة، بل تترجمه وضعية عشرات المركبات والفنادق السياحية بمدن مراكش وأكادير وورززات، التي أغلقت أبوابها معلنة إفلاسها، حيث أشارت المصادر إلى أن الأمر يتعلق بثلاثين فندقا سياحيا بمراكش، من بينها مؤسسات فندقية كبيرة، ومثلها في مدينة أكادير بالإضافة إلى 20 فندقا في ورزازات، ما يعني أن حوالي 80 مؤسسة فندقية تعيش وضعية ركود كبير بات يهددها بالإغلاق، فقط في هذه المدن الثلاث التي تعد مركزاً للنشاط السياحي حيث تغطي أكثر من 60 من عائدات القطاع على المستوى الوطني، في الوقت الذي أشارت مصادر متخصصة إلى أن تداعيات إغلاق عدد من الفنادق في المدن الثلاث، ترجع إلـى «تراجع المداخيل، مقابل تراجع الاستثمارات في القطاع، وغياب التحفيزات، وإغلاق عدد من الفنادق للتجديد والصيانة»، حسب المصادر التي نفت أن يكون للزلزال الذي ضرب منطقة الحوز سبب مباشر في إغلاق تلك المؤسسات السياحية «بل كان النقطة التي أفاضت الكأس».

وارتفعت الأصوات في صفوف مهني القطاع والمطالبة بدعم الاستثمارات في المجال السياحي بالمناطق السياحية الكبرى بالإضافة إلى خلق فرص العمل في هذا القطاع، فيما يرى المهنيون أنه من الأجدى إنشاء وكالة مغربية لترويج السياحة، وهكذا يمكن أن تتماشى السياحة مع قدرات ومتطلبات المهنيين. ويتابع نفس المصدر أن «هذه هي الطريقة التي يمكن أن يساهم بها اقتصاد السياحة في تنمية المنطقة، وجلب الاستثمارات الأجنبية، والحق والأولوية في التمويل، والتدريب، والتنقل، وتطوير السياحة، وخلق فرص العمل».

ومن جهته قال مصطفى أماليك، الكاتب العام لجمعية الصناعة الفندقية بمراكش، إن «العديد من الفنادق مغلقة بالفعل، فيما تواجه أخرى ضائقة مالية، لكن الحكومة أعدت مخططا إستراتيجيا لتجاوز المشاكل القائمة»، مضيفا أن «صندوق محمد السادس للاستثمار وضع مخططا لإنقاذ حزمة من الفنادق المتعثرة بعدة مدن؛ فيما تقدم هذا المخطط بشكل كبير في مدينة أكادير»، مشيرا إلى أن «كل المدن المغربية معنية بهذا المخطط، وستشملها الإصلاحات المرتقبة»، مبرزاً أن «المخطط السياحي من شأنه تقوية وتعزيز العرض الوطني في السنوات المقبلة».

من جانبه، قال الزبير بوحوت، المتخصص في المجال السياحي، بأن «إغلاق المؤسسات السياحية لم يرتبط بجائحة كورونا فقط، بل كان قبل ذلك بكثير، لأن العرض الذي تقدمه البنية التحتية الفندقية مازال ضعيفاً»، مشيرا إلى أن «وزارة السياحة تدرج فنادق مغلقة ضمن بياناتها الدورية»، وأن «الدولة أعدت مخططا استعجالياً لإنقاذ القطاع، إذ خصصت مليار درهم للفنادق، وهو المخطط الذي استفادت منه 900 مؤسسة فندقية مصنفة فقط من أصل 4600، بسبب المعايير المطلوبة في الدعم، على أساس أن الميزانية المطروحة في البرنامج لم يتم إنفاقها بالكامل».

 

السياحة الداخلية.. سوق بلا عرض

تمثل السياحة الداخلية 30 في المائة من الإقامات في المنشآت الفندقية السياحية الوطنية، فبالنسبة لهذه الفئة من السياح فإن معدل النمو السنوي يفوق خلال العقد 2010-2020 معدل المبيت للسياح الأجانب، وبحسب الهيئة الوطنية للسياحة فإن معدل السياحة الداخلية يصل إلى أكثر من 7 في المائة مقابل 2.5 في المائة للأجانب، وهو ما يعكس تنامي حماس المغاربة للسياحة في مختلف المدن والمناطق، غير أنه اليوم، يمثل المواطنون المغاربة ثلث حجم المبيت مع هامش تقدم أكبر، فهم لا يساهمون في إشغال الفنادق عمليًا على مدار السنة فحسب، بل ينفقون أيضًا على تقديم الطعام، والترفيه، والتجارة، وبهذا أصبحت السياحة الداخلية سوقًا بحد ذاتها.

وفقا لمعطيات المكتب الوطني للسياحة، فإن السياحة الداخلية هي سوق وطنية قوية لا تزال لديها إمكانات النمو وتستحق استراتيجية حقيقية مع الحوافز وأدوات الديناميكية، وهذا ينطوي على تطوير عرض مخصص، وإعادة ترتيب تقويمات العطلات المدرسية، والموسمية المناسبة، والتغطية الإقليمية، وإمكانية الوصول والتنوع، وحزم الحوافز، وغيرها من العناصر التي من شأنها تقوية سوق السياحة الداخلية، حيث إن الاتجاه اليوم هو أن المغربي يتصرف كسائح كامل بميزانية سفر، المشتريات والرحلات والمطاعم وما إلى ذلك، وبشكل عام، بين النقل وتقديم الطعام، يدفع السائح المغربي ثمن غرفته أكثر من السائح الأجنبي الذي يكون مقيدا بمنظمي الرحلات السياحية، وفقا لأسعار الحجوزات المنفردة والتي تتجاوز الباقات السياحية، التي تأتي عن طريق الحجز المسبق.

وبالنظر إلى أن معظم الفنادق قد أغلقت أبوابها خلال أزمة «كوفيد»، فإنها تحاول في كثير من الأحيان تعويض وتخفيف النقص في الأرباح الأجنبية، حيث إن عددا من الفنادق قد رفعت أسعارها مباشرة بعد فترة الحجر الصحي لتعويض الأزمة المالية التي خلفها وباء كورونا وتأثيره على نموذجها الاقتصادي، حيث يعتبر مهنيو الفندقة أنهم «محاصرون بالعديد من الحالات الشاذة المرتبطة بسعر التكلفة الحقيقي للغرفة التي تبقى لفترة طويلة: يضاف إلى ذلك تكلفة الاختبار، والصيانة، بالإضافة إلى ذلك، يشكل عائد الاستثمار RO) مؤشرًا ماليًا محددًا في تكوين تكلفة الغرفة)».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى