شوف تشوف

الرئيسيةسياسيةملف التاريخ

لن يستطيع الفرنسيون أبدا جني ثمار وجودهم في المغرب

يونس جنوحي

كنت أعتقد، في كثير من الأحيان، أن السياسيين في العالم إذا أغلقوا أفواههم لمدة عام، قد يسود مناخ جديد من التطور.

وبما أن عددا من الانتقادات الموجهة للفرنسيين تبقى غير مسؤولة، فإن الاستياء الفرنسي يبقى مفهوما. مع ذلك يتعين عليهم أن يُدركوا أن الحركة الوطنية في شمال إفريقيا أصبحت اليوم أكبر من مجرد دلالة محلية،

وكما يتأثر المغرب بالأحداث الخارجية، فإن تقدم البلاد سيؤثر كذلك على مسار العالم الحر.

يجب على الدول الأجنبية أن تعي أنه رغم أن الحملة الحالية تُقاد ضد فرنسا، إلا أنها في الأساس تركز على المدى البعيد. بين الفينة والأخرى تظهر بعض آثار حملة من الكراهية، ليس ضد الفرنسيين فقط، وإنما ضد الأجانب جميعهم. لا يمكنك، بأي حال من الأحوال، تفادي الانطباع الذي يتولد لديك بأن الوطنية، بالنسبة لبعض المغاربة، مجرد إحياء لرد الفعل القديم لدين الإسلام ضد المسيحية.

لقد تعرضت القضية الفرنسية في المغرب للتحريف مرات كثيرة، بينما تمت المبالغة في القضية التي يدافع عنها حزب الاستقلال. لكن يسود شعور عام في المغرب بالتوق إلى استقلال البلاد. لا منفعة من وراء تجاهل أو إنكار ما هو موجود على أرض الواقع. إن هذا الإحساس سيزداد انتشارا، سواء بالعنف، باعتباره رد فعل ضد الاضطهاد، أو بنعومة، بطريقة صحية، حتى لو كانت تحت الإرشاد.

يجدر بالفرنسيين، من بين كل شعوب العالم، أن يفهموا دلالة المُطالبة بالحُرية. إنها لم تتحول بعدُ إلى شغف في المغرب، بحكم أنها وُوجهت بتأثير التقاليد والبيئة الداخلية. ومثل معظم الأفكار الأخرى، بما في ذلك الأفكار المتعلقة بالدين الإسلامي، وصلت متأخرة إلى أرض المغرب الأقصى، وكان وصولها في البداية ضعيفا ويغلب عليها التردد. ومع ذلك فهي الرغبة التي ستنتصر، في نهاية المطاف، على الأفكار الأخرى والتأثيرات المُدمرة، مثل العادات القبَلية واستمرار الإقطاعية.

من المفارقات أنه كلما زاد النجاح الفرنسي في رفع المستوى التعليمي والاجتماعي، كان نمو المُطالبة بالحرية يقينيا وسريعا أكثر.

إذا تم السماح بتحول الجو العام السائد في المغرب إلى التعصب، فإن تلك الرغبة لن تُقيد بتداعيات الكارثة الاقتصادية، وسيتم تشجيعها عن طريق الإكراه.

ليس هناك وجود لمفهوم الامتنان أو الاعتراف بالجميل في العالم المعاصر.

إن النظرة الأمريكية لمفهوم الاستعمار عفا عليها الزمن فعلا. إن الفرنسيين لن يربحوا أبدا من وراء وجودهم في المغرب، ولن يستعيدوا الأرواح والعمل والأموال التي استثمروها هناك. إن المأزق الذي يعيشه الفرنسيون، اليوم، صار مألوفا. لقد قاموا بعمل جيد، ومع ذلك لا يُمكنهم أبدا البحث عن أي مكافأة.

المغرب بلد جميل. سكانه أذكياء وقادرون على التأثير على كفة الميزان في العالم المعاصر. لديهم الشجاعة ويُميزهم العناد. كما أن حس الضيافة والكرم لديهم يبقى قيمة تقليدية. وعندما يريدون الاستقلال بأنفسهم لن تكون هناك أي حدود للتقدم الذي يمكنهم تحقيقه. لم أر من المغاربة سوى الطيبة والتعامل الحسن. لقد أحببتهم جدا إلى درجة أنني صرتُ قلقا بشأن مستقبلهم. أستطيع الآن تفهم طموحاتهم، ولكن يبدو لي أن القليلين منهم فقط يُدركون مدى صعوبة الطريق نحو الحرية ومدى قسوة العالم المحيط بهم.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى