بعد أسابيع من الرفض، رضخت الحكومة للأمر الواقع وقررت استقبال كل من الجامعة الوطنية للتعليم-التوجه الديمقراطي (FNE)، وممثلي التنسيق الوطني لقطاع التعليم (المكون من 25 تنسيقية)، والتنسيقية الموحدة لهيئة التدريس وتنسيقية الثانوي التأهيلي.
لا أحد ينكر الرغبة المعلنة للحكومة في الوصول لوضع حد نهائي لاحتجاجات هيئة التدريس وطي صفحة الإضرابات التي تجاوزت الشهرين، وهو ما جعل الحكومة تعلن عن عرض تاريخي وتقبل بمخاطبة التنسيقيات من وراء حجاب نقابة النهج الديمقراطي غير المرخص له، ومع ذلك لازالت عقدة الحل مستمرة وليس هناك مؤشرات واضحة عن قرب التوصل لحل عقدة أقوى احتجاج عرفته المدارس العمومية منذ عقود.
الجميع يدرك أن التنسيقيات ليست لديها الإرادة الكافية لإنجاح الحوار الذي دعيت إليه، لعدم بذلها الجهود الضرورية للتخفيف من التوتر القائم وعدم قبولها الرجوع للمدارس كمؤشر لبناء الثقة، إلى جانب تمسكها بمطالب إعجازية يعلم أصحابها قبل غيرهم أن الحكومة لن توافق عليها لأنها تتجاوز كل الإمكانيات المتوفرة، لكن التنسيقيات تظن أن شل المدارس والسياق الاجتماعي الصعب الذي نمر به سوف يساعدها في فرض مطالبها مهما كانت خيالية.
وبين الرغبة الحكومية والنقابية لإنهاء الاحتجاجات بالمدارس، والشروط شبه التعجيزية التي تضعها التنسيقيات، يستمر التعليم العمومي والتلاميذ والأسر الفقيرة في دفع الأثمان الباهظة للهدر المدرسي والتي إذا ما تواصلت وتيرتها سوف ترتفع كلفتها أكثر فأكثر، إلا إذا تلاقت الإرادة لحوار فعال والإدارة الحكيمة لواقع الحال، فبذلك فقط سينجو الموسم الدراسي من مخالب سنة بيضاء.
المهم في الأمر، لو نجح الحوار المعلن واكتسب ثقة غالبية الأساتذة، فإنه سيكون الحل الوحيد للخروج من هذا النفق المظلم، أما العكس ــ لا قدر الله ــ فإنه سيكون شديد المخاطر والتداعيات، وعلينا ألا نصل إليه بكل السبل.