
النعمان اليعلاوي
يتصاعد القلق في الأوساط الصحية والبيئية، بشأن احتمالات تزايد حالات الإصابة بداء السل، وسط تحذيرات من ارتباط محتمل بين المرض واستهلاك حليب الأبقار غير المعقم أو غير الخاضع للمراقبة البيطرية، خصوصًا في بعض المناطق القروية وشبه الحضرية. وقد كشفت مصادر نقابية في قطاع الصحة تزايد عدد حالات الإصابة بداء السل خلال الأشهر الثلاث الأخيرة على مستوى جهة الرباط سلا القنيطرة، مع ارتفاع الحالات الواردة على المركز الاستشفائي الجهوي مولاي يوسف بالرباط.
ومن جهته، أكد المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (أونسا) على سلامة الحليب ومشتقاته، مشيراً إلى عدم وجود أي خطر من انتقال مرض السل عبر هذه المنتجات، التي تخضع لمراقبة صحية دقيقة وصارمة طوال مراحل سلسلة الإنتاج والتوزيع.
وأوضح المكتب في بلاغ له، أن الحليب الموجه للاستهلاك يتم تتبعه منذ مرحلة تربية الأبقار، مروراً بمرحلة الجمع والمعالجة داخل وحدات صناعية مرخصة، وصولاً إلى نقاط البيع الخاضعة لمراقبة مستمرة. كما شدد على أن الحليب ومشتقاته المستوردة تخضع لفحوص دقيقة عند الحدود للتأكد من مطابقتها للمعايير الصحية الوطنية والدولية، وأهاب المكتب بالمواطنين بضرورة تجنب استهلاك الحليب غير المعالج، خاصة ذلك الذي يُباع في الشوارع من طرف باعة متجولين، نظراً لما قد يشكله من خطر محتمل لنقل أمراض مثل السل البقري، نتيجة غياب المعالجة الحرارية والمراقبة الصحية الضرورية.
وأفادت مصادر طبية متطابقة بأن عددًا من الإصابات التي تم رصدها مؤخرًا بداء السل، قد تكون مرتبطة باستهلاك مشتقات حليب خام مصدره أبقار مصابة بالسل البقري، وهو مرض معدٍ وخطير يمكن أن ينتقل إلى الإنسان عبر استهلاك الحليب دون تعقيم أو معالجة حرارية كافية، وأكدت تقارير ميدانية صادرة عن بعض المصالح البيطرية أن غياب مراقبة دورية على قطعان الأبقار، إلى جانب ضعف تطبيق الإجراءات الوقائية في أسواق بيع الحليب التقليدي، يفاقم من خطر انتشار المرض، خصوصًا أن العديد من المواطنين يعتمدون على موردين غير مرخصين لاقتناء الحليب الطازج.
وفي هذا السياق، دعا مهنيون وخبراء في مجال الصحة العمومية إلى ضرورة تعزيز مراقبة الأبقار في الضيعات الفلاحية، وتوسيع حملات التحسيس حول مخاطر استهلاك الحليب غير المبستر، فضلاً عن تشديد الرقابة على وحدات البيع ونقل الحليب، لضمان سلامة السلسلة الغذائية، كما شددت فعاليات المجتمع المدني على أهمية تدخل وزارة الصحة ووزارة الفلاحة لاتخاذ تدابير عاجلة، من ضمنها إطلاق حملات فحص واسعة للأبقار وتفعيل بروتوكولات الوقاية من داء السل، في وقت يُسجَّل فيه تراجع نسبي في حملات التلقيح البيطرية ببعض الجهات.
ويُذكر أن داء السل يُصنف من بين الأمراض المُعدية ذات الأثر الاجتماعي والاقتصادي الكبير، ويظل حليب الأبقار غير المعالج أحد أبرز مصادر انتقال العدوى في المناطق التي تعرف ضعفًا في شروط السلامة الغذائية، ما يتطلب استراتيجية وقائية مندمجة تشمل المربين والمستهلكين على حد سواء.