شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

مشروع «نوراد» (2) هكذا يتم الاستعداد لـ«يوم القيامة» النووية

بقلم: خالص جلبي

 

مع الحرب الباردة والخطر النووي فقد بنت أمريكا في جبل شاين في كولورادو نفقا مخيفا، استعدادا ليوم الزلزلة، بدأ المشروع من عام 1961م واستمرت الأمور حتى اكتمل البناء في 20 أبريل 1965، بكلفة 15 مليار دولار وجهود خمس سنوات، وفرح عارم عم القيادة العسكرية الأمريكية؛ وهو اليوم يراقب كل طير يتحرك في السماوات العلا، بين 200 ميل حتى ارتفاع 22500 ألف ميل، بحيث يمسح مسافة 27 تريليون ميل مكعب خارج الأرض في عمل مكوكي لمسارات 6500 إلى 7200 طائرة عسكرية أو مدنية أو قمر كوني، ما يعادل 2.5 مليون مسار في العام. أما القاعدة فهي متصلة بأقمار السماء ورادارات الأرض ومسابر المحيطات، في رفد متواصل للمعلومات لا يعرف النفاد. وفي قدرة المركز رصد أي بارجة أو غواصة عبر البحار، حتى عمق 11 كيلومترا، في إحصاء كوني وتطويق للأرض لم يسبق له مثيل في تاريخ الإنسان. ويتم عرض المعلومات على شاشة رائعة في غرفة القيادة بطول 16 قدما وعرض 12 قدما، بكلفة 800 ألف دولار، بما لا يقارنها أي تلفزيون في العالم؛ فيمكن رؤية أي شيء يتم تعقبه على نحو واضح. وكان ضرب العراق في حرب الخليج الثانية، أو اعتراض صواريخ السكود بالباتريوت، يوجه من معلومات هذه القاعدة. ويجب ألا ننسى أن هذه القاعدة مزودة بكل وسائل الرفاهية، ويقوم على خدمتها ألف موظف تقدم لهم أفضل الوجبات من الطعام لـ2400 موظف على ثلاث دوريات، على مدار 24 ساعة، وتدفع لهم رواتب سخية. واختيرت عناصر العمل من أفضلها ولاء وذكاء وتحملا ومن الجنسين، وهناك حضور مكثف للمرأة، وقد ثُقِفوا بثقافة خاصة تركز على أن مصير الشمال الأمريكي والعالم في أيديهم. كما زودت القاعدة بـ3400 بطارية شحن احتياطية قوية، كل منها بحجم طاولة متوسطة الحجم. وهناك مستودع بترولي يتسع لنصف مليون غالون من المازوت لتشغيل القاعدة، وأما الماء فهناك 1.5 مليون غالون للشرب، و4.5 ملايين غالون للصناعة. بحيث تستطيع القاعدة أن تعمل معزولة عن العالم لفترة شهر كامل، يوم الفزع الأعظم، الذي ينتظرونه ولا يتمنون حصوله. أما أبواب القاعدة العسكرية الداخلية فهي ثلاثة، يزن كل واحد 25 ألف كيلوغرام، وتغلق كلية بغاية النعومة بمزلاج في فترة 15 إلى 40 ثانية حسب السرعة المطلوبة، وكل باب يغلق لوحده بآليته الخاصة؛ كما يمكن إغلاقه باليد. ويقول الناس الذين أجرت محطة «ديسكفري» مقابلة معهم في القاعدة التي تعمل بدقة منذ أكثر من نصف قرن إن القاعدة تحفة من العبقرية الهندسية، غير أن البعض لا ينكر تعرضه لرهاب الأماكن الضيقة. أما الروس فلم يكونوا أقل استنفارا، وبنوا سراديب سرية مجهزة بكفاية أن تعمل في ساعة الصفر، متصلة بموقع مركزي يتسع لـ175 ألف إنسان مثل «سفينة نوح تحت أرضية»، بحيث إذا انقضى الشتاء النووي، وهلك معظم الجنس البشري خرج هؤلاء النفر من تحت الأرض من الأجداث، كأنهم جراد منتشر ينفضون عن رؤوسهم الغبار النووي، ليبنوا روسيا والعالم من جديد.

بقي أن نعلم في النهاية أن مركز نوراد NORAD»

«North American Aerospace Defens في تاريخه، منذ عام 1966 حتى الآن، لم يعلن حالة الطوارئ إلا مرة واحدة عام 1973، عندما اجتاح العرب إسرائيل، وصرخ «موشي دايان» إنه سقوط المعبد الثالث. وبدأ اليهود يفكرون في مفاوضة العرب في التخلي عن الأراضي المحتلة. وكلفت «غولدا مائير» الجنرالات اليهود بإعداد «سلاح المعبد» للعمل، عندها تدخلت أمريكا وأمدت إسرائيل بكل شيء. وهو ما يؤكد أن إسرائيل ليست إلا خندقا أمريكيا متقدما في المنطقة، وأن معركة العرب هي في التحدي الحضاري مع الغرب، الذي يمد إسرائيل بحبل سري كي يبقيها على قيد الحياة.

هذا ما كان من مشروع نوراد، ولكن الأدهى هو ما فعله أوباما وهو يوقع اتفاقية «البدء الجديدNew Start » مع بوتين للحد من التسلح النووي، أن كان يوعز بتحديث الترسانة النووية، التي رصد لها مبلغ 1200 مليار دولار حتى عام 2050م. والسبب في التحديث هو أن إنذارات كاذبة حصلت من هجوم نووي، وكان الفضل في عدم تورط العالم في الكارثة، هو عدم استجابة الكمبيوترات التي هي من العهد العتيق من نوع «IBM» من سبعينيات القرن الفائت.

حاليا هناك في الطرف الروسي 7000 رأس نووي، الجاهز منها للضرب 1740 رأسا، أما أمريكا فمخزونها 6800 رأس نووي، الجاهز منها ليوم القيامة النووية 1950 رأسا بالتمام والكمال. وهو ما يعني أن قدح الزناد سيحيل السماء وردة كالدهان ومعها تنتهي الحضارة في ساعات معدودات، والعودة إلى العصر الحجري إن بقيت حجارة. هذا الكلام ليس للهزل، فقد لوح بوتين في مطلع مارس 2018م أن أي هجوم عليه أو على حلفائه سيكون الرد نوويا لا يبقي ولا يذر.

في الأساطير أن القيامة ستكون في بلاد الشام، وفي الحديث أنه سيخرج من الفرات (حيث حقل الغاز قريبا من دير الزور السورية) كنز يقتتل عليه المائة من الناس؛ فَيُقْتَلُ منهم 99 كلهم يقول هو لي. وحسب تقسيمات «كريستوف رويتر» من مجلة «دير شبيغل» الألمانية، وهو يستعرض ما يحدث في بلاد الشام، تبدو لنا خريطة سريالية لوجود تسع قوى تنهش الجثة السورية. وكما بدأنا أول خلق نعيده، وعدا علينا إن كنا فاعلين.

 

نافذة:

في قدرة المركز رصد أي بارجة أو غواصة عبر البحار حتى عمق 11 كيلومترا في إحصاء كوني وتطويق للأرض لم يسبق له مثيل في تاريخ الإنسان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى