شوف تشوف

الرئيسيةثقافة وفن

مقدّمة التقرير السّنوي لـ«رابطة كاتبات المغرب»

بديعة الراضي رئيسة رابطة كاتبات المغرب

لم تكن 2022 سنة بداية تأسيس خارطة الطريق للأنشطة الثقافية الخاصة بـ«رابطة كاتبات المغرب»، الموزعة على مختلف أقاليم المملكة وجهاتها، بل إن حصيلة 2022 هي نتاج مجهودات كبيرة منذ سنوات طوال، عملت فيها عضوات الرّابطة في الهياكل التنظيمية في مختلف الجهات والأقاليم، منذ التأسيس الرّسمي في 2012، على زرع بذورها، والحرص على العناية بها انطلاقا من الإيمان بمشروع لغة المؤنث.

إنه المشروع الثقافي الذي يتغذى من قناعات فكرية وثقافية ومعرفية ومجتمعية جعلت التنوعَ الثقافي الذي يتميز به المغرب، رافعةً لإنجاح مختلف التحرّكات، وإرساء محطات «رابطة كاتبات المغرب»، التي نتوجّه بها اليوم إلى المستقبل، لبناء جسر قوي بين جهات المملكة، من جهة، وبين المملكة ومحيطها الإقليمي والدولي، من جهة أخرى.

ولهذا، ونحن نعدّ تقريرنا السّنوي، الذي يعد التزاما لإعطاء صورة واضحة وشفافة، يحاصرنا السؤال:

هل كنا بالفعل في مستوى تطلعاتنا وحجم المسؤولية الملقاة على عاتقنا في ما يحمله المشروع من رؤى استراتيجية للعمل الثقافي الذي نريد، أم إن حصيلتنا لم ترق إلى حجم الحلم، الذي يشدنا إلى تصورات وبرامج تفوق وضعنا المالي واللوجستيكي؟

سؤال لا بدّ من استحضاره، قناعةً منا بمبدأ العمل بالكشف والمكاشفة، والحرص على الانضباط، وممارسة العمل المُؤسّساتي المدني المسؤول والواعي بمختلف التحدّيات والعوائق والمتشبع بثقافة العمل المدني المتميز بالوضع الاعتباري داخل المجتمع، انطلاقا من القوانين التي تتيح للمشتغل فيه حرّية ممارسة العمل المدني بالمسؤولية والمحاسبة وبالحقوق والواجبات.

وانطلاقاً من المسؤولية الملقاة على عاتقنا في «رابطة كاتبات المغرب»، نعتبر التقرير السّنوي ضرورة، بل سجلا زمنيا لما نقوم به ورافعة لما ينبغي أن نتطلع إلى إنجازه، بفهم أعمقَ لما حققناه، وبقراءة حجم البياض الذي لم نستطع خط سطور صفحاته، كي نكون في حجم ما يراه الآخر فينا، أو ما نراه في أنفسنا، كمُؤسّسة مدنية على عاتقها ثقل كبير لنفض الغبار عن أقلام وأسماء في كافة أقاليمنا وجهاتنا وفروعنا.

ووعياً منا في «رابطة كاتبات المغرب» أن التقرير السّنوي هو «وثيقة تحتوي على معلومات منظمة في شكل سردي أو بياني، يتم إعدادها لغرض ما أو بشكل دوري أو مُتكرّر أو منتظم أو حسب الحاجة، تشير إلى فترات؛ أو أحداث؛ أو ظروف؛ أو موضوعات مُحدّدة»، فإن تقريرنا لا يخرج عن هذا البناء المعرفيّ والمنهجي والعلمي، لكنه تقرير لا تستطيع اللغة أن تنقل إليه حجم التضحيات التي قدّمتها عضوات «رابطة كاتبات المغرب»، وطنياً وإقليميا وجهويا، من أجل إنجاح برنامج ثقافي، سواء كان لقاء تنظيميا أو تنسيقيا في الفرع أو الجهة أو المركز، أو ملتقى سنويا أو نصف سنوي، أو ندوة فكرية، أو أمسية شعرية، أو قراءات قصصية، أو روائية، أو خيمة للشّعر، لا سيما إن كان البرنامج خالياً من شركاءَ داعمين، ما يدفع المسؤولات في المكاتب المركزية أو الجهوية أو الفرعية إلى الاقتطاع من خبزهنّ اليومي لإنجاح البرنامج وتحمّل تبعاته بكثير من المشقة والعناء والصّبر والتحمّل ونكران الذات.

وإذا كانت «التقارير مورداً مُهمّاً للحصول على معلومات أو ما يتعلق بالتوقعات المستقبلية أو الأداء المُفصّل من خلال البيانات المالية والأنشطة، ومنطلقاً للإبلاغ عن إنجاز وتعزيز الشفافية المالية والأدبية»، فإن تقريرنا يعدّ كشفا ومكاشفة حول كيفية اشتغالنا، لأننا نؤمن بأن البداية من درجة الصّفر في صعود سلم الرّقي بالمنظمات المدنية لا يُشكّل عائقا، بل بداية مبنية على القناعة بالمشروع، وترويجا للفكرة والترافع عنها، لتصبح قناعة مجتمعية صلبة وقوية ومُستمرّة ومؤمنة بالمستقبل في البناء المتين.

ومن هذا المنطلق، فإننا في «رابطة كاتبات المغرب» نجعل هذا التقرير، وطنياً وجهوياً وفي كافة فروعنا، عاملا للتواصل والترافع والتشارك مع الإعلام والمجتمع ومع القائمين على الشأن الثقافي، من قطاعات عامة وخاصة. كما نجعله عاملا لتعزيز قناعاتنا في بناء المجتمع الثقافي، بخلق فضاءات تشاركية وتضامنية وتفاعلية لصناعة الفرح والجمال في كافة الواجهات، بالكتابة، شعراً وقصصاً وروايات، وبكل أدوات الإبداع، بالرّيشة والحبر والقماش والورق وعلى الخشب والجدران، وبالنحت في الصّخر والرمال، وبالمسرح والسّينما، وبتنظيم موائدَ للحوار وبالتفاعل مع كافة القضايا المجتمعية والوطنية والإنسانية.

كما نريد في «رابطة كاتبات المغرب» أن نجعل التقريرَ السّنوي، الذي ستتبعه تقارير أخرى، تقليدا لتعزيز الأهداف الكبرى في الانفتاح على كافة المُؤسّسات، التنفيذية والتشريعية والاقتصادية والمجتمعية المدنية والأكاديمية، من أجل إشراك المثقفة في معركة الإصلاح والتغيير والنهوض بالمجتمع في تفعيل بنود النموذج التنمويّ الجديد.

ونعمل في «رابطة كاتبات المغرب» على خلق تقليد سنوي يجعل التقرير السنوي أرضية للتفكير في مشاريعَ ثقافية تُعمّق الثقة بين المثقف والمجتمع وتُقرّب المسافة بينهما، بالانخراط الفعليّ في قضايا المجتمع، وبلغة الوطن والمواطنة التي تؤسّس للدفاع عن المشترك والقوي في بناء الجمال والفرح وغرس بذور الثقة والأمل.

كما نريد في «رابطة كاتبات المغرب» أن نجعل من تقريرنا السّنوي إعلانا صريحا لما يُحفّزنا على الاستمرارية، وكيف استطعنا أن نواجه التحدّيات بالإرادة والعزيمة، اللتين تشكلان قاسماً مشتركا بين كافة العضوات، رغم كلّ الإكراهات والعوائق، التي لم تكن في غالب الأحيان مادية صرفاً، بقدْر ما كانت موروثا سلبيا لمفهوم المثقفة في المجتمع.

وإذا كانت التقارير تذهب إلى استثمار كل ما هو إيجابي في عمل منظماتها، لتسويق يكشف الجوانبَ المضيئة في عمل ما، فإننا في «رابطة كاتبات المغرب» لا نُغيّب كشفَ بعض فراغاتنا في بعض جهات ترابنا عن هذا التقرير، نظرا إلى غياب الأنشطة الثقافية فيها. ولا نعتبر ذلك ضعفا، بل نستحضره بكلّ مسؤولية وشجاعة، ونعتبر طرحه علنا إيماناً منا وقناعة بضرورة استحضار نقط ضعفنا في البدء، من أجل تكثيف جهودنا والعمل على استثمار ضعفنا لزيادة قوتنا، من خلال التنبيه والمتابعة والتدقيق واستحضار الأسباب وقراءة المجال وإنجاز تقاريرَ كفيلةٍ بمساعدتنا في البحث عن الشّركاء من أجل النهوض بالثقافة في مختلف تراب المملكة.

كما أنّ رغبتنا في تعزيز العمل المُؤسّساتي في التراب غير المغطى تنظيمياً تدفعنا إلى العمل على إيجاد عناصرَ قادرة على المبادرة والبذل والعطاء.

إننا في «رابطة كاتبات المغرب» نذكر في كل خروج إعلامي، عبر بلاغاتنا ولقاءاتنا ومختلف تعبيراتنا، بأن منظمتنا العتيدة عازمة على مواصلة الدفاع عن مشروعها الثقافي، مستندة في ذلك إلى الدستور المغربي وإلى القوانين التنظيمية المصاحبة في العمل المدني، استنادا إلى مبدأ التشارك والحضور في كافة الواجهات، إيماناً منا بأن الثقافة هي الرّافعة الأساسية لأي عمل اقتصادي أو اجتماعي أو سياسي أو تدبيري، عام أو خاص، تنفيذي أو تشريعي أو مدني.

كما نعمل في «رابطة كاتبات المغرب» على تمكين يسمح لكافة المثقفات المنخرطات في الرّابطة وغير المنخرطات ببناء مشروع ثقافيّ فاعل وقوي وتنموي في كافة الجهات والأقاليم، قادر على مد الجسور والترافع وطنياً وإقليميا ودوليا، انطلاقاً من قاعدة تثمين الرّأسمال البشري والإيمان به وبقدرته على كسب التحدّيات والرّهانات.

بقلم: بديعة الراضي*

 

* رئيسة رابطة كاتبات المغرب

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى