شوف تشوف

الرأي

ممارسة التدريس (2/10)

متعة التدريس
تستتبع ممارسة التدريس عوائق و مشاكل و صعوبات و أحاسيس كثيرة مواكبة لها، من قلق و توتّر و غضب و حسرة و حزن و إحباط و نفور. لكنها أحاسيس وقتية ظرفية كردّ فعل مباشر لما يكابده الأستاذ في هذه الممارسة. لكن هناك متعة في التدريس و في ممارسة التدريس يجب استشرافها و تذوقها و البحث عنها، و هي مفتاح مواصلة المسيرة الطويلة في التدريس بأقل الخسائر الصحية و النفسية و العقلية و الجسدية.
* فنظرة احترام و تقدير ( و ليس خوف أو تخوّف )، من التلاميذ الحاليين و القدامى فيها متعة كبيرة و كبيرة.
* نظرة فهم للدرس أو الخاصية أو المثال من التلاميذ فيها متعة كبيرة و كبيرة.
* توصيل رسالة أخلاقية وخاصة بشكل غير مباشر ومعاينة نتائجها الإيجابية متعة ليس لها ثمن.
* بعث الأمل و روح العمل و المثابرة في المنكسرين من التلاميذ فيها متعة.
* حلّ عقدة الفهم و التتبع و ممارسة التعلّم عند التلاميذ و معاينة التحسن التدريجي في المستوى لديهم فيها متعة تحبيب المادة المدرّسة و جعل الإقبال عليها و الإهتمام بها أكبر، متعة كبيرة و ليس لها مثيل.
* متعة تدريس المادة لشغف المدرّس بها ولا يستشعرها إلا من كان مولعا بمادته كثيرا.
* النجاح في برنامج الحصة و راحة الضمير في نتيجتها و في العمل عموما متعة كبيرة، فمتعة راحة الضمير عند من هو حيّ عندهم لا تقدر بثمن.
* متعة استشعار دور الأمانة و الرسالة التي على عاتق معلّم الناس الخير، فالمهنة شريفة و غالية.

مقالات ذات صلة

كسب الثقة
من العوامل التي تريح الأستاذ في عمله و تجعل تعليمه فعالا مجديا هو كسبه لثقة تلامذته فيه من جهة و تمكنه من الحصول على الأمان في قسمه.
فقاعدة أو خاصية أو منهجية أو نصيحة قد يسمعها التلاميذ من أحد فيقبلون عليها و ينتهجونها، و قد لا يعيرونها اهتماما من آخر و لو بنفس المضمون ولو بنفس طريقة العرض.
فجانب الثقة في شخصية الأستاذ و شخصه عامل محوري في نجاح ممارسة التدريس.
التفكير في أهمية كسب الثقة يتيح المجال للبحث عن طرق و وسائل الحصول عليها، و قد فصلنا في بعضها من قبل كالعدل و القدوة بالفعل و التحسيس بالكفاءة و المقدرة و الفعالية و التجربة و بعث جو من الأمن و الأمان في القسم.
أما حصول الأستاذ على الأمان في قسمه فمؤشره هو قدرته على إدارة ظهره للكتابة في السبورة دون تخوف من حصول أي عبث في القسم أو عند خروجه من القاعة أو عند محادثة أي تلميذ فلا يستقبل تشنجا كبيرا أو مواجهة غير محمودة و هذا نجاح كبير في عملية ممارسة التعليم يريحه طيلة السنة الدراسية بل يكفل له سمعة للأجيال اللاحقة.
و هذا الأمان يجب أن يكون بعيدا عن بعث جو الرعب و الخوف لديهم، فهذا أمان المتعجرفين المتكبرين الطاغين، بل هو توازن صعب بين التقدير و الاحترام و الإحساس بمقدرة الأستاذ على ضبط كل الأمور ومعالجتها و الحزم والقدرة على اتخاذ القرارات السليمة العادلة.

صوت المدرّس
أداة تواصلية محورية و وسيلة لا غنى عنها في مجال التدريس و أكثر ما يستهلكه الأستاذ من جسمه و جسده، و يتعرّض هذا الصوت لعوامل التلوث الناتج عن غبار الجو و غبار الطبشور، و عوامل تغير درجات الحرارة بين داخل الحجرة الدراسية و خارجها
كما يتعرّض لاستعمال كثيف و إجهاد كبير بعد كل حصة دراسية.
فعدد الكلمات بالآلاف في اليوم و طريقة الإلقاء الانفعالية و لو بصوت منخفض لها تأثير سلبي كبير عليه و لو على المدى الطويل. خاصة عند إسداء نصيحة أو إعادة شرح أو تبيين هفوات و أخطاء فادحة.
فهذا الكنز الذي جعله الله مفتاح عمل الأستاذ عليه أن ينتبه له و يحافظ عليه و يعمل على صيانته، فالمسيرة طويلة و طويلة، و شاقة و وعرة: الابتعاد عن الماء البارد و الساخن و السوائل المتضمّنة للحموضة و الانتباه عند نهاية الحصة فلا يعرّضه لتغير فجائي كبير في الحرارة.
كما أن الرفع من الصوت لا يفيد في التعليم إلا في حالات و وضعيات محدودة و لفترات قليلة، فتغيير نبرات الصوت و سرعة الإلقاء و استعمال تعابير الوجه وسائل مساعدة في ذلك. كما أن جملا طويلة ملقاة لوهلة واحدة تُفقِدُ التلميذ التركيز و الاستيعاب. فكلمات موزونة قليلة بإلقاء مساعد على التتبع ( أي بتدرج كمن يكتب على ورقة ) لها دور إيجابي في التركيز و الفهم.
و الانفعال العصبي أكثر ما يضر هذا الصوت فكلما تمكن المدرّس من التحكم فيه حافظ على صحته أكثر أما عدد ساعات التدريس اليومية الرسمية و غير الرسمية الصحية معروفة و لا يجب تعدّيها و إلا فالضرر آت لا محالة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى