شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

من فتح مدرسة أغلق سجنا

 

هشام بن الشاوي

 

أشرف بنشاوي، مهندس صحرواي من أصول دكالية، لقي حتفه في حادث مروري بشع، في أرض أجداده. أشرف كان شابا متفوقا في دراسته، وكأنه لا ينتمي إلى جيل «التيك توك» ومذكرة البستنة، التي ستفرخ المزيد من المجرمين والرعاع مستقبلا، وسينتقمون من شعب ما زال يعبد بقرة مقدسة اسمها الجهل.

أشرف سبط رئيس سابق لأغنى جماعة في المغرب، لكن السياسة وحش جاحد، بلا قلب ولا ذاكرة.

في أغنى جماعة في المغرب، سيارة الإسعاف بلا أكسجين!

في بلاد تحترم مواطنيها -وفي موقف كهذا- كان يمكن أن يقدم المسؤولون استقالتهم، أو ينتفض الشارع مطالبا بالقصاص، ومحاكمة من يستهترون بأرواح المواطنين، ويبذرون المال العام في زمن القحط، بدل توفير  مدارس، مستشفيات، طرق، مواجهة شبح العطش، محاربة البطالة…. إلخ!

 

***

تفاعلا مع بلاغ رئاسة النيابة العامة، وبعد أن تكاثرت حوادث دهس ورود الأمل تحت عجلات الجهل، في زمن تغاضت فيه النخبة عن بلادة سياسية تكرس الشعبوية، الدجل، وتخدر الشعوب بدل أن تشجع الفكر، الإبداع، البحث العلمي، وتنتصر لقيم الحق، الخير والتسامح، وها نحن ندفع ثمن صمت المثقفين، واستحواذ  الأميين على الكراسي، وإمعانهم  في الانتقام من كل ما هو جميل ونبيل…

أشرف قتله الجهل، قتلته منظومة تربوية تعيش موتها الإكلينيكي منذ سنوات. القاتل لم يكمل تعليمه الابتدائي، ومن يطفئ شموع المستقبل مجرم حرب؛ هل يعقل أن توجه تهمة القتل الخطأ لمن يدهس قبيلة، وهو يقود سيارته، بمنتهى الطيش، ويستهتر بحق الآخرين في الحياة؟ ألا يمكن أن تعتبر السيارة أداة جريمة، وهي أخطر من السلاح الأبيض؟

سيقضي قتلة أشرف وبدر وغيرهما بضع سنوات خلف القضبان، لكن من سيعوض هذه الورود التي فقدها المغرب، وكلنا نعرف عدد المتفوقين والطموحين؟

***

في هولندا، انخفض معدل الجريمة مقارنة مع عدد كبير من الدول، التي يزداد بها معدل الجريمة بشكل مقلق، فهي تعاقب مروجي المخدرات ومتعاطيها بعقوبات صارمة، حيث انخفض عدد السجناء بشكل كبير، فقد أُغلِق 23 سجنا في 2014، وتحولت إلى مراكز لجوء مؤقتة، ومساكن، وفنادق، وصارت هولندا ثالث أقل معدل احتجازٍ في أوروبا، والغريب في الأمر أن أكثر المساجين الأجانب -هناك-  مغاربة، حسب إحصائيات تلك السنة.

أين يكمن الخلل؟ وهل تمضي البلاد في الخسران فعلا؟

وهل سنصير نخجل – مستقبلا- من أن نتباهى بالانتماء إلى المغرب؟

حتى لا تتحول السجون إلى مزارع تسمين المجرمين أقترح إعدام القتلة، الأشغال الشاقة للمخربين والمشاغبين، الإخصاء الكهربائي للمغتصبين والبيدوفيليين، اعتبار مجرمي حرب الطرق جناة، وأن تطبق عليهم قوانين المسطرة الجنائية، بدل المادة 173 من مدونة السير، فلا فرق بين من يعرض حياة الآخرين للخطر، وهو يقود سيارته أو دراجته النارية بطريقة استعراضية، وبين من يحمل السلاح الأبيض في ظل هذا «التطور النوعي الذي عرفته مظاهر الجريمة في السنوات الأخيرة، سواء من حيث خطورة الأفعال المرتكبة، أو الوسائل المستعملة فيها، أو طبيعة الأشخاص الذين يقترفونها»، كما جاء في بلاغ رئاسة النيابة العامة.

نحن في حاجة إلى الكثير من الحزم.. إلى زمن إدريس البصري، مع كامل الأسف..

رحم الله القاضي نور الدين الفايزي!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى