شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

موريتانيا.. قدَر الجوار

 

يقوم محمد سالم ولد مرزوق، وزير الخارجية الموريتاني، بزيارة رسمية للمغرب ضمن جولته الأخيرة بالمنطقة المغاربية، والتي شملت كلا من الجزائر وتونس وليبيا. وبغض النظر عن الرسائل الدبلوماسية اللبقة المتبادلة بين البلدين فإن العلاقات المغربية الموريتانية التي تعيش فترات مد وجزر تحمل مميزات وخصائص متعددة تكاد تكون مختلفة كليا عن علاقاتنا بكل الدول، كما أكد ذلك ناصر بوريطة في ندوته الصحفية.

ما هو مؤكد حقا أن القدر والتاريخ والجغرافيا والمصالح الاستراتيجية فرضت علينا هذا الجوار المحتوم، فموريتانيا بحكم الجيرة التاريخية والجغرافية، والتفاعل الاجتماعي والقبلي الكثيف والتبادل التجاري المكثف مع المغرب باعتباره أول مستثمر فيها، تدرك أكثر من غيرها، أنه رغم محاولات التغرير والمقايضة التي يقوم بها النظام العسكري في الجزائر، يظل قصر المرادية أكبر وأخطر تهديد لأمن موريتانيا بتحكمه بعصابة إجرامية شكلت خلال ثمانينات القرن الماضي خطرا على الأمن القومي الموريتاني، وليس هناك أي مانع من أن يعود نظام العسكر لسياسة لي يد موريتانيا عبر فزاعة البوليساريو.

فلا يمكن تحت أي ظرف أن تستهين الجارة الجنوبية بخطر النظام العسكري مهما كانت الإغراءات المقدمة. فالجزائر العسكرية ذات الطموحات التوسعية لن تتغير بين ليلة وضحاها، ولن تكون أقل عدائية في سلوكها الخارجي تجاه موريتانيا كما فعلت وتفعل مع جوارها المغربي. لذلك فموريتانيا تدرك أنه من الصعب الرهان على أن نظام تبون المتقلب لتأمين حاجياتها الغذائية وأمنها القومي على حساب سيادتها واستقلالية قرارها الوطني، كما وقع مع تونس التي أصبحت رهينة لدى قراصنة عسكر المرادية.

فهل سوف تستوعب موريتانيا قواعد اللعبة الاستراتيجية، فتلجأ إلى الاستثمار أكثر في علاقتها بالمغرب من خلال الدخول في تفاهمات استراتيجية؟ وهل سوف يعي المسؤولون في نواكشوط الخطأ السياسي القاتل الذي يمكن أن يرتكبوه في استمرار علاقتهم بالانفصال؟

إن ما تفرضه المعطيات الجيوسياسية بالمنطقة بشأن مسألة كبح جماح أطروحات التقسيم والانفصال، هو أن تراعي موريتانيا مصالحها القومية في علاقتها بجار موثوق وذي مصداقية وتدعم وحدته الترابية، في المقابل يحافظ المغرب على علاقاته المميزة مع نواكشوط باعتبارها عمقا استراتيجيا لأمننا القومي والاقتصادي ورقما مهما في كل المعادلات التي يضعها في سياسته تجاه دول الساحل والمطلة على الأطلسي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى