شوف تشوف

الرئيسيةسري للغايةملف التاريخ

هذه قصة بناء مكناس وأسوار المولى إسماعيل

يونس جنوحي

 

وصفتُ كمية إنتاج التعاونيات المغربية بأنها بالكاد تُنتج. فالمغربي ليس مستأنسا بفكرة المزارع التعاونية. عندما يتعلق الأمر بهذا الموضوع، يصبح مُزارعا كونيا ويفتخر باستغلال أرضه حتى وإن كان ربما لا يمتلكها وإنما يستأجرها على أساس الحصص.

ومع ذلك، فإن الفرنسيين يُدخلون تدريجيا أفكار تعاونية. وبطبيعة الحال، فإن هذه الأفكار وجب تبنيها طواعية.

في بعض الأماكن، تم إثبات قيمة الزراعة الميكانيكية المكثفة، وظهرت أهميتها عمليا. وبالنسبة للآلات الفلاحية التي تتعدى تكلفتها قدرات المُزارع المادية، فإنها تكون متاحة بفضل المجهودات التي تبذلها تعاونية القرية.

ونظرا لأن القرية عادة ما تضم رجالا من قبيلة واحدة، فإن هناك أساسا عمليا للفكرة فعلا.

يتوقف النجاح أيضا على الشراء الجماعي للبذور وعلى بيع التعاونية للإنتاج. لقد قامت المزارع الفرنسية، التي أُنشئت على سبيل التجربة، بعمل مفيد للغاية في هذا الصدد.

الدعاية المعادية للفرنسيين أعلنت أن 50000 هكتار فقط من الأراضي الجديدة زُودت بنظام الري. وهذا الرقم قديم فعلا، لم يتم تحديثه وسيتضاعف عدة مرات عندما تصير أنظمة السدود الجديدة في حالة تشغيل واستغلال كامل.

لو كنتُ أحد الفرنسيين المتضايقين من النقد المرير لما تقوم به فرنسا في المغرب، لكان يجب عليّ أن أميل إلى الرد مطالبا بمعرفة ما قام به المغاربة أنفسهم لأنهم لا يزالون يمتلكون 14 مليون فدان من الأراضي الصالحة للزراعة، وغيرها من الأراضي المُنتجة.

الفرق الحقيقي بين المُزارع الأوروبي والمغربي ليس في حساب مساحات الأراضي ولكن في كيفية استغلالها.

وبما أن الفلاحة هي النشاط الاقتصادي الرئيسي للمغرب، فإن الواضح أنه يتوجب علينا أن نعود إلى الموضوع بعد لمحة عن منطقة مزارع المُعمرين،

وعاصمة مزارع المُعمرين، إن جاز هذا التعبير، هي مكناس.

مكناس واحدة من أكثر المدن محافظة على «مغربيتها»، بين المدن المغربية.

على عكس فاس ومراكش، فإن مكناس لم تُبن بيد سلالة حاكمة ولكنها بُنيت على يد قبيلة أمازيغية. درجة خصوبة تربتها وتوفر إمداد المياه كانا وراء اقتناع البدو المكناسيين القدامى بالاستقرار بها. لقد بنوا سلسلة من القرى وبدأوا في زراعة الأرض. وعندما ازدادت غيرة القبائل الأخرى وأصابها الحسد، بنى «مكانسة» مدينة للحماية أطلقوا عليها اسم مكناس الزيتون.

حدث هذا خلال القرن العاشر. انتبه الحُكام اللاحقون للمكان وأدركوا أنه مفيد جدا لاستخلاص الضرائب، أو ليكون هدفا لحملات النهب. لكن هذه الأطماع كلها تراجعت عندما جعل المولى إسماعيل، ثان حاكم علوي، من مكناس عاصمة لحكمه سنة 1672.

كان هذا الرجل أروع وأغرب الشخصيات التي جلست على العرش المغربي. ومثل آخرين كثر كان مُشيدا عظيما.

كنت أحدق بإعجاب ودهشة في الأسوار الحصينة التي تمتد لأميال، مطوقة المدينة، بل إن أطلالها تمتد بعيدا في الطريق نحو القرى.

عندما يركب السلطان حصانه ليشن إحدى الغارات، فإن جيشه كاملا، والقبائل المحيطة، بالإضافة إلى الغنائم المحصل عليها، كلها تجد لها مأوى خلف الأسوار المنيعة.

بل إنه، خلال الوقت الحاضر، هناك مساحات ضخمة مفتوحة في أسوار المدينة. وعلى النقيض من الازدحام الخانق في فاس، لا تخلق التجمعات السكنية الجديدة في مكناس أي مشكلة، إذ إن هناك متسعا كبيرا.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى