شوف تشوف

الرئيسيةن- النسوة

هكذا يساهم اهتمام المرأة بنفسها في نجاح علاقتها الزوجية

إعداد: إكرام أوشن
من بين أهم الأشياء التي تجدها المرأة دليلا قاطعا على الحب والاهتمام، هو العطاء، العطاء ثم العطاء. هذا ما تفعله المرأة غالباً، وهو أمر جميل. ولكن العلاقات مؤلفة من شخصين وليس من المرأة فقط، التي غالباً ما تعاني صعوبة في إيجاد صوتها ونفسها. فاهتمام المرأة بنفسها وراحتها وصحتها إلى جانب دعمها لزوجها، يؤمن الوقود لمواجهة عقبات الزواج التي لا بد لها أن تحصل. أي أنه يجب أن تكون هذه المرأة «أنانية»: كيف ذلك؟ وكيف لها أن تحب نفسها وتعيش حياتها؟

متى يجب دق ناقوس الخطر؟
حين تبدين وكأنك لست أنت:
يبدأ الأمر بإغفال بعض التمارين الرياضية، ومن ثم نسيان الاهتمام بشعرك. قبل أن تعرفي، لن تتعرفي إلا نفسك في المرآة. إن اعتبار نفسك أولوية، لا يعني أن تفقدي تركيزك على أمور أخرى. فقط نظمي وقتك واتركي منه ما يكفي لاهتمامك بنفسك.
حين يتضمن برنامجك الآخرين وليس أنت:
اهتمامك بجميع من حولك ونسيان نفسك ليس بالأمر الصحيح أو المقبول، لأنك قيمة أيضاً. لهذا السبب، يجب أن تسمحي لنفسك ببعض الوقت الخاص بك فقط. رتبي بعض المواعد مع الأصدقاء وبشكل أسبوعي، أو تخلفي عن شيء واحد تفعلينه من أجل زوجك لأنك متعبة مثلاً. أعطي نفسك المسافة لتكوني عفوية أيضاً.
حين تشعرين بأنك بحاجة لاستراحة من الأطفال ولكن لا يمكنك الحصول عليها:
إن ترك أمور الأطفال لزوجك قد يشعرك بالقلق، لأنك بالتأكيد تشعرين أنهم مسؤوليتك. ولكن زوجك بحاجة لعلاقة وثيقة مع أطفاله أيضاً، وأنت تحتاجين الوقت لنفسك.
حين تمرين بشجار عنيف:
بعد شجار مع الزوج، لا بد أنك تتوقين لإعادة زوجك إلى نقطة آمنة. ولكن اثبتي في مكانك، إذ إن الكلام الزائد في الأمور قد يدفع بها نحو الأسوأ.
في حال لم تتذكري المرة الأخيرة التي قلت فيها «لا»:
لا تقولي «لا» لزوجك أبداً، أو لدعوة أحد على العشاء، ولكن كوني حذرة فالكثير من «نعم» قد يجعلك مستسلمة. أشعري بقوة أكبر وقولي «لا» في بعض الأوقات. وحتى لو فاجأك زوجك يوماً بخطة رومانسية أو حفلة لتحضراها سوياً، اعتذري ببساطة وقولي إنك تشعرين بالتعب.
تخصيص الوقت لذاتكِ.. حق يجب التشبث به:
هل تشعرين بالإرهاق والاستياء والاضطراب والاختناق؟ أصبحت قلة الوقت أحد أبرز مصادر الضغط النفسي المعاصرة. ولا يقتصر الأمر على الحياة المهنية، فقد تأثرت أيضاً الأوقات المخصصة للراحة والترفيه.
لا شك في أن هذه السهولة في ملء جميع أوقات الفراغ تؤدي مباشرةً إلى الملل أو الانزعاج. إنه شكل من التحديات الجديدة التي نواجهها على مستوى نوعية حياتنا. فلم تعد مختلف المساعي تركّز على زيادة وقت الفراغ بل تحديد الوقت المخصص لنا وسط انشغالات الحياة المفرطة، أي ذلك الوقت المرتبط برغباتنا الدفينة وطموحاتنا الحقيقية.
38 دقيقة من وقت الفراغ:
كشفت دراسة أوربية أن المرأة لا تملك أكثر من 38 دقيقة من وقت الفراغ في اليوم الواحد، لكنها لا تستفيد دوماً من ذلك الوقت لنفسها. وقيّمت الدراسة أيضاً عدد الدقائق المخصصة لأوقات الفراغ، أي الوقت الذي لا يفرض على المرأة أي واجبات فورية لإتمام عمل معين أو تربية الأولاد أو القيام بالأعمال المنزلية. في النهاية، تبين أن المرأة عموماً تملك 38 دقيقة من الوقت الشخصي، علماً أن النساء في بعض البلدان المتقدمة مثل فنلندا، يستفدن من 69 دقيقة من الهدوء بكل سهولة.
تجدر الإشارة إلى أن عمر الأولاد يؤثر على النتائج النهائية. تستفيد «الأم الشابة» (لديها طفل عمره أقل من 3 سنوات) من 28 دقيقة فقط في اليوم، في مقابل 49 دقيقة لأمهات الأولاد الأكبر سناً (بين 11 و13 سنة). ووفق الدراسة نفسها، لم يكن الفرق بين الطفل الوحيد (44 دقيقة) وثلاثة أشقاء (31 دقيقة) كبيراً جداً. غير أن هذه الفسحة الصغيرة من الحرية لا تكون «حرة» بمعنى الكلمة، فبحسب الدراسة فإن 17 في المائة من النساء فقط يخصصن تلك الدقائق لأنفسهن!
تخصيص فترة من العزلة:
من الضروري دوماً أن نحافظ على التواصل مع أنفسنا. حين نعيش حياة زوجية أو عائلية، قد نظن في نهاية المطاف أن حياتنا لا معنى لها من دون الآخرين. لذا يجب إنشاء مساحة شخصية وتخصيص الوقت للذات من دون الشعور بأي ذنب (هذا السلوك ليس أنانياً)، وذلك بترك فسحة ذاتية صغيرة وسط المساحة العائلية الكبرى. للاحتكاك مع الذات، تقضي طريقة أخرى باللجوء إلى تقنيات التأمل، من خلال الجلوس يومياً طوال ربع ساعة من دون التحرك، مع إغلاق العينين وسط جو من الصمت التام، يمكن الغوص في أعماق الذات وتأمل الحياة بكل هدوء. ولا داعي لأن تترافق هذه الجلسة بالضرورة مع أي دوافع روحية معقدة. إنه مجرد لقاء حميم أو وقت بسيط نخصصه للإصغاء إلى الذات وفهم حقيقتنا وإعادة التركيز على أنفسنا، فضلاً عن استرجاع احترامنا لذاتنا بطريقةٍ ما.

الاستراحة حاجة طارئة..
حين نبالغ في الاهتمام برب العمل والعائلة والعملاء والأصدقاء، قد نجازف بنسيان الاهتمام بأنفسنا. فالمرأة هي الأكثر تأثراً بهذا الوضع. يمكن أن تدرك هذه الأخيرة المشكلة حين تضطر إلى وقف جميع نشاطاتها بسبب مرض أو بطالة أو طلاق أو تقاعد، ما يسبب لها نوعاً من الإحباط ويجبرها على إعادة النظر بمعنى وجودها الأصلي. هكذا ستشعر بالحاجة إلى استعادة مقاربة سليمة للتعامل مع الوقت.
كلما اجتاحت الانشغالات المفرطة حياتك، تصبح الاستراحة حاجة طارئة في حالتك. وإذا لم تقتنعي بضرورة تخصيص هذا الوقت لنفسك، فلن يتخذ أي شخص آخر هذا القرار عنك. وإذا لم تتخذي هذا القرار، فلن يتغير شيء في حياتك، بل سيترسخ الضغط النفسي والتعب والإرهاق في يومياتك. فأنت المسؤولة الوحيدة عن كسر هذه الحلقة المفرغة.
يصعب أحياناً أن تتحمل المرأة أعباء العمل وتربية الأولاد وتقرر تخصيص الوقت لنفسها في ظل هذه الانشغالات. ووسط المشاريع المهنية والنشاطات الأسبوعية وخطط نهاية الأسبوع والتسوق والفروض المنزلية، قد تجد المرأة صعوبة في الابتعاد عن هذه الواجبات كلها من دون الشعور بالذنب.
عملياً، يجب أن تفكر المرأة، وسط أفراد العائلة عند الحاجة، بطريقة تحديد الوقت المخصص لها. هل تستطيع ممارسة تمارين البيلاتس أو اليوغا في إحدى الأمسيات؟ هل يمكنها أن تذهب إلى السينما مع الأصدقاء في أحد أيام الأسبوع؟ هل يمكن أن تخصص نصف يوم في الأسبوع للذهاب إلى المنتجع أو زيارة المتحف أو القراءة أو التمدد على الكنبة بكل بساطة؟
هذه الخطوات كلها مفيدة شرط الشعور بالتحسن وتغيير الأفكار الخاطئة. عند الحاجة، يمكنك التفاوض مع الشريك وأفراد العائلة والدفاع عن مساحتك الشخصية. لكن يجب أن تصرّي على موقفك وإلا فقد تستسلمين أمام أبسط مشكلة.

لحظات أساسية للتوازن
لا تعبّر الحركة الدائمة عن استمرارية الحياة لأنها في بعض المجالات لا تكون مرئية، بل ترتكز على المشاعر الشخصية. إنها لحظات أساسية لاستعادة التوازن النفسي. في بعض مراحل الحياة، تتعزز حاجتنا إلى العزلة ونسج الأحلام والصمت وإبطاء مسار الحياة. يتأثر إيقاعنا الشخصي أيضاً بلحظات الراحة هذه. فإذا شعرت بالذنب والانزعاج لمجرد الجلوس وعدم القيام بشيء ملموس والتركيز على مواجهة العواطف، يجب أن تتعلمي التعبير عن تلك المشاعر بشكل تلقائي.

إبطاء مسار الحياة
منذ بضع سنوات، أصبحت النزعة إلى إبطاء مسار الحياة رائجة. لكنّ هذه النزعة لا تستثني سرعة الأداء أو الفاعلية، بل تعني هذه المقاربة تحديد السرعة المناسبة بحسب ظروف الحياة للتهرب من الحلقة المفرغة المبنية على الكمية بدل النوعية. كلما تراكمت الأهداف المنشودة، سينهار كل شيء وتتراجع الفاعلية، فينتهي بنا الأمر بعيش الحياة بطريقة سطحية. يجب تخصيص الوقت للراحة واستعادة الحرية والقدرة على الابتكار والتبادل.
تقضي الخطة الفاعلة بالتحكم بطريقة توزيع الوقت وإعادة تحديد الأولويات وعدم الالتزام بإيقاعات مستحيلة ومقاربة الوضع بموضوعية. فسرعان ما تنجح المرأة تدريجاً بتقدير كل لحظة من حياتها من دون أن تعزل نفسها عن محيطها. هذا النهج الجديد إيجابي، فهو يجدد الحيوية ويُعتبر شكلاً من المقاومة للضغوط. فيجب أن نتعلم الرفض في بعض الظروف لتجنب الأعباء التي تُفرَض علينا.

وقت فردي بلا شعور بالذنب
يجب أن نسمح لأنفسنا بالاستمتاع بحياتنا وإيجاد مصادر الراحة الحقيقية. فمن حقنا أن نستمتع بوقتنا ونبتسم ونضحك لأنها العوامل التي توفر لنا السعادة، والسعادة هي أقل ما نستحقه وهي تسمح لنا أيضاً بمنح السعادة للآخرين. لذا يُعتبر وقت الراحة ضرورياً. يجب أن نتعلم كيفية إدارة لحظات الاسترخاء التي لا تُعتبر بأي شكل مضيعة للوقت!
يعكس تخصيص الوقت للذات مستوىً عالياً من الذكاء، فهو يعني احترام الذات واحترام الحياة والحصول على فرصة عيشها بكامل تفاصيلها. بدل أن نرزح تحت عبء الواجبات اللامتناهية والالتزام بمهام إضافية، ننصح الجميع بتخصيص فترة يومية للغوص في أعماق الذات من خلال الاسترخاء والتأمل أو عدم القيام بشيء بكل بساطة. لكن يجب الامتناع عن الشعور بالذنب وعدم التفكير بأي شخص آخر خلال هذه اللحظات الشخصية. إنه وقت للتعبير عن حب الذات.
يجب أن نجيد توزيع الوقت لتحقيق النجاح المنشود في نهاية المطاف: بفضل هذه المقاربة، يمكن تعزيز الفاعلية وإيجاد الوقت للنشاطات الترفيهية وللاعتناء بالذات وبالآخرين وتحقيق السعادة التي يصبو إليها الجميع، حتى أننا قد نربح دقائق وأياما وسنوات إضافية من الحياة. هذا هو التحدي الفعلي: لا تتعلق الصعوبة الحقيقية بتخصيص الوقت للذات بل بفعل ذلك من دون الشعور بالذنب.

مسألة استراتيجية
يقترح الخبراء الاستراتيجيات المفيدة التالية لتجنب الضغط النفسي السلبي والإجهاد التام:
– استباق الأحداث وتنظيم جدول النشاطات ووضع «خطة احتياطية» للذات ولجميع أفراد العائلة.
– عدم السعي إلى الكمال.
– طلب المساعدة عند الحاجة من دون تردد.
– تعلّم كيفية تحديد الأولويات بالشكل المناسب.
– تخصيص الوقت للذات وفق خطة منتظمة (رياضة، نشاط ترفيهي، استرخاء، عطلة…)
– الاستعانة بمربية إذا كانت الإمكانات المادية تسمح بذلك.
– إيقاف الناس (أو حتى الذات أحياناً) عند حدهم حين يفرضون عليك مشاغل إضافية، مع امتلاك الجرأة على رسم الحدود.
– العمل على تحسين الوضع الذاتي من خلال إدارة الوقت والتطوير الشخصي.
– البدء بعلاج نفسي عند الحاجة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى