شوف تشوف

الرئيسيةسري للغايةسياسية

هل كان حزب الاستقلال يستغل صورة الملك محمد الخامس؟

يونس جنوحي

استقبل أصدقائي في حزب الاستقلال تعليقي على الأوضاع بالصمت، بينما بدت عليهم علامات ارتباك توحي بالريبة والتوجس. اقترحتُ عليهم التحقق من مصدر معلوماتي وأن يسألوا المصريين بأنفسهم. سألوهم فعلا وبعد بضعة أيام لاحظتُ تغيرا كبيرا عليهم.

لدي، أيضا، ملاحظتان بخصوص ما يقع في المغرب. يقول المثل إن «الغريق الذي يتمسك بالقشة يقبل المساعدة دون سؤال، بغض النظر عن مصدرها». وما يقع، الآن، يُظهر فعلا أن الرجل يغرق، لكن من المبالغة أن نُطبق هذا المثل القديم على المغرب.

أما النقطة الثانية فلا يجب إغفالها أبدا.

أحيانا، يعمل الشيوعيون وفقا لتعليمات سرية، ولكن، في كثير من الأحيان، يُعلنون «توجه الحزب» بحرية، أو على الأقل يصبح الحزب واضحا تماما على مستوى الأعمال التي يمارسها. وهذا ما كان يقع تماما في المغرب خلال بعض السنوات. غير أنه، في سنة 1952، كان كل أعضاء الحزب الشيوعي في المغرب، تقريبا، فرنسيين. وكما رأينا، فقد تلقوا تعليمات بالمضي قدما في اتخاذ إجراءات أكثر حزما في شمال إفريقيا الفرنسية، بأكملها، لإشعال فتيل المظاهرات والقلاقل حيثما أمكن ذلك.

وللقيام بهذا الأمر في المغرب، استغلوا حزب الاستقلال واستعملوه لهذه الغاية.

أعيد تكرار مسألة أن هذا الاهتمام الشيوعي غير المرغوب فيه كان يُشكل عبئا كبيرا على قضية حزب الاستقلال. يتطلع معظم قادة الحزب إلى الولايات المتحدة الأمريكية للحصول على الدعم المعنوي والتعاطف، لكنهم بالكاد يتوقعون أن يندفع الأمريكيون لدعم حزب يرعاه الشيوعيون بشكل واضح وصارخ!

هناك مؤشرات ودلائل تشير إلى أن القادة الروس صاروا يُدركون، الآن، أن النجاح الأمريكي في إضعاف «الاستعمار» البريطاني والفرنسي لم يقم بأكثر من توفير فرص فريدة لروسيا، وحتى في أكثر الدول قربا من الناحية الجغرافية إلى الولايات المتحدة تبقى الصعوبة نفسها قائمة.

كلما أعلن الشيوعيون والأحزاب اليسارية الأخرى دعمهم لحزب الاستقلال، زادت معارضة الأحزاب الفرنسية الأخرى له، وفي الوقت الراهن، فهذه الأحزاب الأخرى هي التي في السلطة.

++

من المؤكد جدا أن المغرب، إذا حصل على الاستقلال، فإن الصدع بين حزب الاستقلال والشيوعية سيكون سريعا ودراميا. ولو أن الأمر يتوقف على التوجهات الشعبية لأصبح حزب الاستقلال هو المُنتصر بسهولة، لكن مثل هذه الخلافات غالبا ما تتم تسويتها، ليس عن طريق الاقتراع بل بالرصاص.

ليس هذا مصدر الخلاف الوحيد الذي يُمكن أن ينشأ بالنسبة لحزب الاستقلال، لأن الحزب يضم مجموعة واسعة من الأشخاص الذين لا توحدهم سوى المُطالبة باستقلال البلاد. وهم مستعدون للعودة إلى تبني أفكارهم الأخرى والمتنوعة للغاية، بمجرد تحقيق هذا الهدف، وحتى علاقة هؤلاء بالسلطان قد لا تكون مُقربة كما هو متوقع.

فقد سمعتُ بعض القصص السخيفة، ليس من قادة حزب الاستقلال المحليين، ولكن من جهات أخرى، مفادها أن السلطان أقسم على القرآن الكريم بأن يدعم حزب الاستقلال. وكان الرجال، الذين يعرفون السلطان جيدا، هم الأكثر تأكيدا على أن هذه المقولة مجرد إشاعة.

إن هدف السلطان هو تحقيق استقلال البلاد، وهو نفسه هدف حزب الاستقلال، إلا أنه يعتقد أن من المهم لرفاهية شعبه الحفاظ على سلطته وألا يصبح مجرد رئيس صوري ومحبوب فقط. إلا أن المتفق عليه أن القصر قد يكون يستعمل حزب الاستقلال، لكنه لن يسمح للحزب باستغلال صورة السلطان. ومن المؤكد أن القراءة عن تاريخ العلاقة بين حزب الوفد المصري والملك فاروق يجب أن تكون مثيرة للاهتمام في المغرب.

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى