شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

وزراء فوق المحاسبة

اضطرت فرق المعارضة بمجلس النواب إلى مقاطعة جلستين دستوريتين، عقدهما
المجلس، أول أمس الاثنين، الأولى كانت مخصصة للأسئلة الشفوية، والثانية
مخصصة للمصادقة على نصوص قانونية مهمة، وذلك احتجاجا على غياب وزير التعليم
العالي، عبد اللطيف ميراوي، الذي كان من المفروض حضوره إلى الجلسة، لتقديم
توضيحات بخصوص أزمة طلبة كليات الطب.

غياب الوزير ميراوي، عن جلسة برلمانية مؤطرة بدستور صوت عليه المغاربة،
يؤكد أن هناك وزراء يعتبرون أنفسهم فوق المراقبة والمحاسبة، بل أكثر من
ذلك، فوق الدستور، لأنه ما معنى أن يوجه البرلمان الذي يرمز إلى سلطة الشعب
مراسلة إلى وزير في الحكومة لكي يحضر أمامه، فيرد الوزير بأنه غير مستعد
لذلك، وبدون مبرر أو عذر مقبول. هذا يعني طبعا أن هناك استهتارا واحتقارا
لمؤسسة خول لها الدستور صلاحيات واسعة لممارسة دورها في التشريع ومراقبة
العمل الحكومي.

وهاته ليست المرة الأولى التي يرفض فيها وزراء المثول أمام المؤسسة
البرلمانية، فهناك وزراء يتعمدون الغياب عن الجلسات بدون مبررات مقبولة،
والدليل على ذلك، أنه مع اقتراب نهاية السنة التشريعية الثالثة من عمر هذه
الولاية، نجد وزراء حضروا مرة واحدة فقط إلى الجلسات طيلة سنة كاملة، وهناك
وزراء لم يحضروا ولو جلسة واحدة، خلال هذه الدورة، كما يرفض وزراء آخرون
المثول أمام اللجان البرلمانية الدائمة، لمناقشة مواضيع تهم ملايين
المغاربة.

احتقار البرلمان من طرف بعض الوزراء هو احتقار للمغاربة الذين صوتوا على
ممثليهم داخل المؤسسة التشريعية، لأن البرلمان يمثل رمز الإرادة الشعبية،
وهو الذي يراقب عمل الحكومة، وليس العكس، لأن الحكومة لا تمثل الشعب أمام
البرلمان، بينما البرلمان يمثل السلطة الشعبية أمام الحكومة، وهذه الأخيرة
تمثل السلطة التنفيذية، لذلك منح الدستور للبرلمان سلطة تمثيلية الشعب
لمساءلة الحكومة ومراقبتها، بالإضافة إلى سلطة التشريع وتعديل القوانين
التي تأتي بها الحكومة.

وفي كل دول العالم، الحكومات تنبثق من البرلمان وليس العكس، بمعنى الحكومة
تنبثق بعد إفراز أغلبية برلمانية، لذلك البرلمان يراقب عمل الحكومة، ورسم
الدستور حدود العلاقة بين المؤسسة التشريعية (البرلمان) والمؤسسة التنفيذية
(الحكومة)، وينص الفصل 100 من الوثيقة الدستورية على عقد جلسات كل أسبوع
تخصص لأسئلة أعضاء مجلسي البرلمان وأجوبة الحكومة، وتخصيص جلسة شهرية
للأسئلة المتعلقة بالسياسة العامة يحضرها رئيس الحكومة لتقديم الأجوبة
عنها.

ومنح الدستور عدة صلاحيات للبرلمان، في مجال الرقابة على العمل الحكومي،
كما منح المعارضة البرلمانية وضعية متميزة وحقوقا متعددة، ويبقى الهدف
الأساسي من ذلك هو النهوض بالعمل البرلماني، والرفع من جودة القوانين
والسياسات العمومية التي يتولى البرلمان تشريعها، ورد الاعتبار للبرلمان
كمؤسسة دستورية ضرورية لتحقيق الديمقراطية التمثيلية الحقة وليس الشكلية.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى