شوف تشوف

الرئيسيةتعليمحوارسياسية

الدرويش يشرِّح واقع التعليم العالي وكواليس إصلاحات الميراوي

قال إن خطوات وقرارات الميراوي تعاكس التوجهات الملكية في التربية والتكوين

«الإصلاح البيداغوجي «حياة» بدون روح»

 

«الأساتذة والإداريون والطلبة حائرون تائهون يتساءلون»

 

حاوره: النعمان اليعلاوي

منذ تولي الوزير عبد اللطيف الميراوي حقيبة تدبير قطاع التعليم العالي، طفا من جديد على سطح النقاش العمومي الحديث عن إصلاح الجامعة المغربية من مختلف عناصرها، ومع هذا النقاش، برزت قرارات للوزير الوصي بدأت بإلغاء نظام «البكالوريوس» الذي كان قد أطلقه سلفه، سعيد أمزازي، تلاه اتفاق «مبدئي» بين الوزارة ونقابة القطاع، حول مشروع النظام الأساسي للأساتذة الباحثين، تمر مراسلات وجهها الوزير لرؤساء الجامعات بالانخراط في «إصلاح جديد».

وبين هذا وذلك، وفي خضم الحديث عن التوجه لإطلاق «إصلاح جديد» للقطاع، بما فيه نظام أساسي جديد للأساتذة الباحثين، بدأ التوتر يطبع العلاقة بين الوزارة ومهنيي القطاع، منذرا بالعودة إلى نقطة الصفر.

في هذا الحوار مع جريدة «الأخبار»، يقدم محمد الدرويش تشخيصا دقيقا لواقع التعليم العالي، كاشفا بعين الفاحص المتمرس اختلالات «مشروع الإصلاح» الذي تشتغل عليه الوزارة في معزل عن الأساتذة، ومعطيات حول مشاريع مؤسسات في القطاع لم يكتب لها أن ترى النور بعد.

 

 ما هي خلفيات وأسباب الأزمة التي يعيشها قطاع التعليم العالي؟

دعني أذكر الرأي العام باختصار شديد بالمراحل المفصلية التي مر بها ومنها التعليم العالي المغربي، كانت أهمها مرحلة التأسيس، ومرحلة البناء من سنة 1957 إلى 75، ثم مرحلة التشييد التي امتدت من سنة 1975 إلى سنوات التسعينات، وبعدها، مرحلة الميثاق الوطني والنظام الأساسي للأساتذة الباحثين لسنة 1997، والقانون 01.00، والإصلاح البيداغوجي إجازة، ماستر، دكتوراه، ومرحلة أخيرة تمتد من سنة 2012 إلى اليوم، حيث ضاع الخيط الناظم لمنظومة التعليم العالي والبحث العلمي، بسبب تخبط الوزارة في المشروع والمشروع المضاد، وبسبب عدم امتلاك أغلب القائمين على تدبير القطاع لرؤية واضحة المعالم، وعدم معرفتهم الدقيقة بجغرافية المنظومة وبطاقات الأساتذة الباحثين في مختلف المجالات وقدرات طلابنا وإداريينا، كما أنهم عجزوا عن جعل التعليم العالي والبحث العلمي قضية وطنية كبرى يلتف حولها الجميع انسجاما مع التوجه الملكي الذي جعل من القضية التربوية القضية الثانية بعد الوحدة الترابية للمملكة.

لن نعود إلى المراحل كلها لكننا سنتوقف باختصار شديد طبعًا عند مرحلتين أساسيتين في تاريخ منظومة التعليم العالي والبحث العلمي، مرحلة امتدت من 98 إلى 2012 ومرحلة من 2013 إلى اليوم.

نتذكر جميعًا الأوراش التي دشنها وزراء التعليم العالي آنذاك السادة نجيب الزروالي، وعمر الفاسي وخالد عليوة وحبيب المالكي وأحمد اخشيشن ولحسن الداودي، في نصف ولاية تحمله مسؤولية تدبير التعليم العالي، وكيف انخرط السادة الأساتذة الباحثون بمختلف تخصصاتهم ومواقعهم الجامعية وكذا الإداريون والنقابة الوطنية للتعليم العالي في اجتماعات شبه يومية، في إطار اللجن الجهوية للإصلاح ولجنته الوطنية، وكيف كنا نناقش ونجتهد في تقديم التصورات والاقتراحات في إطار تشاركي جهوي ووطني حقيقي يقوم على الاحترام والثقة والإنصات، ننتقل عبر المدن الجامعية دون ملل ودون حسابات مادية، إذ كان هاجس تطور المنظومة والمصلحة الفضلى للوطن محركين أساسين، وانتهت المشاورات واللقاءات بتبني نظام إجازة ماستر دكتوراه، فانخرطت فيه كل مكونات التعليم العالي رغم عدم تنفيذ الحكومة لالتزامها بتوفير الموارد المالية والبشرية المطلوبة، إلى أن تم التوقيع على عقود في إطار ما سمي بالمخطط الاستعجالي بين رؤساء الجامعات ووزير التعليم العالي الدكتور أحمد اخشيشن تحت أنظار جلالة الملك محمد السادس بالقصر الملكي بأكادير يوم 5 أكتوبر 2009، فانطلقت أوراش الشق المتبقى في إصلاح المنظومة بعمليات إنشاء وتوسيع الخارطة الجامعية وبناء المؤسسات، وخلال قرب النهاية الاضطرارية لهاته المرحلة بدأت تظهر معالم الانحرافات، فتحول عدد كبير من الرؤساء والعمداء والمدراء إلى متخصصين في البناء والتجهيز وشراء المعدات وتبادل الزيارات والخدمات والأسفار ونسوا الشق الأساس للمنظومة والمتمثل في البيداغوجيا والبحث العلمي، فبدأت تظهر معالم ضياع الطلاب وبدأت معها سياسة تفرقة الأساتذة الباحثين وضرب بعضهم البعض فانطلقت أخلاق وممارسات لم تعرفها المنظومة قبلًا، وبدأنا نسمع عن ظواهر تسيء إلى جسم التعليم العالي، وطنيًا ودوليًا، من مثل الجنس أو المال مقابل النقط أو مقابل التوظيف أو مقابل التسجيل في سلك الماستر أو الدكتوراه، وبذلك أصبح التعليم العالي مادة دسمة لمجموعة من المواقع والصحف كل يوم نطلع على فضيحة من الفضائح.

 

 

ما قصة الـ 34 مؤسسة وأمر إلغائها؟

هي ليست قصة ببداية ونهاية، وإنما الأمر يتعلق بمسلسل عرفنا بدايته ونجهل نهاياته، إلا ما يصدره البعض عن طريق التنجيم، فالأمر يتعلق بالـ 34 مؤسسة كانت الحكومة السابقة صادقت عليها، وخصصت لها ميزانية تقدر ب600 مليون درهم، وتضمنها مشروع الميزانية، وعرضت على أنظار صاحب الجلالة الملك محمد السادس، وصادق عليها البرلمان بغرفتيه، وصدرت بالطبع في الجريدة الرسمية، ويتعلق الأمر بمشاريع مؤسسات للتعليم العالي بمختلف مناطق المغرب جنوبا وشمالا وشرقا وغربا ووسطا تم توفير الأوعية العقارية الخاصة بها وتضافرت الجهود الحكومية والجماعات الترابية من أجل توفير الإمكانات المالية لتشييدها، وتم توقيع اتفاقات بشأنها بين الحكومة والجهات، وكانت بالحسيمة، بايت قمرة، وضمن المشروع الملكي الحسيمة منارة المتوسط، مشاريع وقعت تحت أنظار جلالة الملك محمد السادس بمدرسة وطنية للتجارة والتسيير وحي جامعي على أرض تبلغ الخمسين هكتارا، وانطلق البناء وأوقفه السيد الوزير المحترم.

وأيضا بسيدي بنور، حيث وفر المجلس البلدي وعاء عقاريا مقدرا ب13هكتارا، وخصصت الحكومة ستين مليون درهم، صرفت في سنتها الأولى، ثم قرر سيادة الوزير المحترم توقيف التمويل، ليتوقف المشروع، علما أنها مؤسسة صدر قرار فتحها في الجريدة الرسمية بعد أن قطعت كل المراحل القانونية والبيداغوجية المطلوبة، وانطلق التسجيل والدراسة قبل ثلاث سنوات، وتم توظيف أكثر من عشرين أستاذا باحثا، وستة موظفين، وهي اليوم تنتظر بناءها الذي لم يكتمل بعد، بسبب حجز الوزارة للمبالغ المالية المخصصة لها، دون أي تفسير أو تعليل، في وقت تتم عمليات التدريس والإدارة برحاب كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالجديدة.

أما بكلميم باب الصحراء، فهناك خمس مؤسسات للمهندسين ومدرسة عليا للتكنولوجيا وكلية الاقتصاد بكلميمة وكلية متعددة التخصصات بأسا زاك، ومدرسة وطنية للتجارة والتسيير، قرر سيادته توقيف كل هاته المشاريع، مما أدى بالمجلس الجهوي الذي رفض التجاوب مع السيد الوزير في أمر تنظيم المناظرة الجهوية بالجهة، وتأخر ذلك حتى قبل مطلب الجهة، ودشن مؤسسة هناك قبل الصعود إلى منصة المناظرة، ونعتقد أن ذلك كان تجاوبا لحظيا منه حتى تنعقد المناظرة، بدليل أنه لم يفعل أي شيء بعد مرور السنة تقريبا على ذلك، إذ لا شيء يظهر في الأفق.

 

ماذا عن باقي المؤسسات؟

الأمر يتعلق بتاونات التي يتخرج منها 12 ألف طالب تقريبا، تم توفير خمسين هكتارا، والتزمت الجهة بأداء ثلث التكلفة لمشروعين اثنين، حي جامعي وكلية متعددة التخصصات، وأوقف ذلك السيد الوزير المحترم، ونفس الأمر بمدينة صفرو بحي الرشاد، كلية للعلوم التطبيقية التزمت الجهة بالبناء، وبمدينة الحاجب مدرسة وطنية للتجارة والتسيير، وبميدلت التي كان فيها مشروع كلية متعددة التخصصات على وعاء عقاري يقدر بأربعين هكتارا، تم بتنغير، التي كان فيها مشروع ثلاث مؤسسات جامعية على مساحة أربعين هكتارا، تكلفت الجهة بتمويلها كاملة بتكلفة قدرت بثلاثين مليار سنتيم، بمعدل عشرة ملايير لكل مؤسسة.

وفي شيشاوة، مشروع كلية متعددة التخصصات، وهو المشروع ممول من قبل الجهة على مساحة 14 هكتارا، تم بمدينة بركان، وفيها مشروع كلية العلوم المجتمعية، وهو مشروع قطع كل الأشواط القانونية المطلوبة، وتم بناء الكلية بـ 45 قسما من الجيل الجديد، وثمانية مدرجات، وتم اقتطاع جزء منها لصالح مؤسسة قرر الوزير فتحها دون غيرها، كما بمدينة وزان، كان فيها مشروع كلية متعددة التخصصات، خصصت لها الجهة 20 مليون درهم، وهو المشروع الذي توقف، كما بمدينة الشاون، وفيها كلية متعددة التخصصات على مساحة عشرة هكتارات بمنطقة الضرضات، وبمدينة آزرو، مدرسة للمهندسين، وبمدينة بولمان، كلية متعددة التخصصات، وبمدينة الحاجب، مدرسة وطنية للتجارة والتسيير، وبمدينة إفران، مدرسة للرياضة، على مساحة أربع هكتارات، بالإضافة إلى مشاريع أخرى اتخذ السيد الوزير المحترم قراره غير المفهوم وغير المؤسس له والذي يعاكس التوجهات الملكية والمقتضيات الدستورية والقرارات الحكومية والمطالب المجتمعية، بدعوى أن سيادته بصدد التهييء للمخطط المديري، والذي مر على ذكره ما يقارب السنتين.

فعن أي مشروع مجتمعي وعن أي نموذج للجامعة المغربية يتحدث؟ وهو الذي لم يطلق أي مشروع لمؤسسة أو لبرنامج حكومي خاص بالتعليم العالي، باستثناء قراراته المتخذة بسرعة البرق بخصوص مؤسسة للذكاء الاصطناعي والروبوتيك بتارودانت، وأخرى ببركان، وكذا رغبته الملحة في المصادقة على كل مشاريع التعليم الخصوصي، سواء كانت تتوفر فيها الشروط وتحترم القوانين أم لا، الشيء الذي دفع به إلى إصدار مذكرة غريبة عن الأعراف الإدارية والقوانين، يطلب من خلالها من منتخبين عدم الحضور لاجتماع لجنة هم منتخبون فيها حتى لا يعترض أحدهم على رغبته في المصادقة على مشاريع جامعات خاصة.

 

ماذا بخصوص مشروع الوزير الميراوي للإصلاح البيداغوجي؟ 

منذ ما يقارب السنتين، والسيد الوزير المحترم يتحدث عن مشروع إصلاح التعليم العالي تنفيذا للمخطط الوطني لتسريع تحول منظومة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، ونظم مناظرات جهوية امتدت على مدى السنة وزيادة، قدم خلالها معالم مشروع تم إعداده خارج الهياكل الجامعية، ولم يكن يعلم به الأساتذة الباحثون، ولا الإداريون ولا الطلاب، فقد تكلفت «شركة خاصة» بذلك، وتم تداول معطياته في اجتماعات ندوة الرؤساء التي اتخذت قرارا باعتماده ومناقشته في شبكات عمداء العلوم والآداب والقانون والاقتصاد واتخاذ قرارات اعتماده وتبنيه دون سند قانوني، ودون أن يكون لهاته الهيئات مجتمعة الحق في اتخاذ أي قرار فهي مجرد هيئات استشارية وبما أن السيدات والسادة الأساتذة والاداريين والطلاب لم يستشاروا ولم يتداولوا في المشروع داخل مجالس الجامعات والمؤسسات والشعب، فإننا نقول إن مشروع الإصلاح هذا «حياة» بدون روح، وروح كل إصلاح جامعي، هم الأساتذة الباحثون، فعن أي إصلاح يتحدث السيد الوزير المحترم والأساتذة يعبرون صراحة عن رفض المنهجية المعتمدة من قبل الوزارة، ورفض المسارات المفروضة قسرا، والقرارات المتخذة بحذف وحدة بحث التخرج، ومواد أخرى تعد أساس التكوين في تخصصات بعينها من مثل مواد في القانون والجغرافيا وغيرها وتم تعويضها بمواد التفتح والمهارات الناعم منها، والقوي بدعوى تجويد سلك الإجازة بإضافة تخصصات جديدة مع تدريس الذكاء الاصطناعي في جميع التخصصات، والغريب أن الوزارة عوض أن تباشر بداية السنة المشاورات مع المعنيين بالإصلاح أجلت ذلك إلى آخر السنة، حيث الكل منهمك في امتحانات الدورة الربيعية بكل ما يقتضيه ذلك من إجراءات بيداغوجية وإدارية، كما تفاجأ الجميع بسيل من المذكرات الخاصة بطلبات اعتماد وتجديد مسالك التكوين برسم دورة التقييم لهاته السنة وتفعيل الإصلاح البيداغوجي لسلك الاجازة والماستر وغير ذلك وفق «مقتضيات الضوابط البيداغوجية الوطنية الجديدة الخاصة بسلكي الاجازة والماستر»، وهي الضوابط التي لم تصادق عليها الحكومة بعد ولم تنشر في الجريدة الرسمية.

 

ما هي ملاحظاتكم بهذا الخصوص؟

أولا استغرابنا للمنطق المعتمد لدى الوزارة الوصية، والمتمثل في الرغبة في تحويل التعليم العالي إلى مؤسسات للتكوين المهني، وهو ما يطغى على مشروع الهندسة البيداغوجية المنزل من فوق، ونعتقد أن تحويل الجامعة إلى مؤسسات للتكوين المهني، سيفقدها أدوارها الأساسية، لتختلط الأوراق بين أدوار ومهام الجامعة، وأدوار ومهام التكوين المهني.

ثانيا، خطورة إلباس الجامعة المغربية ظاهرة البطالة والعطالة عن العمل، وهذا تحريف لأدوار ومهام منظومة التعليم العالي في كل دول العالم، ثم تعالي أصوات السيدات والسادة الأساتذة الباحثين من خلال بلاغات وبيانات صدرت عنهم باسم المكاتب الجهوية والمحلية للنقابة الوطنية للتعليم العالي، وباسم مجموعة كبيرة من الشعب، وباسم شبكات علوم الجغرافيا وعلم النفس وعلم الاجتماع والتاريخ والرياضيات والكيمياء والفيزياء والفلسفة، وغيرها من التخصصات التي تعد الرحى الأساس في التكوين الجامعي بمختلف تخصصاته فمن سيطبق هذا المشروع المنزل من فوق ومن خارج الجامعات ومن خارج الهياكل وقد «يكون أعد خارج الوزارة»؟

رابعا استغرابنا من كون بعض الرؤساء يحثون عمداء مؤسساتهم على البحث عن من يمكن أن يدرس مواد المهارات، دون توفير شروط ذلك، ولا مواصفاته، وبهاته القرارات سنعيد ما حصل للجامعة المغربية من تخبط، حين قررت الوزارة قبلا الاعتماد على أصحاب الإجازة لتدريس مواد اللغات والتواصل دون تهييء لموقع هؤلاء الإداري والتربوي وغير ذلك.

خامسا، كيف يمكن أن ينطلق هذا المشروع شهر شتنبر، ومؤسسات جامعية بجامعية وجدة مثلا اجتاز طلابها الامتحانات الخريفية في شهر ماي المنصرم، ثم، ماذا وفرت الوزارة من موارد بشرية، ليس فقط للوحدات الجديدة كاللغات والمهارات الحياتية، بل أيضا في مجموعة من التخصصات التي يتقاعد أصحابها بأعداد كبيرة؟، وما هي تكلفة هذا المشروع وميزانيته؟

 

هل حاد الوزير عن تنفيذ مقتضيات القانون الإطار في هذا المشروع؟

فعلا، اعتقادنا أن السيد الوزير المحترم أخطا التقدير في ترتيب الأولويات، ولم يتمكن من استحضارها، تنفيذا لمقتضيات القانون الإطار فقد كان عليه في اعتقادنا المتواضع، من حيث فهم واقع المنظومة من الداخل، وليس قراءتها من خلال بعض المعطيات التي قد تكون غير صحيحة، بالإضافة إلى تكثيف الاجتماعات مع السيدات والسادة الأستاذة الباحثين، عبر مجالس الجامعات والمؤسسات والشعب، واللقاءات المفتوحة معهم، للاستماع مباشرة لأرائهم وللوقوف على الواقع الجامعي، ليس كما ينقله دائما بعض الرؤساء والعمداء والمدراء. ووضع حد للمشاكل والاشكالات التي عرفتها وتعرفها مجموعة كبيرة من المؤسسات الجامعية وغير التابعة للجامعات، بسبب تسلط بعض المسؤولين بها وبسبب عدم قدرة بعضهم على التسيير والتدبير، أو بسبب أخطاء مهنية لبعض مكوناتها، حتى تتم تصفية الأجواء لعمليات التفكير الجدي والموضوعي لتصحيح الأوضاع في المنظومة.

 

ماهي باقي النقاط التي ترون أنها أساسية؟

إنه من الواجب مباشرة الإعداد لمراجعة القانون المنظم للتعليم العالي، زيادة على ملاءمة النصوص المنظمة للتعليم العالي مع مقتضيات القانون الإطار، وإصدار النظام الأساسي الخاص بالأساتذة الباحثين، يكون محفزا وعادلا، تم إرجاع الثقة في الوزارة الوصية، من خلال التدبير الموضوعي القائم قولا وفعلا على مبدأ جلب الكفاءات، وليس الولاءات وفي كل مواقع المسؤولية، وفي هاته الأجواء الجديدة المحفزة، تكون الوزارة الوصية وضعت مشروع الإصلاح البيداغوجي على سكته الصحيحة، وتبدأ أوراشه بإشراك الجميع وبانخراط كما كان قبل العشرين سنة وبالموازاة مع كل ذلك، أن يتابع ويبحث ويعمل على تسهيل وتسريع تشييد مشروعين كبيرين بالرباط، ومراكش، في تامسنا وتامنصورت، منذ سنوات، وضاعت ميزانيات ضخمة في الدراسات والتصاميم، وظل المشروعين لما يقارب الثمان سنوات، دون تقدم يذكر، وبالمناسبة نوجه سؤالا للوزارة، حول مصير المائة وثلاثين هكتارا بتامنصورت، وأين بلغ مشروع «مراكش ثيك»؟، وما مصير الثلاثين مليار سنتيم، مبلغ دعم إحدى الدول، وماذا عن مشروع تامسنا الذي خصصت له ما يقارب العشرين هكتارا، وتم تخصيص دعم من إحدى الدول لإقامته، إضافة طبعا للميزانية الضخمة التي خصصتها الحكومات المتعاقبة لهذين المشروعين، وما مصير الاستوديوهات التي مولها المكتب الشريف للفوسفاط بقدر مالي يفوق ستين مليون درهم؟ ألم يكن السيد الوزير المحترم من الأفضل لتعليمنا العالي السهر على هاته المشاريع، وتدشين أخرى، حتى ننتقل من حالة اللايقين التي عشناها خلال العشر سنوات الماضية وطنيا ودوليا، لنتهيأ وننخرط جميعا في عمليات إصلاح هادئ وواعد، فلا أحد من الأساتذة الباحثين على الإطلاق ضد إصلاح المنظومة.

 

ما هي ملاحظاتكم التقنية بخصوص مشروع الإصلاح؟ 

ونحن نتابع ما يروج في أغلب المواقع الجامعية وداخل شبكات العمداء والمدراء وندوة الرؤساء وما يصدر عن الوزارة الوصية، نسجل وجود مشاكل بالجمل بالمنصة الإلكترونية لملء وتقديم مقترحات لاعتماد برامج جديدة برسم السنة الجامعية 2023-2024، منها أنه لم يتم تقديم أي شروحات عن كيفية ملء الاستمارة/المنصة ولا من سيدرس اللغات الأجنبية أو وحدات القوة.

كما أن الاستمارة الأولية التي أرسلت من طرف الوزارة على شكل «وورد «لا تتطابق كليا مع المحتويات المطلوب ملؤها على المنصة. فقد تفاجأ الأساتذة الباحثون بضرورة جمع وتحرير معلومات إضافية وإدخالها للمنصة، علما أنها لم تدرج في الملف الوصفي الورقي مثل المعلومات الخاصة بكل المتدخلين، المراجع الضرورية لكل وحدة، زيادة إلى مشكلة خلط مفهومي المسار وبرنامج الإجازة وتضارب في المعلومات والمعطيات، والتأخر في تمكين الأساتذة منها وعدم تجانسها في الإبلاغ والتفسير، كما حصل مثلا، أن ما كان يعرف بالإجازة في دراسات معينة وبتخصص أو أكثر في الأسدسين الخامس والسادس قد تغير، وأن التخصص ينطبق على كل المواد من الأسدس الأول إلى الأسدس السادس وبذلك أصبح المسار هو البرنامج وهو التخصص وبذلك يصبح ملء المنصة مرتين بجذع مشترك واحد ضروريا.

زيادة على هذا، فان معلومات العديد من الأساتذة غير محينه، من قبيل الانتماء إلى الجامعة داخل الجامعة والوزارة الشيء، الذي يوجب تحيين المعلومات الخاصة بكل الأساتذة الباحثين الخاصة بالمؤسسات العاملين بها وبأوضاعهم الإدارية من إطار ودرجات ورتب، بالإضافة إلى عدم تمكن الأساتذة الباحثين من تحميل وطبع النسخ النهائية بسبب وجود أعطاب تقنية في المنصة مع أن صيغ «الوورد» لا تتضمن كل المعطيات الموضوعة بها، وذلك عند الانتهاء من إدخال كل المعلومات الخاصة بكل الوحدات وبكل المسارات والتخصصات.

بالإضافة إلى عدم احترام شروط التدرج في بناء المعارف، وعدم تجانس مجموعة من المواد، في بعض التخصصات، وغياب التجانس بين الفصول، وعدم التكامل بين وحدات الفصل الواحد، ناهيك عن عناوين مجموعة من الوحدات ملتبسة وفضفاضة.

لكل هذا، فإن المشروع نعتقد أنه لا يحمل أي جديد يقتضي هاته السرعة غير المبررة وغير المؤسس لها، لأن إعادة توزيع وبرمجة لمواد قديمة بلبوس جديد يفقد أحيانا روح المواد وأساس التخصص، وتنعدم في ظروفه أسباب النجاح لعدم توفر المؤسسات على الموارد الضرورية المطلوبة لنسب التأطير الناتج عن هاته الاختيارات.

 

هل الوضع بالصور القاتمة هاته؟

أبدا ولا ندعي ذلك، إذ أننا نسجل بإيجاب المجهودات الفردية والجماعية من خلال المختبرات والجمعيات العالمة والتي يديرها أساتذة باحثون مختصون في مجالات اشتغالهم، ومهووسون بالبحث العلمي والابتكار وساهرون على جودة التعليم والتأطير الجيد والمسؤول لطلابهم، ويوثرون الحياة العلمية على حياتهم الشخصية، كل هؤلاء نجدهم مسنودون من طرف بعض الرؤساء والعمداء والمدراء، وهذا لعمري ما يجعل بعض الجامعات والمؤسسات تتميز عن مثيلاتها، لكن هناك البعض الآخر من المسؤولين رؤساء وعمداء ومدراء لا علاقة لهم لا بالجامعة ولا بالمؤسسات، ولا بمجالات البحث العلمي والابتكار، فتجدهم تحولوا إلى بنائين ومهندسي الداخل والخارج وعارفين بنوع التجهيزات والمأكولات وغير ذلك وهم بذلك يسيؤون للمهنة وللجسم الجامعي وللجامعة والوطن. مع كل أسف قد يكونوا قلة لكنهم تحملوا ويتحملون مسؤولية التدبير اليوم، فماذا ننتظر من مثل هؤلاء، وها هي أوضاع تسائل القائمين على تدبير القطاع بكامله وتسائل من كان وراء تعيين مثل هؤلاء في مواقع حساسة من المسؤولية ويستمر ذلك بتجليات مفضوحة. فالتعليم العالي يجب أن يكون قاطرة حقيقية وفعلية للتنمية بكل أنواعها، ومستوياتها وهو ليس ترفا بل إنه المشتل الحقيقي لتكوين النخب، وتأطير الطلاب، وتفجير قدرات الإبداع لديهم والتفكير وأسس النظر وإعادة النظر بالعقل والمنطق، فأين نحن من كل هذا في أغلب جامعاتنا ومؤسساتنا؟.

 

ما الذي يتطلبه الأمر في اعتقادكم؟

إن الأمر يتطلب قيادة عاقلة ومتزنة وموضوعية للقطاع، وبفضل طاقات وإمكانات الأساتذة الباحثين، والطلاب المغاربة، والذين يشتغلون في ظروف أحيانا تكون قاسية، وبمساطر مالية معقدة توحي بانعدام الثقة في مدبري الشعب والمختبرات غير المجهزة في مجموعة منها، والتعامل الاداري الضيق مع الأستاذ الباحث، غير المجدي وغير المشجع، وكذلك اعتماد المغرب لعقود من الزمن على اللغة الفرنسية في كل المستويات، جعلنا اليوم من ضحاياها في زمن تعد اللغة الانجليزية لغة العلم، وبعدها الاسبانية، نظرا لتقدم حركة الترجمة وانتشارها في مجموعة من القارات، ثم اللغة الصينية، ينضاف إلى كل هذا عدم تحسن الوضعية المادية والمهنية للأساتذة الباحثين، والتي جمدت لسنوات فتجمدت وضعيات الاغلبية الساحقة منهم كما أن الظروف الاجتماعية لأغلب طلابنا غير مساعدة اجتماعيا وترفيهيا.

 

كيف يمكن أن ننافس للحصول على مراتب متقدمة في ترتيب الجامعات الدولي وكيف يمكن النهوض بالبحث العلمي في النموذج التنموي؟

إذا استحضرنا ما اطلعنا عليه من نتائج الاستشارات والجولات والدراسات الصادرة عن لجنة تقرير النموذج التنموي، والتي تحولت في أجزاء كثيرة منها إلى برنامج حكومي يهدف إلى جعل المغرب قطبا في القارة الإفريقية، فالجواب بإيلاء أهمية كبرى للموارد البشرية، من خلال التحفيز والمكافأة وتوفير الظروف الملائمة للبحث والتفكير وعدم تهميش العلوم الانسانية والاجتماعية، والاسراع بتفعيل مقتضيات القانون الاطار ومراجعة القانون 01.00 وضمان الاستقلالية الفعلية والحقيقية للجامعات والمؤسسات ومراجعة مساطر التعيين في المسؤوليات وتبسيط المساطر المالية وغيرها من الاجراءات والقرارات.

 

هل يسير إصلاح التعليم العالي بسرعتين؟ 

يسير بأكثر من سرعة – سرعة من خارج الوزارة، وسرعة من داخلها وسرعة من داخل كل جامعة وكل مؤسسة وكل شعبة وكل مختبر والغائب في كل ذلك هو التجانس في المسار والحاضر هو الحديث بلغة هي من لغتنا غريبة عن مجتمعنا وذلك ما يتسبب في ضياع الطاقات، وهدر الاموال والزمان، فكم ضيعنا من فرص لتجويد منظومتنا التربوية، وتسبب بعض القائمين على تدبير القطاع وطنيا وجهويا ومحليا في ضياع قدرات أساتذة أجلاء، وطلاب مبدعين مجتهدين طموحين بسبب نزوات ذاتية شخصية لا تمت للعلم والمعرفة والوطنية بصلة فهذا يرفض التمديد لهذا لأنه منزعج منه ومن قدراته وعطاءاته، وهذا يدفع بهذا لمناصب المسؤولية رغم إدراكه بانه لا يستحقها وأنه غير قادر على تحملها، لكنه يختار فيه الجوانب الضعيفة في شخصه، ويختار فيه استعداده للقيام بادوار ومهام غريبة عن التعليم الجامعي.

إنه العبث الذي صار يأخذ حيزا كبيرا في منظومتنا الجامعية، من باب التعيينات القائمة على الولاءات بمختلف تجلياتها والهادفة إلى ترسيخ وظائف «السخرة» مع كل أسف.

لذلك وباقتناع كبير أناشد القائمين على أمر منظومتنا الجامعية، ودرءا للمزيد من الانحرافات، وبغية تحصين جامعاتنا من كل «لعب ولهو»، وتصفية حسابات ذاتية على حساب المصالح الفضلى للوطن، بوضع حد لسياسة الضرب تحت الحزام و»تنصيب ما يشبه المخبر هنا وهناك، وأوجه نداء إلى عقلاء وحكماء الوطن بالتراجع عن تعيينات الرؤساء في المجالس الحكومية، ونقلها للمجلس الوزاري، لأنه وحسب تجربتي المتواضعة، لم يبلغ بعض مسؤولينا درجات عالية من الوعي بالمسؤولية بحس وطني كامل، والدليل ما نتابعه من عبث ومن قرارات تدعو للاستغراب، وتقوم على المزاجية والذاتية حتى يوحي لك ذلك بأن المسؤول هنا مجرد عابر في مهامه.

 

 

ما هي خلفيات تلكؤ الوزارة في إخراج مشروع النظام الأساسي للأساتذة الباحثين؟

في اعتقادنا المتواضع الوزارة ترهن مشروع النظام الأساسي وتعطل صدوره إلى حين البدء في مشروع الاصلاح « الميراوي»، وهو لعمري تصرف غير مفهوم، فمحضر الاتفاق وقع تحت إشراف السيد رئيس الحكومة منذ الأسبوع الثالث من أكتوبر الماضي بين القطاعات الوزارية المعنية والنقابة الوطنية للتعليم العالي، والذي يثير الاستغراب – من موقعي كاتبا عاما سابقا لهذا الاطار الوطني الذي يجمع الاساتذة الباحثين على الاختلاف والاتفاق – هو عدم عقد أي اجتماع بين المكتب الوطني للنقابة والسيد الوزير المحترم، فكيف يجوز أن ندبر أمور وقضايا التعليم العالي ببلادنا دون عقد أي لقاء بين الوزير والجهاز الوطني مدة سنة جامعية كاملة في ظل « الأوراش المفتوحة في مكاتب مغلقة».

واسمح لي أن أخبر الرأي العام الجامعي بأني اتحفظ على مجموعة من مواد مشروع النظام الاساسي المتفق عليه، واحتفظ لنفسي باسم المرصد الوطني لمنظومة التربية والتكوين بحق تفكيكه، ولن أفعل ذلك الآن احتراما للأجهزة النقابية الوطنية، وفي المقابل ادعوها لاستدراك ما يمكن استدراكه، فهذا المشروع سيرهن أجيالا قادمة بظروف صعبة وبمسارات غير مهيكلة.

أؤكد على أننا استبشرنا خيرا بالتقرير النموذجي وبالبرنامج الحكومي خصوصا في شق منظومة التربية والتكوين، لكن مع كل أسف، وبعد مرور ما يقارب السنتين، لم نلمس بعد العلاج بالصدمات والحل الجذري للملفات، والتسوية النهائية للمطروح من المشاكل، بل لمسنا لدى البعض اختيار تدبير الشأن العام بتصفية الحسابات، والعودة للماضي، لإثبات الذات وغض الطرف عما تعرفه مجموعة من المؤسسات من مشاكل تتراكم يوما عن يوم، وتزداد تعقيدا بسبب الحماية التي قد تكون عند البعض، كل هذا يقع في الوقت الذي تخصص فيه الحكومة ميزانيات غير مسبوقة للمنظومة، وهنا وجب التذكير بأن هاته القطاعات لا تحتاج مزيدا من الأموال، فقط بل تحتاج لقرارات موضوعية صارمة تجاه كل مسؤول مركزيا كان أم جهويا، أم محليا، كما أنها تحتاج لمن تكون سيارته مكتبا متنقلا بين الجامعات والمؤسسات، ليس مكتبا مكيفا، ولا تحتاج لدراسات ومناظرات قد تكون تبرر المصاريف والتنقلات وأشياء أخرى، لأن المنظومة قتلناها بالدرس والتحليل والآراء الوطنية والدولية، كما تحتاج لمن يثقن فن الانصات والاستماع واستيعاب المنظومة بكل مكوناتها ومستوياتها، ولمن كبر في أحضان المنظومة على أرض مغربية فعمليات «الاستيراد « ليست صالحة دائما للشعب المغربي، قد تصلح مرات عديدة في التكنولوجيا والتجهيزات، وأما المسؤولون فنعتقد أن العملية صلحت مرة وفسدت مرات عديدة، ولنا أمثلة عن ذلك سنعود إليها بالتفصيل.

لكل ذلك نرجو أن ينتبه القائمون على أمر قضايا التربية والتكوين إلى خطورة بعض القرارات التي يتم الإعداد لها على نار هادئة لكنها ستكون حارقة.

 

في سطور

 

محمد الدرويش

– أستاذ التعليم العالي تخصص لسانيات كلية الآداب والعلوم الانسانية بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة قبلا ثم جامعة محمد الخامس بالرباط

– الكاتب العام السابق للنقابة الوطنية للتعليم العالي

– عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية

– رئيس المرصد الوطني لمنظومة التربية والتكوين

– رئيس مؤسسة فكر للتنمية والثقافة والعلوم

– رئيس اتحاد نقابات التعليم العالي بالدول المغاربية

– مؤطر وطني ودولي في مجال الطفولة والشباب

– له عدة إصدارات من كتب ومقالات في مجالات التخصص والاهتمام والانشغالات المجتمعية.

 

 

 

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. فعلا ذ. نعينيعة اشاطرك الرئي:
    تبّا للقانون 00-01 الذي فتح باب الترشيح أمام من هبّ ودبّ ليصبح رئيسا أوعميدا أو مديرا… وتبّا لهذا الزمن، زمن الرداءة والتفاهة.

  2. لقد اصبت وقلت ما يمكن استنتاجه من الوضع الحالي في مقلك، حيت يختصر في ما قلته وبوضوح:

    لكن هناك البعض الآخر من المسؤولين رؤساء وعمداء ومدراء لا علاقة لهم لا بالجامعة ولا بالمؤسسات، ولا بمجالات البحث العلمي والابتكار، فتجدهم تحولوا إلى بنائين ومهندسي الداخل والخارج وعارفين بنوع التجهيزات والمأكولات وغير ذلك وهم بذلك يسيؤون للمهنة وللجسم الجامعي وللجامعة والوطن. مع كل أسف قد يكونوا قلة لكنهم تحملوا ويتحملون مسؤولية التدبير اليوم، فماذا ننتظر من مثل هؤلاء، وها هي أوضاع تسائل القائمين على تدبير القطاع بكامله وتسائل من كان وراء تعيين مثل هؤلاء في مواقع حساسة من المسؤولية ويستمر ذلك بتجليات مفضوحة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى