حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرأي

مسرحية انتخابية فاشلة

حسام كنفاني

يبدو أن رئيس النظام السوري، بشار الأسد، يصدق فعلا أنه نجح في انتخابات رئاسية حقيقية بنسبة 95 في المائة، ليخرج بخطاب «نصر» إلى المواطنين، أو من تبقى منهم، ويقدم الوعود في مواجهة التحديات، على الرغم من أنه كان من المفترض أن تقال هذه الوعود في الحملات الانتخابية، والتي لم تحصل لا لـ«الرئيس المنتخب»، ولا لمنافسيه الصوريين اللذين كانا الكومبارس في مسرحية فاشلة بكل المقاييس. ولعل الأرقام التي أعلن عنها النظام بعد نهاية «الانتخابات» تشير إلى هذا الفشل، إذ لم يتوان الأخير عن نشر عدد المقترعين في هذه الانتخابات، والذي قال إنه كان 14 مليونا، أي كل المسجلين في قوائم الذين يحق لهم الاقتراع في مناطق سيطرة النظام وخارجه، على الرغم من أنه يعلم أن نحو نصف سوريا خارج سيطرته، سواء في الشمال، حيث مناطق المعارضة والنفوذ التركي، أو في الجنوب، حيث النفوذ الروسي والذي لم يفلح في دفع أهل درعا إلى الانتخاب، بل لم يتمكن من منع تجدد تظاهراتهم الرافضة لحكم الأسد.
أصر الأسد على المضي في فصول المسرحية، محاولا إضفاء طابع كوميدي سمج عليها، حين تطرق إلى الثورة في «خطاب النصر»، ووصف الثورة السورية بأنها «ثورة ثيران». وهي سماجة معتادة في خطابات الأسد أو مقابلاته، على الرغم من أنه معروف من لعب دور «الثور في متجر الخزف» في حال الثورة السورية، ومن دمر المدن فوق رؤوس أبنائها بالبراميل المتفجرة، ومن اعتقل مئات الآلاف وقتل مثلهم وهجر الملايين إلى خارج البلاد.
فصول المسرحية الفاشلة أكملت بمشاهد التصويت الإجباري في مراكز الاقتراع، واقتراع رؤساء الأقلام نيابة عن المواطنين، الحاضرين والغائبين، إضافة إلى عشرات المشاهد المصورة لابتزاز المواطنين للذهاب إلى مراكز الاقتراع أو الرقص الاحتفالي، الصوري أيضا، بهذا «العرس الديمقراطي»، والذي لم يخجل وزير خارجية النظام، فيصل المقداد، باعتباره «أفضل من الانتخابات الأمريكية».
وبعيدا عن الأرقام والمشاهد المستفزة، لعل المظهر الأبرز للفشل في هذه الانتخابات هو أن الأسد لا يزال يصدق أنه رئيس لسوريا. فمن المعلوم أنه في ظل الوجود الروسي والإيراني، وهو ما أبقى الأسد في منصبه، لم يعد رئيس النظام السوري قادرا على أخذ قرار حاسم داخل البلاد، فالقرار في مستقبل سوريا يحسمه الروس بشكل أساسي، وهو ما تظهره معطيات الحكم من قاعدة حميميم، والتي استضافت الأسد بشكل مهين خلال زيارة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إلى سوريا.
مع ذلك، كان الروس حريصين على المضي في هذه المسرحية، وعملوا جاهدين لإنجاحها، إذ لا يزال التعامل الروسي مع النظام السوري قائما على اعتبار أن سوريا دولة مستقلة ذات سيادة، على الرغم من أنه خسر كل هذه السيادة لصالح حليفيه، الإيراني والروسي، فلا قرار سوريا فعليا يمكن أن يتخذه نظام الأسد من دون الرجوع إلى هذين الحليفين، وروسيا بشكل أساسي، فنظام الأسد تحول خلال السنوات الأخيرة، إلى ما يشبه الإدارة البلدية المعطاة صلاحيات إدارة الحياة اليومية للمواطنين السوريين الذين يعيشون ضمن مناطق سيطرتها، لا أكثر ولا أقل. ولهذا كان لقب «مختار المهاجرين» يطلق على رأس النظام، في إشارة إلى حدود الصلاحيات الممنوحة له من قبل حليفيه.
حتى قرار الانتخابات كان قرارا روسيا، لم يكن للأسد أن يجريها لو لم تقبل موسكو، فهذه تريد بهذا المشهد تأكيد أنها الحاكم الفعلي في الملف السوري، ولا أهمية لكل المسارات التفاوضية التي تعمل على حل الأزمة السورية، وأن لا لجنة صياغة دستور أو غيرها من شأنها أن تطيح بالأسد من دون مراضاة روسيا.
معطيات لا شك في أن الأسد يعلمها مع المحيطين به، ومع ذلك ها هو يحتفل بـ«نصر» الاحتفاظ بقصر المهاجرين.

قرار الانتخابات كان قرارا روسيا، لم يكن للأسد أن يجريها لو لم تقبل موسكو، فهذه تريد بهذا المشهد تأكيد أنها الحاكم الفعلي في الملف السوري

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى