
تراهن وزارة التربية الوطنية على البرنامج الحكومي «أوراش» لتعميم الدعم التربوي، حيث تجري اجتماعات مطولة يحضرها ممثلون عن ديوان الوزير شكيب بنموسى وممثلون عن الإدارة، وأيضا بعض الجمعيات المدنية المشتغلة في مجال التعليم، قصد وضع برامج محلية، بالتنسيق مع وزارة الداخلية، يتم فيها تكوين المستفيدين من هذا البرنامج، وتمكينهم من الوسائل المناسبة للشروع في تقديم دروس الدعم التربوي لفائدة أطفال الهشاشة. بالموازاة مع هذا تتنافس المئات من الجمعيات، بعضها ذات انتشار وطني، في الحصول على نصيبها من كعكة المليار درهم لكون أكثر من نصف المشاريع التي تم قبولها ضمن هذا البرنامج تنتمي للتعليم.
كعكة الدعم التربوي
أسالت الميزانية الضخمة المخصصة لبرنامج «أوراش» في قطاع التعليم لعاب المئات من الجمعيات، سواء المتخصصة في التربية أو المتخصصة في مجالات قريبة، على غرار الثقافة والتنشيط، والشباب ومحاربة الأمية. وعلى رأس هذه التنظيمات المدنية توجد جمعيات وطنية نافذة جدا سبق لها أن استفادت من مشاريع كثيرة متعلقة بالتعليم، منها مشاريع سابقة متعلقة بالدعم التربوي، ومنها مشاريع متعلقة بالتعليم الأولي.
وتراهن الحكومة على برنامج أوراش، الذي يتم تصنيفه ضمن «الأشغال العامة المؤقتة»، للتخفيف من آثار جائحة كورونا على الشباب، حيث تتحمل الدولة المصاريف المتعلقة بالأجر وحصة المشغل والتأمين عَنْ حوادث الشغل بِالنِسْبَةِ للتغطية الاجتماعية. وسيمكّن البرنامج المستفيدين من أوراش لدعم الإدماج المستدام من إدماج لمدة لَا تقل عَنْ 24 شهرا مَعَ دخل لَا يقل عَنْ الحد الأدنى للأجر، والاستفادة من التغطية الاجتماعية بِمَا فِيهَا التعويضات العائلية وفق القوانين والأنظمة الجاري بِهَا العمل، واكتساب تجربة مهنية، كَمَا ستمنح الدولة للمشغلين منحة للتحفيز عَلَى التشغيل فِي حدود مبلغ 1500 درهم شهريا لمدة 18 شهرا لِكُلِّ مستفيد.
وكثفت الجمعيات ذات الامتداد الوطني، والتي لأصحابها علاقات ممتدة في قطاعات عمومية ذات الصلة بهذا البرنامج، اتصالاتها مع رؤساء الشؤون الاجتماعية في العمالات ومديري الأكاديميات الجهوية والمديرين الإقليميين، للحصول على أكبر عدد ممكن من المستفيدين، عبر تنصيب نفسها طرفا مُشغلا.
ويندرج برنامج أوراش فِي إِطَارِ تنزيل البرنامج الحكومي 2021-2026، فِيمَا يهم مُوَاكَبَة الأشخاص الذِينَ فقدوا عملهم ويجدون صعوبة فِي الوُلُوج لفرص الشغل، وَذَلِكَ عبر شراكة تَشْمَلُ القطاعات الوزارية والمؤسسات العمومية والسلطات المحلية والجماعات الترابية، وَكَذَا جمعيات المجتمع المدني والتعاونيات المحلية، بالإِضَافَةِ إِلَى مقاولات القطاع الخاص. ويَتكون البرنامج من شقين، الأول يَتَعَلَّقُ بأوراش عامة مؤقتة لحوالي 6 أشهر فِي المتوسط، فِيمَا يَتَعَلَّقُ الشق الثاني بأوراش لدعم الإدماج المستدام.
الدعم التربوي المؤقت.. هل هو الحل؟
المتتبع للشأن التعليمي التربوي بالمغرب، في الآونة الأخيرة، سيدرك بشكل جلي تركيز الوزارة الوصية وتأكيدها على ضرورة اعتماد خطط داعمة داخل المدرسة المغربية ابتداء من شهر مارس 2022، خصوصا مع الإفصاح عن المخططات الجهوية للدعم التربوي وتنزيل برنامج أوراش بقطاع التربية الوطنية بصدور المذكرة الوزارية 07/2022 بتاريخ 25 يناير 2022. هذا التنزيل واعتماد خطط جهوية لتوفير اعتمادات مالية مهمة لدعم تعلمات المتعلمين والمتعلمات بالمغرب، نجده هذه المرة غير مقترن بأي تقويم سابق للتعلمات والمكتسبات.
في هذا السياق أفاد شكيب بنموسى، وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، بأن خدمة الدعم التربوي تأتي في إطار برنامج أوراش، ولن يتم بها تعويض تعليم التلاميذ داخل الأقسام.
وأضاف بنموسى أن خدمة الدعم التربوي ليست سوى دعم إضافي يتم القيام به من قبل الوزارة بشراكة مع مجموعة من الجمعيات التي تمكنها الاستفادة من جميع الإمكانيات التي تتيحها البرامج الحكومية، ومنها برنامج «أوراش»، لتَوسيع مجال الدعم التربوي الذي «يُساعد الأسر المغربية على استفادة أبنائها من خدمة الدعم التربوي»، يقول بنموسى. وتابع الوزير أن «الاستفادة من هذا البرنامج الحكومي ليست عيبا بل ينبغي الدفاع عن ذلك، في أفق تحسين الدعم التربوي وتأطيره في ارتباط بالنتائج المحصل عليها من قبل التلاميذ داخل الأقسام».
ويرجح مهتمون بالشأن التربوي الفرضية الأقوى لتفسير ما يتم تنزيله بالرغبة في تدارك النقص الكبير في تنفيذ البرامج الدراسية جراء احتجاجات الأساتذة، وبشكل واضح أطر الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، ومعالجة الأمر قبل الوصول للامتحانات الإشهادية التي ترسم نتائجها صورة واضحة لمدى نجاح النظام التعليمي في تنفيذ السياسة التربوية بالمغرب وبلوغ الأهداف المسطرة. ويتضح ذلك من خلال: تنزيل الدعم التربوي الحالي: قصدية الاقتران باحتجاجات الأساتذة. وهو ما يعني أن تنفيذ البرنامج ساهم بشكل كبير في إنقاذ السنة الدراسية، خصوصا وأن احتجاجات أطر الأكاديميات امتدت لأسابيع مست في الصميم المسار الدراسي لعشرات الآلاف من المتعلمين.
من جهة أخرى، ينتقد خبراء في التربية هذا البرنامج لكون عملية الدعم التربوي لا يمكن عزلها عن عمليتي التدريس والتقويم. هذا من الناحية التربوية، لكن من الناحية التدبيرية، فإن الخبراء أنفسهم يخشون من تكرار تجربة «استخدام» المربيات في التعليم الأولي من طرف الجمعيات المستفيدة من هذه المشاريع، حيث استغلال الهشاشة الاجتماعية والحاجة للشغل لمراكمة أموال طائلة في جيوب أصحاب الجمعيات.
////////////////////////////////////////////////////////////////////////
لماذا كلما ظهر جديد على مستوى تكنولوجيا الإعلام والتواصل أو غزت السوق ابتكارات رقمية متطورة، ترى البعض يقبلون عليها معددين فوائدها وآثارها الإيجابية التي لم تظهر بعد ومقدمينها على أنها المنقذ والمخلص لمشاكل المنظومة التعليمية البيداغوجية بالتحديد، كما لو أن الأداة التقنية لها قدرات خارقة على تدبير صعوبات التعليم والتعلم؟
محمد طويل/مفتش ممتاز وباحث في التربية
نظام التقويم الإشهادي وتقويم المهارات التجريبية
التجهيزات التقنية لم تحدث التغيير المأمول في التدريس
نافذة: نشهد كائنا تكنولوجيا جديدا عالي التقنية يحاول المعجبون به وغيرهم من المواكبين لكل جديد تكنولوجي إقحامه بميدان التعليم عنوة
سؤال أطرحه وأنا أعود بذاكرتي لحوالي ثلاثين سنة خلت عندما ظهر التجريب المدعم بالحاسوب في تدريس العلوم في بعض مؤسسات تكوين الأطر التربوية، وكان يقدم لمن عاصروا وعاشوا التجربة كمتدربين كبديل مخلص من كل مشاكل تدريس المواد ذات الطابع التجريبي وغيرها من المواد الدراسية، مخلص ومنقذ من الماسح الضوئي والصورة الفوتوغرافية وما يتطلبه تظهيرها من عمليات تقنية معقدة وجهاز العرض العاكس ومصباحه الباهت، وأوراقه الشفافة وما تتطلبه من دقة في الرسم والتقطيع والتركيب من أجل إضفاء التدرج والدينامية اللازمة للنشاط التعليمي التعلمي انسجاما مع طرائق إعادة الاكتشاف الشهيرة، مخلص لم يغادر قاعات التجريب القليلة بل تلاشى بسرعة كبيرة لتظل الأنشطة التجريبية تنجز وفق النمط المعتاد باستعمال الوسائل الديداكتيكية الحقيقية المتاحة أمام التقادم المتواصل لها.
ثم بعد سنوات من ذلك تقتحم الساحة التعليمية تجهيزات تقنية أخرى تحت مسمى التجديد، وفي إطار مشاريع خاصة أريد بها ولها مسايرة مستجدات العصر ومواكبة التطور التقني الحاصل، وفق المقاربة نفسها المتمحورة حول إدماج التكنولوجيات الحديثة في التعليم، مع تطور أكبر في الوسائل التقنية، لتظهر الوسائط المتنوعة الأشكال والأحجام والوظائف ومعها المجسات واللواقط للكثير من المقادير الفيزيائية والكيميائية وبرانم المعالجة والمسطحات، لكن دون أن يحدث ذلك التغيير المأمول في تدريس هذه المواد.
فقد ظلت الممارسة هي نفسها بل تراجعت عن تحقيق أهداف ظلت مطمحا لكل مدرسي العلوم، بفعل نقص المعدات أحيانا وتقادمها أحيانا أخرى وبفعل نقص المواكبة للمستجدات ذات الصلة تكوينا وتأطيرا من أجل تسهيل إدماج هذه التقنيات وتعميمها وحسن توظيفها، وأيضا، وهذا جد مهم، بفعل نظام التقويم الإشهادي المعتمد الذي لم يستطع، بالرغم من النداءات المتكررة، إدراج تقويم المهارات التجريبية، ليظل المدرسون المقتنعون بأهمية التدريس بالأنشطة متمسكين بضوابط العمل التجريبي وقواعده المعروفة وصعوباته التقنية والبيداغوجية المفيدة، يحذوهم أمل الحفاظ على الطابع التجريبي المميز لموادهم الدراسية، بينما حصل انتقال لدى آخرين، وفي مواد دراسية أخرى، وفي مختلف المستويات والأسلاك، نحو استعمال أجهزة العرض واستغلال بعض المتحركات والأشرطة ووسائل التواصل والبرانم المؤسساتية وحتى غير المؤسساتية، ليتحول الاهتمام، تدريجيا، بضرورة توفير أجهزة العرض وتثبيتها في قاعات الدروس أكثر من الاهتمام بالعمل التجريبي الحقيقي وصعوباته، ليتطور الأمر بعدها إلى الحديث عن الأقسام الرقمية والأقسام الافتراضية والأقسام المعكوسة والتعليم الهجين وأنظمة تدبير التعلمات… وغيرها من الوسائل التقنية والوسائط، خاصة مع انتشار وباء كوفيد 19 وما صاحبه من مبادرات مؤسساتية للتعليم عن بعد على صعيد مدارس العالم، لكن في دوائر جد محدودة من الممارسين لأسباب لا يسع المجال هنا لذكرها.
وها نحن اليوم نشهد كائنا تكنولوجيا جديدا عالي التقنية ينظر إليه على أنه مستقبل العالم الرقمي القادم، يحاول المعجبون به وغيرهم من المهتمين ومن المواكبين لكل جديد تكنولوجي، إقحامه بميدان التعليم عنوة، تارة بمبرر المواكبة للتطور التكنولوجي الحاصل وتارة لفوائده المرتقبة على فعل التعليم والتعلم، كما حصل مع ما سبقه من التقنيات.
السؤال الأبرز الذي يتبادر إلى الذهن، وأنا أتأمل ما يتم التسويق له، وأخذا بعين الاعتبار التجارب السابقة لإدماج التكنولوجيا في التعليم، هو كم نظارة يحتاج أطفال العالم لإدماج الميتافيرس في التعليم بعد أن كان السؤال متمحورا حول كم مسلاطا وبرناما ووسيطا وحاسوبا تحتاج المدارس لإدماج التكنولوجيا الجديدة في التعليم؟ وما الكلفة مقابل ما يمكن أن يتحقق من أهداف؟ وأي أهداف ونحن نعلم أن مشاهدة فيديو شيء وتحليل محتواه شيء آخر يحتاج لنظرة ثاقبة أكثر منه لنظارات meta أو غيرها من النظارات التي تطرحها الشركات المصنعة يوميا في السوق العالمية بدافع تجاري أساسا؟
الميتافيرس كائن تكنولوجي جديد يغذيه الذكاء الاصطناعي الذي جاوز، بالمناسبة، السبعين سنة منذ ظهوره، ويعتبره البعض المرحلة القادمة في العالم الرقمي والثورة الرقمية الجديدة، لكن هل يكفي، حسب هؤلاء، خلق هذا العالم الافتراضي وتصنيع الادوات التقنية الضرورية لولوجه، وهم يعتبرونه أكثر من حقيقة افتراضية، يشكل الذكاء الاصطناعي جزءا مهما منها؟
الذكاء البشري الحقيقي هو ما يخلق الذكاء الاصطناعي وليس العكس، فقد نستطيع أن نسوق للعالم الافتراضي كما نشاء ونبهر كل متردد بما يمكن أن يقدمه من خدمات افتراضية، وقد يستطيع من ولجه تصديرها للواقع الحقيقي بشكل من الأشكال، وقد نستطيع أيضا جلب التجهيزات المناسبة لولوجه، لكن مع كل هذا يبقى الذكاء البشري المدخل الأساس، ففي النهاية لا فائدة من ذكاء اصطناعي يغذي الذكاء البشري الذي لا يمتلك أدوات التحليل والخلق والإبداع والنقد وحل المشكلات؛ فقد يتعود هذا الأخير على استهلاك كل ما يتاح له دون ممارسة أي فكر نقدي عليه ودون امتلاك أدوات التقصي المناسبة، فيتقهقر فكريا أكثر مما هو عليه ويفقد أي مبادرة ترتقي به للريادة الفكرية والمساهمة في اقتصاد المعرفة، كما لا فائدة من عالم افتراضي وذكاء اصطناعي لا فكرة لكل مقبل عليه ومستهلك لما يقدمه بكيف تم بناء فكر من قاموا ببنائه!
عالم افتراضي يتغير ما بين الصباح والمساء، تتغير مواقف الناس تجاهه، يصفونه بالمخلص تارة وبالمهلك تارة أخرى . يقدمونه خادما طيعا مساعدا ساعة الصباح وعكس ذلك ساعة المساء!
///////////////////////////////////////////////////////////////////////
متفرقات:
ندوة حول اضطرابات التعلم بمركز التكوين بالقنيطرة
نظم فريق العلوم والتجديد الديداكتيكي بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بالقنيطرة، يوم السبت 13 ما ي الجاري، بشراكة مع «الجمعية المغربية للدسليكيا»، يوما دراسيا حول اضطرابات التعلم عند الطفل وأثر ذلك على التعلم. وساهم في تنشيط هذا اللقاء العديد من الأطر المختصة في كل أنواع الاختلالات الوظيفية المرتبطة بالقراءة أو الحساب أو الحركة، حيث تميز اللقاء بتقديم عروض تأطيرية من أجل التعريف بمختلف هذه الاختلالات الوظيفية وكيفية التمييز بينها. ونظرا للأهمية البالغة لموضوع اليوم الدراسي، فإن البرنامج عرف كذلك تنشيط ورشات استفاد منها الأساتذة المتدربون بالمركز تم من خلال التعامل عن قرب مع بعض وضعيات هذه الاختلالات الوظيفية والتي قد تكون سببا في تعثر الاكتساب لدى الطفل المصاب بأحد هذه الاضطرابات. وتأتي أهمية هذا اليوم الدراسي من كونه يقارب مجالا يعتبر من المداخل الأساسية لإدماج فئة من الأطفال في جو من التعلم العادي.
شراكة بين جامعات المغرب والأندلس
في إطار تعزيز الشراكة العلمية والأكاديمية والثقافية بين المغرب وإسبانيا، وتوطيد علاقات التعاون بين الجامعات المغربية وجامعات جهة الأندلس، احتضن مقر جامعة الأندلس الدولية بإشبيلية اجتماعا أكاديميا بين الجامعة الإسبانية والأمانة العامة للجامعات بحكومة الأندلس وجامعة محمد السادس متعددة التخصصات ومجلس الجالية المغربية بالخارج. وانتهى هذا اللقاء باتفاق الجانبين المغربي والإسباني على وضع إطار عام للاشتغال وآليات عملية مشتركة في أقرب الآجال، وعقد اجتماع في المغرب في الخريف المقبل لرؤساء الجامعات المغربية والأندلسية لتفعيل هذا التعاون وكذلك تنظيم ندوة للخبراء من جامعات البلدين. وعرف هذا اللقاء، أيضا، حضور كل من مندوب عميد جامعة إشبيلية دولوريس لوبيز إينامورادو، ونائب عميد جامعة اشبيلية الدولية أرتورو تشيكا بيريز، وحسن بلعربي، الأستاذ بجامعة ألميرية، وخالد بادو مستشار رئيس جامعة محمد السادس متعددة التخصصات، ومحمد بنصالح ومحمد الصيباري مكلفان بمهام بمجلس الجالية المغربية بالخارج.





