حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

المعركة الحقيقية

وليد عثمان

 

قد يبدو للبعض أن المعركة الواضحة والمباشرة هي بين إسرائيل وحركة حماس على أرض غزة، ومنها تتفرع التفاصيل الدامية التي يتابعها العالم منذ نحو عامين، لكن ذلك ليس حقيقيا.

مهمةٌ هي كل التفاصيل المتعلقة بمأساة غزة، وفي قلبها ما أصاب سكانها ولا يزال يستهدف حياتهم ويصر على محو جغرافيتهم والتبشير ببديل لها يعرف الجميع، إلا المدافعين عنه، أنه ضد حركة التاريخ، ولن ينبني عليه أي استقرار أو أمل أو أمن في المنطقة ولا العالم.

وبالإضافة إلى التفاصيل المهمة المتعلقة بأعداد المصابين والقتلى والجوعى والمشردين أبطال مأساة غزة، وكل العنف الذي يطاردهم، هناك معانٍ أشمل في مقدمتها العجز الذي أصاب المنظمات الدولية وجعل يدها مغلولة عن نصرة القطاع وأهله، رغم الاتفاق على أنهما أصبحا عنوان وصمة عار في جبين الإنسانية.

المعركة الحقيقية هي بين إسرائيل ومن يساندها من جهة، والنظام الدولي من ناحية أخرى. كل يوم تترسخ الأدلة على أن هذا النظام أصبح مختلا غير قادر على إنفاذ قوانينه وشرائعه في وجه مجموعة تسيطر على القرار الإسرائيلي وتتصرف، محمية بالولايات المتحدة الأمريكية، من دون أن تقيم وزنا لأي شيء، أو أن تنصت إلى التحذيرات من عواقب ما تشيعه في المنطقة والعالم من فوضى.

إن هذه المجموعة ترى نفسها أكبر من العالم ومؤسساته، وبالتالي لا أفق لغطرستها وتطرفها اللذين قد يخدعانها في ظرف ما يشعرها بالنشوة، لكنهما لن يضمنا لها ولمن يخلفها الاستمرار على النحو الذي تتوهمه.

سوابق الخروج الإسرائيلي على القانون الدولي منذ بدأت القضية الفلسطينية لا تحصى، وأمكنها التفلت من عواقبها مرات، وفي مرات أخرى انحنت مؤقتا لعواصف الغضب، لكن إسرائيل الآن تمعن في الخروج على كل شيء.

لا يكفي إسرائيل أن يمد طرف يده بالسلام، أو أن يسعى آخر في وقف مأساة غزة وتنقلب بسهولة على كل صيغ التفاهم والعمل الدبلوماسي، وبدلا من أن تأسف لذلك، أو تتعلل بالخطأ أو سوء التقدير، تجاهر بنيّة تكراره. وكل ذلك يصب في المعنى الحقيقي الذي تريد تأصيله، وهو أنها فوق القانون الدولي والمنظمات الدولية، وأن احتماء أي طرف بها لن يضمن لها حقا.

حتى حين تتمسك بعض القوى بحل الدولتين وتحشد للاعتراف بالدولة الفلسطينية أملا في عودة الهدوء إلى المنطقة، تمضي إسرائيل في تخريب ذلك بتسريع الاستيطان في الضفة الغربية، ويتبارى ساستها في التطرف وتحدي الجميع بالعقلية نفسها التي تسببت في استمرار مأساة غزة كل هذه الشهور، ووصولها إلى هذا المنحنى الخطر، بعدما أصر بنيامين نتنياهو ورفاقه على إفساد أي طريق للحل.

إن معركة إسرائيل الرئيسية مع العالم، الذي تستهين بقوانين التعايش فيه، وترهبه، وتهدده. ولعل هذا الأسبوع الذي تحتشد فيه الدبلوماسية العالمية في الأمم المتحدة ينتهي بشكل يحسم الصراع، مؤكدا أن مصلحة البشرية فوق مصالح جماعة سياسية متطرفة.

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى