شوف تشوف

الرأي

فنجان قهوة بـ25 ألف أورو

أشعر، كباقي عشيرة الكرة، بنوع من الإحباط، وأكاد أجزم أن المنتخب المغربي لكرة القدم لازال يعتبر المصدر الأول للإحباط في هذا البلد، الذي تصر الانتصارات على أن تزورنا كل سنة مرة، وتتركنا نخوض مباريات سد على امتداد العام ضد الإحباط والقلق.
أشعر بالقلق لأن الناخب الوطني المغربي بادو الزاكي اختار أن يكون سفيرا للنوايا الحسنة، دون علم الأمم غير المتحدة، ويواصل جولاته الأوربية لاكتشاف المواهب المغربية المغتربة، ضدا على إرادة الجامعة التي تحذره من السفر، خوفا على سلامته وحرصا منها على تقليص فاتورة أسفار المدرب إلى الخارج، إذ تكلف رحلة واحدة لا تتعدى أسبوعا أكثر من 25 ألف أورو فقط لا غير.
لم يعد الصحافيون يهتمون برحلات المدرب، مادامت الرحلات تتشابه وصياغة البلاغات تكرر نفسها، حيث تجمع صحافة المدرب على نجاح الزيارة واقتناع اللاعب ووالديه وأصدقاء طفولته، بجدوى الانضمام للمنتخب المغربي. وفي صفحة وكيل أعمال اللاعب على وسائل التواصل الاجتماعي نتابع «سيلفيات» تؤرخ لجلسة تاريخية في مقهى فارغ يعيش رعب الإرهاب.
تكلف جلسة احتساء قهوة سوداء مع لاعب في المهجر، جامعة الكرة ميزانية تكفي لشراء أسهم في المقهى ذاتها، لكن ما الجدوى من سفر إلى دول أوربية من أجل إقناع لاعب بحمل قميص المنتخب الوطني، وتذكيره بجدوى التحول من دب جليدي إلى أسد من أسود الأطلس؟ ما الجدوى من ذلك وجامعة الكرة لديها مخبرون يتابعون تحركات لاعبينا في المهجر ويحصون أنفاسهم، ويتقاضون مقابل هذا العمل الاستخباراتي راتبا شهريا قدره 5000 أورو لكل واحد منهم؟
لكن يبدو أن الزاكي يريد أن يطمئن شخصيا على لاعبينا في الدوريات الأوربية، ويجالسهم في المقاهي ويلقي في حضرة أولياء أمورهم درسا نموذجيا في التربية الوطنية، وقبل أن يعلن رفع الجلسة يدعوهم لترديد نشيد «حب الأوطان من الإيمان»، ويحلفون بأغلظ الإيمان على تلبية دعوته وقضاء الفترة التي تفصلهم عن أول معسكر، في حفظ النشيد الوطني واستظهاره سرا وجهرا.
لا يزور كريستيان كوركوف، مدرب المنتخب الجزائري، أوربا إلا لزيارة أهله وذويه، لكنه ركب الطائرة صوب دكار لملاقاة مدرب المنتخب الأولمبي بيير شورمان، للوقوف على أسماء اللاعبين القادرين على الانضمام لـ«المحاربين»، دون أن يطلبا يد لاعب من والديه. بينما يغلق كل مدرب مغربي حدوده في وجه باقي مدربي المنتخبات، ويعتبر الفريق الذي يشرف عليه محمية لا يدخلها أحد إلا بتصريح حكومي وتزكية من المدرب.
العلاقات متوترة بين مدربي المنتخبات الوطنية والحاجة إلى مبعوث أممي لحفظ السلام في المعمورة باتت مطلبا أساسيا قبل أن تندلع الحرب بين زملاء تجمعهم مهنة المقالب وتوحدهم اتفاقية وقف إطلاق النار.
لذا لم يتردد أحد الإعلاميين المصريين في كتابة تدوينة على صفحته الفايسبوكية، يعرض فيها مليون دولار على الجزائريين من أجل إعارة مسؤولي الاتحاد الجزائري لكرة القدم للمصريين، انطلاقا من تأهل منتخب الجيران إلى نهائيات كأس العالم مرتين متتاليتين، تأهل شبانهم إلى أولمبياد ريو دي جانيرو، وتوج وفاق سطيف بدوري أبطال أفريقيا سنة 2014، ووصل اتحاد الجزائر إلى النهائي سنة 2015.
داخل منتخبنا الأول، هناك حالات تبذير غير مسبوق، لذا نتوقع أن يعرف عام 2016، اختفاء حالات الاعتداء على المال العام، لسبب بسيط هو أن المال سينفد، وسيكون من الأفيد توفير «أيباد» لكل لاعب مغترب عليه تطبيق إلكتروني يمكن من التواصل مع المدربين، بدعم من وزارة الشباب والرياضة والوزارة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج، على أن توضع لوحات إشهارية لـ«مايكروسفت» حول جنبات الملعب على غرار «العيطة الداودية»، نسبة لوزير التعليم العالي، تعزيزا لولوج التكنولوجيات الحديثة.
ألا يستحق المنتخب الوطني جائزة السعفة الذهبية في مهرجان مراكش السينمائي، عن فيلم «مدربي فوق الشجرة» وهو «شانق راسو»؟!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى