شوف تشوف

الرأيالرئيسيةثقافة وفن

القمه العصبي

 

 

بقلم: خالص جلبي

أرسلت إلي فتاة ممن ضرب الله صحتهن بأقوال من مشعوذين ودجالات، لأغذية معينة وحمية صارمة يفضي بها إلى الخطر، وأعرف من قريبات لي اتبعن حمية مريم نور بدون نور فهلكن ومرضن إلى درجة الموت، ومن خرافات نور أن الباذنجان فيه كمية من النيكوتين أكثر من علبة سجائر! وعلينا الصبر على سماع خرافات كثيرة، والإنفوميديا الحالية حولت المهرجين إلى أبطال، ومن هو من قرداحة إلى عاشق المليون، وأوباما أنه بلال يؤذن للصلاة، وكلها خرافات وضلالات تغشى عقول غير محصنة بلقاح العقلانية..  أرسلت إلي الأخت المسكينة التي رفضت الإفصاح عن نفسها تقول:

دكتـــــــــــــــور خالص جلبي……السلام عليكم ورحمة الله موسوعة الطب والعلوم .. ومن أشغلته الذرة وبداية الكون ..أأسف لأن أمثالكم في مصاف المتقاعدين، لأني أراكم تنضحون حيوية وما زلتم الأجدر للبقاء والأقدر على العطاء.. وكنوز المعرفة  لديكم لا بد أن تستغل لآخر قطرة.
دكتور ستكون آخر من سأطرق بابه إن شاء الله، لثقتي بأن الجواب الشافي لديكم..
آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه هي كلمة البدء دكتور خالص أعاني من اضطراب شديــــــــــــد في الشهية، وخاصة أثناء الليل، حيث تبدأ معاناتي، فغروب الشمس ملهم العشاق هو بالنسبة إلي ابتداء الكارثة، فحالي كحال من بنى بيته طوبة طوبة، حتى إذا هم بوضع الطوبة الأخيرة انهار بيته على رأسه وذهبت أتعابه أدراج الرياح.. حتى تكتمل لكم الصورة أرى سرد قصتي سيكون الجواب الشافي. بدأت الحمية منذ 5 سنوات، وسبحــــــــان ملهمني الصبر.. وبفضل الله تمكنت من الوصول إلى 48 كيلوغراما، بعد أن بلغت 82 كيلوغراما! ومنذ تلك الفترة ومؤشر الميزان ما بين صعود وهبوط، وتذبذب ما بين 53 و47 لا يتجاوز ذلك. المشكلة أني أظل طوال النهار ملتزمة نوعا ما بما يمكن أن يبقيني في بر الأمان، هو ليس التزاما ولا حمية شديدة، مثل التي عانيت منها يوما وما أوصلتني لما أنا عليه الآن، ولكنها جيدة…ترافقها تمارين رياضية يومية خصصت لها ما بين المغرب والعشاء من جري وهرولة وأيروبيك وما شابه.. وأجهزة كدستها بلا استعمال ..ثم إذا ما انتهيت من التمارين تحولت إلى حيوان نهم .. وما هي إلا دقائق معدودة لأجد نفسي التهمت ما يقارب 500 سعرة حرارية، لتبدأ معها سلسلة المعاناة اليومية للتخلص مما دخل معدتي ظلما وعدوانا! أعاني لأني لا أقوى على التقيؤ وإخراج ما دخل عنوة.. أعاني لأن علي أن أظل كآلة متحركة، كي يتسنى لي حرق ولو جزء بسيط من تلك الطاقة الكامنة داخل جسدي…وأعاني لأني جربت الكثير من أدوية التخسيس وخفض الشهية، وأسلحتي الضعيفة هي زينيكال وشيتوكال وموسفيتال وأبل فيت والسنا والشاي الأخضر المر مرارة العلقم والأعشاب على اختلافها.. مع نصف ساعة قفز قبل النوم ..هذا عدا عن احتكاري لجل أشغال المنزل، ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفنطعامي محدود جدا ولا تتجاوز الأطعمة التي سمحت لنفسي بها أصابع اليد، فلا لحوم ولا زيوت ولا أرز ولا عصائر مسكرة أو تشيبس أو أصناف الأكل الشعبي، ولا ما تفننت في طبخه الأيادي! ولكني أبالغ في تناول ما أضأت له اللون الأخضر، وحكايتي مع الخبز لا تنتهي فتارة أمتنع عن أكله وتارة أفترسه افتراسا مع قطعة جبن قليل الدسم، أو لبنة أو زبادي أو زبدة فول سوداني. وكان جوابي عليها التالي:

مشكلتك بسيطة وإنها لسهلة لمن سهل الله عليه، وإن الطريق الذي مشيت فيه خطأ برمته، والله يقول «وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين». وأخشى ما يخشاه المرء دخول الجسم حالة القمه العصبي، وهو مفضي إلى عواقب سيئة، والبدانة والنحافة ثقافة، وامرؤ القيس حينما ترصد الفتيات وهن يسبحن، سرق الملابس وأبى الإعادة حتى يراهن مقبلات مدبرات، فوصف الأرداف عفوا بأعجاز البقر، ولو ذهبت إلى متحف اللوفر في باريس لتعجبت من رسومات نساء عاريات سمينات كن القدوة في الجمال، والمرأة إن سمنت جملت إلى حد تدور الوجه، والنحيفة عصلجت ونشفت، ونحن اليوم في ثقافة النحافة المرضية وليست الطبيعية، وكل المصيبة من عارضات الأزياء الجاهلات، الدمى بيد رجال منتفخين بكروش مدلاة مثل الحامل في الشهر الثامن. وكل جسم له نظامه الخاص عرفه من عرفه وجهله من جهله، وأنت لديك مشكلة بسيطة وحلها بسيط، فكلي واشربي وقري عينا، وإذا كان طولك 160 سنتيمترا فانظري أن لا يزيد وزنك على 60 كيلوغراما، فإذا زاد فلا ترهقي نفسك من أمرك عسرا. وأذكر من فتاة لرجل مسلم كبير الوزن أن حفيدته دخلت في حالة القمه العصبي في ألمانيا، فأصبح وزنها ثلاثين كيلوغراما، فلم تعد تأكل، وحتى لو أكلت استفرغت، فهلكت وماتت.  فراعي جسمك واقبلي بالاعتدال، فليس مثل الاعتدال بابا للصواب، وكلي ما شئت، ولكن بثلاثة شروط، خففي الكاربوهيدرات من الخبز والمعكرونة والبطاطا والحلويات والمقبلات والمعجنات وما شابهها، وأكثري من البروتين والخضروات والفواكه، أما الماء فأكثري منه، حفاظا على وظيفة الكلى، وحافظي على الرياضة فليس مثلها علاجا، مثل المشي كل يوم ساعة، وعدوك احذريه وهو المساء، فكلي خفيفا ولا تثقلي، فإن اتبعت نصائحي لم تتعبي وارتحت، وليس مثل القرآن دواء، وحين الغداء حددي الوجبة وكلي ما شئت وامتنعي عن حشو المعدة بين الوجبات، واقرئي قول الرب: «وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين». لك كل التقدير والاحترام والتمنيات بصحة وافرة وسعادة غامرة، لا يكدرها حزن وهم ومرض وقلق وتعاسة وفقر…  

 

نافذة:

كل جسم له نظامه الخاص عرفه من عرفه وجهله من جهله وأنت لديك مشكلة بسيطة وحلها بسيط فكلي واشربي وقري عينا

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى