النعمان اليعلاوي
قامت السلطات الألمانية بسحب شحنة فلفل قادمة من المغرب، بعد اكتشاف نسب مرتفعة من بقايا المبيدات الحشرية، في تطور جديد يسلط الضوء على معايير سلامة المنتجات الفلاحية، وذلك وفق ما كشفته تقارير إعلامية استنادًا إلى وثائق رسمية صادرة عن الهيئة المختصة التابعة للمفوضية الأوروبية بتاريخ 21 مارس 2025.
ووفق المعطيات المتوفرة، فإن الفلفل المغربي وصل إلى الأسواق الألمانية عبر شركات إسبانية، وخضع لعملية تفتيش كشفت عن وجود المبيد الحشري «أبامكتين» بنسبة تتراوح بين 0.12 و0.29 ملغ/كغ، وهي معدلات تتجاوز الحدود المسموح بها وفق المعايير الصحية الأوروبية. ويُعرف هذا المبيد بتأثيراته السلبية على الصحة، حيث قد يسبب اضطرابات عصبية، واتساع حدقة العين، والقيء، والرعشة والخمول، وصولًا إلى الغيبوبة أو توقف التنفس عند التعرض لجرعات مرتفعة.
في المقابل، أوضح المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية «أونسا» أنه، عقب الإبلاغ عن الحادثة عبر نظام الإنذار السريع للأغذية والأعلاف (RASFF) التابع للاتحاد الأوروبي، بشأن تجاوز الحد الأقصى لمبيد الأبامكتين في شحنة فلفل مغربي موجهة إلى ألمانيا، قام على الفور بإجراء التحريات اللازمة التي أسفرت عن تحديد الحقل المعني وتتبع الشحنة المصدرة، وتم اتخاذ الإجراءات اللازمة المتمثلة في تعليق الترخيص الصحي لوحدة التلفيف المعنية ومنع تسويق منتجاتها في السوق الوطنية ومنع تصديرها، مشيرا إلى أن الأبامكتين مبيد حشري مرخص للفلفل، يعتمد بحد أقصى للبقايا بـ 0.05 ملغ/كغ في المغرب و0.09 ملغ/كغ وفقًا للكوديكس الغذائي على مستوى السوق الوطنية.
وأكد المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغدائية أنه ينفذ برامج سنوية لرصد ومراقبة بقايا المبيدات في الفواكه والخضر على المستوى الوطني، لضمان السلامة الصحية للمنتجات المسوقة في السوق الوطنية. وفي حال عدم المطابقة لمعايير السلامة الصحية، يتخذ المكتب تدابير صارمة تتمثل في سحب أو تعليق الترخيص الصحي والسحب الفوري للشحنات المعنية وإتلاف المحاصيل.
وأفاد المكتب بأنه، خلال سنة 2025، تم حتى الآن أخذ 1525 عينة من مختلف أنواع الفواكه والخضر من أسواق الجملة ونقط البيع وبالمزارع، أسفرت عن تحرير 30 محضر مخالفة وإتلاف 1.5 طن من المنتجات غير المطابقة، وذكر أنه خلال سنة 2024 تم تحليل 5716 عينة منها 275 عينة فلفل وتم تحرير 155 محضر مخالفة وإتلاف 73 طنا.
وسبق للسلطات الأوروبية رفض أو سحب شحنات من الفواكه والخضر المغربية بسبب تجاوزها للمستويات المسموح بها من المبيدات. ففي أكتوبر 2023، أوقفت السلطات الفرنسية شحنة من الطماطم المغربية بسبب احتوائها على مبيدات تتجاوز الحد المسموح به، كما سبق للاتحاد الأوروبي في 2022 إصدار تحذيرات حول وجود بقايا مبيدات في بعض الفواكه الحمراء المغربية الموجهة للتصدير، فيما تحوم تساؤلات حول مدى التزام المنتجين والمصدرين المغاربة بالمعايير الأوروبية الصارمة، خصوصًا أن الاتحاد الأوروبي يعد أكبر سوق لصادرات المغرب الفلاحية. ومن شأن تكرار مثل هذه الحالات أن يؤثر سلبًا على سمعة المنتجات المغربية، ويزيد من الضغوط على المنتجين لاعتماد معايير أكثر صرامة في استخدام المبيدات الحشرية، تفاديًا لأي قيود مستقبلية على الصادرات الزراعية.
