شوف تشوف

الرئيسيةتقاريرثقافة وفن

بسبب نكتة صادرة عن طفل تنتقد سياسيا مغربيا قضيت ساعات أمام البوليس السياسي

مانسيناكش إدريس كريمي «عمي ادريس» (فنان الأجيال):

حسن البصري

هل ترفض التقاعد الفني؟

الفنان لا يتقاعد لأن صبيب الإبداع يظل حاضرا في داخله، إضافة إلى التجربة التي تعزز مكانته في المشهد الفني. كلما دعيت لحفل تكريم إلا وانتابني شعور بالخوف من التوقف عن الإبداع. «مازال العاطي يعطي»، لقد تعرضت للمرض بحكم تقدمي في السن، وساهم التهامي للسجائر، بمعدل علبتين في اليوم، في بداية ورم على مستوى الحنجرة، لكن، الحمد لله تم تدارك الموقف. خضعت لعملية جراحية على مستوى العين اليمنى، بإحدى المصحات الخاصة بمدينة طنجة، والحمد لله تمت العملية بنجاح، والآن أستطيع رؤية جمهوري وأحبائي بوضوح وبدون ضباب.

نعود إلى الوراء ونتوقف عند إدريس كريمي المشبع بالفكر الثوري، هلا حدثتنا عن تلك الفترة؟

 

لم أخرج عن القاعدة، ففي الستينات والسبعينات كان الفكر الماركسي مسيطرا على الشباب، وكنت، كغيري من الشباب في الثانوية، معجبا بشخصية غيفارا، هذا البطل القومي المحبب للكثيرين ليس في بلده فحسب بل في العالم، وكانت صورته تزين دفاتر طلاب المدارس، يحلمون بمحاكاة هذا البطل المؤمن بالثورة والمنادي بمحاربة الظلم. لا أحد كان يعرف حبي لهذا المناضل لكن أمري سينكشف عند البوليس.

كيف؟

في أحد برامجي كنت أخصص فقرة مفتوحة للأطفال، يقدمون فيها نكتة يتحدثون عن طريفة حصلت لهم، بمعنى أن الفقرة عبارة عن مساحة حرة. لكن أحد الأطفال تناول الميكروفون وشرع في تقديم نكتة يسخر فيها من زعيم سياسي بشكل عفوي، ربما لم يكن يعرف حتى صورته. تدخلت على الفور وسحبت منه الميكروفون، ومنذ ذلك الحين قررت أن ألغي هذه الفقرة من أعمالي المباشرة. في اليوم الموالي فوجئت برجلي أمن بزي مدني، طلبا مني مرافقتهما إلى الرباط لغرض يهمني، لم يتحدثا إلي على امتداد الطريق الرابط بين الدار البيضاء والرباط، وحين وصلنا إلى مقر البوليس السياسي طلبا مني النزول ووجدت نفسي في مكتب المحققين. شرعوا في استنطاقي لساعات بسبب نكتة منفلتة لا أتحمل مسؤوليتها.

ما طبيعة الأسئلة التي وجهها إليك المحققون؟

سألوني عن انتمائي السياسي، عن علاقتي بالأحزاب عن أصدقائي، بل وقالوا لي إنني معتقل سياسي، نفيت ذلك جملة وتفصيلا، إلا أنني فوجئت بالمحقق وهو يخرج من رف مكتبه صورة لي تعود لإضراب الدار البيضاء سنة 1965، حيث كنت أظهر في الصف الأول وكأني أقود مظاهرة طلابية. قال لي: من هو هذا المناضل؟ استغربت لوجود صوري في دواليب البوليس، وأكدت أن النضال في تلك الفترة كان ظاهرة شبابية. أحمد الله أن رئيس المقر الأمني تعرف علي وأفرج عني في منتصف الليل. سألت المخبرين عما إذا كان هناك من سيعيدني من حيث أتوا بي، فكان الرد قاسيا ولم أجد بدا من قضاء الليلة في الهواء الطلق، كل هذا بسبب نكتة منفلتة.

معنى هذا أنك شاركت في إضراب الطلاب منتصف الستينات..

نعم لأني، ببساطة، كنت طالبا وفي المنطقة أو البؤرة التي شهدت حمى الاحتجاج، فأنا كنت متعطشا إلى العلم شجاعا في الدفاع عن قناعاتي. ثم إن شخصية الإنسان غالبا ما تتحدد سماتها الكبرى منذ سن الشباب.

ولدت في المدينة القديمة للدار البيضاء وعشت في درب السلطان لتستقر في طنجة، هل أنت ودادي أم رجاوي، أم عاشق لاتحاد طنجة؟

أنا رجاوي أحب الرجاء ولي علاقات قديمة مع نجوم الفريق السابقين، لكني أشجع الوداد حين يواجه فريقا من إفريقيا أو من أي دولة عربية، إلا الرجاء. بالنسبة لاتحاد طنجة، بحكم إقامتي في عاصمة البوغاز، حضرت بالرباط مباراة نهائية لكرة السلة في مسابقة كأس العرش بين اتحاد طنجة والرجاء البيضاوي. جلست مع جمهور طنجة فغضب مني جمهور الرجاء وصاحوا في وجهي «عمي ادريس قلبتي الفيستة». ومرت لعب الرجاء في مدينة طنجة ضد الاتحاد، توجهت أنا وابني إلى الملعب وجلست مع جمهور الرجاء وحين سجل الرجاويون الهدف الأول فرحت فسمعت أنصار الاتحاد يصيحون: «واعمي ادريس لعروبي». قلت لهم أنا رجاوي وحين سجل الرجاء هدفه الثاني غادرت أنا وابني الملعب.

لماذا عمي وليس خالي؟

العم والخال الأقرب إلى الطفل، وفي كلامنا غالبا ما نقول للشخص الأكبر سنا «عمي» حتى وإن لم يكن عما بالمعنى الحقيقي. عمي ادريس شخصية فنية عوضت اسمي إدريس كريمي الرسمي، وجاء «الجنيريك» الشهير ليكرسها في الأذهان.

لمن يرجع الفضل في مسارك؟

لأسرتي، لزوجتي وأبنائي، لأصدقائي لكل من دعمني منذ أن بدأت أشعر بالانجذاب نحو برامج الأطفال مع الأسطورة «با حمدون» للأستاذ إدريس العلام، رحمه الله. أنظر إلى الصدف التي جعلت إدريس كريمي يعوض إدريس العلام. وهنا لابد من الترحم أيضا على سيدة لعبت دورا كبيرا في مساري، إنها لطيفة القاضي أول صوت نسائي في الإذاعة والتلفزيون المغربي. شكرا للجميع ومعذرة إن صدر مني موقف في حالة غضب.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى