شوف تشوف

الرئيسيةتعليمسياسية

بنموسى على خطى لفتيت في إجراء حوار  مباشر  مع التنسيقيات

الحكومة تحصر لائحة التنسيقيات وتجري أبحاثا «مُحيطية» حول خلفيات «قادتها»

المصطفى مورادي

 

رغم إصرار وزارة التربية الوطنية على أن تظل النقابات التعليمية هي المحاور الوحيد، وخصوصا أربع نقابات، إلا أنها وضعت سيناريوهات متعددة استعدادا لأي تحول في موقف رئيس الحكومة، بخصوص إمكانية توسيع دائرة الأطراف التي ستشارك في الحوار لتشمل بعض التنسيقيات الوازنة، سيما التي تمثل هيئة التدريس، وبالنظر إلى الغموض الذي يلف الخلفيات السياسية لبعض الرموز المعروفة بقيادتها لهذه التنسيقيات، تعمل الوزارة الآن، بتنسيق مع وزارة الداخلية على البحث في خلفيات العديد من الأسماء التي يمكن دعوتها إلى المشاركة في الحوار، خصوصا وأن بعض هذه التنسيقيات أثبتت بعض مواقفها تطابقا مع مواقف تيارات إيديولوجية ترفض الدولة أي حوار معها.

 

سيناريوهات تشمل الحوار مع التنسيقيات

عودة الحوار بين الحكومة والنقابات التعليمية أمر أصعب مما يظنه البعض، بسبب تعقيدات كثيرة ظهرت بعد الإصدار الرسمي للنظام الأساسي. فإذا كان القانون يفرض على الحكومة عدم فتح الحوارات الاجتماعية إلا مع النقابات، ستجد الحكومة الحالية نفسها مضطرة لأول مرة في قطاع عمومي إلى أن تنفتح على التنسيقيات، لكون هذه الأخيرة أثبتت طيلة سنتين على الأقل بأنها «مستقلة»، على الأقل تنظيميا، سواء في أشكال الاحتجاجات التي تقررها أو في مواقيت هذه الاحتجاجات، حيث فشلت الكثير من جلسات الحوار التي قادتها الوزارة مع النقابات التعليمية في السنوات الثلاث الماضية في إضعاف هذه التنسيقيات، ووصل الأمر حد أن نقابات كثيرة باتت مستسلمة لهذا الواقع، وأضحت تساند كل المواقف التي تصدرها التنسيقيات، رغم عدم استشارتها، وما انسحاب إحدى النقابات التعليمية الأكثر تمثيلية من لقاءات الوزارة في آخر لحظة، سوى دليل على أن الدخول في منافسة مع التنسيقيات هو أمر محسوم مسبقا. بدليل أن عدد الأعضاء الرسميين في كل هذه النقابات مجتمعة هو أقل بكثير من عدد المنخرطين في تنسيقية مؤثرة، كتنسيقية «الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد»، أي التنسيقية التي تمثل من تسميهم الوزارة بـ«أطر الأكاديميات».

ما سيدفع الحكومة حتما، حسب ملاحظين، إلى ضرورة فتح الحوار مع التنسيقيات، هو أنها ستجد نفسها تحاور نقابتين فقط، ونقصد النقابتين اللتين أصدرت أخيرا بيانات تدعم رئيس الحكومة في دعوته إلى العودة إلى الأقسام واستئناف العمل كشرط للبدء في الحوار، لكون نقابة «cdt» ونقابة «fne»، وهما من الأكثر تمثيلية أيضا، ترفضان المشاركة في الحوار، وباتتا منفتحتين جدا على إشراك التنسيقيات في الجلسات المرتقبة للحوار.

سيناريو فتح حوار مباشر مع النقابات، ورغم أنه مطلب رئيسي لبعض النقابيين وأيضا للتنسيقيات ذاتها التي ترفض تمثيلها عبر النقابات، هو سيناريو صعب جدا، وخاصة على مستوى التمثيلية، إذ لا يتعلق الأمر بتنظيمات هرمية على النحو الذي نراه في النقابات، بل بانتخابات موسعة يشارك فيها كل المنتسبون للتنسيقيات، وبالتالي فالوزارة لا تعرف تحديدا هوية الأشخاص الذين يمكن انتخابهم كمناديب لتمثيل التنسيقيات، وأيضا لا تعرف خلفياتهم السياسية، خصوصا وأن تيارات نقابية وحزبية كثيرة تفخر بوجود ممثلين لها، «متخفين» داخل بعض هذه التنسيقيات.

 

صعوبات كبرى في إجراء حوار مباشر

بعدما راجت أنباء بأن وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة دعت بعض النقابات التعليمية إلى حضور اجتماع تمهيدي، «لأجل التحضير للحوار» بين «التنظيمات النقابية واللجنة الثلاثية التي كلفها رئيس الحكومة بمتابعة الموضوع»، عادت أشكال الانقسام إلى الشغيلة التعليمية، حيث اعتبرت تنسيقيات فئوية أن النقابات المشاركة في الحوار مع الوزارة «لا تمثل سوى نفسها».

لكن هذه المرة توجد ضمن التنسيقيات التعليمية من تعتبر أن «الحوار يجب أن يكون مع التمثيليات الفئوية»، لضمان «سحب فوري للنظام الأساسي»، الذي فجر احتجاجات وإضرابات شلت المدرسة العمومية، رغم أن أغلب النقابات تفصح بأنه «لا اعتراض لديها من الناحية المبدئية على أن تعقد الجهات الرسمية، سواء وزارة التربية الوطنية أو رئاسة الحكومة، لقاءات مع هذه التنسيقيات».

هذه المعطيات جعلت أطرافا حكومية كثيرة مقتنعة بضرورة الحوار مع التنسيقيات، الأمر الذي سيفرض على بنموسى الاقتداء بتجربة زميله عبد الوافي لفتيت، والذي قاد الحوار المباشر مع ممثلي تنسيقية الأساتذة المتدربين سنة 2015 عندما تم تشكيل لجنة موسعة تضم شخصيات مدنية، وممثلين للنقابات التعليمية إلى جانب ممثلين للتنسيقية المذكورة، في حدود 24 ممثلا، كانوا يحضرون إلى مقر ولاية الرباط، الذي احتضن جلسات الحوار.

استنساخ هذه التجربة سيواجه مشكلات، بسبب أعداد التنسيقيات التي تقود الاحتجاجات الحالية. الأمر الذي سيفرض تقسيم الحوار إلى جولات متعددة، وكل جولة ستكون مخصصة لتنسيقية أو فئة بعينها، لكون التنسيقيات المذكورة تفضل انتخاب ممثليها، بحيث قد تتعدى 12 ممثلا أو أكثر، أي ممثل أو ممثلين لكل جهة، وهو الأمر الذي يعقد المسألة برمتها، وسط تكهنات تشير إلى أن اللقاءات الأولية مع اللجنة الحكومية التي عينها رئيس الحكومة لتجويد النظام الأساسي ستكون حاسمة في تخفيف التوتر في القطاع، وبالتالي عودة الأساتذة إلى مؤسساتهم التعليمية، أو الإبقاء على الوضع كما هو، مع ما سيتلو هذا الاحتمال الأخير من تبعات اجتماعية وسياسية، خصوصا في ظل تنامي احتجاجات الأسر وتوقف تمدرس أبنائها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى