محمد اليوبي
بعدما فضحت جريدة «الأخبار» محاولات السطو على عقار في ملكية جماعة القنيطرة يتواجد بموقع استراتيجي، تبلغ مساحته 46 هكتارا، وقيمته المالية تتجاوز مبلغ 50 مليار سنتيم، وقعت تطورات مثيرة تكشف وجود تواطؤ من طرف عدة جهات، ضمنها مسؤولون بالمجلس الجماعي وإدارة المياه والغابات.
وفي الوقت الذي أعطى عامل إقليم القنيطرة، فؤاد المحمدي، تعليماته للمصالح المختصة التابعة له، من أجل فتح تحقيق وإنجاز تقرير مفصل حول عملية السطو، لم يقدم المجلس الجماعي على اتخاذ أي خطوة للدفاع عن هذا العقار الذي يحتضن حلبة الفروسية، حيث اعترض نائب الرئيس المكلف بالشؤون القانونية، الحسين المفتي، على مقترح وضع شكاية لدى القضاء، بدعوى أن العقار لا يدخل ضمن الأملاك الجماعية، ودافع عن ذلك علنيا خلال الدورة الاستثنائية التي عقدها المجلس الجماعي، أول أمس، عندما دخل في مشادة كلامية مع نائبة الرئيس المكلفة بالممتلكات الجماعية، فاطمة بعبوس، التي كلفت سابقا مفوضا قضائيا أنجز محضر معاينة حول عملية السطو التي يتعرض لها العقار المذكور، واقترحت على رئيس المجلس، أنس البوعناني، وضع شكاية.
ويتجاهل نائب الرئيس صاحب «الفتاوى» القانونية أحكاما قضائية صادرة لصالح الجماعة تؤكد أن هذا العقار في ملكيته، آخرها قرار أصدرته محكمة النقض يقضي بتأييد الحكم الاستئنافي الصادر عن محكمة الاستئناف بالقنيطرة، الذي قضى بإفراغ مقهى ومطعم يتواجدان بنادي الفروسية التابع للملك الجماعي مع أداء واجبات الكراء للجماعة، والخطير في الأمر أن نائب رئيس المجلس، الحسين المفتي، وجه سابقا رسالة إلى رئيس كتابة الضبط بالمحكمة الابتدائية بالقنيطرة، لإيقاف تنفيذ هذا الحكم الصادر عن محكمة الاستئناف بتاريخ 15 مارس 2021، ضد «م.ب» يقضي بإفراغ المقهى والمطعم، وبرر نائب الرئيس هذا القرار بوجود صعوبات واقعية وقانونية تتعلق بوضعية العقار موضوع الإفراغ، من أجل التريث إلى حين دراسة الملف من كل جوانبه القانونية والإدارية والجبائية لاتخاذ القرار المناسب، وكانت هذه الرسالة موضوع استفسار وجهه عامل إقليم القنيطرة، فؤاد المحمدي، إلى نائب الرئيس، طبقا لمقتضيات المادة 64 من القانون التنظيمي للجماعات.
وأوضحت المصادر أن شخصا يدعي امتلاكه للسلطة أقدم على تأسيس جمعية للفروسية يحاول السطو على العقار الذي يحتضن حلبة سباق الخيل، وقام بتوجيه إنذار إلى رئيس المجلس الجماعي يطالب من خلاله باسترجاع «مبالغ مستخلصة بدون وجه حق تقدر بـ 355 مليون سنتيم، مقابل كراء مرافق تتواجد فوق العقار منذ سنة 2013»، ويبرر صاحب الجمعية ذلك بكون العقار المذكور لا يدخل ضمن ممتلكات الجماعة، وإنما في ملكية المياه والغابات، والخطير في الأمر أن هذا الشخص قام باستخدام «شرع اليد»، من خلال طرد امرأة كانت تقطن بمنزل فوق العقار، وإغلاق مستودعات تحتوي على مستلزمات وأعلاف الخيول، كما قام بقطع أشجار غابوية بدون ترخيص من الجهات المختصة، وكان يرافقه في هذه العملية شخص آخر يدعي أنه مسؤول بالمديرية الجهوية للوكالة الوطنية للمياه والغابات.
وفي تطور مثير، لجأ هذا الشخص إلى المحكمة الابتدائية بالقنيطرة، حيث رفع دعوى قضائية استعجالية ضد المديرية الجهوية للمياه والغابات والوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء، من أجل ربط نادي الفروسية المتواجد فوق العقار، بعدادي الماء والكهرباء باسم الجمعية، وأكد هذا الشخص، في المقال الاستعجالي الموجه لرئيس المحكمة، أن شركة سباق الخيل التي يترأسها تُمارس نشاطها داخل نادي الفروسية منذ سنة 1923، وقام بتجديد مكتبها المسير في شهر نونبر 2022، أي بعد 100 سنة، وبذلك يطالب بأحقيته في تسيير المرافق الموجودة فوق العقار المذكور. وكانت المحكمة بصدد إصدار حكم بخصوص هذا الملف، لكن وقعت مستجدات أفضت إلى إخراج الملف من المداولة، يوم الاثنين الماضي، وإحالته على هيئة قضائية أخرى.
وكانت محكمة الاستئناف أصدرت حكما لصالح الجماعة يقضي بأداء مبلغ 92 ألف درهم مجموع الفرق بين السومتين القديمة، المحددة في مبلغ 2500 درهم، والجديدة المحددة في مبلغ 6500 درهم، عن المدة من فاتح نونبر 2012 لغاية 31 أكتوبر 2014، وبأدائه للجماعة مبلغ 218 ألف درهم واجب الكراء عن المدة من فاتح أكتوبر 2014 لغاية 31 أكتوبر 2017، وبأداء مبلغ 234 ألف درهم واجب الكراء عن المدة ما بين فاتح نونبر 2017 و31 أكتوبر 2020، بحسب سومة شهرية قدرها 6500 درهم، وبأدائه لها مبلغ 20 ألف درهم، تعويضا عن التماطل، مع تحديد الإكراه البدني في الأدنى، وبفسخ العلاقة الكرائية الرابطة بين الطرفين والحكم تبعا لذلك بإفراغ المقهى الجماعي (مقهى ومطعم الفرس) المتواجد بالملك الجماعي المسمى حلبة سباق الخيل.
وبعد انتخاب الرئيس الجديد عقب الاستحقاقات الانتخابية ليوم 8 شتنبر 2021، قامت جماعة القنيطرة بتبليغ صاحب مقهى ومطعم نادي الفروسية، الحكم القضائي، وطالبته بإفراغ هذه المرافق الجماعية، لكن نائب الرئيس المكلف بالشؤون القانونية، الحسين المفتي، راسل المحكمة للتراجع عن تنفيذ حكم الإفراغ، حيث وقع رسالة باسم الرئيس موجهة إلى رئيس كتابة الضبط بالمحكمة الابتدائية بالقنيطرة، يخبره من خلالها بأنه وجه رسالة إلى محامي الجماعة بتاريخ 13 دجنبر 2021، من أجل اتباع مسطرة إيقاف التنفيذ باسم الجماعة عن الحكم الصادر عن المحكمة بتاريخ 15 مارس 2021، ضد «م.ب» يقضي بإفراغ مقهى ومطعم يتواجدان بنادي الفروسية التابع للملك الجماعي، وبرر نائب الرئيس هذا القرار بوجود صعوبات واقعية وقانونية تتعلق بوضعية العقار موضوع الإفراغ، من أجل التريث إلى حين دراسة الملف من كل جوانبه القانونية والإدارية والجبائية لاتخاذ القرار المناسب.