شوف تشوف

الرئيسيةتقارير

توصيات للمعهد الملكي لمواجهة الإجهاد المائي وتعزيز الأمن الغذائي

تطوير البنية التحتية لإعادة استعمال المياه وتنويع المحاصيل الزراعية

كشف المعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية خلاصات تقرير يوم دراسي ناقش مستقبل الفلاحة بالمغرب. وأكد تقرير المعهد أن الجفاف ليس السبب الوحيد الذي أوصل البلاد إلى هذه الوضعية، بل هناك أيضا الاختيارات المعتمدة في السياسات العمومية في المجال، التي ساهمت بشكل كبير في الندرة التدريجية للموارد المائية العادية للمغرب.

 

استغلال مفرط للموارد المائية

أشار تقرير المعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية إلى أن حفر الآبار واستغلال الفرشات المائية عرف اتساعا كبيرا، خاصة مع دعم صندوق التنمية الفلاحية لهذا الغرض، الذي أقر منذ 1985. وارتفعت الوتيرة بشكل خاص مع مخطط المغرب الأخضر، الذي خصص دعما وافرا في إطار البرنامج الوطني للسقي بالتنقيط. وطالب المعهد في تقريره، بضرورة إعادة النظر في التوجهات المعتمدة حاليا، وفتح نقاش وطني حول الخيارات التي يتعين اعتمادها في تنمية القطاع الفلاحي. وأفاد المعهد، ضمن التقرير الذي اطلعت عليه «الأخبار»، بأن «خطورة الوضعية الحالية تكمن في الامتداد الزماني والمكاني للجفاف، والارتفاع الكبير في الاحتياجات المائية الموجهة للسقي، ما بات استمراره مهددا بتعطل دورات إنتاج المحاصيل والثروة الحيوانية والمياه والغابات». ولفت تقرير المعهد إلى «الاستغلال المفرط للموارد المائية في مشاريع الري الخاصة، في وقت لم تتم خدمة المناطق البورية بشكل عادل ضمن السياسات العمومية»، موضحا أن «العجز في تحقيق التكامل بين هذه السياسات وتقاربها يساعد في إضعاف قدرة القطاع الزراعي على الصمود، بما يهدد أنظمة زراعية بأكملها، من بينها الواحات التي تشكل الهوية الوطنية». ويوصي خبراء المعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية بإدارة أكثر عقلانية وكفاءة للموارد المائية، ويشمل ذلك تحسين أنظمة الري، وتفضيل تقنيات توفير المياه مثل الري بالتنقيط، وتعزيز الممارسات الزراعية المستدامة. وقال الخبراء إن استخدام المحاصيل التي تستخدم كميات أقل من المياه، وتحسين إدارة مستجمعات المياه يقع أيضا في قلب هذه التوصيات. وسلط التقرير الضوء على أهمية تطوير البنية التحتية لإعادة استخدام المياه المعالجة في الزراعة. ولن يؤدي هذا النهج إلى تقليل الضغط عن موارد المياه العذبة فحسب، بل سيوفر أيضا مصدرا مائيا إضافيا لأغراض الري. ويمثل تعزيز البنية التحتية لتخزين المياه، مثل السدود والخزانات، أولوية. ولهذه البنية التحتية أهمية بالغة لضمان استمرار توافر المياه، خاصة خلال فترات الجفاف. ويؤكد المعهد على الحاجة إلى تحسين صيانة وإدارة هذه البنى التحتية لتعظيم كفاءتها.

 

تنويع المحاصيل

لتعزيز السيادة الغذائية، يوصي الخبراء بتنويع المحاصيل الزراعية. وينطوي ذلك على تقليل الاعتماد على محاصيل التصدير، وتفضيل تلك التي تلبي الاحتياجات الغذائية المحلية. ومن شأن هذا التنويع أن يخلق نظاما زراعيا أكثر مرونة في مواجهة التقلبات المناخية والاقتصادية. كما تم تسليط الضوء على تعزيز الزراعة المحلية والعضوية. وقال التقرير إن تشجيع صغار الفلاحين على تبني ممارسات بيئية، ودعم دوائر التوزيع القصيرة من شأنه أن يساعد في تحسين الأمن الغذائي وتقليل البصمة الكربونية للزراعة المغربية. ودعا المعهد إلى زيادة الاستثمار في البحث والابتكار الزراعي. ومن الضروري تطوير أصناف جديدة من المحاصيل المقاومة للجفاف، فضلا عن استخدام التكنولوجيات المتقدمة لتحسين الإنتاجية والاستدامة. ويجب تكثيف تدريب الفلاحين على التقنيات الزراعية الجديدة لضمان التنفيذ الفعال لهذه الابتكارات. وتسلط خريطة طريق المعهد الملكي للدراسات الاستراتيجية الضوء على أهمية التنسيق الأفضل بين مختلف الجهات الفاعلة في القطاع الزراعي. ومن شأن إنشاء إطار متكامل للحوكمة أن يحسن الموارد ويعزز التآزر بين المبادرات العامة والخاصة. ومن شأن هذا النهج أن يضمن التنفيذ المتماسك والفعال للسياسات الزراعية. ويوصي الخبراء باعتماد سياسات الدعم والحوافز المالية، لتشجيع الممارسات الزراعية المستدامة والإدارة الفعالة للمياه. ويمكن أن تشمل هذه التدابير تقديم إعانات مالية لشراء معدات الري الموفرة للمياه، أو تقديم حوافز ضريبية للمزارعين الذين يعتمدون تقنيات الحفاظ على الموارد. وأخيرا، يصر المعهد على ضرورة رفع مستوى الوعي العام حول قضايا ندرة المياه والأمن الغذائي. يمكن أن تلعب حملات التوعية والبرامج التعليمية دورا حاسما في تعزيز الممارسات المستدامة، وحشد جميع أصحاب المصلحة حول هذه القضية الوطنية.

 

قوانين جديدة

بيّن التقرير الذي يتضمن إفادات عشرات الأطر الوطنية «أهمية إصدار قوانين جديدة وتعزيز القوانين المتعلقة بالقطاع الفلاحي، مع وضع قانون جديد أكثر شمولا للاستثمار الزراعي الذي كان يركز بشكل أساسي على الري»، مبرزا «ضرورة إنشاء ضرائب بيئية هادفة إلى مكافحة التلوث وتدهور الأراضي وسوء إدارة المياه». كما أفادت الوثيقة نفسها بـ«أهمية إعادة تنشيط المرصد الوطني للجفاف، وتوسيع شرطة المياه لتشمل قوات الدرك، بهدف مكافحة الممارسات غير القانونية لسحب الموارد الجوفية بالعالم القروي»، مسجلة «ضرورة تعزيز الإنتاج الزراعي ذي البصمة المائية المنخفضة، وتوجيه الإنتاج ذي القيمة العالية نحو السهول الساحلية، وتشجيع الري بالمياه المُحلاة». وفي مواجهة التحديات البيئية والمناخية غير المسبوقة، يجب على الزراعة المغربية أن تعيد اختراع نفسها لضمان استدامتها وقدرتها على الصمود. لعدة عقود، استهلكت الزراعة في المغرب حوالي 85 في المائة من مواردها المائية المتجددة. فما كان في السابق حالة من الإجهاد المائي، تطور تدريجيا إلى ندرة هيكلية مثيرة للقلق. وقد تسارع هذا التحول، بسبب التأثيرات المشتركة لتغير المناخ والسياسات العامة. وتقدم خريطة الطريق التي اقترحها خبراء المعهد رؤية استراتيجية وعملية للتغلب على هذه التحديات. ومن خلال اعتماد هذه التدابير، لم يتمكن المغرب من تعزيز سيادته الغذائية فحسب، بل أصبح أيضا نموذجا للإدارة المستدامة للموارد الزراعية في المنطقة.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى