شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةتقاريرسياسيةوطنية

حان وقت المراجعة

الافتتاحية

أعلنت وزارة التجارة والصناعة عن فتح تحقيق ضد إغراق الأسواق المغربية بالأفرنة الكهربائية التركية، بعد توصلها بشكايات في الموضوع من منتجين مغاربة. وهذه ليست المرة الأولى التي تغرق فيها المنتوجات التركية أو غيرها من منتوجات الدول التي تربطها اتفاقيات التبادل الحر مع بلدنا، السوق المغربي وتقضي على المنتوج المحلي.

إن هذا الصراع التجاري بين المغرب وتركيا يستبطن في طياته أحد الأضرار التي خلفتها اتفاقيات التبادل الحر مع عدد من الدول، ولئن كانت هاته الاتفاقيات تزيد من مصداقية بلدنا وتساهم في تدفق الاستثمارات الأجنبية نحو المغرب وتعمل على تقليص نسبة البطالة، بالإضافة إلى عدد من الجوانب الإيجابية، إلا أنها لا تخلو من أضرار ومخاطر تهدد المنتوج المحلي وتزيد من حجم العجز التجاري.

وإذا كان المغرب لا يشكك، بأي حال من الأحوال، في القرار السيادي الذي اتخذه منذ ثلاثة عقود بضرورة اعتماد التجارة الحرة، فإن ذلك لن يكون دون إيجاد التوازن الصحيح بين معدل الانفتاح مع هؤلاء الشركاء وموازينه التجارية وموازين الاقتصاد الكلي. فلا يمكن أن تتحول حجة اتفاقيات التبادل الحر إلى سلاح يغتال مئات المقاولات الصغرى والمتوسطة التي تتضرر من غياب حماية حقيقية للمنتوج المحلي.

والحقيقة أننا نحتاج اليوم إلى تقييم ومراجعة حقيقيين للعديد من اتفاقيات التبادل الحر، وفق مقاربة ملائمة للسياق المتقلب الذي يعيشه العالم ويتماشى مع إعادة البناء الاقتصادي الذي دخلته بلادنا، لكي تساهم هاته الاتفاقيات في فتح فرص جيدة لبعض القطاعات الصناعية وحمايتها من المخاطر بما يخدم المنتوج المحلي.

لكن إذا بقيت اتفاقياتنا الحرة مع تركيا وأوروبا وأمريكا على الوجه الحالي، فإن مستويات المبادلات التجارية وتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في المغرب لن تعكس الفرص الحقيقية التي تقدمها اقتصادات الدول التي أبرم معها المغرب اتفاقيات للتبادل الحر، وفي الوقت نفسه ستجعل منتوجاتنا ومقاولاتنا معرضة للاندثار بسبب عدم توفر الحماية اللازمة لها، في سياق تواجه فيه بلادنا رهانات خاصة، سواء على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، أو على مستوى عناصر الإنتاج، من قبيل الموارد البشرية والطبيعية، وهو ما يحتم على الحكومة أن تقترح مراجعة لعقد شراكات تلائم حاجياتنا ورهاناتنا.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى