شوف تشوف

سري للغاية

حسن فرج: «قنيدل سرق مني وثائق بنك والدي واختفى يوم زارني ابن المديوري في الفيلا»

كيف تفسر سوء علاقتك بوالدتك..؟ قلت لنا في الحلقة الماضية إنها كانت تأتي إلى المغرب ولا تخبرك بالأمر..
في الحقيقة لا يوجد تفسير محدد. أنا أعرف طباعها جيدا، واعتدت منها على تلك الأمور، لأنها تخفي مشاعرها الحقيقية تجاه الناس، ولديها شخصية قد تبدو للكثيرين معقدة. مثلا، في الفترات التي كنت فيها مفلسا وأدرس في فرنسا وأعاني، كانت تأتي لزيارتي أو ألتقيها في مطعم مثلا، وتكون هي بصدد تناول وجبتها، قد أخبرها أنني أتضور جوعا، ولن تخسر عليّ أكثر من كلمة «للأسف»، ثم تكمل طبقها وتنصرف.

  • هل للأمر علاقة بتأخر مشاريعك؟

أمي لم تتخل عني رغم كل شيء. كانت فقط تقول لي إنني بددت أموالي، لكنها لم تكن تعلم حقيقة النصب الذي تعرضت له، وسآتي إلى تفاصيله ولدي من الوثائق والتسجيلات الصوتية والفيديو أيضا، ما يُثبت أنني تعرضت لنصب كبير كلفني كل ما أملك. هي اعتقدت، قيد حياتها، أنني أسرفت في صرف المال.

  • سنجد أن الدكتور قنيدل عاش معك المرحلة الجديدة في المغرب بكل تفاصيلها. أليس الأمر مريبا من جديد؟

(يضحك) لقد كنت ألمح للأمر أمامه وكان يجيب ببرود أيضا. في الحقيقة لقد كانت وضعيته المادية سيئة جدا بعد دخوله إلى المغرب. جاء عندي للرباط وأخبرني أنه قرر الدخول وأنه خسر كل شيء وباع منزله في ألمانيا، ويقصد الشقة التي قدمتها له هدية والسيارة أيضا، وتحرر من الديون المتراكمة عليه. مشروع هنغاريا الفاشل كلفه كل شيء، لذلك تطلب أمر تسوية مشاكله أن يصرف كل مدخراته وممتلكاته لتصفيتها، وما زاد الوضع سوءا، هو اختياره مغادرة وظيفته في السفارة المغربية ببرلين، وهو ما يعني الحرمان من امتيازات مادية كثيرة كان ليحظى بها بعد التقاعد.

  • ماذا كان يخبرك بهذا الخصوص عندما دخل إلى المغرب؟

كان يقول إنه مفلس، وتعين عليّ أن أقدم مساعدات مادية له، كما أنه كان يركز على ربط علاقات مع العاملين في الفيلا. كان لدي حارس ليلي وشخص يعتني بالحديقة وبعض المعاونين الذين اشتغلوا مع العائلة منذ أيام عبد الفتاح فرج، وأنا أعتبرهم شهودا على كل المعلومات التي قدمتها بشأن طفولتي القاسية وغيرها من الأحداث التي عشتها.
هؤلاء الناس يعرفون أمي غيثة جيدا وكانت طيبة معهم إلى حد كبير. حتى أنها بقيت على اتصال ببعضهم إلى آخر أيام حياتها، وكانت تكافئهم ماديا بين الفينة والأخرى. عكس والدي عبد الفتاح، الذي لم يكن يكلم أحدا على الإطلاق. كانت حياته داخل البيت مغلقة تماما وموزعة بين مكتبه المغلق وغرفة نومه، حيث كان ينام وحيدا.
الدكتور قنيدل، فطن إلى أن هؤلاء الناس يعرفون أشياء كثيرة عن ماضي الأسرة ولاحظت أنه ركز على مجالسة بعضهم كثيرا والحديث إليهم.

  • قلت سابقا إنك لاحظت أنه مهتم بالأوراق الموجودة في المنزل..

نعم كان يقلب الأوراق في غفلة مني ولاحظت الأمر أكثر من مرة. قمت باختبار صغير، وهذا الأمر وقع قبل أشهر قليلة فقط قبل أن ينقطع اتصالي به إلى الآن..
الاختبار كان أن أوزع بعض الأوراق فوق المكتب. أوراق تعود إلى أبناك في فرنسا وألمانيا وسويسرا..

  • ما مضمونها؟

مراسلات بيننا وبينهم حول الحسابات البنكية باسم عبد الفتاح فرج. المهم، كان الدكتور قنيدل يهتم أكثر بأوراق ألمانيا. إلى درجة أنني فوجئت في إحدى الليالي، بأنه قام إلى المكتب وبحث بينها وأخذ أوراق البنك الألماني، ودسها بين ثيابه.
واستنتجت أنه مهتم بمعرفة كل تفاصيل ثروة عبد الفتاح فرج في ألمانيا. لحسن الحظ كنت أتوفر على نسخ أخرى من تلك الأرواق.

  • ألم تواجهه بالحقيقة؟

لم أرد أن يعلم أني اكتشفت الأمر، أردت أن يستمر في ما كان يقوم به لأرى ماذا سيفعل في النهاية. لو واجهته وقتها ربما كانت الأمور لتتوقف هنا. تظاهرت بأنني لا أعلم أي شيء، وحاولت أن أتلصص عليه بدوري لأعلم الجهات التي يتواصل معها لكنه كان محتاطا جدا.
في إحدى المرات، وكان هذا عندما تعرضت لمشاكل مادية خانقة، قبل وفاة والدتي بمدة، أخذ الحاسوب وجلس على الأريكة ليتصفح الأنترنيت. وكنت أريد معرفة المواقع التي يزورها أو الرسائل التي يبعثها، فخرجت إلى الحديقة لأمر إلى الباب الزجاجي خلفه تماما وأتمكن من رؤية الشاشة، لكنه فطن للأمر، وبقي مسمرا في مكانه قبل أن ينفجر ضاحكا..

  • هل كان يسكن معك في المغرب؟

كان يأتي بين الفينة والأخرى فقط وكان يبيت أيضا. لكنه في الأشهر الأولى لقدومه إلى المغرب، أخبرني أنه مستقر مع أسرته في الدار البيضاء، وأنه يتواصل معهم. كانت لديه مشاكل مادية كثيرة تحتم عليه معها أن يستقر معي لفترة. لاحظت أن الأربعين سنة التي قضاها في ألمانيا جعلته ينسى أصوله، لقد كان تائها.
في تلك الفترة أخبرني بعض العاملين معي في الفيلا أنهم غير مرتاحين للدكتور قنيدل.

  • ماذا كان يريد أن يعرف منهم مثلا؟

معلومات عني وعن الإرث، والأشخاص الذين يزورونني وكل ما له علاقة بالمال. كان يريد جمع المعلومات وهو الأمر الذي أصابني بالقلق كثيرا، خصوصا عندما اكتشفت أنه سرق مني أوراق البنك الألماني، كان ربما يرغب في معرفة تفاصيل الحسابات البنكية لعبد الفتاح فرج.
سأخبرك بتفاصيل ما كان يقوم به عندما كان يأتي إلى الفيلا في الدار البيضاء. كان حين يأتي ويستيقظ، يتناول الإفطار، ويجلس قليلا، ثم ينهض إلى حارس الأمن، في الحديقة، ويتحدث إليه، ثم ينتقل إلى بقية العاملين والبستاني أيضا.
كان يسألهم عن أمور كثيرة ثم يمر إلى ما يهمه، أي معلومات عني وعن الإرث وما يسمعونه من حديث داخل المنزل أو مكالمات هاتفية.. إلخ. لم يكن يسألهم بشكل مباشر. كان هذا في البداية، إلى أن كوّن فكرة عن كل واحد من العاملين في الفيلا.
ثم اختار الأكثر سذاجة ليستخرج منه المعلومات، لقد تابعت هذا الأمر باهتمام، وقبل أن يخبرني العاملون السابقون بالأسئلة التي كان يوجهها لهم الدكتور قنيدل في غيابي، أو في غفلة مني، انتبهت إلى أنه أصبح يلازم دائما شابا عمل بستانيا لفترة هنا.
تخيل أن الدكتور قنيدل بهيبته كلها وماضيه الذي تجاوز أربعين سنة في السفارة المغربية بألمانيا، يقضي ساعات في المشي وصولا إلى حي التقدم في الرباط ويتناول وجبات شعبية مع البستاني في حي شعبي بعيد جدا، ويعودان معا. وأحيانا كان يُخرجه ليلا للمشي ساعات طويلة، يتحدث معه فيها، ويسأله عن الإرث وعن برنامجي اليومي وكل الأمور التي يريد معرفتها عني، أو الأمور التي وقعت قبل دخوله إلى المغرب.
في ما بعد اكتشفت أن هذا الشخص كان يجلس في إحدى الأمسيات إلى حاسوبي ويبحث بين ملفاته عن معلومات ما.. فانتبهت للأمر، وراقبته ووجدت أنه يقضي أوقاتا طويلة مع الدكتور قنيدل. في مقابل إعراض تام عن بقية العاملين في الفيلا. حارس الأمن مثلا، عرض عليه مرات كثيرة أن يتناول معه الطعام أو يقوما بجولة معا، لكنه، أي الدكتور قنيدل، كان يتعلل بأنه متعب أو بالتزامات مستعجلة ويتهرب منه.

  • هل كان حاسوبك يضم معلومات لا تريد أن تصل إلى الدكتور قنيدل؟ أ كنت تخفي أشياء مهمة بخصوص قضية الإرث وثروة عبد الفتاح فرج عموما؟

لم أكن أخزن في الحاسوب أي شيء ذا قيمة. والمعلومات التي أتوفر عليها تبقى ملكا للعائلة فقط، وليست خطيرة ولا من شأنها أن تخول لي الاستفادة من ثروة والدي وحدي مثلا.. يعني الأمر عادي.. معلومات عائلية. والدكتور قنيدل كان يسعى إليها بجميع الطرق، حتى أنني لم أطرد الشاب الذي اكتشفت أنه كان يتجسس على ملفات حاسوبي الشخصي، بل تظاهرت وكأن لا شيء وقع، وتركت الأمور على حالها، خصوصا عندما تأكدت أن الدكتور قنيدل هو من سخره لهذا الأمر.
عندما ترك الحاسوب، توجهت صوبه مباشرة، وبحثت لأجد أنه تصفح ملف الصور أولا ثم ملفا به بعض الوثائق العادية.

  • كيف كان الدكتور قنيدل يتصرف عندما يزورك أصدقاؤك الذين كنت تعرفهم منذ الطفولة؟ أقصد أبناء المسؤولين الذين عملوا مع والدك في محيط الملك الراحل؟

(يصمت).. مرة زارني هنا في الفيلا، ابن الحاج المديوري، الذي كان يلازم الحسن الثاني في أمنه الخاص، وقد كان صديقا مقربا أيضا. فلاحظت أن الدكتور قنيدل قد اختفى تماما ولم يظهر له أثر إلى أن انصرف ابن المديوري ليظهر من جديد يتجول في الفيلا.
لقد كان قنيدل يحتاط من كل شيء، ويحسب خطواته جيدا. كان حريصا على عدم الظهور أو الحديث أمام أيّ كان. حارس الأمن بالفيلا هنا كان قريبا مني جدا، ومع ذلك لم يغامر بتوجيه أسئلة له، إلى درجة أنه، أي الحارس، أخبرني مرة أنه دعا قنيدل أكثر من مرة، بحسن نية، إلى فنجان قهوة وكان الأخير يرفض بشكل مريب، علما أنه كان يخرج يوميا مع البستاني ويقطعان كيلومترات مشيا على الأقدام. لقد أجابه بأنه «ما كيمشيش للقهاوي»، وأغلق الباب أمام أي دعوة أخرى في المستقبل.

  • ماذا كان رأي والدتك في هذا الموضوع؟

خلال تلك الفترة كانت اتصالاتنا قليلة جدا، لكنها كانت تعلم أن الدكتور قنيدل كان يقيم معي مؤقتا هنا، لكنها لم تعترض. وكما حكيت لك فإن علاقتهما لم تكن عادية وكانا ينفران من بعضهما البعض، وبالتالي لم تقل لي أي شيء بخصوصه. لكنها عندما علمت بمشاكلي المادية بعد الزواج، لامتني كثيرا ولمحت إلى أني محاط برفقة سيئة.. أعتقد أنها كانت تقصد الدكتور قنيدل.

  • هل لعب دورا في زواجك؟

لا.. اختياري كان شخصيا. لقد كنت أفكر في الاستقرار وتكوين عائلة، ولقائي بالسيدة التي تزوجتها كان عفويا.

  • سنمر إلى تفاصيله لكن قبل ذلك.. ألم يظهر أي أثر لأختك خديجة بالرباط قبل زواجك؟

بعد سنة 2007، أي تاريخ استقراري في المغرب لبدء أعمال استثمارية، كنت أعلم أن خديجة تقطن في فيلا الشارع المقابل لكننا لم نكن نلتقي أبدا. ولم نكن نتحدث لا في المناسبات ولا في غيرها. أخبارها كانت تصلني من والدتي، وعندما أصبحت منعزلة، انقطعت عني أخبار خديجة. كنت أسمع أنها تعيش حياة مترفة جدا، وأوقفت أكثر من مرة في أوربا لأنها كانت تقود سيارتها بسرعة جنونية وتحت تأثير الكحول غالبا..

  • هي أيضا تزوجت.. صحيح؟

نعم. عندما نتحدث عن قصة زواجي ستقع مفاجآت كثيرة، لا تخطر على بال. عندما أحكيها لأصدقائي يعتقدون أنني أروي لهم فيلما سينمائيا. زواجي في الحقيقة كان بداية أخرى لأمور لم أتصور يوما أنني سأعيشها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى