شوف تشوف

الرأي

ممارسة التدريس(3-10)

بعث الأمل
مفيد كثيرا خاصة في مادة الرياضيات، نصادف تلاميذ وَلَجُوا مستوى معيّن أو شعبة معيّنة ( خاصة شعبة العلوم الرياضية ) ثم يجدون أنفسهم عاجزين عن مسايرة الحصص الدراسية و المقرّر أو مسايرة مستوى باقي التلاميذ أو اليأس من الحصول على المعدل الكافي للنجاح. فيمضون فترات من الشرود و الذهول، و فترات من التشنج و العصبية، و فترات من محاولة إثارة البلبلة، و فترات من السلبية في كل شيء، من الدراسة و مجرياتها بل حتى من جوانب من الحياة في الحالات الصعبة و قد ينقلبون إلى منقطعين عن الدراسة أو مشاغبين ضمنها أو مستسلمين وجودهم كعدمه؛كل ذلك ينتج عنه فقدان الأمل.
أمام هذه الوضعيات التي قد يصادفها المدرّس في كل سنة دراسية و يجدها واضحة ماثلة أمامه ( إن انتبه لأعراضها ) أن يجد حلا لها و إلا ستؤثِّر على عمله و فعاليته و على باقي التلاميذ الآخرين و على مستوى القسم عموما و هنا يكون لبعث الأمل دور محوري في إنقاذ نسبة مهمة منهم.
* و يكون أولا بالبحث عن مكامن هذا اليأس و عدم القدرة على المسايرة إن استطاع له سبيلا و كان المحاوَر قابلا للحوار، و يكون كذلك في طريقة طرح الفروض المحروسة بحيث يتسع مجال التنقيط و طريقة طرح الأسئلة ليشمل هذه العيّنة فتحصل على بعض النقط و لا يكون الصفر و ما جاوره حليفها دائما.
* و يكون بالإشراك في الحصة الدراسية و إدخالها في مجال الدرس و إنجاز التمارين على السبورة.
* و يكون بالكلمة الطيبة المنفتحة و الابتعاد عن الكلام الجارح المحقّر للكرامة الإنسانية و المنفّر من الدرس و صاحبه و المادة المدرّسة.
* و يكون باحتساب نقط إضافية عند إنجازات جيدة في الحصة الدراسية و لو خارج نطاق الفروض المحروسة.
* و يكون بتنظيم فروض خاصة بمن لم يحصل على المعدل تكون أسئلتها مباشرة و غير مركبة و تعطي الفرصة لتدارك هذا النقص ( وقد جربت ذلك وكان مجديا و أعطى نتائج طيبة).
* و يكون بطول البال و رحابة الصدر في شرح المبهم من الأمور و إعادة الشرح خاصة الأسئلة المتعلقة بتعثرات من السنوات الماضية و تشجيع التلاميذ على طرح الأسئلة عموما.
* كتابة ملاحظات مشجعة و محفزة و باعثة للأمل على أوراق الفروض المنزلية أو على الدفاتر أو بشكل شفهي و هي أمور قد يخالها البعض لا قيمة و لا تأثير لها لكنّ من جرّبها يعلم مقدار تأثيرها و قيمتها الكبيرة لهذا الصنف من التلاميذ.
* التيسير في الشرح و اختيار الأمثلة فجملة ” هذا الدرس سهل يتطلب فقط أن …… ” عند بداية التمهيد له هي باعثة للأمل و محفزة للتتبع رغم أنها جملة بسيطة و لا تكلّف المدرس شيئا.
و لن يكون هذا الأمل خداعا أو تغطية عن المستوى الحقيقي للتلميذ بل هو وسيلة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه و استخراج أحسن ما لديه و مسايرة المقرر الدراسي على الأقل في كلياته الأساسية، و كم كانت كلمات شفهية فيها تشجيع و بعث للثقة حافزا لتفجر طاقات كامنة لم يكن حتى صاحبها يتصور وجودها لديه، فبعث الأمل كفكرة بارزة أمام مُمارِس التدريس تجعله يبحث في أمور كثيرة أخرى مجدية من غير ما ذكرناه حسب ما يُقابله من أحوال و وضعيات التلاميذ و الله الموفّق.

مقالات ذات صلة

ضبط القسم
يتأتى بشخصية المدرّس و أدوات مساعدة على ذلك:
* العدل و قد فصلنا فيه من قبل.
* عدم الإكثار من الضحك و اللغو أو العبوس و تقطيب الجبين و محاولة تجنب الأحاديث الجانبية، و الكلمات الغير مألوفة و المفردات الغريبة أو الساقطة.
*التعرف على أسماء التلاميذ الشخصية و مناداتهم بها دون الرجوع للوائح و هي تقنية مفيدة و تتأتى في الأسابيع الأولى من السنة الدراسية كما أن التعرف على الغائبين دون اللجوء إلى المناداة على الجميع تعطي انطباعاً جيداً للتلاميذ.
*الحفاظ على الهدوء و إظهار القدرة على التحكم في الأعصاب و في كل الحوادث الغير متوقعة رغم إمكانية عدم الإحاطة بجميع جوانبها.
* التحكم في المادة المدرسة و الكفاءة في تدريسها، و يمكن تغطية أي نقص في جوانب ذلك بالإعداد القبلي الجيد أو استشارة بعض الأساتذة الآخرين و الاستعانة بتجربتهم. كما أن إعادة الشرح بطرق مختلفة و عدم التغاضي عن اعتراضات التلاميذ و فهم معيقات فهمهم يؤدي إلى تحسين الجودة و الكفاءة و الفعالية.
*الاستفادة من التجربة الشخصية الإيجابية و السلبية و تمثل وقائع سابقة لمحاكاة الطريقة الناجعة لمعالجتها.
* مجاراة التطور و التحول اللغوي لدى التلاميذ ( فلغة التلاميذ عالم في حد ذاته و سنفصل فيه إن شاء الله فيما بعد ) و طريقة التواصل البيني التي تتغير من جيل لآخر و كذا الإحاطة و لو بشكل عام بالتطورات التقنية المستجدة.
* إنجاح الحصة الدراسية و لو حصلت فيها مشاكل أو معيقات.
* إنجاح عملية حراسة الفرض المحروس و سنفصل في ذلك إن شاء الله فهو مِفْصَل في مصداقية التدريس.
* اعتماد طريقة ذاتية تناسب الممارس للتدريس، فليست هناك وصفة للجميع و إنما لكل ذاتيته و بصمته الخاصة و ما يناسبه للحصول على التوازن الإيجابي المنشود في القسم حسب طبيعته و شخصيته و تكوينه و مادة تدريسه و طريقة تواصله و طبعه الشخصي.

معالجة الأخطاء و الأغلاط
تكتنف عملية ممارسة التدريس أخطاء متنوعة و مختلفة لأنها ممارسة إنسانية غير معصومة. هناك أخطاء تفاجئ الأستاذ أثناء الحصة تكون مثلا لغوية أو حسابية أو منهجية أو حتى في صميم الدرس و تراتبيته و هيكلته و قد يكتشفها قبل التلاميذ أو يخبروه هم بها كما أن هناك أخطاء يكتشفها أو يكتشف أثرها بعد الحصة.
كل هذا يجب أن يتوقع حدوثه الممارس المحترف للتدريس و أن يعتبره حادثا عليه معالجته بشكل سليم و أن يستفيد منه فيما بعد و عليه الاعتراف به و معالجته بشكل واضح دون حرج و لا ضيق و لا شعور بأي مركّب نقص، و لا يعتبره انتقاصا من مكانته بل يقوم بتصحيحه و لو في حصة موالية، ففي ذلك تكون مصداقيته على المحكّ. فالهروب منه أو التهرب منه أو مداراته أو التوتر نحوه أمورٌ يفهمها التلاميذ جيدا، و لا تخفى عليهم، و عنها يبحثون. بينما التعاطي بمصداقية و وضوح و صراحة يعطي لكلمة الأستاذ مصداقية كبيرة؛
و هنا يحضرني ما قامت به إحدى شركات السيارات العالمية بالاعتراف بأعطاب موجودة في أحد أجزاء نوع من السيارات و قامت بسحبها من الأسواق رغم أن ذلك سيجر عليها خسائر ظرفية لكن مصداقية الشركة و ثقة الزبناء بها ازدادت بل حتى المبيعات على المدى المتوسط زادت.
كما أن الصدق أمانة على عاتق الممارس عليه أن يستحضرها و يعتبر إخفاء الخطأ و التعمية عليه انتقاصا من هذه الأمانة و عدم القيام بها كما يجب. أما أخطاء التعامل بين الطرفين فسنفصل فيها فيما بعد إن شاء الله.كذلك أخطاء التعلم ففيها يطول الكلام و سنخصص لها مقالا و مقاما خاصا إن شاء الله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى